تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > أرشيف > منتدى المصطفى صلى الله عليه وسلم

> القول المسدد في الردّ على من أجازوا الإحتفال بمولد محمّد صلى الله عليه وسلم

 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
هل احتفل السلف بالمولد النبوي؟؟؟
16-03-2008, 09:34 AM
هل احتفل السلف بالمولد النبوي؟؟؟
أيها الأحبة:هذه كلمات لكبار العلماء على مر العصور السالفة تبين أن الأحتفال بالمولد ليس من هدي السلف الصالح وإنما هو أمر أُوحدث من بعدهم،ولو كان فيه خيراً لسبقونا أليه فهم أولى بكل خير ومكرمة،
وهم أحب وأتبع للهادي البشير عليه الصلاة والسلام.
ودونكم أقوال هؤلاء الجهابذة التي هي الفيصل في الحكم ببدعية هذا الأحتفال لأنهم لم يجدوا له مستند لا من الكتاب العزيز،ولا من السنة الشريفة،ولا من هدي القرون النيرة الفاضلة.
قال ابن تيمية-رحمه الله-في(اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)(295)
(( لم يفعله السلف الصالح مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-وتعظيماً له من وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمهِ في متابعتهِ وطاعته وأتباع أمره وأحياء سنته باطناً وظاهراً ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فان هذهِ هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان)).
وقال أيضاً في(الفتاوى المصرية)(1\312)
(( وأما أتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الابرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها)).
وقال العلامة عمر بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني في رسالته(المورد في الكلام على عمل المولد)
(( أما بعد فأنه تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الاول ويسمونه المولد هل له أصل في الشرع أو هو بدعة وحدث في الدين وقصدوا الجواب عن ذلك مبيناً والايضاح عنه معيناً فقلت وبالله التوفيق:
لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب الله ولا سنة رسول الله ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكين بآثار المتقدمين بل هو بدعة أحدثها البطالون وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون بدليل أنا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا أما ان يكون واجباً أو مندوباً أو مباحاً أو مكروهاً أو محرماً
فهو ليس بواجب إجماعاً ولا مندوب لان حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه وهذا لم يأذن فيه الشرع ولا فعله الصحابة ولا التابعون ولا العلماء المتدينون فيما علمت وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى أن عنه سُئلتُ،ولا جائز أن يكون مباحاً لان الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين فلم يبقى ألا أن يكون مكروهاً.....والمحتفلون به يرونه من العبادات لا من الأمور المنكرات المحرمات فأنا لله وإنا إليه راجعون
بدأ الاسلام غريباً وسيعود كما بدا ولله در القشيري حيث يقول:
قد عُرف المنكر واستنكر المعروف***في أيامنا الصعبة
وصار أهل العلم في وهدة***وصار أهل الجهل في رتبة
حادوا عن الحق فما للذي***ساروا به فيما مضى نسبة
فقلت للأبرار أهل التقى***والدين لما اشتدت الكربة
لا تنكروا أحوالكم قد أتت***نوبتكم في زمن الغربة
ولقد أحسن الإمام أبو عمرو بن العلاء حيث يقول:
لايزال الناس بخير ما تُعجب من العجب،هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه)).
وقال أبو عبدالله محمد الحفار كما نقله العلامة أحمد بن يحيى الونشريسي في كتابه(المعيار المعرب والجامع المُغَرب من فتاوى علماء افريقية والأندلس والمغرب)(7\99)
(( ليلة المولد لم يكن السلف الصالح وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُعَظمُ الا بالوجه الذي شرع به تعظيمه وتعظيمهُ من أعظم القرب الى الله لكن يتقرب الى الله جل جلاله بما شرع،والدليل على أن السلف لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها فقيل إنه صلى الله عليه وسلم ولد في رمضان وقيل في ربيع الأول واختلف في أي يوم ولد فيه على أربعة أقوال،فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلق صلى الله عليه وسلم لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها أختلاف ولكن لم تشرع فيها عبادة وحدث الأختلاف)).
قال الشيخ محمد عبد السلام خضر الشقيري في كتابه(السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات)(138-139)في الفصل الذي عقده لشهر ربيع الأول وبدعة المولد فيه.
(( لا يختص هذا الشهر بصلاة ولا بذكر ولا بعبادة ولا نفقة ولا صدقة ولا هو موسم من مواسم الأسلام كالجمع والأعياد التي رسمها لنا الشارع صلوات الله وتسليماته عليه وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين ففي هذا الشهر ولد صلى الله عليه وسلم وفيه توفي فلماذا يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته فأتخاذ مولده موسماً والأحتفال به بدعة منكرة ضلالة لم يرد بها شرع ولا عقل ولو كان في هذا خير كيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون وتابعوهم والأئمة وأتباعهم رحمهم الله جميعاً.
فلا شك أنه ما أحدثهُ ألا المتصوفون الأكالون البطالون أصحاب البدع وتبع الناس بعضهم بعضاً فيه ألا من عصمه الله ووفقه لفهم حقائق دين الإسلام )).
قال الحافظ بن حجر في فتواه في عمل المولد التي ساقها السيوطي في كتابه(حسن المقصد في عمل المولد)
(( أصل عمل المولد بدعة لم ينقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة )).
وقال السخاوي في فتاويه
(( عمل المولد الشريف لم ينقل عن إحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد )).
وقال الشيخ نصير الدين المبارك الشهير بأن الطباخ في فتوى بخطه
(( ليس هذا - أي عمل المولد - من السنن )).
أيها الأحبة:بهذه النقول يتضح أن السلف الصالح لم يحتفلوا بالمولد بأي شكل من أشكال الأحتفال التي تنوعت وتعددت وغيرت أسمائها والمقصد واحد،بل تركوه وما تركوه لا يمكن أن يكون تركهم إياه ألا لكونه لا خير فيه،
وقد أوضح ذلك أبن الحاج في كتابه(المدخل)(4\278) فقال:
(( ماحدث بعد السلف رضي الله عنهم لا يخلو إما أن يكونوا علموه وعلموا أنه موافق للشريعة ولم يعملوا به ومعاذ الله أن يكون ذلك إذا إنه يلزم منهُ تنقيصهم وتفضيل من بعدهم عليهم ومعلوم أنهم أكمل الناس في كل شيء وأشدهم إتباعاً .
وأما أن يكونوا علموه وتركوا العمل به ولم يتركوه ألا لموجب أوجب تركه فكيف يمكن فعله هذا مما لا يتعلل.
وإما أن يكونوا لم يعلموه فيكون من ادعى علمه بعدهم أعلم منهم وأفضل وأعرف بوجوه البر وأحرص عليها ولو كان ذلك خيراً لعلموه ولظهر لهم ومعلوم أنهم أعقل الناس وأعلمهم،وقد قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: (عقول الناس على قدر أزمنتهم) ولأجل هذا المعنى لم يكن عندهم إشكال في الدين ولا في الأعتقادات لوفور عقولهم وإنما حدثت الشبه بعدهم لما خالطت العجمة الألسن فلنقصان عقول من بعدهم عن عقولهم وقع ما وقع)).
ما أدق هذا الكلام وأثبته وأبينه جزى المولى قائله خير الجزاء،وهو فيه دليل على أن ما تركه السلف الصالح لا بد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تركه وتركهُ سنة،كما أن فعله سنة،فمن استحب فعل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم كان كمن استحب ترك ما فعله ولا فرق،كما بين ذلك
العلامة ابن القيم في كتابه(إعلام الموقعين)(2\390-391)
(( فأن قيل من أين لكم أنه لم يفعله-المولد-وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم،فهذا سؤال بعيد جداً عن معرفة هديه وسنته وما كان عليه ولو صح هذا السؤال وقُبل لأستحب لنا مستحب الأذان للتراويح وقال من أين لكم أنه لم ينقل واستحب،واستحب لنا مستحب آخر الغسل لكل صلاة وقال من أين لكم أنه لم ينقل،واستحب لنا مستحب آخر النداء بعد الذان للصلاة بيرحمكم الله ورفع بها صوته وقال من أين لكم أنه لم ينقل،واستحب لنا مستحب آخر لبس السواد والطرحة للخطيب وخروجه بالشاويش بين يديه ورفع المؤذنين أصواتهم كلما ذكر الله واسم الرسول جماعة وفرادى وقال من أين لكم أن هذا لم ينقل،واستحب لنا آخر صلاة ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب وقال من أين لكم أن أحياءها لم ينقل،وانفتح باب البدعة وقال كل من دعا إلى بدعة من أين لكم أن هذا لم ينقل ومن هذا تركه أخذ الزكاة من الخضراوات والمباطخ وهم يزرعونها بجواره بالمدينة كل سنة فلا يطالبهم بزكاة ولا هم يؤدونها إليه)).
إذاً كما قال العلامة الجليل ابن باز رحمه الله رحمة واسعة:
(( أن السلف الصالح الذين هم أعلم الناس بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكملهم حباً له ومتابعة لشرعهِ لم يحتفلوا بذلك اليوم ولم يدعوا إلى الأحتفال به وأنما أحدث الاحتفال به بعدهم وفي ذلك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل به ولم يَدعُ إلى الاحتفال به.
-ثم بين الشيخ ونبه على أمرين هامين هما:-
أحدهما:أن الاحتفال بذلك اليوم لا يحقق المراد من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنما يحققه أتباعه وطاعته.
الثاني:أن كثرة المحتفلين به وكثرة الدعاة إلى الاحتفال به لا تدل على أن الاحتفال به حق فإن كثرة المرتكبين الشيء وكثرة الدعاة إليه لا تدلان على كونهِ حقاً وإنما يدل على كونه حقاً الأدلة الشرعية)).

  • ملف العضو
  • معلومات
diego
زائر
  • المشاركات : n/a
diego
زائر
رد: هل احتفل السلف بالمولد النبوي؟؟؟
16-03-2008, 09:41 AM
يا اخي انك جعلت من الموضوع موضوع الساعة عندي لك سؤال هااحتفل السلف بعيد الام و عيد المراة و عيد الشجرة و عيد الطماطم و الفرولة و عيد المعوق و غيد العلم هل عيد العلم و كل هذه الاعياد من البدع مع العلم ان اعياد مطنية ولاكن هذا لا يمنع من انها اعيد و لم تكن موجودة قديما
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
فتوى ( الشيخ ربيع ) في استدلالهم على أن ( المولد ) سنة حسنة !
16-03-2008, 12:54 PM
السؤال : يستدل كثير من الناس خاصة في بعض بلدان ( شمال إفريقية ) على بدعة ( المولد ) بقول النبي - صلى الله عليه و سلم - : ( من سن في الإسلام سنة حسنة ... الحديث ) ، فكيف يرد عليهم ؟

الجواب : الرد عليهم أن يقال لهم :

أولاً : لابد أن يعرفوا سبب ورود هذا الحديث ؛ وهو أن قومًا من مضر جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مجتابي النمار - يعني : عليهم ثيابًا غليظة ، وهي الشملات التي تعرفونها شبكوها ثم لبسوها هكذا – لفقرهم وشدة فاقتهم ؛ فلمّا رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - رق لحالهم ، فأمر بلالاً فأذن فأقيمت الصلاة وصلى ثم قام خطيبًا ، وحث الناس على الصدقة ، وقال : ( تصدق رجل بدرهمه ، وتصدق رجل بديناره ، وتصدق رجل ببر شعيره ) ... إلخ ، فتأخروا قليلاً .

فجاء رجل من الأنصار بكيس كبير من المال ، فتسارع الناس وتسابقوا حتى جمعوا كومًا كبيرًا من الصدقة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك : ( من سن سنة حسنة ؛ فإن له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن سنة سيئة ؛ كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) .

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - حث على الصدقة ، والصدقة مشروعة .

هذا الرجل سن لهم السبق في هذه اللحظة الحرجة ، فأنت إذا سبقت إلى عمل قد غفل عنه الناس تكون قد سننت لهم سنة حسنة ، أما أن تخترع في دين الله شيئًا لا يوجد فهذا هو الضلال ، وهذه هي البدع التي قال فيها النبي - صلى الله عليه و سلم - : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) .

وقال الله عز وجل في ذلك : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ . سورة الشورى ، ( الآية : 21 ) .

لو كان هذا خيرًا لسبقنا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة ولا يفوتهم ذلك - والله - ، فقد عرفوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحبوه أكثر منا ، ونحن للأسف لا يعرفه الكثير منّا إلا في هذا ( المولد ) – إلاّ ما شاء الله – .

أما الصحابة - رضي الله عنهم - فيعرفونه في كل لحظة ويبذلون مهجهم وأموالهم لنصرة دين الله عز وجل وإعلاء كلمة الله ، وبرهنوا على حبّهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإيمانهم به وحبه واتباعه ، وبذلهم مهجهم وأموالهم في نصرة دينه .

أما الآن ؛ فهؤلاء يتأكلون بالدين ويقولون نحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقيمون هذه ( الموالد ) لأن فيها أكلاً لأموال الناس بالباطل ، ويرتكبون فيها الشرك والخرافات والضلالات ، فهل هذه من دين الله !؟

وهل يحمد من سنها !؟

علمًا بأن الذي سنها هم ( الباطنيون ) أعداء الله ورسوله ، وأعداء دين الإسلام بل عداوتهم أشد من عداوة اليهود والنصارى للإسلام ، جاءوا بهذه البدعة الخبيثة التي ينافح عنها أناس يزعمون أنهم من أهل السنة ! وهم من أهل الضلال ، ومن أذناب هؤلاء ( الباطنية ) مع الأسف الشديد .

  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
المولدُ النَّبويُّ بين الاتّباع والابْتداع للشيخ الفاضل الدكتور كمال قالمي
16-03-2008, 12:56 PM
المولدُ النَّبويُّ بين الاتّباع والابْتداع للشيخ الفاضل الدكتور كمال قالمي الجزائرى
المولدُ النَّبويُّ

بين الاتّباع والابْتداع





بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا. من يهدِه الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبدُه ورسوله، صلّى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
أمَّا بعد، فقد ابْتُلِيت الأمَّة الإسلامية منذ دهر طويل بأنواع كثيرة من البدع والمحدثات في الاعتقادات، والأعمال، والأقوال، والمناهج، كانت سببًا في تفرُّقها وضعفها وتشتُّتها أحزابًا وشيعًا، قال الله تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53].
وقد تضافرتْ نصوصُ الكتاب والسنَّة وآثار سلف الأمَّة في النَّهي عن البدع والتَّحذير منها، من ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153] فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خطَّ رسول الله رسول خطًّا بيده، ثمَّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيمًا»، قال: ثم خطَّ عن يمينه وشماله، ثم قال: «هَذِهِ السُّبُلُ لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إلاَّ عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثم قرأ هذه الآية ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ﴾[1].
قال الإمام ابنُ الماجشون رحمه الله: سمعت مالكًا يقول: «من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنةً، فقد زعم أنَّ محمَّدًا خان الرِّسالة؛ لأن الله يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا»[2].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»[3].
وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَملَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: «وهذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أنَّ حديث «الأعمال بالنّيّات» ميزانٌ للأعمال في باطنها، فكما أنّ كلَّ عمل لا يُراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كلّ عمل لا يكون عليه أمرُ الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكلّ من أحدث في الدِّين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدِّين في شيء»[4].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقول: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[5].
قال الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ رحمه الله: «قوله: «كلَّ بدعة ضلالة» قاعدة شرعيَّة كليَّة بمنطوقها ومفهومها، أمَّا منطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة، فلا تكن من الشَّرع؛ لأنّ الشَّرعَ كلَّه هدى، فإن ثبت أنَّ الحكم المذكور بدعة صحَّت المقدِّمتان، وأنتجتا المطلوب» اهـ[6].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ، وَكُلُّ بدعة ضلالة»[7].
والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة، يطول المقام بذكرها.
واعلم ـ أخي القارئ ـ أنَّ من جملة المحدثات التي افْتُتِنَ بها المسلمون ـ قديمًا وحديثًا ـ الاحتفال بالمولد النبويِّ واتخاذه عيدًا يعود عليهم كلَّ سنة ليلة الثَّاني عشر من شهر ربيع الأوّل.
والأدلة على بدعيَّة هذا العمل كثيرة نُجمل بعضها فيما يلي:
1 ـ أنَّه لم يرد في الكتاب ولا في السُّنَّة.
قال العلَّامة تاج الدِّين الفاكهانيّ المالكيُّ (ت 734هـ) رحمه الله: «فقد تكرَّر سؤالُ جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعضُ النَّاس في شهر ربيع الأوَّل، ويسمُّونه المولد، هل له أصل في الشَّرع، أو بدعة وحَدَثٌ في الدِّين؟ وقصدوا الجواب عن ذلك مُبيَّنًا، والإيضاح عنه معيَّنًا.
فقلتُ وبالله التَّوفيق: لا أعلمُ لهذا المولدِ أصلاً في كتابٍ ولا سنَّةٍ، ولا يُنقلُ عملُه عن أحدٍ من علماءِ الأمَّة الَّذين همُ القدوةُ في الدِّين المتمسِّكون بآثار المتقدِّمين، بل هو بدعةٌ أحدثها البطَّالونَ، وشهوةُ نفسٍ اعتنى بها الأكَّالون»[8].
ولا شكَّ أنَّ مولد سيِّد الأنبياء والمرسلين نعمةٌ كبرى ومنَّةٌ عظمى، تفضَّل اللهُ تعالى به على الإنس والجنِّ، ومع ذلك لم ترد الإشارةُ إليه في كتاب الله، وإنَّمَا جاء الامتنان ببعثته صلى الله عليه وسلم لا بمولده كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ[آل عمران: 164]، وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ[الجمعة:2]، ومنه قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [الرعد: 30]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأمَّا ما ورد في السُّنَّة في شأنِ يومِ الاثنين ـ وهو يوم ولادته صلى الله عليه وسلم ـ، فإنَّما شُرع فيه الصِّيامُ لا غير، فعن أبي قتادة الأنصاريِّ رضي الله عنه سُئل عن صوم الاثنين؟ فقال: «فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَليَّ» وفي رواية: «وَيَوْمٌ بُعثتُ فِيهِ»[9].
فوافقَ يومُ الاثنين يومَ مبعثِه أيضًا، وهو يوم وفاته، كما سبق.
وهنا إشكالٌ يَرِدُ على أصحاب المولد في حالةِ ما إذا وافق يومُ المولدِ يومَ الاثنين، فقد جاء في «مواهب الجليل»: «قال الشَّيخ زرُّوق: في شرح القرطبيَّة: صيامُ يومِ المولدِ كَرِهه بعضُ مَنْ قَرُب عصرُه مِمَّن صحَّ علمُه وورعُه، وقال: إنَّه من أعيادِ المسلمين فينبغي أن لا يُصامَ فيه»[10].
فخالفوا الهديَ النَّبويّ الكريم من وجهين:
الأوّل: أنَّهم شرعوا عيدًا لم يأذن به اللهُ ولا رسولُه، إذْ لا يُعرفُ في الإسلامِ من الأعيادِ السَّنويّةِ إلاَّ عيدَيْن: عيد الأضحى وعيد الفطر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المدِينةَ ولهمْ يَومَانِ يَلعَبُونَ فيهما، فقال: «مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ؟»، قالوا: كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّة، فقال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْم الأَضْحَى وَيَوْم الفِطْرِ»[11].
والوجه الثَّاني: أنَّهم كَرهُوا صِيامَ يومِ الاثنين، وقد صامَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ورغَّب في صومِه.
فأينَ صِدقُ محبَّتهم لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم الَّذي ثمرتُه الاتباع والاقتداء؟!
2 ـ وأنَّه لم يعملْ به أحدٌ من الخلفاء الرَّاشدين والصَّحابةِ والتَّابعين لهم بإحسان، المشهودِ لهم بالخيريَّة، على لسانِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قولِه: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»[12].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إنَّ هذا ـ أي اتخاذ المولد عيدًا ـ لم يفعلْه السَّلفُ مع قيامِ المقتَضِي له، وعَدمِ المانعِ منه»، قال: «ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السَّلفُ رضي الله عنهم أحقَّ به منَّا، فإنَّهم كانوا أشدَّ محبَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منَّا، وهم على الخير أحرصُ»[13].
ولما أراد الفاروق عمر رضي الله عنه أن يضع للمسلمين تاريخًا استشارَ في ذلك الصَّحابة رضي الله عنهم ، فاتَّفقتْ كلمتُهم على جعلِه من يومِ هجرتِه صلى الله عليه وسلم من مكَّة إلى المدينة.
فعن سَهلِ بن سَعْدٍ رضي الله عنه قال: «ما عَدُّوا من مبعثِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، ما عَدُّوا إلاَّ من مَقْدَمِه المدينةَ»[14].
وعن سَعيدِ بنِ المسيِّبِ قال: «جمع عُمَرُ النَّاسَ فسألهم من أيِّ يوم يُكتبُ التَّاريخُ؟ فقال عليٌّ: مِنْ يومِ هاجرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وتركَ أرضَ الشِّرك، ففعلَه عمرُ رضي الله عنه »[15].
قال الحافظُ ابن حَجر: «وقد أبدى بعضُهم للبَدَاءة بالهجرةِ مناسبةً، فقال: كانتْ القضايا التي اتَّفقتْ له ويُمكنُ أن يؤرَّخ بها أربعةٌ: مولدُه، ومبعثُه، وهجرتُه، ووفاتُه؛ فرجَحَ عندهُم جعلُها مِنَ الهجرةِ؛ لأنَّ المولدَ والمبعثَ لا يخلُو واحدٌ منهما من النِّزاع في تعيين السَّنةِ، وأمَّا وقتُ الوفاةِ فأعرضُوا عَنه لِمَا تُوُقِّعَ بذكرِه من الأسفِ عَليه، فانحصرَ في الهجرةِ»[16].
فأنت ترى ـ أخي القارئ ـ أنَّ الصَّحابة الكرام ـ رضوانُ الله عليهم ـ اتَّفقوا على وضْعِ التَّاريخ الإسلامي ابتداءً من تاريخِ الهجرة ، ومع ذلك لم يُنقل عنهم ولا عمَّن بعدَهم من أهل القُرون المفضَّلة أنَّهم اتَّخذوا ذلك الحَدَث الجَلَل عيدًا يحتفلُون به على رأسِ كلِّ سنةٍ، وإنَّما ابتدع الاحتفالَ به الرَّوافضُ من الخُلفاءِ الفاطميِّين في أواخرِ القرنِ الرَّابع الهجريِّ ـ بعد انقراضِ القرون الخيريَّة ـ قال العلَّامة المقريزيُّ رحمه الله: «وكان للخلفَاء الفاطميِّين في طول السَّنة أعيادٌ ومواسم، وهي: موسمُ رأس السَّنة، وموسم أوَّل العام، ويومُ عاشوراء، ومولدُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومولدُ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ومولدُ الحسن، ومولدُ الحسين، ومولدُ فاطمة الزَّهراء، ومولدُ الخليفة الحاضر...» إلخ أعيادهم البدعيَّة[17].
فأحدث الرَّافضة ـ قبَّحهم الله ـ هذه الأعيادَ التي منها: الاحتفال برأس السَّنة اقتداءً باليهود، والاحتفال بالمولد النَّبويِّ اقتداءً بالنَّصارى، وقد كانت عادتُهم عند الاحتفال بالمولد «أن يُعمل في دار الفطرة عشرون قنطارًا من السُّكر الفائقِ حلوى من طرائفِ الأصنافِ وتُعبَّى في ثلاثمائة صِينِيَّة نُحاس، فإذا كانَ ليلةُ ذلك المولد تُفرَّق في أربابِ الرُّسوم كقاضي القضاة وداعي الدُّعاة وقُرَّاء الحضرة والخطباء والمتصدِّرين بالجوامع بالقاهرة ومصر وقَوَمَةِ المشاهد وغيرهم ممَّن له اسمٌ ثابت بالدِّيوان»[18].
وعنهم تلقَّفها أبو حفص عمر بن محمَّد بن خضر الإِرْبِليّ الموصليّ نزيل دمشق المعروف بالملاّء أحد الصُّوفيَّة (ت570)[19] وبه اقتدى صاحب إِرْبِل (وهي مدينة كبيرة في الموصل بالعراق) الأمير المظفَّر أبو سعيد كُوكُبُريّ بن زين الدِّين علي بن بُكْتِكين التُّركمانيّ (ت630هـ)[20].
وقد كان صاحبُ إرْبِلَ هذا مُسرفًا مبالغًا غاليًا في عمل المولد، حُكي عنه أنَّه كانَ يعملُ المولدَ في خمسة أيَّام من اليومِ الثَّامن إلى اليوم الثَّاني عشرَ من شهر ربيع الأوَّل؛ لأجل الخلافِ في مولدِه صلى الله عليه وسلم!! وقال الحافظ ابن كثير: «قد صنَّف الشَّيخُ أبو الخطَّاب بنُ دِحْية له مجلَّدًا في المولد النَّبويِّ سمَّاه «التَّنْوير في مولد السِّراج المنير»، فأجازه على ذلك بألف دينار»[21].
ويقول سبط ابن الجوزيِّ في «مرآة الزَّمان»: «حكى بعضُ من حضَر سِماط المظَفَّر الموالدَ أنَّه مدَّ في ذلك السِّماط خمسة آلاف رأس شَوِيٍّ! وعشرة آلاف دجاجةٍ! ومائة ألفِ زَبَدِيَّة، وثلاثينَ ألفَ صحنِ حَلْوى، قال: وكان يحضُرُ عنده في المولد أعيانُ العلماء والصُّوفيَّة، فيخلعُ عليهم، ويُطلقُ لهم، ويعمل للصُّوفيَّة سماعًا من الظُّهر إلى الفجر، ويرقُصُ معهم بنفسه!!...»[22].
ولا يزال هذا الاحتفال قائمًا إلى يومنا هذا في كثير من المجتمعات الإسلاميَّة حتَّى آل الأمرُ إلى تعطيلِ الأعمالِ والمدارسِ والدَّوائرِ الحكوميَّةِ باعتبارِه عيدًا شرعيًّا، على اختلافٍ بينهُم في طريقةِ إحيائه، وتنوُّعِ أساليبهم في ذلك، والله المستعان.
3 ـ ومما يؤيِّدُ عدمَ شرعيَّة الاحتفال بيوم المولدِ هو اختلافُ أهلِ السِّيَر والتَّواريخ في تعيين شهرِ وليلةِ ولادتِه صلى الله عليه وسلم على أقوالٍ كثيرةٍ[23].
وعلى القول المشهور أنَّ ولادته صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ربيع الأوّل ليلةَ ثِنتي عشرة، يقابلُه أنَّ وفاتَه صلى الله عليه وسلم كانت في ذلك الشَّهر وفي تلكَ اللَّيلة، ولا شكَّ أنَّ وفاتَه صلى الله عليه وسلم كانت أعظمَ المصائب على وجهِ الأرض، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ـ أَوْ مِنَ المُؤْمِنِينَ ـ أُصِيبَ بمُصيبَة فلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ المُصِيبَةِ الَّتي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي»[24].
قال الفاكهانيُّ: «هذا مع أنَّ الشَّهر الذي وُلد فيه صلى الله عليه وسلم ـ وهو ربيع الأوَّل ـ هو بعينِه الشَّهر الذي تُوفي فيه، فليس الفرحُ بأولى من الحزن فيه».
قال ابنُ الحاج: «العجبُ العجيبُ كيفَ يعملون المولدَ بالمغاني والفرح والسّرور ـ كما تقدَّم ـ لأجل مولدِهِ صلى الله عليه وسلم في هذا الشَّهر الكريم، وهو صلى الله عليه وسلم فيه انتقل إلى كرامة ربِّه عزَّ وجلَّ وفُجِعتْ الأمة وأُصيبتْ بمُصابٍ عظيمٍ لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا، فعلى هذا كان يتعيَّن البكاءُ والحزنُ الكثيرُ، وانفراد كلّ إنسانٍ بنفسِه لما أصيب به، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليعزَّى المُسْلِمُونَ فِي مَصَائِبِهِمْ المُصِيبَة بِي» اهـ[25].
4 ـ أنَّ أكثر ما يُقصد من الاحتفال بالمولد هو إحياءُ الذِّكرى ـ كما يقولُون ـ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى في حقّه: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾، فلا يُذكَرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلاَّ ذُكر معه صلى الله عليه وسلم في التَّشهدِ، والأذانِ، والصَّلواتِ، والخطبِ وغيرِ ذلك، روى ابن جرير الطَّبريُّ عن قتادةَ في تفسير هذه الآية أنَّه قال: «رَفع اللهُ ذكرَه في الدّنيا والآخرة، فليس خطيبٌ ولا متشهِّدٌ، ولا صاحبُ صلاةٍ إلاَّ ينادي بها: أشهدُ أن لا إله إلاَّ الله وأشهدُ أنَّ محمّدًا رسولُ الله»[26].
وما أجملَ شعرَ حسَّان بن ثابت رضي الله عنه مادحًا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:
أغرُّ عليه للنّبوة خاتَم مِنَ الله من نُورٍ يلوحُ ويشهدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النّبيِّ إلى اسْمِه إذا قال في الخَمْس المؤذِّنُ: أشهدُ
وشقَّ لهُ من اسمه ليُجلَّه فذُو العرْشِ محمودٌ وهذا محمَّدُ
فإذا كان صلى الله عليه وسلم يذكرُ في هذه المواطن الكثيرة على مدار الأيَّامِ والشُّهور، فما فائدةُ تخصيصِ ليلةٍ أو لياليَ معدودةٍ من ثلاثمائةٍ وستِّين يومٍ وليلةٍ بذكرهِ والاحتفالِ به، أليسَ في هذا جفاءٌ في حقِّه وبخلٌ في ذكرِه، فأين دعوى محبَّتِه صلى الله عليه وسلم وتعظيمِه؟!
5 ـ أنَّ في الاحتفالِ بالمولدِ مضاهاةً ومشابهةً لأهل الكتاب في أعيادِهم، كعيدِ ميلادِ المسيحِ عيسى ابن مريم ـ عليه السَّلام ـ عند النَّصارى.
وقد أُمِرْنا بمخالفتهم، ونُهِينا عن تقليدهم والتَّشبهِ بهم ، فعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قُلْنَا: يَا رسولَ الله، اليهود والنَّصارى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟!»[27].
وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَشَبَّه بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[28].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «فيه دلالةٌ على النَّهي الشَّديدِ والتَّهديدِ والوعيدِ على التَّشبه بالكفَّار في أقوالهم وأفعالهم ولباسِهم وأعيادِهم وعباداتِهم وغيرِ ذلك من أمورِهم الَّتي لم تُشْرع لنا ولا نُقَرُّ عليها»[29].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وهذا الحديثُ أقلُّ أحوالِه أن يقتضيَ تحريمَ التَّشبهِ بهم، وإن كان ظاهرُه يقتضِي كفرَ المتشبِّه بهم، كما في قوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: 51]» اهـ[30].
6 ـ إضافةً إلى ما تقدَّم، ما يحدثُ ليلةَ الاحتفال من المعاصي والمنكراتِ من جانبِ أهلِ اللَّهو والمجونِ، ومن البدعِ والشركيَّاتِ من جانب أهل الزُّرَدِ والصُّحُون.
كإنشادِ القصائدِ والمدائحِ النَّبويَّة، وقراءةِ المؤلَّفاتِ الموضُوعةِ في الموالدِ المشتمِلَة على الغُلوِّ والإطرَاء الَّذي نهى عنه نبيُّنا صلى الله عليه وسلم بقولِه: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَم، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه»[31].
بل بلغَ بهم الحدُّ إلى الاستغاثةِ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وادِّعاءِ معرفتِه للغيبِ، إلى غيرِ ذلك ممَّا اشتمَلت عليه قصائدُهم ومصنَّفاتُهم من البدعيَّات والشِّركيَّات، وإلى الله المشتكى.
فهذه ـ أخي القارئ ـ بعضُ الحُجج القاطعةِ والبراهينِ السَّاطعةِ على سبيلِ الإيجازِ والاختصارِ الَّتي تُدينُ أصحابَ الموالدِ بالقولِ ببدعيَّة احتفالهم بيوم المولدِ، وقد عرفتَ منشأَ هذه البدعةِ المنكرةِ، وأنَّها منْ وضْعِ الرَّوافضِ الَّذين أحدثوها مشابهةً لليهودِ ـ ولا عجبَ في ذلك؛ فإنَّ مؤسِّسَ دينِ الرَّافضة هو عبدُ الله بنُ سَبَأ اليَهوديّ ـ ثم أخذها عنهم الصُّوفيَّةُ الَّذين اتَّخذوها عبادةً، واجتهد علماؤهُم في تأييدِها، وبيانِ مشروعيتها، والتماسِ الأدلةِ ـ بل الشُّبه ـ لها، والتَّأليفِ فيها؛ حتَّى صارت عندهُم وكأنَّها شريعةٌ منزَّلة من عندِ الله ربِّ العالمين، وشعيرةٌ شابَ عليها الصَّغيرُ وهَرُم عليها الكبيرُ، ولسانُ حالِهم ـ أو قالهِم ـ يقول كما قال الله تعالى: ﴿وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ [الأعراف: 28].
واعلمْ ـ وفَّقكَ الله لهداه ـ أنَّ محبَّةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتوقيرِه وتعظيمِه تتمثَّلُ في طاعته، وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهيه، والتَّسليمِ لأحكامِه، واقتفاءِ أثرِه، والسَّيرِ على طريقتِه، واتِّباعِ هديِه، والتَّأسِّي به ظاهرًا وباطنًا.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «هذه الآيةُ الكريمةُ حاكمةٌ على كُلِّ من ادَّعى محبَّةَ الله، وليس هو على الطَّريقةِ المحمَّديَّةِ؛ فإنَّه كاذبٌ في دعواه في نفسِ الأمرِ، حتَّى يتبَّع الشَّرع المحمَّديَّ والدِّينَ النَّبويَّ في جميعِ أقوالِه وأفعالِه وأحوالِه... وقال الحسنُ البصريُّ وغيرُه من السَّلف: «زعَمَ قومٌ أنَّهم يحبُّون اللهَ فابتلاهم اللهُ بهذه الآيةِ فقال: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾[32].
وقال العلاَّمة ابن قيِّم الجوزيّة: «فجعل سبحانه متابعةَ رسولِه سببًا لمحبَّتهم له، وكونُ العبدِ محبوبًا لله أعلى من كونِه مُحِبًّا لله؛ فليس الشَّأنُ أن تُحِبَّ اللهَ، ولكنَّ الشَّأن أنْ يُحِبَّك اللهُ، فالطَّاعةُ للمحبوب عنوانُ مَحَبَّتِه، كما قيل:
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تَزعُم حُبَّهُ هَذا مُـحالٌ في القِيـاسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُـحِبُّ مُطيعُ»[33].
فـ «الحبُّ الصَّحيحُ لمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هو الَّذي يَدَعُ صاحبَه عن البدع، ويحملُه على الاقتداءِ الصَّحيحِ، كما كان السَّلف يحبُّونه، فيُحيُون سُنَنَه، ويَذُودون عن شريعتِه ودينِه، مِنْ غَير أن يُقيموا لهُ الموالدَ وينفقُوا فيها الأموالَ الطَّائلةَ الَّتي تَفتَقِر المصالحُ العامَّةُ إلى القليلِ منها فلا تجدُه»[34].
فالزَمْ ـ رحمني اللهُ وإيّاك ـ ما كانَ عليه الصَّحابةُ والتَّابعونَ منَ السَّلفِ الصَّالحينَ من المحبَّةِ واتِّباعِ سنَّةِ سيِّدِ المُرسَلين، وإيَّاك أن تغترَّ بكثرة الهالكين، فليسوا على شيءٍ حتى يتَّبعوا ما أُنزل إليهم من ربِّ العالمين.
وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

([1]) رواه أحمد (1/465)، وابن أبي عاصم في «السنَّة» (17)، والحاكم (2/239) وصحّح إسناده، وحسّن إسناده الألبانيّ في «ظلال الجنَّة في تخريج السُّنَّة».
([2]) نقله الشَّاطبي في «الاعتصام» (1/49).
([3]) البخاري (2697)، ومسلم (1718).
([4]) «جامع العلوم والحكم» (1/176).
([5]) مسلم (867).
([6]) «فتح الباري» (13/254).
([7]) رواه الدَّارمي (205)، والمروزيّ في «السُّنَّة» (78)، والطبرانيُّ (9/154 (8770))، قال الحافظ الهيثميُّ في «مجمع الزوائد» (1/181): «ورجاله رجال الصّحيح».
([8]) «المورد في عمل المولد» (ص4) تأليفه.
([9]) «صحيح مسلم» (1162).
([10]) «مواهب الجليل في شح مختصر خليل» للحطّاب (2/405)، وينظر أيضًا: «حاشية الخُرشيّ على مختصر خليل» (3/18).
([11]) رواه أبو داود (1134)، والنَّسائيُّ (1556)، والحاكم (1/294) وصحَّحه على شرط مسلم.
([12]) رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533).
([13]) «اقتضاءُ الصِّراط المستقيم مخالفةَ أصحابِ الجحيم» (2/619).
([14]) رواه البخاريُّ (3934).
([15]) رواه الحاكم في «المستدرك» (3/14) وصحَّحه.
([16]) «فتح الباري» (7/269)، وللمزيد يراجع «البداية والنهاية» (4/510 ـ 513).
([17]) «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» (1/490).
([18]) «صبح الأعشى» للقلقشنديّ (3/576).
([19]) له ترجمة في «هدية العارفين» (1/784)، و«الأعلام» للزّركلي (5/60).
([20]) كما في «الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة المقدسيّ (ص95 ـ 96).
([21]) «البداية والنهاية» (17/205 ـ ط/ التركيّ).
([22]) المرجع السَّابق.
([23]) انظرها في «لطائف المعارف» لابن رجب (ص 109 ـ 111).
([24]) رواه ابن ماجه (1599)، وفي سنده موسى بن عُبيدة الرَّبَذِيّ وهو ضعيف، ورواه الدَّارميُّ (84) بإسناد صحيح؛ لكنَّه مرسل، وله شواهد أخرى؛ ولذلك صحَّحه العلَّامة المحدِّث الشَّيخ محمَّد ناصر الدِّين الألباني ـ رحمه الله ـ في «السّلسلة الصّحيحة» برقم (1106).
([25]) «المدخل» (2/16 ـ 17).
([26]) «تفسير الطبري»: (24/494 ـ ط/التركي).
([27]) رواه البخاري (3456)، ومسلم (2669).
([28]) رواه أبو داود (4031)، وأحمد (2/50) وغيرهما، وإسناده حسن، كما في«الإرواء» (5/109).
([29]) «تفسيره» (1/129).
([30]) «اقتضاءُ الصِّراط المستقيم» (1/241).
([31]) رواه البخاري (3445)، والإطراء: مجاوزة الحدِّ في المدح والكذب فيه «النهاية في غريب الحديث» (3/123).
([32]) «تفسير ابن كثير» (3/46).
([33]) «روضة ا لمحبّين» (ص266).
([34]) من كلام العلاَّمة محمَّد البشير الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ في «آثاره» (2/341).

منقول من موقع راية الإصلاح وفق الله القائمين عليه وسدد خطاهم
http://www.rayatalislah.com/kalimah/...el-ibtide3.htm
التعديل الأخير تم بواسطة اسد السنة ; 16-03-2008 الساعة 12:59 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
حكم الإحتفال بذكرى المولد النبوي :: للشيخ العلامة صالح الفوزان
16-03-2008, 01:06 PM
حكم
الإحتفال بذكرى
المولد النبوي



للشيخ العلامة
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء
- حفظه الله ونفعنا بعلمه -
.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،
وبعد: فلا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر بإتباع ما شرعه الله ورسوله، والنهي عن الإبتداع في الدين، قال تعالى:  قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ  آل عمران: 31، وقال - تعالى -:  اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ  الأعراف: 3، وقال - تعالى -: وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ  الأنعام: 153، وقال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ أصدَقَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها "، وقال صلى الله عليه وسلم: " مَن أَحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "، وفي رواية لمسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".

وإن مِن جُملة ما أََحدَثَهُ الناس من البدع المنكرة "الإحتفال بذكرى المولد النبوي في شهر ربيع الأول"؛ وهم في هذا الإحتفال على أنواع:
فمنهم من يجعله مُجرد اجتماع تُقرأ فيه قِصة المولد، أو تُقدَّم فيه خُطب وقصائد في هذه المناسبة.
ومنهم مَن يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك ويقدمه لمن حَضَر
ومنهم مَن يُقيمُهُ في المساجد
ومنهم مَن يقيمه في البيوت
ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر، فيجعل هذا الإجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء، أو أعمال شركية كالإستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والإستنصار به على الأعداء وغير ذلك.
وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة بعد القرون المفضلة بأزمان طويلة.

فأول من أحدثه الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري، كما ذكره المؤرخون كابن كثير وابن خلكان وغيرهما.

وقال أبو شامة: وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.

قال الحافظ ابن كثير في "البداية" (13/137) في ترجمة أبي سعيد كوكبوري: (وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به إحتفالاً هائلاً... إلى أن قال: قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد أنه كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى... إلى أن قال: ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم) اهـ.

وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" (3/274): فإذا كان أول صَفَر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً. وتبطل معايش الناس في تلك المدة، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم... إلى أن قال: فإذا كان قبل يوم المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف وزَفَّهَا بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي، حتى يأتي بها إلى الميدان... إلى أن قال: فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة. اهـ.

فهذا مبدأ حدوث الإحتفال بمناسبة ذكرى المولد، حدث متأخراً ومقترناً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات، وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع، وأن لا يَقْدم على عملٍ حتى يعلم حكم الله فيه.
هذا؛ وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بِشُبَهٍ أوهى من بيت العنكبوت، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي:

1 – دَعْوَاهُم أنَّ في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك أنْ نقول: إنما تعظيمه صلى الله عليه وسلم بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ومحبته صلى الله عليه وسلم، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي، والإحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم؛ لأنه معصية. وأشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة – رضي الله عنهم -، كما قال عروة بن مسعود لقريش: (يا قوم! والله لقد وفدت على كِسْرَى وقَيْصَر والملوك، فما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً r، والله ما يمدون النظر إليه تعظيماً له)، ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه.

2 – الإحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان.
والجواب عن ذلك أن نقول: الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم. والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً، وهذا منها. وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة، وإن كثروا: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ الأنعام: 116، مع أنه لا يزال - بحمد الله - في كل عَصر مَن يُنكر هذه البدعة ويبين بطلانها، فلا حُجَّة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق.

فَمِمَّن أنكر الإحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم"، والإمام الشاطبي في "الاعتصام"، وابن الحاج في "المدخل"، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألَّف في إنكاره كتاباً مستقلاً، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه "صيانة الإنسان"، والسيد محمد رشيد رضا ألَّف فيه رسالة مستقلة، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وغير هؤلاء ممن لا يزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة.

3 - يقولون: إن في إقامة المولد إحياء لذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك أن نقول: إحياء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يكون بما شرعه الله من ذكره في الأذان والإقامة والخُطب والصلوات وفي التشهد والصلاة عليه وقراءة سنته واتباع ما جاء به؛ وهذا شيء مستمر يتكرر في اليوم والليلة دائماً، لا في السنة مرة.

4 - قد يقولون: الإحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه مَلِكٌ عادل عالم، قصد به التقرب إلى الله!
والجواب عن ذلك أن نقول: البدعة لا تُقبل من أي أحد كان، وحسْن القصد لا يسوِّغ العمل السيئ، وكونه عالماً وعادلاً لا يقتضي عصمته.

5 - قولهم: إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة؛ لأنه يُنَبِئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم!
ويجاب عن ذلك بأن يقال: ليس في البدع شيء حسن؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "،ويقال أيضاً: لماذا تأخر القيام بهذا الشكر - على زعمكم- إلى آخر القرن السادس، فَلَم يَقُم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وهم أشدّ محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر؛ فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراً لله – عز وجل –؟ حاشا وكلاَّ.

6 – قد يقولون: إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته؛ فهو مظهر من مظاهرها وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع!
والجواب أن نقول: لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه -، ولكن ليس معنى ذلك أن نبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه؛ فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته، كما قيل:


لو كان حبك صادقاً لأطعته * * إن المحـبّ لمــن يحــب مطيع

فمحبته صلى الله عليه وسلم تقتضي إحياء سنته والعضّ عليها بالنواجذ ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة، ومن ذلك الإحتفال بذكرى مولده وغيره من البدع. وحسن النية لا يبيح الإبتداع في الدين؛ فإن الدين مبني على أصلين: الإخلاص، والمتابعة، قال - تعالى -:  بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ  البقرة: 112، فإسلام الوجه هو الإخلاص لله، والإحسان هو المتابعة للرسول وإصابة السنة.

وخلاصة القول: أن الإحتفال بذكرى المولد النبوي بأنواعه واختلاف أشكاله بدعة منكرة يجب على المسلمين منعها ومنع غيرها من البدع، والإشتغال بإحياء السنن والتمسك بها، ولا يُغْتر بمن يروِّج هذه البدعة ويدافع عنها؛ فإن هذا الصنف يكون اهتمامهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السنن، بل ربما لا يهتمون بالسنن أصلاً، ومن كان هذا شأنه فلا يجوز تقليده والإقتداء به، وإن كان هذا الصنف هم أكثر الناس، وإنما يقتدي بمن سار على نهج السنة من السلف الصالح وأتباعهم وإن كانوا قليلاً؛ فالحق لا يُعْرف بالرجال، وإنما يُعْرف الرجال بالحق.

قال صلى الله عليه وسلم:" فإنه مَن يَعِش مِنكُم فَسَيَرَى اختلافاً كثيراً؛ فَعَليكُم بِسُنتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين مِن بَعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " ، فبين لنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بمن نقتدي عند الإختلاف، كما بين أن كل ما خالف السنة من الأقوال والأفعال فهو بدعة وكل بدعة ضلالة.

وإذا عرضنا الإحتفال بالمولد النبوي لم نَجِد له أصلاً في سنة رسول الله r، ولا في سنة خلفائه الراشدين، إذاً فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة، وهذا الأصل الذي تضمنه هذا الحديث قد دَلَّ عليه قوله – تعالى -: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  النساء: 59. والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إلى سنته بعد وفاته؛ فالكتاب والسنة هما المرجع عند التنازع، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي؟

فالواجب على من يفعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله - تعالى - منه ومن غيره من البدع؛ فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق، وأما من عاند وكابر بعد قيام الحجة فإنما حسابه عند ربه.

هذا؛ ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
القول المسدد في الردّ على من أجازوا الإحتفال بمولد محمّد صلى الله عليه وسلم
16-03-2008, 01:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
القول المسدد في الردّ على من أجازوا الإحتفال بمولد محمّد صلى الله عليه وسلم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , أما بعد : فهذه أقوال أهل العلم في بيان بدعة الإحتفال بالمولد النبوي والرد على من أجازوا الإحتفال به , اتفق العلماء من السلف الصالح على أن الإحتفال بالمولد النبوي وغيره من المواسم الغير شرعية أمر محدث مبتدع في الدين ولم يؤثر عن النبي عليه السلام ولا عن أصحابه ولا عن التابعين وتابعيهم ولا علماء الأمة المشهورين كالأئمة الأربعة ونحوهم وسأذكر فيما يلي بعض أقوال السلف الصالح في هذا الشأن .......


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتوفى سنة 728ھ
في مجموع الفتاوى ( 25 / 298 ) مانصه { وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد , أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها } , و قال أيضا رحمه الله عن المولد : { فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له , وعدم المانع منه ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا , فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص } _ اقتضاء الصراط المستقيم ص 295 _


قال الإمام الشاطبي رحمه الله المتوفى سنة 790ھ
عند عده للبدع التي تضاهي الشرعية :{ ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الإجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا وما أشبه ذلك } _ الإعتصام للشاطبي (1 / 39 ) _


وقال الشيخ تاج الدين الفاكهاني المتوفى سنة 734ھ _ رحمه الله :
{ لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنّة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسّكون بآثار المتقدمين } عمل المولد ص 20 _ 21 نقلا عن التبرك أنواعه وأحكامه ص 362 _ وقال الونشريسي تحت عنوان " التحبيس _ الوقف _ على إقامة ليلة المولد ليس بمشروع "



وقال العلامة ابن الحاج المتوفى سنة 737ھ
في كتاب المدخل ( 2 / 11- 12 ) مبينا حكم المولد فقال : " ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين , واتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه , لأنهم أشد الناس اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له ولسنته صلى الله عليه وسلم ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك , ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ونحن لهم تبع فيسعنا ما وسعهم وقد علم أن اتباعهم في المصادر والموارد "


وقال الشيخ العدوي المتوفى سنة 1189ھ
في حاشيته على " مختصر الشيخ خليل " ( 8 / 168 ) : " عمل المولد مكروه "



وقال مثله الشيخ محمد عليش المتوفى سنة 1299ھ
في فتح العلي المالك ( 1 /171 )



وقال السيد علي فكري _ المتوفى سنة 1372ھ _
في المحاضرة السادسة عشرة من المحاضرات الفكرية ص 128 _ لم يكن في سنة العرب أن يحتفلوا بتاريخ ميلاد لأحد منهم ولم تجر بذلك سنة المسلمين فيما سلف والثابت في كتب التاريخ وغيرها أن عادة الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من العادات المحدثة ... ) .

ونص على بدعية الإحتفال بالمولد ابن النحاس في تنبيه الغافلين ص138 والشقيري في السنن والمبتدعات ص 128
ومحمد رشيد رضا في الفتاوى (4 / 1242)
ومحمد جمال الدين القاسمي في كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد (114_115)
وأحمد بن حجر آل أبو طامي في تحذير المسلمين عن الإبتداع ص 184 _190 ) .




وقال كل من الشيخ عزّ الدين القسام رحمه الله والشيخ محمد كامل القصّاب رحمه الله في كتابهما النقد والبيان ص 78 وانظر أيضاً كتاب ( السلفيون وقضية فلسطين في الواقع المعاصر ص 117 و 118 ) ويليه كتاب النقد والبيان في دفع أوهام حزيران للشيخ مشهور حسن آل سلمان - حفظه الله - ما نصه : "
( ...فإننا نترك الحكم فيه لأهل الإنصاف على أن الإحتفال بقراءة قصة المولد النبوي ليست سنة الخلفاء الراشدين فيعض عليها بالنواجذ ولا فعلها أحد من أهل القرون الثلاثة الفاضلة التي هي خير القرون الإسلامية بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم , و إنما أحدثها الملك المظفر التركماني الجنس صاحب إربل ثم
صارت عادة متبعة وسنة مبتدعة وشعارا دينيا ....) .

أقول : وفي هذا رد على الحزبيين الذين ينتسبوا إلى الشيخ عز الدين القسام والشيخ محمد كامل القصاب رحمهم الله حيث بين الشيخين بدعية الإحتفال بالمولد , وقد بين الشيخ مشهور منهج عز الدين القسام وكامل القصاب في كتابه السلفيون وقضية فلسطين .


وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
مفتي المملكة ورئيس القضاة والشؤون الإسلامية سابقا رحمه الله عن حكم الإحتفال بالمولد النبوي فقال : لم يكن الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم مشروعا ولا معروفا لدى السلف الصالح رضوان الله عليهم ولم يفعلوه مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ولو كان خيرا ماسبقونا إليه فهم أحق بالخير وأشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأبلغ تعظيما له.. فلما كان غير معروف لدى السلف الصالح ولم يفعلوه وهم القرون المفضلة دل على أنه بدعة محدثة . ( فتاوى محمد ابراهيم 2 – 3 / 57 ) .



وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز
مفتي عام المملكة سابقا_ رحمه الله_ عن حكم الإحتفال بالمولد فقال : لا يجوز الإحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره لأن ذلك من الأمور المحدثة في الدين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة وهم أعلم الناس بالسنة وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .............. ثم إن غالب هذه الإحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى كاختلاط النساء بالرجال واستعمال الأغاني والمعازف .... وقد يقع ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر وذلك بالغلو في رسول الله أو غيره من الأولياء ودعائه والإستغاثة به ....) فتاوى سماحة الشيخ ابن باز ( 1 / 178 ) .



وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
(..... الإحتفال بالمولد بدعة ومحرم.... ) فتاوى أركان الإسلام ص 172 _



وقال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
( البدع المعاصرة كثيرة بحكم تأخر الزمن وقلة العلم وكثرة الدعاة إلى البدع والمخالفات وسريان التشبه بالكفار في عاداتهم وطقوسهم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم " ومن هذه التشبه بالنصارى في عمل ما يسمى بالإحتفال بالمولد النبوي ... هو بدعة لأنه لا أصل له في الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح والقرون المفضلة وإنما أحدثه الفاطميون الشيعة .. ( محاضرات في العقيدة والدعوة ( 1 / 111) .



وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ ابن باز ونائبه الشيخ عبد الرزاق عفيفي و أعضائه الشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الله بن قعود
عن حكم الإحتفال بالمولد فأجابت اللجنة
تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه إنما هو : بالإيمان بكل ما جاء به من عند الله عز وجل واتباع شريعته عقيدة وقولا وعملا وخلقا وترك الإبتداع في الدين , ومن الإبتداع في الدين الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم , وبالله التوفيق _ فتوى رقم 3257 ) .
وفي الختام أيها الحبيب وبعد هذا البيان لأقوال أهل العلم ببدعية الإحتفال بالمولد النبوي أقول لك قول الله عز وجل ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ففي هذه الآية بيان واضح أن محبة الله شرطها محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك باتباع سنته عليه الصلاة والسلام في الأقوال والأفعال وليس اتباعا باللسان فقط كما يفعله بعض الجهلة من الذين جعلوا ينادون بألسنتهم نحب النبي ولسان حالهم يخالف أقوالهم ولو صدقوا بزعمهم حب النبي لما رأيت فيهم حالقا لحيته أو مسبلا إزاره وغيرها من السنن التي أضاعوها , وصدق القائل إذ يقول :
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع ..
وحسبنا لهؤلاء أن نقول لهم أن يتقوا الله في أنفسهم وفي غيرهم وليتوبوا إلى الله عز وجل ولا يكونوا من الذين قال فيهم النبي عليه الصلاة والسلام
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) _ متفق عليه _ وإن كانوا صادقين في حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، عليهم أن يتبعوا سنته ويهتدوا بهديه وهدي من بعده من الصحابة رضوان الله عليهم جميعا .

وآخر القول سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
مجموع أسئلة تهم الأسرة المسلمة , للشيخ العثيمين -رحمه الله
موسوعه الثقافه الاسلاميه المكونه من 1000 سؤال ديني2
الساعة الآن 06:22 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى