المستقبل لهذا الدين
16-05-2011, 08:11 PM
إن المستقبل لهذا الدين، ولكن ما هي معالم هذا المنهج الذي سيأخذ بيد المسلمين إلى مستقبلهم الزاهر، وتقدمهم الباهر، وانتصارهم القاهر لأعداء الله –بإذن الله-؟؟
أ- إنه منهج على أثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يدل على ذلك أمور:
الأول: أن مستقبل الإسلام يتحقق بإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ كما هو صريح في حديث حذيفة.
الثاني: أن الذي حقق مجد الإسلام هو الخلافة الراشدة التي جاءت بعد النبـوة، وكــانت علـى منهـج النــبوة -نفسه-.
الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بخلافة راشدة بعد النبوة وبخلافة راشدة على منهاج النبوة؛ فتبين: أن مستقبل الإسلام كماضي الإسلام انتصاراً وازدهاراً وانتشاراً.
الرابع: أن الذي حقّق الخلافة الراشدة بعد النبوة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، إذن فالذي يعيد الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هم من كانوا على منهج السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم.
الخامس: أن قتال اليهود في آخر الزمان لن يكون مع الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ولكن كيف صح الخطاب لهم بقوله صلى الله عليه وسلم -كما في حديث أبي هريرة وابن عمر-: «لتقاتلن اليهود»؟
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:
« «قولـه: تقاتلكم اليهود» جواز مخاطبة الشخص والمراد من هو منه بسبيل؛ لأن الخطاب كان للصحابة، والمراد من يأتي بعدهم بدهر طويل، ولكن لما كانوا مشتركين في أصل الإيمان ناسب أن يخاطبوا بذلك»([1]).
فتبين أن من يأتي ليحقق مستقبل الإسلام هم من كانوا على منهج الصحابة -رضي الله عنهم- حَسْبُ-.
ب- أنه منهج إصلاحي تربوي؛ يدل على ذلك أمور:
الأول: أن منهج الصحابة الذين حققوا الخلافة الراشدة بعد النبوة تربوي إصلاحي، إذاً؛ فمنهج الذين يحققون الخلافة الراشدة على منهاج النبوة إصلاحي تربوي.
الثاني: أن خطاب الحجر أو الشجر للجيل الذي يحقق الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يدل على أن منهجهم إصلاحي تربوي: يا مسلم يا عبدالله، ولن تتحق عبودية الله في النفس البشرية إلا بإصلاح وتربية.
الثالث: أن استخلاف المؤمنين والتمكين للدين في الأرض ثمرة للإصلاح والتربية كما جاء ذلك صريحاً في قولـه -تعالى-: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
وعد الله المؤمنين بالاستخلاف في الأرض، وبالتمكين لدينهم الذي ارتضى لهم فيها، وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناً . . . وهو وعد واقع ما له مـن دافـع، ووعد صادق غير مكذوب؛
لأنه وعد الله، ووعد الله حقّ، ولن يخــلف الله الميــعاد: {وَعَـدَ اللهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ}.
والاستخلاف وعد الله للعصبة المؤمنة في كل عصر؛ فهي سنة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً؛ {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.
وبداية الاستخلاف وآية فهمه: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}.
أمّا أنّ التّمكين بداية الاستخلاف؛ فإنَّ التمكين للدين في تصريف شؤون الحياة وتدبيرها والهيمنة عليها لا يتم إلا بتمكينه في القلوب، فإذا تمكن الدين في قلوب دعاته، وتغلغل في دقائق تصرفاتهم فاعلم عندئذ أن وعد الله قريب.
وأمّا أنَّ التمكين آية فهم الاستخلاف، فإنِّ الاستخلاف يكون لعمارة الأرض على منهج الله، والانتفاع بكل ما أودعه الله فيها من التوجُّه بكل ذلك إلى الله، فالمؤمنون عندما يتمكن الدين من نفوسهم قبل أرضهم أُمروا بالإصلاح والعدل، واستعلَوا على شهوات الأرض، وساروا بالبشرية خطوات ليحققوا منهج الله الذي أراد الله، ولذلك فهم ينشرون الأمن ويجتثون البغي والجور، فيكون مجتمعهم واحة أمن وأمان وسكينة وطمأنينة . . .
وهنا يبرز أثر العبودية لله من قبل الاستخلاف والتمكين وبعده في قول الله -سبحانه- في الآية نفسها تعليلاً للاستخلاف والتمكين والأمن: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً}، فهل تحقيق العبودية يكون بعد الاستخلاف والتمكين؟!
والجواب بلا خلاف: أن تحقيق العبودية سبب الاستخلاف والتمكين.
إن للاستخلاف والتمكين تكاليف في ذات النفس وفي واقع الحياة:
للاستخلاف والتمكين تكاليفه في عدم الزهو به والبطر، وفي عدم التراخي بعده، والتهاون في أمر الله.
إن كثيراً من النفوس قد تثبت على المحنة والبلاء؛ ولكن القليل هو الذي يثبت على التمكين والنعماء . . . أليس الابتلاء يكون بالضرّاء والسراء؟!
إنّ ثبات القلوب على الحقّ بعد التمكين منزلة فوق الاستخلاف والتَّمكين . . . فهي التي تحميه وتحرسه . . . وهذه هي الحقيقة التي نطق بها القرآن: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 40-41] .
إنه ثبات على المنهج بعد الاستخلاف والتمكين كما ثبتوا عليه من قبل، وهم يلاقون أشد أنواع الابتلاء على يد الكافرين([2]).
وبه يتبين أن العبودية سبب الاستخلاف والتمكين؛ فقد وصفهم الله بالإيمان والعمل الصالح قبل الاستخلاف والتمكين، وهي غاية الاستخلاف والتمكين التي وصفهم الله بها، فقال - تعالى-: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
وأظهر الله نبيه، ومكّن لدينه، فكانوا آمنين . . . لقد تحقق وعد الله مرة، وظل متحققاً وواقعاً ما قام المسلمون على شرط الله: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً}.
ثمّ غيّروا؛ فغيّر الله ما بهم: {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
إنَّ العبودية حقيقة ضخمة لا بد أن يحققها من يريد الوصول إلى حقيقة وعد الله، ولا بد أن يبحث عن مصداقها في الحياة الإسلامية، وهو يدرك شروطها، قبل أن يتشكك أو يرتاب أو يستبطئ وقوعها.
إنَّه ما من مرة سارت هذه الأمَّة على منهج الله ليكون الدين كله لله إلا تحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
وإذا كانت العبودية لله سبب استخلاف وتمكين جيل القدوة الأول محمد صلى الله عليه وسلم والذين معه؛ فهي سبب استخلاف وتمكين الطائفة المنصورة الذين هم على ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم والذين معه، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
لقد ظهر يقيناً -ورأينا عياناً- أن المنهج المؤهل لإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وتحقيق مستقبل الإسلام المنشود، وقطع دابر يهود، واستئصال شأفة كل عدو لدود هو منهج السلف الصالح -المعهود-:
الشيخ سليم بن عيد الهلالي
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) «فتح الباري» (6/610).
([2]) وانظر لزاماً كتابي «الثبات على الإسلام» (ص44-46)-دار المنار.
أ- إنه منهج على أثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يدل على ذلك أمور:
الأول: أن مستقبل الإسلام يتحقق بإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ كما هو صريح في حديث حذيفة.
الثاني: أن الذي حقق مجد الإسلام هو الخلافة الراشدة التي جاءت بعد النبـوة، وكــانت علـى منهـج النــبوة -نفسه-.
الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بخلافة راشدة بعد النبوة وبخلافة راشدة على منهاج النبوة؛ فتبين: أن مستقبل الإسلام كماضي الإسلام انتصاراً وازدهاراً وانتشاراً.
الرابع: أن الذي حقّق الخلافة الراشدة بعد النبوة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، إذن فالذي يعيد الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هم من كانوا على منهج السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم.
الخامس: أن قتال اليهود في آخر الزمان لن يكون مع الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ولكن كيف صح الخطاب لهم بقوله صلى الله عليه وسلم -كما في حديث أبي هريرة وابن عمر-: «لتقاتلن اليهود»؟
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:
« «قولـه: تقاتلكم اليهود» جواز مخاطبة الشخص والمراد من هو منه بسبيل؛ لأن الخطاب كان للصحابة، والمراد من يأتي بعدهم بدهر طويل، ولكن لما كانوا مشتركين في أصل الإيمان ناسب أن يخاطبوا بذلك»([1]).
فتبين أن من يأتي ليحقق مستقبل الإسلام هم من كانوا على منهج الصحابة -رضي الله عنهم- حَسْبُ-.
ب- أنه منهج إصلاحي تربوي؛ يدل على ذلك أمور:
الأول: أن منهج الصحابة الذين حققوا الخلافة الراشدة بعد النبوة تربوي إصلاحي، إذاً؛ فمنهج الذين يحققون الخلافة الراشدة على منهاج النبوة إصلاحي تربوي.
الثاني: أن خطاب الحجر أو الشجر للجيل الذي يحقق الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يدل على أن منهجهم إصلاحي تربوي: يا مسلم يا عبدالله، ولن تتحق عبودية الله في النفس البشرية إلا بإصلاح وتربية.
الثالث: أن استخلاف المؤمنين والتمكين للدين في الأرض ثمرة للإصلاح والتربية كما جاء ذلك صريحاً في قولـه -تعالى-: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
وعد الله المؤمنين بالاستخلاف في الأرض، وبالتمكين لدينهم الذي ارتضى لهم فيها، وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناً . . . وهو وعد واقع ما له مـن دافـع، ووعد صادق غير مكذوب؛
لأنه وعد الله، ووعد الله حقّ، ولن يخــلف الله الميــعاد: {وَعَـدَ اللهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ}.
والاستخلاف وعد الله للعصبة المؤمنة في كل عصر؛ فهي سنة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً؛ {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.
وبداية الاستخلاف وآية فهمه: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}.
أمّا أنّ التّمكين بداية الاستخلاف؛ فإنَّ التمكين للدين في تصريف شؤون الحياة وتدبيرها والهيمنة عليها لا يتم إلا بتمكينه في القلوب، فإذا تمكن الدين في قلوب دعاته، وتغلغل في دقائق تصرفاتهم فاعلم عندئذ أن وعد الله قريب.
وأمّا أنَّ التمكين آية فهم الاستخلاف، فإنِّ الاستخلاف يكون لعمارة الأرض على منهج الله، والانتفاع بكل ما أودعه الله فيها من التوجُّه بكل ذلك إلى الله، فالمؤمنون عندما يتمكن الدين من نفوسهم قبل أرضهم أُمروا بالإصلاح والعدل، واستعلَوا على شهوات الأرض، وساروا بالبشرية خطوات ليحققوا منهج الله الذي أراد الله، ولذلك فهم ينشرون الأمن ويجتثون البغي والجور، فيكون مجتمعهم واحة أمن وأمان وسكينة وطمأنينة . . .
وهنا يبرز أثر العبودية لله من قبل الاستخلاف والتمكين وبعده في قول الله -سبحانه- في الآية نفسها تعليلاً للاستخلاف والتمكين والأمن: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً}، فهل تحقيق العبودية يكون بعد الاستخلاف والتمكين؟!
والجواب بلا خلاف: أن تحقيق العبودية سبب الاستخلاف والتمكين.
إن للاستخلاف والتمكين تكاليف في ذات النفس وفي واقع الحياة:
للاستخلاف والتمكين تكاليفه في عدم الزهو به والبطر، وفي عدم التراخي بعده، والتهاون في أمر الله.
إن كثيراً من النفوس قد تثبت على المحنة والبلاء؛ ولكن القليل هو الذي يثبت على التمكين والنعماء . . . أليس الابتلاء يكون بالضرّاء والسراء؟!
إنّ ثبات القلوب على الحقّ بعد التمكين منزلة فوق الاستخلاف والتَّمكين . . . فهي التي تحميه وتحرسه . . . وهذه هي الحقيقة التي نطق بها القرآن: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 40-41] .
إنه ثبات على المنهج بعد الاستخلاف والتمكين كما ثبتوا عليه من قبل، وهم يلاقون أشد أنواع الابتلاء على يد الكافرين([2]).
وبه يتبين أن العبودية سبب الاستخلاف والتمكين؛ فقد وصفهم الله بالإيمان والعمل الصالح قبل الاستخلاف والتمكين، وهي غاية الاستخلاف والتمكين التي وصفهم الله بها، فقال - تعالى-: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
وأظهر الله نبيه، ومكّن لدينه، فكانوا آمنين . . . لقد تحقق وعد الله مرة، وظل متحققاً وواقعاً ما قام المسلمون على شرط الله: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً}.
ثمّ غيّروا؛ فغيّر الله ما بهم: {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
إنَّ العبودية حقيقة ضخمة لا بد أن يحققها من يريد الوصول إلى حقيقة وعد الله، ولا بد أن يبحث عن مصداقها في الحياة الإسلامية، وهو يدرك شروطها، قبل أن يتشكك أو يرتاب أو يستبطئ وقوعها.
إنَّه ما من مرة سارت هذه الأمَّة على منهج الله ليكون الدين كله لله إلا تحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
وإذا كانت العبودية لله سبب استخلاف وتمكين جيل القدوة الأول محمد صلى الله عليه وسلم والذين معه؛ فهي سبب استخلاف وتمكين الطائفة المنصورة الذين هم على ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم والذين معه، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
لقد ظهر يقيناً -ورأينا عياناً- أن المنهج المؤهل لإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وتحقيق مستقبل الإسلام المنشود، وقطع دابر يهود، واستئصال شأفة كل عدو لدود هو منهج السلف الصالح -المعهود-:
قد هيّؤوك لأمر لو فطنت له فاربأْ بنفسك أن ترعى مع الهمل......
الشيخ سليم بن عيد الهلالي
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) «فتح الباري» (6/610).
([2]) وانظر لزاماً كتابي «الثبات على الإسلام» (ص44-46)-دار المنار.











