غياب علماء السعودية عن أحداث تونس
25-01-2011, 10:47 PM
علماءالسعودية ، وعبث التطفُّل
لم يعُد غريباً غياب علماء السعودية عن الحضور في مشاهد أحوال المسلمين العامة، و التي تخص شؤونهم الاجتماعية و السياسية، لأنهم ليسوا أهلاً لأن يُبدوا رأياً في تلك الأمور، بل لا يعرفون ما يحدث في العالَم الآخر، و الذي سيكون غريباً هو مدى تطفُّلِهم و تدخلهم و إقحامهم أنفسهم في أمور العوالم الأخرى، في شؤون دينها، و كأنهم أوصياء الله على الناس، فنجدهم في كل قضية تتعلق بالتوحيد، في نظرهم، و بالحجاب، على فهمهم، و بأمور أخرى هي غاية مبلغهم من العلم، و حسْب الإنسان أن يُحجم نفسَه عن إقحامها فيما لا شأن لها به، و هذا شأن الإنسان السوي، أما الإنسان اللا سوي فهو في كل زاوية، و في كل محفل، يُقحم نفسه بالغصْبِ، و يأتي من غير دعوة.
في أحد المؤتمرات في السعودية حضر جمع من المفتين من الدول العربية، و كان من أحد المفتين هنا أن ذهب إلى الفندق لمقابلة مفتي إحدى الدول الخليجية، فبدأ بوعظه و نُصحه، و أنه يجب عليه تصحيح عقيدته، و إلا فإنه عليه إثم أهل دولته. سكت المفتي الخليجي، و اتصل على حاكم دولته و أخبره بالقصة، فجرَت أمورٌ غير محمودة.
هنا تطفُّلٌ واضحٌ، أين هو الآن و في الأحداث الكثيرة الأخيرة. ؟!. أحداث تونس، كبلد إسلامي، كان يُنتظر من علماء السعودية حضوراً كبيراً وواضحاً، و هم المهتمون بأمور المسلمين كلهم، حتى الذين سيأتون بعد ألفِ قرن، فهم الشعب المختار، و الذي سيكون محتارا، و لكن للأسف لم يجد التونسيون من هؤلاء العلماء الجهابذة إلا أنهم يُدندنون بقضايا ملَّ منها الجيل الذي لم يُولد، و بسفاسف الأمور، والصغيرُ يُعظِّم المُحقَّرات، في خطبة المفتي نجده حاضراً بقوة في أحداث تونس، فكانت خطبته العصماء، التي ارتج لها إيوان كسرى، لو كان موجودا، و اهتزَّ لها البيت الأبيض، لو أرخى لها سمعه، تكلم فيها عن المرأة و بعض ما يتعلق بها، و لا ألومه، فهذه غاية معلوماته، ربما، و إخوانه مثلُه، فلا يُحسنون سوى هذه القضايا، التي لو نُزعت من رؤوسهم لتاهوا و ضاعوا، فليس لديهم سواها، و لكنني ألومه على أنه تكلم، و ليته إذا لم يُحسن التوقيت سكت عن الكلام، فلسنا بحاجة عن الكلام عن المرأة، التي تُهان بطرحهم، و التي أصبحت قضية ساخنة، و أصبحت سلعة يتداولونها في مجالسهم و مساجدهم، و لا يُمكن لهم يوماً أن يُعرِّجوا على قضية اجتماعية، أو أن يستمعوا إلى امرأة فقيرة لا تجد مالا تأكل منه عيشاً، و لا تجد تاجراً يمنحها رغيفاً، ولو ببيعها نفسها، لا يُمكنه أن يتكلم بمثل هذه القضايا لأنه لا يشعر بها، فهل كان العالم ينتظرُ منه بشوقٍ أن يتكلم بهذه القضية التي لم يعد يجهلها حتى ولدي ابن السنة و عشرة أشهر؟!.
لا عجب؛ فلا يتكلم أحد بشيءٍ إلا لسببين: إما أنه يُحبه، أو أنه موجوع منه، و على هذا يُقاس حال كل من تكلم في هذه الأحداث. حينما نرى المفتي، و غيره، ممن أروْنا انهزامهم، و أبدوا لنا فشلهم في معايشة و فهم الواقع، و خانوا أمانة الله التي ألقاها على العلماء، العلماء [!!!]، نؤمن يقينا أن هؤلاء ليسوا سوى مظاهر منسوبة للعلم، هم كأقراص تنقل المعلومات، فمنذ عهدناه من سنوات، و غيره، لا تجد تغيراً في طرحهم، و لا تجد لهم حضوراً مُشرفاً، إلا حضوراً يُصيبهم منه خيرٌ كثيرٌ، يملأ الخزائن، و يؤَمِّن المستقبل، و أنهم أصحاب دعاوي عريضة، تنبعث من رؤى مريضة، لا يُمكن أن تُشفَى يوماً، حتى يُنزع صنم الدنيا المعبود في القلوب.
عندما نتساءل عن هذا الغياب، من خلال الخطبة العُظمى، فإننا سنجد الأجوبة المخزية، التي نُدرك من خلالها أدب الله لنا حين قال " لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤكم" أي: أجوبتها.
الأسباب كثيرةٌ، منها: أن الشعب التونسي، و العربي كله، يعيش حالةً من الاستبداد و الظلم في معيشته، فلم يُكرَمْ و لم يُحترَم، و لم يُعظَّم كإنسان، أو كحيوان، و هذا ما لم يشعر به أمثال هذا الخطيب الأكبر، لأنه لم يجد للجوع يوماً أثراً، من قبل أن يولد، و لم يعرف معنى الفقر، فكان نموذجاً مكرراً لماري انطوانيت، زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر، حينما قيل لها: إن الشعب لا يجد الخبز. فقالت: ليأكل الكعك. فهي غائبة عن حال الشعب، و حينما غابت لم تدرِ معنى المشكلة، و هذه حالة كل إنسان يغيبُ عما حوله، فإنه سيتفوه بما يُخجل الشيطان.
لا يمكن أن يشعر بما يواجهه الشعب في كل بلد، لأنه مدفوعة له حياته بالكامل، فلا يجد هماً لحاجات البيت، فالأرصدة مليئة بعشرات الملايين، و السداد على قدم و ساق، و غير ما يأتي من هنا و هنا، و ليس هناك. لذلك فمن الطبيعي ألا نجد موقفاً مشرفاً.
في حادثة قديمة لما كتب أ. حسن المالكي كلاما عن الصحابة، طُولِبَ المفتي باتخاذ موقف، فكان جوابه لمن يأتيه، وهم يُحدثونني: اللجنة تدرسها. مرَّت أشهر و هذا جوابه. و لما أتوه بشأن كلام الأستاذ حسن بشأن دعوة جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، و كلامه عن كتاب " كشف الشبهات" قام غضبانا، و قال للكاتب: اكتب، و أملا ما أراد، لو لم يُسْكتُه الحاضرون، و قالوا له: لماذا لا تدرسه اللجنة؟!. فبُهتَ.
ومن الأسباب أيضاً، ربما، خوف الغضب و العتاب القبيح، الذي رُبما يُخسره الكثير، لذلك يلجأ إلى ما فيه السلامة، فالسلامة لا يُساويها شيءٌ. و أيضاً، وهذا احتمالُه كبيرٌ، أنه لا يُتقن الكلام في الموضوع، لأنه ليس أحداً مأمونَ النقل حوله، فربما كان المنقولُ مغلوطاً، و هذا الأكيد، فيتكلم بما يجعله يوماً في نوادر التاريخ.
البيان من غير، و في غير حدثِ الساعة، حرام، كما أن تأخير البيان مع الحاجة حرام عند علماء الشرع، إن البيان الحقِّ ألقته الشعوب كلها على الحكام، و لكن لما لمْ يعضُدها صوت المصلحين أهملها المسؤولون، فبقيَ الشعب يلعن حاله، و يسبُّ ساعة خلْقِه، طبعاً؛ لأن المصلحين و المسؤولين لا يشعرون بآلامه.
الشعوب لا تريد من يُزعجها بفتاوي الشريعة، و التي تُصرف عليها ملايين العُملات المالية، لأن الدين معلوم، و لكن حينما يمتلئ الإنسان فراغاً فكرياً، و لا يجد جديداً يُقدمه للناس، بل لا يريد الجديد، فإنه يُشغلهم بتَكرارِ القديم بآلاف الصور و الصِيَغ و الوسائل، حتى يحتفظ بالبساط، كما في فتوى أحدهم في تكفير المجيزين للاختلاط، و إن اعتذرَ أو اعتُذِرَ له، و بُيِّنَ عنه أنه يقصد و يقصد، في منتهى الاستخفاف بالعقول، ففتواه كانت مجردَ إعلاء لصراخٍ النائحة التي تنتظر موت زوجها، و إلا فقد ملَّ الناس تلك الصرَخاتِ، و أيضاً ذاك المنادي بقتل أصحاب القنواتِ السيئة، و لا أسوأَ من فتوى تَهزم قداسة الدين، و الآخرُ الفُدم الذي أرسلَ إلى رئيس فرنسا يُطالبه بحرية الحجاب، و يُهدده و يتوعده !!، و كأن بذاك الرئيس شربَ نَخبَ الموعظة على تلك الرسالة.
و أمثال لهذه المواقف التي تعطينا مدى الغياب لهؤلاء العلماء.إنَّ الرسالة التي تنتظرها الشعوب كلها، رسالةٌ مليئة بالعناية بهم، و باعتبارهم أناساً و بشراً لهم قيمتهم، فالشعوب تنتظرها صرخةً من قديم، وإعلاناً صريحاً في أقوى قناة إعلامية عربية، و لكن للأسف، حضر الطبيب بعد موت المريض، فصلَّى الله على الميت برحماته.
إن تأخر رسائل المصلحين، و غياب مواقف العلماء ديدن معروفٌ في السعودية، لأنه سيجعل الكثيرين منهم محل عتاب و لوم، كذا الذي في نُقطة تحولٍ له صرَّح بالملايين التي يملكها، و نراه بين الفينة و الأخرى يُخرج عورةَ انهزامه و سقوطه، و يتفوه بكلام يترفَّعُ عنه ملحد، كلاماً يخرج منه و كأنه لا يملك أي مبدأ، إن شددنا قلتم متشدد، و إن لِنَّا قلتم مميِّع. ماذا تريدوننا أن نفعل؟!. و هل هذه كلمة تخرج ممن يؤمن بأنه يحمل رسالة؟!. لا، و لكن ضياع الهوية، و إحراق الأضواء.
إن علماء السعودية إما أن يقفوا موقفاً يُشرِّفهم عند ربهم، و يُعذرون فيه عند الناس، و إلا فليزموا فتاويهم المكرورة، و ليتركوا الناس، فـ " من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، و ليتيقنوا أنهم ليس بذاك الحجم الذي أملاه عليهم غرورهم، فالناس تريد مواقف الرجال، لا لطائف ذوات الحِجال.
إن ما نتمناه من جميع الشعوب، بلا استثناء، ألا تمنح علماء السعودية حجماً أكبر من جحمهم، فهم لا يُجاوزون في تفكيرهم المدى الجغرافي الممتَّر، و ليس المُميَّل، و إنما عليهم أن يمنحوا قُواهم و حاجاتهم و قلوبهم، فهي التي تمنحهم التوجيه الصادق الصحيح، و تحياتي للعلماء الذي هم كـ : أ، و لا تحية للعلماء الذين هم كـ :
2011-01-20
بقلم عبدالله بن سليمان العُتَيِّق أحداث تونس، كبلد إسلامي، كان يُنتظر من علماء السعودية حضوراً كبيراً وواضحاً، و هم المهتمون بأمور المسلمين كلهم، حتى الذين سيأتون بعد ألفِ قرن، فهم الشعب المختار، و الذي سيكون محتارا، و لكن للأسف لم يجد التونسيون من هؤلاء العلماء الجهابذة إلا أنهم يُدندنون بقضايا ملَّ منها الجيل الذي لم يُولد، و بسفاسف الأمور، والصغيرُ يُعظِّم المُحقَّرات، في خطبة المفتي نجده حاضراً بقوة في أحداث تونس، فكانت خطبته العصماء، التي ارتج لها إيوان كسرى، لو كان موجودا، و اهتزَّ لها البيت الأبيض، لو أرخى لها سمعه، تكلم فيها عن المرأة و بعض ما يتعلق بها، و لا ألومه، فهذه غاية معلوماته، ربما، و إخوانه مثلُه، فلا يُحسنون سوى هذه القضايا، التي لو نُزعت من رؤوسهم لتاهوا و ضاعوا، فليس لديهم سواها، و لكنني ألومه على أنه تكلم، و ليته إذا لم يُحسن التوقيت سكت عن الكلام، فلسنا بحاجة عن الكلام عن المرأة، التي تُهان بطرحهم، و التي أصبحت قضية ساخنة، و أصبحت سلعة يتداولونها في مجالسهم و مساجدهم
لم يعُد غريباً غياب علماء السعودية عن الحضور في مشاهد أحوال المسلمين العامة، و التي تخص شؤونهم الاجتماعية و السياسية، لأنهم ليسوا أهلاً لأن يُبدوا رأياً في تلك الأمور، بل لا يعرفون ما يحدث في العالَم الآخر، و الذي سيكون غريباً هو مدى تطفُّلِهم و تدخلهم و إقحامهم أنفسهم في أمور العوالم الأخرى، في شؤون دينها، و كأنهم أوصياء الله على الناس، فنجدهم في كل قضية تتعلق بالتوحيد، في نظرهم، و بالحجاب، على فهمهم، و بأمور أخرى هي غاية مبلغهم من العلم، و حسْب الإنسان أن يُحجم نفسَه عن إقحامها فيما لا شأن لها به، و هذا شأن الإنسان السوي، أما الإنسان اللا سوي فهو في كل زاوية، و في كل محفل، يُقحم نفسه بالغصْبِ، و يأتي من غير دعوة.
في أحد المؤتمرات في السعودية حضر جمع من المفتين من الدول العربية، و كان من أحد المفتين هنا أن ذهب إلى الفندق لمقابلة مفتي إحدى الدول الخليجية، فبدأ بوعظه و نُصحه، و أنه يجب عليه تصحيح عقيدته، و إلا فإنه عليه إثم أهل دولته. سكت المفتي الخليجي، و اتصل على حاكم دولته و أخبره بالقصة، فجرَت أمورٌ غير محمودة.
هنا تطفُّلٌ واضحٌ، أين هو الآن و في الأحداث الكثيرة الأخيرة. ؟!. أحداث تونس، كبلد إسلامي، كان يُنتظر من علماء السعودية حضوراً كبيراً وواضحاً، و هم المهتمون بأمور المسلمين كلهم، حتى الذين سيأتون بعد ألفِ قرن، فهم الشعب المختار، و الذي سيكون محتارا، و لكن للأسف لم يجد التونسيون من هؤلاء العلماء الجهابذة إلا أنهم يُدندنون بقضايا ملَّ منها الجيل الذي لم يُولد، و بسفاسف الأمور، والصغيرُ يُعظِّم المُحقَّرات، في خطبة المفتي نجده حاضراً بقوة في أحداث تونس، فكانت خطبته العصماء، التي ارتج لها إيوان كسرى، لو كان موجودا، و اهتزَّ لها البيت الأبيض، لو أرخى لها سمعه، تكلم فيها عن المرأة و بعض ما يتعلق بها، و لا ألومه، فهذه غاية معلوماته، ربما، و إخوانه مثلُه، فلا يُحسنون سوى هذه القضايا، التي لو نُزعت من رؤوسهم لتاهوا و ضاعوا، فليس لديهم سواها، و لكنني ألومه على أنه تكلم، و ليته إذا لم يُحسن التوقيت سكت عن الكلام، فلسنا بحاجة عن الكلام عن المرأة، التي تُهان بطرحهم، و التي أصبحت قضية ساخنة، و أصبحت سلعة يتداولونها في مجالسهم و مساجدهم، و لا يُمكن لهم يوماً أن يُعرِّجوا على قضية اجتماعية، أو أن يستمعوا إلى امرأة فقيرة لا تجد مالا تأكل منه عيشاً، و لا تجد تاجراً يمنحها رغيفاً، ولو ببيعها نفسها، لا يُمكنه أن يتكلم بمثل هذه القضايا لأنه لا يشعر بها، فهل كان العالم ينتظرُ منه بشوقٍ أن يتكلم بهذه القضية التي لم يعد يجهلها حتى ولدي ابن السنة و عشرة أشهر؟!.
لا عجب؛ فلا يتكلم أحد بشيءٍ إلا لسببين: إما أنه يُحبه، أو أنه موجوع منه، و على هذا يُقاس حال كل من تكلم في هذه الأحداث. حينما نرى المفتي، و غيره، ممن أروْنا انهزامهم، و أبدوا لنا فشلهم في معايشة و فهم الواقع، و خانوا أمانة الله التي ألقاها على العلماء، العلماء [!!!]، نؤمن يقينا أن هؤلاء ليسوا سوى مظاهر منسوبة للعلم، هم كأقراص تنقل المعلومات، فمنذ عهدناه من سنوات، و غيره، لا تجد تغيراً في طرحهم، و لا تجد لهم حضوراً مُشرفاً، إلا حضوراً يُصيبهم منه خيرٌ كثيرٌ، يملأ الخزائن، و يؤَمِّن المستقبل، و أنهم أصحاب دعاوي عريضة، تنبعث من رؤى مريضة، لا يُمكن أن تُشفَى يوماً، حتى يُنزع صنم الدنيا المعبود في القلوب.
عندما نتساءل عن هذا الغياب، من خلال الخطبة العُظمى، فإننا سنجد الأجوبة المخزية، التي نُدرك من خلالها أدب الله لنا حين قال " لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤكم" أي: أجوبتها.
الأسباب كثيرةٌ، منها: أن الشعب التونسي، و العربي كله، يعيش حالةً من الاستبداد و الظلم في معيشته، فلم يُكرَمْ و لم يُحترَم، و لم يُعظَّم كإنسان، أو كحيوان، و هذا ما لم يشعر به أمثال هذا الخطيب الأكبر، لأنه لم يجد للجوع يوماً أثراً، من قبل أن يولد، و لم يعرف معنى الفقر، فكان نموذجاً مكرراً لماري انطوانيت، زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر، حينما قيل لها: إن الشعب لا يجد الخبز. فقالت: ليأكل الكعك. فهي غائبة عن حال الشعب، و حينما غابت لم تدرِ معنى المشكلة، و هذه حالة كل إنسان يغيبُ عما حوله، فإنه سيتفوه بما يُخجل الشيطان.
لا يمكن أن يشعر بما يواجهه الشعب في كل بلد، لأنه مدفوعة له حياته بالكامل، فلا يجد هماً لحاجات البيت، فالأرصدة مليئة بعشرات الملايين، و السداد على قدم و ساق، و غير ما يأتي من هنا و هنا، و ليس هناك. لذلك فمن الطبيعي ألا نجد موقفاً مشرفاً.
في حادثة قديمة لما كتب أ. حسن المالكي كلاما عن الصحابة، طُولِبَ المفتي باتخاذ موقف، فكان جوابه لمن يأتيه، وهم يُحدثونني: اللجنة تدرسها. مرَّت أشهر و هذا جوابه. و لما أتوه بشأن كلام الأستاذ حسن بشأن دعوة جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب، و كلامه عن كتاب " كشف الشبهات" قام غضبانا، و قال للكاتب: اكتب، و أملا ما أراد، لو لم يُسْكتُه الحاضرون، و قالوا له: لماذا لا تدرسه اللجنة؟!. فبُهتَ.
ومن الأسباب أيضاً، ربما، خوف الغضب و العتاب القبيح، الذي رُبما يُخسره الكثير، لذلك يلجأ إلى ما فيه السلامة، فالسلامة لا يُساويها شيءٌ. و أيضاً، وهذا احتمالُه كبيرٌ، أنه لا يُتقن الكلام في الموضوع، لأنه ليس أحداً مأمونَ النقل حوله، فربما كان المنقولُ مغلوطاً، و هذا الأكيد، فيتكلم بما يجعله يوماً في نوادر التاريخ.
البيان من غير، و في غير حدثِ الساعة، حرام، كما أن تأخير البيان مع الحاجة حرام عند علماء الشرع، إن البيان الحقِّ ألقته الشعوب كلها على الحكام، و لكن لما لمْ يعضُدها صوت المصلحين أهملها المسؤولون، فبقيَ الشعب يلعن حاله، و يسبُّ ساعة خلْقِه، طبعاً؛ لأن المصلحين و المسؤولين لا يشعرون بآلامه.
الشعوب لا تريد من يُزعجها بفتاوي الشريعة، و التي تُصرف عليها ملايين العُملات المالية، لأن الدين معلوم، و لكن حينما يمتلئ الإنسان فراغاً فكرياً، و لا يجد جديداً يُقدمه للناس، بل لا يريد الجديد، فإنه يُشغلهم بتَكرارِ القديم بآلاف الصور و الصِيَغ و الوسائل، حتى يحتفظ بالبساط، كما في فتوى أحدهم في تكفير المجيزين للاختلاط، و إن اعتذرَ أو اعتُذِرَ له، و بُيِّنَ عنه أنه يقصد و يقصد، في منتهى الاستخفاف بالعقول، ففتواه كانت مجردَ إعلاء لصراخٍ النائحة التي تنتظر موت زوجها، و إلا فقد ملَّ الناس تلك الصرَخاتِ، و أيضاً ذاك المنادي بقتل أصحاب القنواتِ السيئة، و لا أسوأَ من فتوى تَهزم قداسة الدين، و الآخرُ الفُدم الذي أرسلَ إلى رئيس فرنسا يُطالبه بحرية الحجاب، و يُهدده و يتوعده !!، و كأن بذاك الرئيس شربَ نَخبَ الموعظة على تلك الرسالة.
و أمثال لهذه المواقف التي تعطينا مدى الغياب لهؤلاء العلماء.إنَّ الرسالة التي تنتظرها الشعوب كلها، رسالةٌ مليئة بالعناية بهم، و باعتبارهم أناساً و بشراً لهم قيمتهم، فالشعوب تنتظرها صرخةً من قديم، وإعلاناً صريحاً في أقوى قناة إعلامية عربية، و لكن للأسف، حضر الطبيب بعد موت المريض، فصلَّى الله على الميت برحماته.
إن تأخر رسائل المصلحين، و غياب مواقف العلماء ديدن معروفٌ في السعودية، لأنه سيجعل الكثيرين منهم محل عتاب و لوم، كذا الذي في نُقطة تحولٍ له صرَّح بالملايين التي يملكها، و نراه بين الفينة و الأخرى يُخرج عورةَ انهزامه و سقوطه، و يتفوه بكلام يترفَّعُ عنه ملحد، كلاماً يخرج منه و كأنه لا يملك أي مبدأ، إن شددنا قلتم متشدد، و إن لِنَّا قلتم مميِّع. ماذا تريدوننا أن نفعل؟!. و هل هذه كلمة تخرج ممن يؤمن بأنه يحمل رسالة؟!. لا، و لكن ضياع الهوية، و إحراق الأضواء.
إن علماء السعودية إما أن يقفوا موقفاً يُشرِّفهم عند ربهم، و يُعذرون فيه عند الناس، و إلا فليزموا فتاويهم المكرورة، و ليتركوا الناس، فـ " من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، و ليتيقنوا أنهم ليس بذاك الحجم الذي أملاه عليهم غرورهم، فالناس تريد مواقف الرجال، لا لطائف ذوات الحِجال.
إن ما نتمناه من جميع الشعوب، بلا استثناء، ألا تمنح علماء السعودية حجماً أكبر من جحمهم، فهم لا يُجاوزون في تفكيرهم المدى الجغرافي الممتَّر، و ليس المُميَّل، و إنما عليهم أن يمنحوا قُواهم و حاجاتهم و قلوبهم، فهي التي تمنحهم التوجيه الصادق الصحيح، و تحياتي للعلماء الذي هم كـ : أ، و لا تحية للعلماء الذين هم كـ :
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة








