الشهرة ومآثرها !
24-03-2014, 06:20 PM
لا أعتقد أننا كمغمورين عرفنا الحياة أبداً, أو الوجه الجميل الحقيقي لتلك الحياة , نحن كالكومبارس مهمتنا في هذهِ الدنيا مساعدة وإبراز النجوم , فالنجم لا يبرز بدون جمهور , والأهم لا يبرز بدون كومبارس.. وبناقص قواي العقلية أكاد أجزم أن الحياة الجميلة في الوطن العربي لا يعيشها ويشعر بها إلا الأمراء النافذين .. أو الأشخاص المشاهير , والبقية تحصيل حاصل أو كما أسلفت .. كومبارس.
.
.
لنتخيّل هذا المشهد :
دكتور جرّاح عبقري يزور مكتباً للإتصالات في احدى المدن العربيه, فيطلب منه الموظّف الإنتظار ريثما ينتهي من العملاء الآخرين , يبحث صاحبنا الدكتور عن مكانٍ يجلس وينتظرَ فيه , وفي تلكَ الأثناء يدخل شخصٌ آخر أُمّي جاهل لا يحمل شهادة إبتدائي , يراه الحضور فيتهامسون ويبتسمونَ له , يراه الموظّف فيقوم بوجههِ ويحييه ويقول له : آمر يا فلان , بماذا يمكن أن أُساعدك؟
طبعاً صاحب الشهادة الإبتدائية لاعب "كرة قدم" معروف , صحيح أنه لا يُجيد الحديث باللغةِ العربية بطلاقة , صحيح أنه لا يحمل أي مؤهلٍ علمي , وصحيح أنه لا يستحق أي أفضلية على الصعيد الإنساني , ولكنهُ مشهور لدى الناس , يعرفون شكله ويحفظونه و.... يحبونه , لماذا ؟ امممم .. لأنه مشهور.
.
.
من طبيعتنا كبشر أن نعشق المشاهير , ونهتم بهم , بل ونُقدّسهم أحياناً , وسأُسقط ذلك على المشهد المحلي , أليس من الطبيعي أنه عندما يدخل مطرباً معروفاً لمكانٍ عام , أليس من الطبيعي أن يلتفت له الكل أو الأغلبية ؟ أليس أمراً مُعتاداً أن يطلب منه البعض صورةً أو تعليقاً ؟ بل وحتى أولئك الذين لا يعيرونهُ إهتماماً , أو يدّعون ذلك - وأنا منهم - أليس من المُعتاد والطبيعي أن يقولوا لأصدقائهم لاحقاً : رأينا فُلاناً البارحة؟
.
وأعود للمشهد المحلي .. أليس أمراً شائعاً أن ترى أحدهم - شاباً أو فتاةً - يضع صورة " اصاله نصري " في توقيعهِ بمنتدىً ما ؟ أليس من الطبيعي مُشاهدة صورة راشد الماجد في كل مكان؟ توقيع على جدران الإنترنت.. خلفية ماسينجر .. صورة في شنطة يدوية لأُنثى أو على قميص .. الخ .. قد يقول البعض راشد فنّان مُرهف ذو حسّ وصوت جميل لذا يحبه الناس , حسناً لو أتى شعبان عبد الرحيم - فقير المواهب - .. ألن " يطيرَ " بهِ الناس ؟ .. وعلى فكرة , مشائخ الفضائيات ليسوا إستثناءاً هنا.
.
الناس تُحب المشهور , وتحب الشهرة , وكم من الناس من إستمات وبذلَ كل ما بوسعه للحصول عليها , وما قصة الأعرابي الذي بالَ بالكعبة ببعيدةٍ عنّا.
.
.
الشهرة يا أصدقائي الإفتراضيين بوابة لجنّة الأرض , لا يستطيع أحدنا أن يكون أميراً مهما حاول , فتلك مسألة بيد القدر تنتهي عندما يولد أحدنا بدون كلمة أمير في شهادة ميلاده , ولكن الشهرة مُمكنة ومُتاحة لأيٍّ منّا , نظرياً بإمكان أي أحدٍ أن يُصبحَ مشهوراً , وعملياً ستتغير نظرة الناس والمجتمع له , بل سأكرر مُجدداً , ستُفتح لهُ أبواب الجنة على الأرض , تلك الجنّة التي لا يعلم بوجودها الكثيرين , فلأحدكم أن يتخيّل أن يسير بسيارته فيلتفت له الآخرون بالسيارات الأُخرى ويبتسموا له , أن يذهبَ لأي مكانٍ ويجد ترحيباً وقبولاً من الآخرين .. أولئك الآخرين الذين لا يعرفهم , وتلك المفارقة بالأمر , فقد يبذل أحدنا عمرهُ ليتفوق في دراسته أو عمله أو تعامله مع الناس , ولكن كل ما فعله أو يفعله , لن يمنحهُ إبتسامةَ عابرٍ في الطريق , لن يمنحه تلك النشوى التي سيستشعرها عندما يرى الإعجاب والمحبّة في عيون الآخرين , الآخرين الغُرباء الذين لا يعرفهم , ولم يقدم لهم شيئاً شخصياً يوماً ما.
.
.
يقول الكاتب الساخر الأمريكي مارك توين: آلاف من العباقرة عاشوا وماتوا دون أن يكتشفهم أحد أو دون أن يكتشفوا أنفسهم.
وتلكَ مسألة مرتبطة بهذا الموضوع , وأيضاً تستحقُ موضوعاً مُستقلاً .. كم عدد العباقرة والمميزين الذين عاشوا حياتهم وماتوا ولم يعرفهم أحد ؟ ولم يمنحهم أي عابرٍ مجهولٍ تلك الإبتسامة إيّاها؟ ......... أكاد أجزم بأن المميزين الذين لم ينالوا الشهرة أكثر من الذين نالوها , وأجزم أيضاً بأن الكثيرين من الذين إستمتعوا بتلك الشهرة لا يستحقونها مقارنةً بالذين ذهبوا بصمتٍ ولم يعلم عنهم أحد .. أحد الطرفين عاشَ وماتَ سعيداً , والطرف الآخر عاش ومضى تعيساً , والفرق كان بـ الشهرة , تلك الكلمة والحالة السحرية.
أمس شاهدتُ مُقابلةً تلفزيونيةً لنزار قبّاني (معاده), وكانَ ممّا قالَ فيها : أنا ربما أكون الشاعر العربي الوحيد الذي نالَ مجدهُ في حياته. .. وهوَ صادق , فأغلب الشعراء العرب , والمُبدعين إجمالاً نالوا مجدهم عندما رحلوا , بل أغلبهم عاشوا تُعساءاً, ولن أُبالغ إن قُلت بأنهم لو نالوا الشُهرة التي يستحقون في حياتهم , لأنقلبت تلك التعاسة لنعيمٍ وسعادة.
.
. وكالعادة , سيأتي أحد المثاليين ويقول : الشهرة لا تجلب السعادة , كما المال إلى آخرهِ من تلك الجُمل المُخدرات , وأرد وأقول : بل تجلبها وتجلبها .. وتجلبها...كم من موظفٍ يُعاني من مديرهِ , لم يكُن سيُعاني لو كانَ مشهوراً , فنظرة المُدير ستتغيَر , هذا إذا كان بحاجة الوظيفة بالمقام الأول , كم من عاشقٍ رفضته من يُحبها , كانت ستقبل بهِ لو كان مشهوراً , كم من فاشلٍ يرفضهً أهله , كانوا سيقبلونَ بهِ , بل وسيُصبح " الأغلى " لو كانَ مشهوراً , والكثير من الـ كم ــات التي لا تنتهي.
.
الشهرة جميلة , بل هي جنّة الأرض , لو كانت حياةُ أحدنا - وأغلبنا كذلك - مُملةً وهادئةً ونالَ الشهرة .. ستتحول تلكَ الحياة إلى إثارةٍ وسعادةٍ دائمة , ونسمع الكثيرين يقولون : أنا لا أُريد الشهرة , بل أهربُ منها , وتلك أيضاً جُملة تخديرية كاذبة , فحتى أولئك الذين أكتووا بنارِ الشُهرة وخسروا بسببها حُريتهم الشخصية , سيتمنون الموت في قرارة أنفُسهم على أن يخسروها وإن قالوا العكس , ولكن لأنها " كنز " لا يريدون أن يدلونا عليه , ولأنها سر السعادة الكبير لا يُريديون أن يشاركوننا بهِ.
.
.
سيمضي الكثيرون منّا دون أن يستوعبوا ذلك الأمر , ولن يستوعبوه دونَ أن يعيشوه , لذلك هُم أموات إلى إشعارٍ آخر , هُم - وأنا أوّلهم - ليسوا بأحياء , لذلك أُكرّر: أنتَ مشهور .. إذاَ أنتَ موجود ... وحَيّ.
تحيتي !
.
.
لنتخيّل هذا المشهد :
دكتور جرّاح عبقري يزور مكتباً للإتصالات في احدى المدن العربيه, فيطلب منه الموظّف الإنتظار ريثما ينتهي من العملاء الآخرين , يبحث صاحبنا الدكتور عن مكانٍ يجلس وينتظرَ فيه , وفي تلكَ الأثناء يدخل شخصٌ آخر أُمّي جاهل لا يحمل شهادة إبتدائي , يراه الحضور فيتهامسون ويبتسمونَ له , يراه الموظّف فيقوم بوجههِ ويحييه ويقول له : آمر يا فلان , بماذا يمكن أن أُساعدك؟
طبعاً صاحب الشهادة الإبتدائية لاعب "كرة قدم" معروف , صحيح أنه لا يُجيد الحديث باللغةِ العربية بطلاقة , صحيح أنه لا يحمل أي مؤهلٍ علمي , وصحيح أنه لا يستحق أي أفضلية على الصعيد الإنساني , ولكنهُ مشهور لدى الناس , يعرفون شكله ويحفظونه و.... يحبونه , لماذا ؟ امممم .. لأنه مشهور.
.
.
من طبيعتنا كبشر أن نعشق المشاهير , ونهتم بهم , بل ونُقدّسهم أحياناً , وسأُسقط ذلك على المشهد المحلي , أليس من الطبيعي أنه عندما يدخل مطرباً معروفاً لمكانٍ عام , أليس من الطبيعي أن يلتفت له الكل أو الأغلبية ؟ أليس أمراً مُعتاداً أن يطلب منه البعض صورةً أو تعليقاً ؟ بل وحتى أولئك الذين لا يعيرونهُ إهتماماً , أو يدّعون ذلك - وأنا منهم - أليس من المُعتاد والطبيعي أن يقولوا لأصدقائهم لاحقاً : رأينا فُلاناً البارحة؟
.
وأعود للمشهد المحلي .. أليس أمراً شائعاً أن ترى أحدهم - شاباً أو فتاةً - يضع صورة " اصاله نصري " في توقيعهِ بمنتدىً ما ؟ أليس من الطبيعي مُشاهدة صورة راشد الماجد في كل مكان؟ توقيع على جدران الإنترنت.. خلفية ماسينجر .. صورة في شنطة يدوية لأُنثى أو على قميص .. الخ .. قد يقول البعض راشد فنّان مُرهف ذو حسّ وصوت جميل لذا يحبه الناس , حسناً لو أتى شعبان عبد الرحيم - فقير المواهب - .. ألن " يطيرَ " بهِ الناس ؟ .. وعلى فكرة , مشائخ الفضائيات ليسوا إستثناءاً هنا.
.
الناس تُحب المشهور , وتحب الشهرة , وكم من الناس من إستمات وبذلَ كل ما بوسعه للحصول عليها , وما قصة الأعرابي الذي بالَ بالكعبة ببعيدةٍ عنّا.
.
.
الشهرة يا أصدقائي الإفتراضيين بوابة لجنّة الأرض , لا يستطيع أحدنا أن يكون أميراً مهما حاول , فتلك مسألة بيد القدر تنتهي عندما يولد أحدنا بدون كلمة أمير في شهادة ميلاده , ولكن الشهرة مُمكنة ومُتاحة لأيٍّ منّا , نظرياً بإمكان أي أحدٍ أن يُصبحَ مشهوراً , وعملياً ستتغير نظرة الناس والمجتمع له , بل سأكرر مُجدداً , ستُفتح لهُ أبواب الجنة على الأرض , تلك الجنّة التي لا يعلم بوجودها الكثيرين , فلأحدكم أن يتخيّل أن يسير بسيارته فيلتفت له الآخرون بالسيارات الأُخرى ويبتسموا له , أن يذهبَ لأي مكانٍ ويجد ترحيباً وقبولاً من الآخرين .. أولئك الآخرين الذين لا يعرفهم , وتلك المفارقة بالأمر , فقد يبذل أحدنا عمرهُ ليتفوق في دراسته أو عمله أو تعامله مع الناس , ولكن كل ما فعله أو يفعله , لن يمنحهُ إبتسامةَ عابرٍ في الطريق , لن يمنحه تلك النشوى التي سيستشعرها عندما يرى الإعجاب والمحبّة في عيون الآخرين , الآخرين الغُرباء الذين لا يعرفهم , ولم يقدم لهم شيئاً شخصياً يوماً ما.
.
.
يقول الكاتب الساخر الأمريكي مارك توين: آلاف من العباقرة عاشوا وماتوا دون أن يكتشفهم أحد أو دون أن يكتشفوا أنفسهم.
وتلكَ مسألة مرتبطة بهذا الموضوع , وأيضاً تستحقُ موضوعاً مُستقلاً .. كم عدد العباقرة والمميزين الذين عاشوا حياتهم وماتوا ولم يعرفهم أحد ؟ ولم يمنحهم أي عابرٍ مجهولٍ تلك الإبتسامة إيّاها؟ ......... أكاد أجزم بأن المميزين الذين لم ينالوا الشهرة أكثر من الذين نالوها , وأجزم أيضاً بأن الكثيرين من الذين إستمتعوا بتلك الشهرة لا يستحقونها مقارنةً بالذين ذهبوا بصمتٍ ولم يعلم عنهم أحد .. أحد الطرفين عاشَ وماتَ سعيداً , والطرف الآخر عاش ومضى تعيساً , والفرق كان بـ الشهرة , تلك الكلمة والحالة السحرية.
أمس شاهدتُ مُقابلةً تلفزيونيةً لنزار قبّاني (معاده), وكانَ ممّا قالَ فيها : أنا ربما أكون الشاعر العربي الوحيد الذي نالَ مجدهُ في حياته. .. وهوَ صادق , فأغلب الشعراء العرب , والمُبدعين إجمالاً نالوا مجدهم عندما رحلوا , بل أغلبهم عاشوا تُعساءاً, ولن أُبالغ إن قُلت بأنهم لو نالوا الشُهرة التي يستحقون في حياتهم , لأنقلبت تلك التعاسة لنعيمٍ وسعادة.
.
. وكالعادة , سيأتي أحد المثاليين ويقول : الشهرة لا تجلب السعادة , كما المال إلى آخرهِ من تلك الجُمل المُخدرات , وأرد وأقول : بل تجلبها وتجلبها .. وتجلبها...كم من موظفٍ يُعاني من مديرهِ , لم يكُن سيُعاني لو كانَ مشهوراً , فنظرة المُدير ستتغيَر , هذا إذا كان بحاجة الوظيفة بالمقام الأول , كم من عاشقٍ رفضته من يُحبها , كانت ستقبل بهِ لو كان مشهوراً , كم من فاشلٍ يرفضهً أهله , كانوا سيقبلونَ بهِ , بل وسيُصبح " الأغلى " لو كانَ مشهوراً , والكثير من الـ كم ــات التي لا تنتهي.
.
الشهرة جميلة , بل هي جنّة الأرض , لو كانت حياةُ أحدنا - وأغلبنا كذلك - مُملةً وهادئةً ونالَ الشهرة .. ستتحول تلكَ الحياة إلى إثارةٍ وسعادةٍ دائمة , ونسمع الكثيرين يقولون : أنا لا أُريد الشهرة , بل أهربُ منها , وتلك أيضاً جُملة تخديرية كاذبة , فحتى أولئك الذين أكتووا بنارِ الشُهرة وخسروا بسببها حُريتهم الشخصية , سيتمنون الموت في قرارة أنفُسهم على أن يخسروها وإن قالوا العكس , ولكن لأنها " كنز " لا يريدون أن يدلونا عليه , ولأنها سر السعادة الكبير لا يُريديون أن يشاركوننا بهِ.
.
.
سيمضي الكثيرون منّا دون أن يستوعبوا ذلك الأمر , ولن يستوعبوه دونَ أن يعيشوه , لذلك هُم أموات إلى إشعارٍ آخر , هُم - وأنا أوّلهم - ليسوا بأحياء , لذلك أُكرّر: أنتَ مشهور .. إذاَ أنتَ موجود ... وحَيّ.
تحيتي !
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة












