الحرقة من الوطن إلى الوطن
09-12-2011, 07:01 PM
الحرقة من الوطن إلى الوطن
لطالما التصقت الحرقة بظواهر مشينة لأناس احترفوها أمام إشارات المرور الضوئية أو في الطوابير الطويلة المطلة على مراكز البريد أو غيرها من المقرات الرسمية وحينما تحاول تقويم الحراقة وتدعوهم بالحسنى لاحترام البقية , يتحججون بالمرض واستحالة الوقوف أو بأمورهم المستعجلة وقد داهمت عدوى الحرقة معاقل نخبنا المثقفة من الطلبة الجامعيين الذين يمتهن كثيرهم الحرقة في المطاعم وفي حافلات النقل الجامعي ويتعداها إلى خارج أسوار الحرم الجامعي كالحرقة في القطارات , أما الحرقة التي أخذت صيتا دوليا وجعلت الأصوات ترتفع على كلمة سواء هي التي تبنتها قوارب الموت ورعتها العصابات المتاجرة بأحلام الشباب ولأن الحرقة ولدت صغيرة , آمنة , غير مكلفة ومربحة حينما بدأت بسهولة الحصول على الفيزا أو سهولة التسلل إلى البواخر وسهولة الزواج و الحصول على الجنسية والعمل , انتهاء بالعودة إلى الديار بالسيارات الفارهة والهدايا الفاخرة , كل هذا جعل من الحرقة مشروع العمر والحج من كل فج إلى الموج , لمن استطاع إلى بلد الجن والملائكة و إلى مدينة الضباب وإلى بقية الضفاف سبيلا
وتناسى الكثيرون خاصة إعلامنا.. الحرقة من الوطن إلى الوطن لشباب آثروا بطون صحراءنا الرائعة على بطون الحيتان الجائعة فتحمَّلوا قساوة الطبيعة والمناخ ليصنعوا مستقبلهم هناك في هذا الوطن الحبيب ,
ومن الحرقة من الوطن إلى الوطن.. جزائريون فضلوا الاغتراب في الوطن فاختاروا ولايات غير ولاياتهم وقرى غير قراهم ليتاجروا وليستثمروا وليعمروا فهذا.. صاحب مطعم وهذا خياط وهذا صانع فخار وهذا صانع زلابية وغيرها من الحرف والمهن ,
ومن الحرقة من الوطن إلى الوطن.. قرى بأكملها تخلت عن سمائها ومائها صوْناً لأرواحها ودمائها فسكنت المدن هربا من مطحنة الموت ومكر الغادرين إبان العشرية الحمراء
ومن الحرقة من الوطن إلى الوطن.. أناس تعلموا لغة النجوم واختاروا الحدود إلى الحدود طريقا لئيما لهم وروَّضوا المسالك الوعرة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وتاجروا بالممنوع والوقود والمهلك للعقول من الحبوب.. فالسموم هرَّبوا و الإقتصاد خرَّبوا والجيوب نهبوا .
اللهمَّ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد عدد الكائنات، وملء الأرض والسموات.








