قصة نجاح ـ من مصر ـ باهرة تستحق التقليد
23-06-2008, 04:19 PM
قصة نجاح باهرة تستحق الاقتداء و التقليد
إنها ليست مجرد قصة نجاح لقرية استطاعت الخروج من دائرة الفقر وصناعة التميز ولكنها تجربة تثبت بالدليل القاطع إمكانية المجتمع لإحداث وقيادة التغيير، من دون التذرع بالتقصير الحكومي.
قرية تفهنا الأشراف اسم لقرية مصرية تقع في أغوار مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، يفصل بينها وبين القاهرة 120 كيلومترًا، وهي قرية فقيرة يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة، ومساحة زراعية محدودة تقل عن خمسمائة فدان، وحتى عام 1966 لم يكن بها شخص واحد في أي مرحلة تعليمية، وكانت معروفة بتصدير عمال التراحيل للمناطق المحيطة،
إلى هنا تبدو الأمور عادية ولكنها اختلفت تماما بعد العام 1984 وهو العام الفارق، الذي جعل من القرية مادة لرسائل الماجستير والدكتوراه، في إرادة التغيير والاكتفاء الذاتي ومحاربة الفقر.
شهد ذلك العام بداية الملحمة عندما قام مهندسان من شباب القرية بعمل مزرعة للدواجن حيث خصصا نسبة10% من الربح لإنفاقها في وجوه الخير وسمياه "سهم الشريك الأعظم"، وعندما نجح المشروع الأول قاما بعمل مزرعة ثانية ثم ثالثة، لتزيد نسبة الأرباح التي تدخل نفس الوعاء إلى 30 %، ثم جعلا كل أرباح أعمالهم الجديدة لله.
في هذه الأثناء تفتق ذهن أحد الشابين إلى فكرة تطوير القرية من خلال العمل الجماعي، فتم عقد اجتماع عام لأبناء القرية، وتحدث المهندسان وأعلنا عن فكرة إنشاء مركز إسلامي متكامل بالبلدة يشارك في إنشائه الجميع كعائلة واحدة لها قيادة جماعية، وتم اختيار المهندس" صلاح عطية" صاحب الفكرة والأب الروحي للقرية لقيادة المركز الإسلامي، ليبدأ العمل الجاد من الجميع، حيث كانت رؤية ذلك الرجل أن تقدم الأفراد والشعوب والأمم لا يتم إلا بالعمل والتعاون والتكافل، فوضع أمامه النموذج النبوي للدولة حين كان يعطى الطعام للفقير، لا ليأكله ولكن ليعينه علي العمل ويصبح منتجا في مجتمع المنتجين.
وبالتالي بدأت عملية حصر السكان والفقراء ليتم جمع الزكاة من الجميع حسب نشاطهم، فالمزارع يعطي من محصوله، والتاجر يعطي مما لديه من سلع حتى الأطباء قام كل منهم بمتابعة حالات محددة من مرضى القرية الفقراء كزكاة عن عملهم.
وعند إنفاق الزكاة لم يعط الفقراء أموالاً لأن ذلك لا يساهم في القضاء على الفقر، وإنما أصبح الجميع منتجا فتم توزيع " 40 شاة" على الأرامل في السنة الأولى لتزداد عاما بعد عام، ويحصل كل فقير بعد ذلك على "عجل جاموس" وستة قراريط لزراعتها برسيماً.
كانت القضية التالية في أجندة الإصلاح لدى المهندس "صلاح عطية" هي محاربة البطالة فبدأت عملية تقديم أدوات الحرف للشباب العاطل سواء للنجارة أو الميكانيكا أو الحدادة مع توفير الفرصة لمشاريع صغيرة أخرى تقدم للشباب، أما الفتيات اللاتي لم يكملن تعليمهن فقد تم عقد دورات تدريب لهن على ماكينات الخياطة ومحو الأمية، وبعد الدورة تأخذ الفتاة الماكينة لتبدأ عملها.
ونتيجة مشاركة وعمل الجميع، بالإضافة إلى توافر موارد الزكاة، فقد تم القضاء علي الثالوث اللعين الجهل والفقر والمرض، ولم يعد في القرية طفل بلا تعليم، أو مريض يفتقد العلاج أو عاطل لا يجد العمل، لدرجة أن موارد الزكاة زادت عن حاجة القرية وبدأت تتجه للصرف على الحالات المستحقة في القرى المجاورة.
كما تمكنت القرية من حصيلة أرباح المشاريع من إنشاء حضانة كبيرة بها350 طفلا يدرسون بالمجان، ثم معهد أزهري ابتدائي، ثم معهد أزهري إعدادي للبنين وآخر للبنات، وتلاهما معهد أزهري ثانوي للطلاب وآخر ثانوي للطالبات، ومع زيادة الأرباح قام الأهالي بالاتصال بالشيخ جاد الحق شيخ الأزهر الراحل للحصول على موافقته لإنشاء كلية للشريعة تكلفت 5 مليون جنيه تقريبا وتم إنجازها في 13 شهرا ونصف، وبدأت الدراسة بها في عام 1992 ،لتصبح بعد ذلك فرع متكامل لجامعة الأزهر ومدينتين جامعيتين بتفهنا الأشراف .
وامتد الأمر بمشاريع الخير إلى إقامة محطة للسكك الحديدية ، ومشروع الصرف الصحي ومستشفى تامين صحي، وزراعة ألف نخلة مثمرة، وتم إنشاء مجمع للخدمات بالقرية من أربعة طوابق يضم سنترالا ومشغلاً لتعليم الفتيات ومكتبة عامة ومقرًا للجنة المصالحات، كما تم إنشاء مصنع للأعلاف والمركزات و مجزر آلي للدواجن، حتى أصبح حجم الاستثمارات حالياً يتجاوز35 مليون جنيه.
وتبدو لجنة فض المنازعات بالقرية نموذجا في إمكانية إقرار الأمن والسلام الاجتماعي بدون اللجوء إلى الهيئات الحكومية، حيث أصبح معتادًا عند حدوث خلاف بين شخصين أن يتقدما ببلاغ لرئيس اللجنة، ليتم تشكيل مجموعة من الأعضاء المتخصصين والمحايدين لحل المشكلة حسب نوعيتها، والنتيجة أنه لا توجد قضية من القرية في نقطة الشرطة أو المركز، وإذا أفلتت قضية فإن المأمور ينصحهم باللجوء للجنة المصالحات،
الجميل أن أحلام أبناء القرية لا تنتهي، بل تتجه للتزايد، بعد أن قرر الأهالي الدخول في مشروعين كبيرين كل عام، وآخر هذه المشاريع هو إتمام المعهد الإعدادي والثانوي الأزهري للفائقين، بهدف تكوين نواه للداعية العالمي لتحمل مسئولية نشر الدعوة في أفريقيا وأوروبا
والمشروع الثاني يهدف إلى إدخال صناعة السجاد القرية، من خلال تعليمها للفتيات، حيث تم الإنفاق مع أحد المصانع المتخصصة في صناعة السجاد اليدوي لتعليم الفتيات صناعة السجاد من البيت لحساب المصنع.
وأخيرا فقد قدمت تفهنا الأشراف نموذجا لقرية فقيرة من قرى مصر استطاعت أن تضرب المثل في الإرادة والبذل والالتفاف حول القيادة المخلصة الواعية ،وأن تثبت بالدليل العملي إمكانية فرد واحد لإحداث التغيير طالما توفرت لديه عوامل الرؤية السليمة والإرادة والصلاح الذي يكسب ثقة الجميع ، فحينما أصبح العمل والإنتاج شعارا لأبناء القرية، وأصبح العمل التطوعي عشقهم، صارت القرى تتسابق علي تقليد هذه التجربة الفذة، وهو نموذج قابل للتطبيق في أي بقعة من عالمنا العربي، يثبت انه لا يوجد مستحيل متى صدق العزم وخلصت النوايا.
{منقول}
إنها ليست مجرد قصة نجاح لقرية استطاعت الخروج من دائرة الفقر وصناعة التميز ولكنها تجربة تثبت بالدليل القاطع إمكانية المجتمع لإحداث وقيادة التغيير، من دون التذرع بالتقصير الحكومي.
قرية تفهنا الأشراف اسم لقرية مصرية تقع في أغوار مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، يفصل بينها وبين القاهرة 120 كيلومترًا، وهي قرية فقيرة يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة، ومساحة زراعية محدودة تقل عن خمسمائة فدان، وحتى عام 1966 لم يكن بها شخص واحد في أي مرحلة تعليمية، وكانت معروفة بتصدير عمال التراحيل للمناطق المحيطة،
إلى هنا تبدو الأمور عادية ولكنها اختلفت تماما بعد العام 1984 وهو العام الفارق، الذي جعل من القرية مادة لرسائل الماجستير والدكتوراه، في إرادة التغيير والاكتفاء الذاتي ومحاربة الفقر.
شهد ذلك العام بداية الملحمة عندما قام مهندسان من شباب القرية بعمل مزرعة للدواجن حيث خصصا نسبة10% من الربح لإنفاقها في وجوه الخير وسمياه "سهم الشريك الأعظم"، وعندما نجح المشروع الأول قاما بعمل مزرعة ثانية ثم ثالثة، لتزيد نسبة الأرباح التي تدخل نفس الوعاء إلى 30 %، ثم جعلا كل أرباح أعمالهم الجديدة لله.
في هذه الأثناء تفتق ذهن أحد الشابين إلى فكرة تطوير القرية من خلال العمل الجماعي، فتم عقد اجتماع عام لأبناء القرية، وتحدث المهندسان وأعلنا عن فكرة إنشاء مركز إسلامي متكامل بالبلدة يشارك في إنشائه الجميع كعائلة واحدة لها قيادة جماعية، وتم اختيار المهندس" صلاح عطية" صاحب الفكرة والأب الروحي للقرية لقيادة المركز الإسلامي، ليبدأ العمل الجاد من الجميع، حيث كانت رؤية ذلك الرجل أن تقدم الأفراد والشعوب والأمم لا يتم إلا بالعمل والتعاون والتكافل، فوضع أمامه النموذج النبوي للدولة حين كان يعطى الطعام للفقير، لا ليأكله ولكن ليعينه علي العمل ويصبح منتجا في مجتمع المنتجين.
وبالتالي بدأت عملية حصر السكان والفقراء ليتم جمع الزكاة من الجميع حسب نشاطهم، فالمزارع يعطي من محصوله، والتاجر يعطي مما لديه من سلع حتى الأطباء قام كل منهم بمتابعة حالات محددة من مرضى القرية الفقراء كزكاة عن عملهم.
وعند إنفاق الزكاة لم يعط الفقراء أموالاً لأن ذلك لا يساهم في القضاء على الفقر، وإنما أصبح الجميع منتجا فتم توزيع " 40 شاة" على الأرامل في السنة الأولى لتزداد عاما بعد عام، ويحصل كل فقير بعد ذلك على "عجل جاموس" وستة قراريط لزراعتها برسيماً.
كانت القضية التالية في أجندة الإصلاح لدى المهندس "صلاح عطية" هي محاربة البطالة فبدأت عملية تقديم أدوات الحرف للشباب العاطل سواء للنجارة أو الميكانيكا أو الحدادة مع توفير الفرصة لمشاريع صغيرة أخرى تقدم للشباب، أما الفتيات اللاتي لم يكملن تعليمهن فقد تم عقد دورات تدريب لهن على ماكينات الخياطة ومحو الأمية، وبعد الدورة تأخذ الفتاة الماكينة لتبدأ عملها.
ونتيجة مشاركة وعمل الجميع، بالإضافة إلى توافر موارد الزكاة، فقد تم القضاء علي الثالوث اللعين الجهل والفقر والمرض، ولم يعد في القرية طفل بلا تعليم، أو مريض يفتقد العلاج أو عاطل لا يجد العمل، لدرجة أن موارد الزكاة زادت عن حاجة القرية وبدأت تتجه للصرف على الحالات المستحقة في القرى المجاورة.
كما تمكنت القرية من حصيلة أرباح المشاريع من إنشاء حضانة كبيرة بها350 طفلا يدرسون بالمجان، ثم معهد أزهري ابتدائي، ثم معهد أزهري إعدادي للبنين وآخر للبنات، وتلاهما معهد أزهري ثانوي للطلاب وآخر ثانوي للطالبات، ومع زيادة الأرباح قام الأهالي بالاتصال بالشيخ جاد الحق شيخ الأزهر الراحل للحصول على موافقته لإنشاء كلية للشريعة تكلفت 5 مليون جنيه تقريبا وتم إنجازها في 13 شهرا ونصف، وبدأت الدراسة بها في عام 1992 ،لتصبح بعد ذلك فرع متكامل لجامعة الأزهر ومدينتين جامعيتين بتفهنا الأشراف .
وامتد الأمر بمشاريع الخير إلى إقامة محطة للسكك الحديدية ، ومشروع الصرف الصحي ومستشفى تامين صحي، وزراعة ألف نخلة مثمرة، وتم إنشاء مجمع للخدمات بالقرية من أربعة طوابق يضم سنترالا ومشغلاً لتعليم الفتيات ومكتبة عامة ومقرًا للجنة المصالحات، كما تم إنشاء مصنع للأعلاف والمركزات و مجزر آلي للدواجن، حتى أصبح حجم الاستثمارات حالياً يتجاوز35 مليون جنيه.
وتبدو لجنة فض المنازعات بالقرية نموذجا في إمكانية إقرار الأمن والسلام الاجتماعي بدون اللجوء إلى الهيئات الحكومية، حيث أصبح معتادًا عند حدوث خلاف بين شخصين أن يتقدما ببلاغ لرئيس اللجنة، ليتم تشكيل مجموعة من الأعضاء المتخصصين والمحايدين لحل المشكلة حسب نوعيتها، والنتيجة أنه لا توجد قضية من القرية في نقطة الشرطة أو المركز، وإذا أفلتت قضية فإن المأمور ينصحهم باللجوء للجنة المصالحات،
الجميل أن أحلام أبناء القرية لا تنتهي، بل تتجه للتزايد، بعد أن قرر الأهالي الدخول في مشروعين كبيرين كل عام، وآخر هذه المشاريع هو إتمام المعهد الإعدادي والثانوي الأزهري للفائقين، بهدف تكوين نواه للداعية العالمي لتحمل مسئولية نشر الدعوة في أفريقيا وأوروبا
والمشروع الثاني يهدف إلى إدخال صناعة السجاد القرية، من خلال تعليمها للفتيات، حيث تم الإنفاق مع أحد المصانع المتخصصة في صناعة السجاد اليدوي لتعليم الفتيات صناعة السجاد من البيت لحساب المصنع.
وأخيرا فقد قدمت تفهنا الأشراف نموذجا لقرية فقيرة من قرى مصر استطاعت أن تضرب المثل في الإرادة والبذل والالتفاف حول القيادة المخلصة الواعية ،وأن تثبت بالدليل العملي إمكانية فرد واحد لإحداث التغيير طالما توفرت لديه عوامل الرؤية السليمة والإرادة والصلاح الذي يكسب ثقة الجميع ، فحينما أصبح العمل والإنتاج شعارا لأبناء القرية، وأصبح العمل التطوعي عشقهم، صارت القرى تتسابق علي تقليد هذه التجربة الفذة، وهو نموذج قابل للتطبيق في أي بقعة من عالمنا العربي، يثبت انه لا يوجد مستحيل متى صدق العزم وخلصت النوايا.
{منقول}
من مواضيعي
0 نقطة نظام حول تعمد العضوين الافريقي و ابن عربي نشر الاكاذيب بالنقاش الحر
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين
التعديل الأخير تم بواسطة كريم64 ; 23-06-2008 الساعة 04:22 PM
