عميروش بين مطرقة السعيد سعدي وسندان محمد سعدي!
04-09-2010, 07:36 AM
السعيد سعدي أصبح الآن مؤشرا تقاس بواسطته درجة العفونة السياسة في بلادنا. فمنذ أن قال لعباسي مدني أمام أعين الملايين من المتفرجين: "لن نترككم تصلون إلى الحكم"، وحدث الذي يعلمه الجميع، أصبح محل اهتمام الملاحظين؛ تصرفاته وخطبه وكل حركاته اتخذت منحى لغويا يساعد المهتمين على فهم بعض القضايا المستعصية في شؤون الطيش السياسي الجزائري. فالرجل عند العاقلين متهور ينقصه الاتزان، والعيب فيه أنه ليس أميا. وهو عند العامة شجاع ذكي يعلم كل صغيرة وكبيرة في ميدان السياسة والحكم ولكنه، جهوي مفرط في الشعوبية، يعيش غريبا في بلده والعيب فيه أنه مستبد لا يحسن الإصغاء إلى غيره؛ شارك في كثير من المؤامرات وترك بصماته ولكنه عاش عميلا وفيا لنزواته ونزعاته وبات واضحا للعيان أنه لا يرتاح لمواطن السلم والطمأنينة ولا يسعد إلا إذا شقي غيره. كتابه الأخير عن الشهيد عميروش يخفي مؤامرة جديدة حيكت خيوطها في المختبرات الذكية تمهيدا لتصفية حسابات أسيء علاجها. إنه بمثابة توطئة لمسلسل يعلم الله وحده نهايته في بحر من المخاوف والرزايا. من حلقاته ما يجري حاليا في بلدته الصغرى: أغريب أو إغريبن. ومن ارتداداته ما يجري في الخفاء والعلن من جدل حول طبيعة ثورة التحرير ورموزها العظماء.
تتبعت مثل عامة الشغوفين بالقراءة معظم ما دار من حديث حول كتاب السعيد سعدي عن الشهيد عميروش قبل وبعد صدوره وانتظرت بشغف رغم نفوري بلا حدود من شخص المؤلف. ذلك أني، من جهة، أقدس الشهيد عميروش، ومن جهة أخرى كنت أحمل في ذاكرتي أفكار مسبقة عن السعيد سعدي ورأيه المقيت عن الشهيد؛ فقد تألمت كثيرا في الثمانينات وأنا أسمع أتباع هذا الوافد الجديد على التاريخ، يرددون الإشاعات عن البطل عميروش بكثير من الحقد، مدعين علنا أن "عميروش كان إسلاماويا قبل الأوان وكان ميالا إلى العربية ويكره المثقفين "التقدميين" منهم خاصة، كما كان دمويا.. إلى آخر قائمة الدعايات". لذلك، ما أن سمعت خبر صدور الكتاب، استولى عليّ التشوق إلى اقتنائه متسائلا ماذا عسى أن يقوله الديموقراطية المزيفة في الجزائر، والحال ما ذكرت؟ هل سيؤكد ما كان يدعيه في الثمانينات ويجهر برأيه كما كان أم أنه سيتراجع عن غيه ويقول الحقيقة لاسيما أن نجل الشهيد ما زال حيا ولا أخاله لينا حتى يسمح بالتجريح والنيل من والده الشهيد. ولقد سبق أن سمعت هذا الأخير في شريط عبر الانترنيت يندد "بحبس" جثماني العقيدين الشهيدين عميروش والحواس في حفرة داخل مقر قيادة الدرك الوطني مما الهبني سعيا إلى معرفة الحقيقة. فلم أكن أظنه متساهلا مع النيف!
قبل أن يرى الكتاب النور، أقام بعض الجزائريين الدنيا ولم يقعدوها وراح بعضهم ينقدونه ويصدرون أحكامهم دون أن يطلعوا على أدنى فقرة منه، إلا ما كان تخمينا أو استنتاجا مبنيا على الظنون. وكان السيد علي كافي أول من تصدر المعارضين موحيا بذلك أنه كان خائفا من شيء ما، بعد أن أوحى له السعيد سعدي عبر الجرائد إنه سيفضحه. حينذاك فهمت أن الحملة المعادية للكتاب كانت منظمة لمنع صدوره وقد سبق أن قررت وزيرة الثقافة، حسب الجرائد، إحجامها عن "الترخيص بذلك ما دامت على رأس الوزارة"، مما زاد من أجيج التشوق إلى قراءة الكتاب الذي استفاد من إشهار مجاني ثمين لم يكن يحلم به صاحبه. ولكن هناك رأي آخر مفاده أن جهات ما، وهي تعرف أن سعدي من الذين كانوا يشيعون "ما ذكرت" في شخص عميروش، تسعى إلى هدم الشخصية المقدسة لعميروش لدى "القبائل" من خلال تناول حياته من قبل السعيد سعدي الذي "بفضله" أيضا، أصبحت الديموقراطية مضحكة في الجزائر. أصحاب هذا التوجه يرون أن الذي "أخطأ تقدير المجتمع الجزائري" لم يستفد من أخطائه.
هكذا صدر الكتاب في ظروف "حرب نفسية" مفزعة تخللتها مناوشات كلامية بلغت الذروة عبر الأقمار الصناعية وتبادلت الأطراف الرمايات بمختلف العيارات وتراشقت بالتهم الدامية حتى ظن الجميع أن الفتنية قائمة. وقرأت الكتاب على عجل وأعجبني للوهلة الأولى بعيدا عن القراءة المتأنية الناقدة، فشرعت في ترجمته حتى إني راسلت صاحبه عبر الأنترنيت وطلبت منه الترخيص لي بذلك.
انتابني شعور غريب وأنا أقرأ "الكتاب الفتنة" للسعيد سعدي عن الشهيد عميروش (عنوان مقال نشر في الانترنيت). حزنت أيما حزن لما ورد فيه من بذور الفتنة وما ينبعث منه من حقد دفين وكراهية مميتة وأيقنت حينها أن الفتنة الكبرى واقعة لا محالة إن لم يسارع أهل الحكمة إلى خنقها في مهدها. في المقابل، والتماسا لمهدئ ما يخفف من روعي، تذكرت أن الفتنة لا محل لها من الإعراب في حظرة العقلاء، ما أكثرهم في بلادنا، عندما يكون من ورائها يحمل اسم سعدي؛ ذلك أنها لا عمل لها عندما يتفطن الناس إليها، والجزائريون كيسون فطنون عند صدور الفعل من أمثال هذا الرجل. مع ذلك آرقني أن يكتب السعيد سعدي عن عميروش، وهو الذي كان وأصحابه ينعتونه بأسوأ النعوت في الثمانينات بسبب توجهه الإسلامي. ثم إن هذا السلوك نوع من الاعتداء على قداسة الشهيد وهتك صارخ لعظمة الرجل. ولما أنهيت قراءته، وما أتعسني، قلت في نفس يومئذ، وكتبته في عدة مقالات، إن هذا الفعل الشنيع من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام أصحاب النفوس المريضة ليطلقوا النار الدفين على رموز هذا الوطن؛ فكل شتيمة موجهة إلى بوصوف أو بومدين سيقابلها وابل من الشتائم لشخص عميروش من قبل أشباه المثقفين من أطراف أخرى مريضة. والذي سعّر من روعي وأشعل النار في أعصابي، جرأة هذا الرجل المتهور أمام ارتخاء هيبة الدولة وهوان الأمة وتخاذل النخبة. الذي زاد من روعي أن هذه الجرأة المعدية قد تلد جرءات تسمح لأراذل القوم وأوباش هذا الشعب، مثلما حدث في سدة الحكم، أن يهتكوا أعراض رموزنا النادرة فيتقوّلون عليهم الأقاويل إيذانا للسقطة الكبرى وزرعا للفوضى التي بلغت مبلغا يكاد ينهي كياننا. يبدو أن السعيد سعدي قد بدأ ما كنا نخشاه ولا شك أن الانتهازيين من الجهة الأخرى سيجدون في مشروعه ذريعة لإفراغ جم أحقادهم في جو تسوده الشحناء والريبة.
يبدو أن الأوان قد حان لتصفية الحسابات!
فبينما كنت أرتب هذه الكلمات وأنا متردد في صياغتها ومتشكك في جدواها، جاءتني رسالة عبر الانترنيت تنبهني أن "الخبر الأسبوعي" قد نشرت مقالا تحت عنوان: "الشهيد القائد عميروش بطل.. ولكن؟" فسارعت إلى اقتنائها.
قبل قراءة المقال، بيد أني جزائري، بادرني سؤال ما زال يحيرني إلى هذه اللحظة: ما معنى علامة الاستفهام وما موقعها من الإعراب؟ وما معنى التعليق على صورة الشهيد عميروش بالقول: "الجزائر ما زالت إلى اليوم تعيش مآسي مؤتمر الصومام وتداعياته"؟ سؤال يقتضي إجابة لا تنقص عن كتاب!
الآن والمقال أمامي، وبعد ان قرأته، من أين أبدأ للرد على صاحبه؟ بل هل يستحق الرد أصلا؟
المقال أصغر من أن يصلح ردا على ما نعتته شخصيا "بالكتاب الفتنة" وما ورد فيه من سموم أربكني ونال من عزيمتي الكتابية. صاحبه يبدو مشحونا بالنفاق والحقد والضغينة وعميت بصيرته وبدا غير متحكم في قريحته المجنونة. ولقد أعلنها صراحة حربا عمياء من خلال تهجمه على سعدي، موقعا الضرر في الشهيد عميروش. وكأن الرجل في موقف الثأر فقال مبررا في انهازية مقيتة: "وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإنه لا يفوتني أن أذكر الجميع بأن الشهيد عميروش كاد خلال سنة 1957 أن ينسف بتصرفاته في قضية ملوزة بسمعة الثورة التحريرية في الخارج..". لقد برهن سعدي بهذه العبارة أنه لا يحسن قراءة الكتب ولا يملك ناصية عقله ولا يستوعب دروس التاريخ. هذا السعدي نفسه كتب قائلا: "وهو (عميروش) الذي أشرف على تنصيب اللجنة بتونس خلال شهر جوان 1957 الخ"، علما أن مجزرة ملوزة وقعت يو 27 مايو 1957. ثم من لا يعرف الآن أن عميروش أثناء وقوع مجزرة ملوزة لم يكن في أرض الوطن وما كان له أن يأمر بعملية كتلك التي كانت سببا في مجزرة رهيبة والتي وقعت في يوم 27 مايو 1957 بينما كان في تونس، وقائد الولاية الثالثة آنذاك هو العقيد محمدي السعيد الملقب بناصر؟ ومن اراد أن يعرف بعض الحقيقة عما جرى، أنصحه بقراءة كتاب المجاهد صالح ميكاشير تحت عنوان: في مراكز قيادة الولاية الثالثة (من سنة 1957 إلى 1962).
ما بال السعديين؟ السعيد سعدي ومحمد سعدي سيان في مسالة القدح والتجريح ؛ الأول من خلال تناول حياة الشهيد عميروش بالسوط والقص ثم تقزيمه بأن وصفه صاحب قضية جهوية ونعته ضمنيا بالعنصرية والشعوبية ناكرا توجهه الإسلامي، إذ كان ناشطا في صفوف جمعية العلماء الخ. أما الثاني فقد اتهمه زورا بالمشاركة في مؤامرة ملوزة وفتنة الاقتتال بين الإخوة في الولاية الأولى، ورماه صراحة بالتمييز بين الجزائريين في قضية الدراسة في الخارج، كأن عميروش موجود في كل مكان. وكأن السعديان وجهان لعملة واحدة؛ أسلوبهما واحد وأهدافهما؛ الأول في كتاب عنوانه "عميروش" تحدث عن كل شيء سوى عن عميروش، حتى ظننت أن هناك عميروشين في تاريخ الثورة الجزائرية، وقد جعل من الرجل شخصا عاديا انظم إلى صفوف الثورة طمعا في القيادة. وكذلك فعل السعدي الثاني الذي شكك صراحة في بطولة عميروش وكتب ما يوحي إلى أسوأ النعوت بأن اتهمه أيضا بالشعوبية والعنصرية. ثم على شاكلة الانتهازيين، أفرغ ما كان مدفونا إذ ادعى أن عميروش "فجر قنبلة الاقتتال الداخلي بالولاية الأولى... و"تكفل ب200 مجاهدا من النمامشة "واستعملهم لحمل السلاح والذخيرة من تونس إلى بلاد القبائل.." ليضيف، وأظنه سكرانا أثناء الكتابة: "كان كل مجاهد يحمل بندقيتين و450. وبهذا الأسلوب كان المجاهد عميروش يتعامل مع مجاهدي أوراس النمامشة كأنهم حمير أو بغال بعد أن تم إعدام قادتهم.." اللهم اجعلني حمارا أخدم بلدي في السلم والحرب!
ختاما، كما قال أستاذنا سعدي: "ما دام الشيء بالشيء يذكر" أنا أيضا لا يفوتني أن أسوق إلى القراء كلاما لهذا السعدي البومديني الذي ليس عليه غبار ولكنه مشحون بالإعوجاج. فقد قال بلا أدنى حياء: "المرحوم بومدين ليس من طبعه الاغتيالات السياسية كما يزعم البعض. ولو كان كذلك، لما بقي الزعيم آيت أحمد حيا وكذا المرحوم بوضياف والمرحوم عميرات والسيد محساس والمرحوم بومعزة..". أما عشرات السياسيين الجزائريين المغتالين في عهد بومدين، فقد قتلوا بأيد خارجية كانت تضمر الشر لمحمد بوخروبة. أما بومدين فقد كان يقوم بإبعادهم من الوطن خوفا عليهم لا منهم!
هداكما الله يا السعديان!
العيد دوان
قبل أن يرى الكتاب النور، أقام بعض الجزائريين الدنيا ولم يقعدوها وراح بعضهم ينقدونه ويصدرون أحكامهم دون أن يطلعوا على أدنى فقرة منه، إلا ما كان تخمينا أو استنتاجا مبنيا على الظنون. وكان السيد علي كافي أول من تصدر المعارضين موحيا بذلك أنه كان خائفا من شيء ما، بعد أن أوحى له السعيد سعدي عبر الجرائد إنه سيفضحه. حينذاك فهمت أن الحملة المعادية للكتاب كانت منظمة لمنع صدوره وقد سبق أن قررت وزيرة الثقافة، حسب الجرائد، إحجامها عن "الترخيص بذلك ما دامت على رأس الوزارة"، مما زاد من أجيج التشوق إلى قراءة الكتاب الذي استفاد من إشهار مجاني ثمين لم يكن يحلم به صاحبه. ولكن هناك رأي آخر مفاده أن جهات ما، وهي تعرف أن سعدي من الذين كانوا يشيعون "ما ذكرت" في شخص عميروش، تسعى إلى هدم الشخصية المقدسة لعميروش لدى "القبائل" من خلال تناول حياته من قبل السعيد سعدي الذي "بفضله" أيضا، أصبحت الديموقراطية مضحكة في الجزائر. أصحاب هذا التوجه يرون أن الذي "أخطأ تقدير المجتمع الجزائري" لم يستفد من أخطائه.
هكذا صدر الكتاب في ظروف "حرب نفسية" مفزعة تخللتها مناوشات كلامية بلغت الذروة عبر الأقمار الصناعية وتبادلت الأطراف الرمايات بمختلف العيارات وتراشقت بالتهم الدامية حتى ظن الجميع أن الفتنية قائمة. وقرأت الكتاب على عجل وأعجبني للوهلة الأولى بعيدا عن القراءة المتأنية الناقدة، فشرعت في ترجمته حتى إني راسلت صاحبه عبر الأنترنيت وطلبت منه الترخيص لي بذلك.
انتابني شعور غريب وأنا أقرأ "الكتاب الفتنة" للسعيد سعدي عن الشهيد عميروش (عنوان مقال نشر في الانترنيت). حزنت أيما حزن لما ورد فيه من بذور الفتنة وما ينبعث منه من حقد دفين وكراهية مميتة وأيقنت حينها أن الفتنة الكبرى واقعة لا محالة إن لم يسارع أهل الحكمة إلى خنقها في مهدها. في المقابل، والتماسا لمهدئ ما يخفف من روعي، تذكرت أن الفتنة لا محل لها من الإعراب في حظرة العقلاء، ما أكثرهم في بلادنا، عندما يكون من ورائها يحمل اسم سعدي؛ ذلك أنها لا عمل لها عندما يتفطن الناس إليها، والجزائريون كيسون فطنون عند صدور الفعل من أمثال هذا الرجل. مع ذلك آرقني أن يكتب السعيد سعدي عن عميروش، وهو الذي كان وأصحابه ينعتونه بأسوأ النعوت في الثمانينات بسبب توجهه الإسلامي. ثم إن هذا السلوك نوع من الاعتداء على قداسة الشهيد وهتك صارخ لعظمة الرجل. ولما أنهيت قراءته، وما أتعسني، قلت في نفس يومئذ، وكتبته في عدة مقالات، إن هذا الفعل الشنيع من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام أصحاب النفوس المريضة ليطلقوا النار الدفين على رموز هذا الوطن؛ فكل شتيمة موجهة إلى بوصوف أو بومدين سيقابلها وابل من الشتائم لشخص عميروش من قبل أشباه المثقفين من أطراف أخرى مريضة. والذي سعّر من روعي وأشعل النار في أعصابي، جرأة هذا الرجل المتهور أمام ارتخاء هيبة الدولة وهوان الأمة وتخاذل النخبة. الذي زاد من روعي أن هذه الجرأة المعدية قد تلد جرءات تسمح لأراذل القوم وأوباش هذا الشعب، مثلما حدث في سدة الحكم، أن يهتكوا أعراض رموزنا النادرة فيتقوّلون عليهم الأقاويل إيذانا للسقطة الكبرى وزرعا للفوضى التي بلغت مبلغا يكاد ينهي كياننا. يبدو أن السعيد سعدي قد بدأ ما كنا نخشاه ولا شك أن الانتهازيين من الجهة الأخرى سيجدون في مشروعه ذريعة لإفراغ جم أحقادهم في جو تسوده الشحناء والريبة.
يبدو أن الأوان قد حان لتصفية الحسابات!
فبينما كنت أرتب هذه الكلمات وأنا متردد في صياغتها ومتشكك في جدواها، جاءتني رسالة عبر الانترنيت تنبهني أن "الخبر الأسبوعي" قد نشرت مقالا تحت عنوان: "الشهيد القائد عميروش بطل.. ولكن؟" فسارعت إلى اقتنائها.
قبل قراءة المقال، بيد أني جزائري، بادرني سؤال ما زال يحيرني إلى هذه اللحظة: ما معنى علامة الاستفهام وما موقعها من الإعراب؟ وما معنى التعليق على صورة الشهيد عميروش بالقول: "الجزائر ما زالت إلى اليوم تعيش مآسي مؤتمر الصومام وتداعياته"؟ سؤال يقتضي إجابة لا تنقص عن كتاب!
الآن والمقال أمامي، وبعد ان قرأته، من أين أبدأ للرد على صاحبه؟ بل هل يستحق الرد أصلا؟
المقال أصغر من أن يصلح ردا على ما نعتته شخصيا "بالكتاب الفتنة" وما ورد فيه من سموم أربكني ونال من عزيمتي الكتابية. صاحبه يبدو مشحونا بالنفاق والحقد والضغينة وعميت بصيرته وبدا غير متحكم في قريحته المجنونة. ولقد أعلنها صراحة حربا عمياء من خلال تهجمه على سعدي، موقعا الضرر في الشهيد عميروش. وكأن الرجل في موقف الثأر فقال مبررا في انهازية مقيتة: "وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإنه لا يفوتني أن أذكر الجميع بأن الشهيد عميروش كاد خلال سنة 1957 أن ينسف بتصرفاته في قضية ملوزة بسمعة الثورة التحريرية في الخارج..". لقد برهن سعدي بهذه العبارة أنه لا يحسن قراءة الكتب ولا يملك ناصية عقله ولا يستوعب دروس التاريخ. هذا السعدي نفسه كتب قائلا: "وهو (عميروش) الذي أشرف على تنصيب اللجنة بتونس خلال شهر جوان 1957 الخ"، علما أن مجزرة ملوزة وقعت يو 27 مايو 1957. ثم من لا يعرف الآن أن عميروش أثناء وقوع مجزرة ملوزة لم يكن في أرض الوطن وما كان له أن يأمر بعملية كتلك التي كانت سببا في مجزرة رهيبة والتي وقعت في يوم 27 مايو 1957 بينما كان في تونس، وقائد الولاية الثالثة آنذاك هو العقيد محمدي السعيد الملقب بناصر؟ ومن اراد أن يعرف بعض الحقيقة عما جرى، أنصحه بقراءة كتاب المجاهد صالح ميكاشير تحت عنوان: في مراكز قيادة الولاية الثالثة (من سنة 1957 إلى 1962).
ما بال السعديين؟ السعيد سعدي ومحمد سعدي سيان في مسالة القدح والتجريح ؛ الأول من خلال تناول حياة الشهيد عميروش بالسوط والقص ثم تقزيمه بأن وصفه صاحب قضية جهوية ونعته ضمنيا بالعنصرية والشعوبية ناكرا توجهه الإسلامي، إذ كان ناشطا في صفوف جمعية العلماء الخ. أما الثاني فقد اتهمه زورا بالمشاركة في مؤامرة ملوزة وفتنة الاقتتال بين الإخوة في الولاية الأولى، ورماه صراحة بالتمييز بين الجزائريين في قضية الدراسة في الخارج، كأن عميروش موجود في كل مكان. وكأن السعديان وجهان لعملة واحدة؛ أسلوبهما واحد وأهدافهما؛ الأول في كتاب عنوانه "عميروش" تحدث عن كل شيء سوى عن عميروش، حتى ظننت أن هناك عميروشين في تاريخ الثورة الجزائرية، وقد جعل من الرجل شخصا عاديا انظم إلى صفوف الثورة طمعا في القيادة. وكذلك فعل السعدي الثاني الذي شكك صراحة في بطولة عميروش وكتب ما يوحي إلى أسوأ النعوت بأن اتهمه أيضا بالشعوبية والعنصرية. ثم على شاكلة الانتهازيين، أفرغ ما كان مدفونا إذ ادعى أن عميروش "فجر قنبلة الاقتتال الداخلي بالولاية الأولى... و"تكفل ب200 مجاهدا من النمامشة "واستعملهم لحمل السلاح والذخيرة من تونس إلى بلاد القبائل.." ليضيف، وأظنه سكرانا أثناء الكتابة: "كان كل مجاهد يحمل بندقيتين و450. وبهذا الأسلوب كان المجاهد عميروش يتعامل مع مجاهدي أوراس النمامشة كأنهم حمير أو بغال بعد أن تم إعدام قادتهم.." اللهم اجعلني حمارا أخدم بلدي في السلم والحرب!
ختاما، كما قال أستاذنا سعدي: "ما دام الشيء بالشيء يذكر" أنا أيضا لا يفوتني أن أسوق إلى القراء كلاما لهذا السعدي البومديني الذي ليس عليه غبار ولكنه مشحون بالإعوجاج. فقد قال بلا أدنى حياء: "المرحوم بومدين ليس من طبعه الاغتيالات السياسية كما يزعم البعض. ولو كان كذلك، لما بقي الزعيم آيت أحمد حيا وكذا المرحوم بوضياف والمرحوم عميرات والسيد محساس والمرحوم بومعزة..". أما عشرات السياسيين الجزائريين المغتالين في عهد بومدين، فقد قتلوا بأيد خارجية كانت تضمر الشر لمحمد بوخروبة. أما بومدين فقد كان يقوم بإبعادهم من الوطن خوفا عليهم لا منهم!
هداكما الله يا السعديان!
العيد دوان
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة







