الفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني
مقدمة:
لقدكانت لحالة الجزائريين المرضية في القرن 19 للميلاد من انتشار للضلالاتوأسباب الغواية والانحراف ومحاولة الاستدمار طمس الشخصية ونشر الإلحادوالتنصير فبرز علماء جزائريون حاولوا بكل جهدهم تنوير قومهم ، و تعليمهممبادئ الدين الإسلامي الحنيف ، بعيدا عن الخزعبلات و البدع التي انتشرتبسبب الجهل و الاستدمار، و من بين هؤلاء الرجال مترجمنا الذي عمل جاهدا معثلة من العلماء يتقدمهم الشيخين عبد الحميد بن باديس والإبراهيمي الذينعملوا على التصدي ومحاصرة هذه الأمراض التي فككت أواصر هذه الأمة ، وبذلوا الغالي و النفيس في سبيل تصحيح المفاهيم و إعداد الشعب الجزائريللعودة إلى منابع الإسلام القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة.
مولده و أسرته :
ولدفي قرية ألموثن ببني ورتيلان، ولاية سطيف حاليا سنة 1276 هـ ( 1859 م ) ،و قد كتب والده في مجلد مخطوط بخط يده ما يلي : " .... في اليوم الثامن منرجب أحد شهور الله الحرم من عام 1276 هـ سنة ست و سبعين و مائتين وألف ،جعل الله البركة في عمره و أنبته نباتا حسنا و رزقه العلم النافع و القلبالخاشع و الرزق الواسع و العمل المتقبل ، و حفظه مما يخشى منه و جعله بارالربه مع والديه و حشرنا و إياه مع أبائنا في زمرة مؤلفي هذا الكتاب وتغمدنا برحمته آمين".
ينتمي إلى أسرة " المرابطين الشرفاء " [ وأخيكمأبو مريم منهم ] الذين ينتسبون – و الناس مصدقون في أنسابهم – إلى الدوحةالنبوية الشريفة ، و بقوا محافظين على هذا الشرف حتى حين امتزجوا بمختلفالأسر البربرية بالمصاهرة ، فيسبق اسمهم " بسيدي فلان" ، أما الأنثى فتدعىب: " لـلا ".
و هذه الأسرة اشتهرت بالعلم و الدين ، فعائلة أبهلول ( البهاليل : الشجعان الصناديد ) لا يخلو جيل منها من عالم قرآني أو محدث أوفقيه أو أديب.
طلبه العلم و شيوخه:
أول شيوخه هو والدهالشيخ الطاهر بن احمد ابهلول و قد عرف بعلمه وفقهه، كما كان من حفاظالقرآن الكريم ، فعلمه مبادئ العربية و رسم الكتابة ، و لما بلغ الخامسةمن عمره بدأ في تحفيظه القرآن الكريم ، كما قام بتأديبه و تربته أحسنتربيه فلقته تعاليم الإسلام القويم، و قد طال العمر بالوالد حتى رأى ابنهعالما و مدرسا لا يشق له غبار.
و حفظ مترجمنا عن ظهر قلب بعض الأراجيزفي القراءات و التوحيد و مبادئ الفقه و اللغة ، أثناء حفظه للقرآن الكريمالذي ختمه ثلاث ختمات متتالية ، ثم قرأ مختصر خليل في الفقه و ألفية ابنمالك ، و حفظ المتون المعروفة في وقته و استوعب النص و شروحه ، مما جعلهمرجعا حجة في القضاء و الفتوى لا يجاري و لا يضاهي بإجماع علماء وقتهومشايخه.
بعد هذه المرحلة انتقل لطلب العلم عند علماء وشيوخ المعاهد و الزوايا المعروفين و منهم:
- الشيخ يحي حمودي امام و مدرس مسجد اولموتن ببني ورتيلان حتى وفاته ، اخذعنه علوم الشريعة و الدين و قد أجازه بما لديه من مرويات و كتب بعد ان لمسبنفسه سعة علمه و أهليته لتلقي العلوم الشرعية.
- الشيخ عبد الله حموديابن الشيخ يحي حمودي و خليفته بعد وفاته و اخذ عنه علوم العربية و النحو والصرف و البلاغة و البيان ، و قد أجازه هو الأخر كوالده لما تأكد له ضلوعهفي العلوم المدروسة.
- الشيخ السعيد بن الحريزي العيدلي و عنه اخذ اصول الفقه و علوم اللسان و البلاغة و العروض.
- الشيخ محمد القاضي الصدوقي من قرية ثقاعت بلدة صدوق و لاية بجاية و عنه اخذ الفقه و التصوف و التفسير.
- الشيخ احمد رحاب المجاهد الذي شارك في ثورة الشريف المقراني سنة 1871م ، وعنه اخذ فنون المنطق و التاريخ الإسلامي عبر مؤلفات سعيد قدورة الازهري.
كما اخذ علوم التفسير و الحديث الشريف و الفقه عن الأساتذة:
- الشيخ حمدان لونيسي دفين المدينة النبوية طيبة المطيبة ،الأستاذ الكبير والأب الروحي للإمام عبد الحميد بن باديس، حيث تتلمذ له مترجمنا لما كانيزور مدينة قسنطينة ، كما كان يراسله يطلب رأيه في الفتاوي التي تعرض عليه، و كان مترجمنا حين يخاطبه يحليه هكذا : " حضرة ذي المعارف الربانية والنفحات الرحمانية ، وارث علم الأولين ، ونخبة العلماء العاملين ، إمامالتحقيق ، و علم التحرير و التدقيق، العلامة الجليل ، الدراكة النبيل...".
- العالم المفكر العامل بعلمه، الأستاذ المربي المعلم عبد القادر المجاويالقسنطيني المغربي ( ت سنة1332) المدرس بجامع الكتاني والمدرسة الكتانيةبقسنطينة ، ثم بالمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة ، من مؤلفات الكثيرة: " إرشاد المتعلمين" ، و" المرصاد في مسائل الاقتصاد" , و " شرح منظومة فيإنكار البدع والمفاسد الاجتماعية " للمفتي الشيخ المولود بن الموهوب.
- الشيخ صالح بن مهنا القسنطيني الأزهري، أحد رجال الإصلاح في الجزائر الذينمع الأسف لا يعرفهم الكثير ، وقد كان المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه اللهيعتبره رمز الإصلاح في الجزائر وينوه بذكره في كتبه و مقالاته و مجالسه ومذكراته، درس بجامع الزيتونة المعمور ، و بالأزهر الشريف ، و عين إماماخطيبا بالجامع الكبير بقسنطينة بعد عودته إلى أرض الوطن ، كما شارك فيالتعليم و التدريس ، و التأليف أيضا حيث ترك مؤلفات منها " البدر الأسمىفي بيان معاني نظم الأسماء الحسنى " و " كتاب شرح ابن عاشر "
و " تنبيه المغترين والرد على إخوان الشياطين " و " مختصر الترغيب والترهيب " و غيرها.
- الشيخ الفقيه الأديب الأريب ، عاشور الحنفي البسكري.
التدريس:
انتصبللتدريس و هو دون الثلاثين من عمره ، و استمر فيه أكثر من ستين سنة ، وكانت له طريقة في التعليم يستعمل فيها مختلف الطرق منها إيراد الأقوال والأمثال و الحكم و الأشعار، و قد استقبل الطلبة القادمين من مختلف جهاتالوطن ، و كان يوزعهم على محسني القرية للتكفل بهم ، الى جانب هذا كانينتقل إلى أماكن النزاع بنفسه للإصلاح بين المتنازعين ، و قد اشتهرتفتاويه حتى اعتمدها القضاة و راسله الكثير منهم في شأنها ، و قد علق علىفتاويه و أعجب بها و رضي بما فيه شيخه حمدان لونيسي ، كما قرضها الشيخ عبدالحميد بن باديس.
علم في نواحي عين البيضاء ( أم البواقي ) ، وادي زناتي ( ولاية قالمة) ،
زاوية بوقشابية ( عنابة) حيث درس مختصر خليل و السنوسية في التوحيد و الاجرومية في النحو و غيرها
معهد زاوية فريحة الساحلية ببني ورتيلان و له تلاميذ نجباء خلفوه في التدريس منهم التلميذ الوفي الشيخ صالح الفريحي
مسجدالشيخ الرحالة الشريف الحسين الورتيلاني ومن تلامذته فيه الشيخ الداعيةالفضيل الورتيلاني و غيره من الطلبة الذين انتقلوا إلى قسنطينة للالتحاقبمعهد ابن باديس ( الجامع الاخضر ) و أصبحوا قادة الحركات الإصلاحية والعلمية و الوطنية و استشهد غالبهم في الثورة التحريرية المباركة في سنمتقدمة
معهد الزاوية الزورقية بمشارف بني وغليس شمال وادي الصومام ، و هي تنسب الى الشيخ احمد زروق البرنوسي.
معهدزاوية سيدي موسى بني وغليس في سفح جبال جرجرة شمال وادي الصومام الذي يصبقرب ميناء بجاية الحمادية ، و هو معهد مشهور في بلاد القبائل الصغرى والكبرى لما له من أوقاف و شيوخ حيث يؤمه مئات الطلبة من جهات القطرالجزائري ، و قد اشتهر بتخريج أئمة الصلوات و الخطباء ، فحفظة القرآنالكريم منه يعدون بالمئات من خراطة عين الكبيرة نقاوس باتنه الزاب و غيرها.
مسجدسيدي عيش ( بجاية ) حيث كان الشيخ ينزل كل يوم أربعاء ، و هو يوم تنعقدفيه سوق عمومية مزدهرة و مشهورة يقصدها الناس بكثرة من القرى و المداشرالمجاورة ، فكان يعقد مجلس فتوى و قضاء يفتى فيه الناس ـ، يتلوه دروساللشيخ في الفقه و النحو و كتاب السلم في المنطق للشيخ الاخضري.
تلامذته:
تخرجعلى يدي الشيخ خلق و أمم لا تعد و لا تحصى ، و قد رأينا كثرة المعاهد والزوايا التي درس و علم فيها ، و كيف كان من المجددين في الحركة الاصلاحية، و من أشهر تلامذته:
أبناؤه :
- شهيد الثورة التحريرية المباركة ،الأستاذ المربي الأديب الشاعر عبد الملك فضلاء ( 1920 – 1957 م ).
- العالم الأديب المسرحي محمد الطاهر فضلاء رحمه الله ( 30 / 03 / 1918 م - 19 / 07 / 2005 م).
- الأديب المسرحي محمد الباهي فضلاء حفظه الله .
و العلماء و المشايخ :
- الشيخ المصلح الرحالة الفضيل الورتيلاني.
- الهادي الزروقي مؤسس الحركة الاصلاحية ببجاية
- العربي الشريف امام مسجد سيدي عيش و شهيد الثورة التحريرية
- يحي الحافظي امام حر و مدرس
- محمد الطاهر شرفاوي امام و مدرس
- محمد الشريف شرفاء امام و مدرس و صهر الشيخ السعيد.
- احمد بلعياضي امام بأولاد أبراهم بلد الشيخ الإبراهيمي و لاية برج بوعريريج. وعشرات غيرهم.
مؤلفاته:
ترك رسائل كثيرة منها :
رسالةفي الرد على القائلين من الطرقيين بوجوب تلقين الأوراد للعوام من المريدينو هي الرسالة التي طبعت سنة 1928 م بمطبعة رودوسي ، و قد قرضها و أثنىعليها عدد من العلماء آنذاك منهم الشيخ البشير الإبراهيمي الذي كتب إليهرسالة مطولة بخصوصها أنقلها هنا:
" الحمد لله
جناب العلامة الاديب أخينا سيدي محمد السعيد البهلولي أطال الله بقاءه و رزقنا لقاءه
السلام عليكم و رحمة الله :
وفاء للثناء الذي أنتم أهله ، و كفاء للفضل الذي أنتم قراراته و محله...
نقدم لكم تهانينا القلبية بهذا العيد، راجين أن يكون طليعة خير و فأل يمن لجميع المسلمين.
وننهي لأخوتكم الكاملة ، إني اتصلت في أثناء السنة الماضية ، بواسطة الأخمحمد السعيد بن الشيخ الحسن برسالة من وضعكم ، و ابلغني اقتراحا منفضيلتكم على هذا الحقير ، أن يلقي عليها نظرة ، و يعطي فكرة فيما تضمنته ،ثم يرشد إلى طبعها إن رآها صالحة.
هزتني أريحية الثناء على جنابكم أولا لكمال إنصافكم و حسن ظنكم في هذا العاجز و أكبرت صنيعكم في ذلك.
ثم تأملت الرسالة ، فإذا انتم ترمون عن قوس فكرتي ، و ترودون مراد انتجاعي ، فحمدت الله ، و أيقنت أن ذلك نتيجة التعارف الروحي.
المسألةالتي كتبتم فيها هي المسألة الشاغلة لأفكار دعاة الإصلاح الديني فيالشرق...و لأخيكم الضعيف في هذا الميدان جولة ظهرت آثارها في الشرق مؤيدةبجند الله و البرهان العقلي ، و سلاح الأصلين الأصيلين : كتاب الله و ماصح من سنن نبيه [ صلى الله عليه و على آله وسلم ] القولية و الفعلية ...بيد أن حالة الشرق غير حالة بلادنا ، فالأنصار في الشرق متوافرون ، وفكرة الإصلاح قد تسربت الى نفوس كثير من الطبقات ، و تشربتها و خالطتهابشاشتها ، و شعر الجمهور بفظاعة الحالة الحاضرة ووجوب التزحزح عنها ...
لذلكتضاعف فرحي و ابتهاجي حين طلعت على فكركم في هذه المسألة و أنا أعدكم منأنصار هذه الحركة المباركة – حركة الإصلاح الديني – و أقوى ظهرانينا فيهذه البلاد المنكوبة التي ابتليت بجدب العقول و قحط الرجال .
مولاي
نحنفي فوضى دينية لا يدرك لها غور، و من كتم داءه قتله ، و نهج السلامة واضح، و ما هو إلا الرجوع إلى الحق و الخضوع لسلطانه ، و ما الحق إلا ما كانعليه سلفنا الصالح تحققا و اتصافا ثم تبليغا و إرشادا " الكتاب و السنة ،منهما المبدأ و اليهما المرجع"
قامت علينا الحجة بقوله تعالى : " و أن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه " الآية.
فخالفناهو اتبعنا السبل، فتفرقت بنا عن سبيل الله ...و بقوله تعالى: " , أن أقيمواالدين و لا تتفرقوا فيه " ، و تبرأ منا نبينا صلى الله عليه و على آلهوسلم كما علمه سبحانه و تعالى : " إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لستمنهم" .
إن الباحثين في أحوال الإسلام وبنيه و المنقبين عن عللهمالاجتماعية كانوا يحصرون أسباب انحطاطهم بعد ذلك الصعود ، و ذلهم بعد تلكالعزة القعساء في سبب واحد هو ما نحن فيه : خلاف في الدين و مكابرة فياليقين ، و أهواء مطاعة على غير بينة ، و لا هدى و لا كتاب منير ...
... و إنني أهنئ نفسي بوجودكم ، و حسن ذوقكم، وأتوسم فيكم على بعد الدار – عضدا للإصلاح الذي ننشده ، و أن الله لمع الصابرين "
محمد البشير الإبراهيمي
في 4 شوال 1346 هـ [ أفريل 1928م].
- رسالة بعنوان " الدين النصيحة "
كماكان الشيخ ينسخ المصاحف و الكتب ، و قد قال بنفسه بأنه ينسخ مصحفا كاملافي اقل من نصف شهر ، ثم يبيعه ليشتري بثمنه الكتب التي يفتقدها مطبوعةكانت أم منسوخة اثراءا لمكتبه و دعما لطلبته و غيرهم من المهتمين ، وكانلا يكل و لا يمل فقد نسخ المئات من الكتب و المخطوطات و المجلدات
و كان خطه مغربيا أصيلا جميلا سهل القراءة لا اعوجاج في سطروه و لا انحناء و كأنه خط مطبعي.
انتقاله إلى بني اشبانة:
انتقل بعد وفاة أبيه و نشوب خلاف بينه و بين قائد دوار بني ورتيلان الى قرية بني شبانة حيث استقر بها إلى غاية وفاته رحمه الله.
معالعلم انه قبل هذه الفترة جرت عملية تلقيب العائلات الجزائرية ( الألقابالعائلية حتى تستطيع السلطات الإستدمارية الفرنسية و التحكم في الهجرة والتنقل ) فاختير له لقب " فضلاء " عوض لقب ابهلول الذي بقيت بعض أبناءعمومته يلقبون به.
وفاته:
ذكر إبنه محمد الطاهر فضلاء رحمه اللهسنة وفاته و كيفيتها فقال: " اجتمع بطلبته في دروسه التي لم ينقطع عنهايوم الأربعاء 21 جانفي ( يناير) 1945 م بقاعة الدرس في معهد زاوية سيديموسى الوغليسي و كان موضوع درسه الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي ..." وقد جلس نحو الساعتين يحلل و يشرح و يعلق ، أحس إثرها بصداع حاداجبره على التوقف و مغادرة القاعة ، مرفوقا ببعض طلبته إلى منزله الذي لايبعد إلا أمتارا قليلة عن المعهد ، و بمجرد وصوله إلى البيت استلقى علىالفراش فداهمته حمى قوية و أليمة ظل بها أربعة أيام فما تخف تارة الالتشتد تارة أخرى ، و في يوم الأحد 21 صفر 1346 هـ الموافق ل 4 فيفري 1945م على الساعة السابعة صباحا اسلم الروح إلى بارئها رحمه الله ، و دفن فيضريح سيدي موسى الوغليسي.
من صفاته و أخلاقه :
كان عاليالهمة و عاش عزيزا كريما ، شجاعا صادقا ، دعا الناس إلى نبذ الخرافاتلأنها عين الجمود و الاستكانة و كان سلاحه الإيمان بالله و حجته الكتاب والسنة و أقوال العلماء من السلف الصالح.
رفض إلا أن يكون عالم دين حرفتفرغ كليا لنشر الدين الحنيف و العلم الصحيح، كان رغم ظروف عصره الذياستفحلت فيه الشعوذة و انتشر فيه التدجيل اقرب ما يكون من العلماءالمجددين بحكم توسع علمه ووعيه فكان – و في غير هذا – من الأعلام الممهدينللحركة الإصلاحية الباديسية و من المرحبين بها.
وقد وجهت له دعوة للانضمام الى الحركة الإصلاحية الناشئة فرد مؤيدا لها معتذرا عن الانضمام لها لأسباب صحية نظرا لتقدم سنه.
و مما جاء في رده :
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا رب غيره ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد نور الخلق و خيره [ صلى الله عليه و على آله وسلم]
إلى إخواننا في الله ، سلام عليكم و رحمة الله و بركاته ما دامت روحات اليوم و غدواته
أما بعد:
فانمكتوبكم اتصل بأيدينا و فيه أنكم رغبتم في موافقتنا لما تحاولونه من انشاءاجتماع علماء الوطن لنهج لنهج الطريق الإسلامي لمن يهتدي عملا بقوله تعالى : " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" الآية.
وقوله تعالى : " و تعاونوا على البر و التقوى" الآية
هذاو إن ما يقتضيه غرضكم ، و أردتم صرف الهمة نحوه من اكبر الطاعات على ظاهرالحال عملا بقوله صلى الله عليه و سلم " لان يهدي الله على يديك رجلا خير ..."
فان ظهر لكم موافقة ما تحاولونه لما تقتضيه شريعة الإسلام ،باجتماع الكلمة من الجميع و انتفاع السامعين، فَنِعم السعي سعيكم ، أعانكمالله على ذلك ، فنحن معكم بالدعاء ، لان السعي في إصلاح الدين من اكبرالطاعات كما تقدم في الحديث ، لا سيما أهل هذا الوطن في وقتنا هذا ، و أماقدومي إليكم فمتعذر علي لكبر سني و عدم طاقتي و السلام من العبد الفقيرخديم العلم و اهله السعيد بن الطاهر البهلولي."
عرف عنه تقديرهلعلماء التصوف الحقيقيين المخلصين، أما شطحات الصوفية فقد اعتبرها ظاهرةدخيلة على الإسلام و منافية للطبيعة و الفطرة لأنها تبنت فهما خاصا للكونو الحياة و الإنسان لا تتماشى في شطحاتها و غلوها مع تعاليم الإسلامالسمحة البسيطة المعتدلة، الذين تجردوا من علائقهم النفسية ، و قد سجلعبارة " لله در القائل " فوق هذين البيتين:
و الروض و الصراخ و التصفيق ... عمدا بذكر الله لا يليق
و إنما المطلوب في الاذكــار... الذكر بالخشوع و الوقار.
كما كان يستمتع بترديد هذه الأبيات:
إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا و عافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا... إنها ليست لحيِ وطنا
جعلوها لَجة و اتخذوا...صالح الأعمال فيها سفنا
المراجع:
- الشيخ السعيد ابهلول الورتيلاني في مجموعة من رسائله و مجالسه و فتاويه.
لمحمد الطاهر فضلاء، نشر دار هومة – 2004 .
- تاريخ الجزائر الثقافي ، أبو القاسم سعد الله ، المؤسسة الوطنية للكتابة، الجزائر،1985.
- مقال بعنوان " جهود أمازيغية في خدمة العربية " لمحمد ارزقي فراد