خطبة فيها الأدلة على تحريم المولد النبوي6/3/1429
14-03-2008, 06:36 AM
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فهذه خطبة كتبها اسامة الاهدل، وأنقلها هنا في هذه الأيام لمسيس الحاجة إلى هذا الموضوع وأسأل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها ومستمعها و ناقلها .
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أكمل لنا بنعمته شرائع الدين ،، وهدانا لاتباع سيد الأولين والآخرين ، وأقام على خلقه الحجة البالغة فلو شاء لهداهم أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بخفيات الأمور وسرائر الصدور وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله المؤيد بالوحي المبين ومن تركنا على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين ، وأعرض عن طريق السلف الصالحين واتبع طريق المبتدعين الضالين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فاتقوا الله تعالى أيها المؤمنون حق التقوى واشكروه على ما من به عليكم من نعمة الإسلام والهداية لهذا الدين القويم الذي أكمله الله وأتمه ورضيه لنا،، فمن عمل بشرائعه كان من الناجين ومن أنقص منه أو زاد فيها ما لم يشرعه الله كان من المعرضين أنفسهم للعقوبة العاجلة والآجلة .
عباد الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) رواه البخاري . وكان من الخير الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم: الوصية باتباع سنته، ومن الشر الذي حذرنا منه: المحدثات والبدع في دين الله عز وجل، فعن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ فَقَالَ (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )[ صحيح سنن ابن ماجه] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيُبعَدُ رجالٌ من أمته عن حوضه يوم القيامة فلا يشربون منه بسبب إحداثهم في دين الله واختراعهم للبدع ففي صحيح مسلم أن النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ فَإِيَّايَ لَا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا)[البخاري ومسلم].
إذا علمتم عباد الله - ما تقدم من خطورة البدع في الدين وإثم فاعلها عند الله فإنه قد أحدث بعض الناس - في هذا الشهر شهر ربيع الأول من كل سنة وبالتحديد في اليومِ الثانيَ عشرَ منه بدعةً عظيمةً ومنكراً كبيراً ألا وهو الاحتفال بالمولد النبوي، وقد أثبت أهل العلم بالتاريخ أن أول من أحدث هذه البدعة هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري سلطان إربل في أواخر المائة السادسة من الهجرة، ثم انتشر بعده إلى أقطار المسلمين فهؤلاء الذين يعملون المولد متبعون له في ذلك وليسوا متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لأحد من الصحابة ولا لأحد من التابعين ، بل ولم يستحسنه علماء الدين وأئمة الهدى وفي هذا المولد يجلس أصحابه في مكان يحتفلون ويذكرون سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويصلون عليه بأذكار وأوراد مخترعة وينشدون القصائد في مدح النبي وآل بيته والتي فيها من الغلو وقد يكون فيها من الشرك بالله تعالى أو سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة أو الاستغاثة به أو اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر معهم فهو يراهم وهم لا يرونه ، أو غير ذلك من الأباطيل، وقد يختلط الرجال بالنساء ويرقصون على الأبيات والقصائد التي تنشد وقد يصاحب ذلك موسيقى وغناء وأمور محرمة كثيرة يصعب حصرها، ويفعلون كل ذلك بدعوى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أفتى أهل العلم من كل المذاهب الإسلامية المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة قديماً وحديثاً بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي وأنه من البدع والمحدثات في دين الله وأن فاعل ذلك قد ارتكب معصية عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب بل أرتكب إثما أعظم من كبائر الذنوب ألا وهو البدعة والإحداث في الدين وذلك لأن الله تعالى أمرنا أن نرد ما تنازع فيه الناس إلى كتابه، وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى:(( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)). [النساء: 59] وقال تعالى: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)) [الشورى : 10] ، وقد رد العلماء هذه المسألة- وهي الاحتفال بالموالد - إلى كتاب الله سبحانه، وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام فوجدنا أن الاحتفال بالمولد النبوي قد اشتمل على المخالفات الشرعية الكثيرة وواحدة منها كافية في تحريم هذا الاحتفال فكيف إذا اجتمعت بعضها أو كلها ونذكر منها ما يلي :
1- المخالفة الأولى : أن عمل المولد لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولم يأمر به ولم يحث أمته عليه ولا دعاهم إليه ولا رغَّبهم فيه ، ولم يفعله أصحابه – رضي الله عنهم ولم ينقل أن أحدا منهم فعل هذا المولد أو دعا الناس إليه بقوله أو بفعله مع أنهم كانوا أشد الناس حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، وهذا أمر خطير جدًا على دين المسلم ولتتيقن من هذه الخطورة اقرأ قول الله تعالى : (ومَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115) قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: ( كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخِر مقالاً )، فالمحتفلون بالمولد النبوي إما أن يقولوا إنهم أكثر حباً لرسول الله من الصحابة، أو يقولوا : إن الصحابة لم يعلموا هذا الأمر ولكن من جاء بعدهم وعلموه وعملوا به وكانوا أحرص على الخير من الصحابة ، وهذان القولان باطلان وضلال بعيد.
2- المخالفة الثانية: ما في الاحتفال بالمولد النبوي من استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم وإساءة ظن به، فكأن حال المحتفل بمولده يقول: إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكمل الشريعة، أو لم يبلغها تمام البلاغ بل أبقى منها شيئاً ليكملها الناس بعده. قال الإمام مالك – رحمه الله - : (( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم ، خان الرسالة لأن الله يقول : {اليوم أكملت لكم دينكم } فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ))
3- المخالفة الثالثة : ما في المولد من التشبه بالنصارى بمشابهتهم في إحداث احتفال بمولد الرسول الله صلى الله عليه وسلم كما أحدثت النصارى عيد ميلاد المسيح عيسى عليه السلام، والنبي أخبر أن هذه الأمة ستتبع سنن من كان قبلها من اليهود والنصارى ، فمن أحدث المولد النبوي فهو متشبه بالنصارى-شاء أم أبى- وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ). [انظر: اقتضاء الصراط المستقيم(ص294)].
4- المخالفة الرابعة : ما يفعله هؤلاء المحتفلون في ليلة المولد من إنشاد القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، وهذا من الغلو الذي حذّرنا منه عليه الصلاة والسلام بقوله: ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري . والإطراء هو المبالغة ومجاوزة الحد في المدح بالباطل والإفراط فيه، وهذا هو حال المحتفلين بالمولد وصل بهم الغلو ومجاوزة الحد إلى أن أنشدوا القصائد الشركية والتي فيها استغاثات بالرسول وبآل بيته ، وفيها غلو شنيع ، وفيها وصف رسول الله بصفات لله تعالى ونذكر أمثلة على هذه القصائد مثل قولهم: ( يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم) ، فهنا هذا الشاعر يلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واللياذ كالعياذ وهو طلب النفع ودفع الضر ، وهذا لا يكون إلا لرب العالمين جل جلاله ، ومن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فقد أشرك . وكقوله : (فإن من جودك الدنيا وضرتَّها ومن علومك علمَ اللوح والقلم) ، أي إن الدنيا والآخرة من عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وجوده وهي له يملكها ويعطي من يشاء ويحرم من يشاء ، وهذه مخالفة صريحة لقوله تعالى: (وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى) (الليل:13)، فالدنيا والآخرة لله تعالى وحده وليست لأحد من البشر كائناً من كان ، ويقول أيضاً: من علوم النبي علم اللوح المحفوظ وما سطره القلم في الأزل ، وهذه كلها صفات لله تعالى جعلها للنبي صلى الله عليه وسلم فماذا ترك لرب العالمين جل جلاله ، وأين هو من قول الله تبارك وتعالى : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)، وأين هو من قول الله تعالى : ((قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65) . هذا أيها الإخوة قليل من كثير مما يقرأ ويترنم به في الموالد من الأناشيد الشركية والتي ترفع الرسول إلى مرتبة الألوهية والعياذ بالله. مع ما يصاحب هذه الأناشيد من ضرب بالدفوف والموسيقى في بعض الأحيان ، والرقص والتمايل وهز الرؤوس والأجسام. وهذا أيها الإخوة لم نقرأه في الكتب فقط وإنما رأيناه بأعيننا ولا يستطيع أحد إنكاره أو التشكيك فيه لأن الواقع سيكذبه. فأي عالم بل أي طالب علم صغير يجيز هذه الأمور المنكرة ويقرها ؟!
5- المخالفة الخامسة : ما في إقامة الموالد من إثارة الفرقة والتنازع بين المسلمين وقال تعالى : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران:105] . فإن الذين يقيمون هذه البدعة ينظرون إلى من ينكرها وينصح الناس بتركها ويحذَِّّر منها بأنهم لا يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم أويتنقصونه ، أو يسيئون إليه، فتحدث حينئذٍٍ الفرقة والاختلاف بين عباد الله المؤمنين ، ولو أنصف العقلاء لعلموا أن الإساءة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم هو باتهامه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ عن ربه عز وجل شيئا أوحاه إليه ،، فأيهما أولى بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من شرع دينا لم يشرعه الله ورسوله أم من اقتفى أثره واتبع سبيله فلم يحدث شيئا في دين الله . وحذّر من مخالفة الرسول والزيادة في الدين والابتداع فيه؟!. فأحذِّر نفسي وإياكم – عباد الله – من البدع في الدين وخصوصاً بدعة الاحتفال بالمولد النبوي ، فإنها بدعة ضلالة، فيحرم فعلها أو حضور هذا الاحتفال إلا لإنكارها وبيان الحق فيها، ولا سيما في حق من يقوى على البيان ويغلب على ظنه سلامته من الفتن. أما حضورها للفرجة والتسلية والاستطلاع فلا يجوز( )؛ لما فيه من مشاركة أهلها في منكرهم وتكثير سوادهم وترويج بدعتهم، ويجب على كل من علم من يقيمها أن ينصحه ويخوفه بالله وأن يخبره أن ما يقوم به منكر كبير ووزر عظيم ، وأنه بفعله هذا يزداد من الله بعداً وإثما، ويجب على طلبة العلم والدرسين وكل من له استطاعة أن يحذِّر من هذه البدعة ويبين كلام أهل العلم فيها ويبين خطورتها على دين المسلم وعقيدته ، ونسأل الله لنا ولكم ولسائر المسلمين الهداية والبعد عن مضلات الفتن ومنكرات الأخلاق والأهواء إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وامتثلوا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن هذا الشهر، شهر ربيع الأول قد كان فيه مولده ، وفيه هجرته ووفاته، فلا يجوز أن نجعله موسماً للأفراح، ولا للأتراح، بل الواجب أن نتذكر حالته على الدوام، وأن نقتدي به طوال العام في قيامه بعبادة ربه، ودعوته إلى دين الله، وتبليغ رسالة ربه، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم لا يتم إيمان عبد حتى يحبه عليه الصلاة والسلام ولكن محبته لا تكون باختراع البدع والمحدثات بل تكون محبته باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه قولاً وفعلاً واعتقاداً وسلوكاً وعبادة . ولقد كان السلف الصالح رحمهم الله من الصحابة والتابعين يحذرون أشد الحذر من البدع والمحدثات في الدين ولا عجب في ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم رباهم على بغض البدع وبين لهم خطورتها ، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) ، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) ، وعطس رجل إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقال الرجل : الحمد لله والسلام على رسول الله فأنكر عليه ابن عمر وقال للرجل : وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله : البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها ) يعني أن العاصي قد يوفقه الله للتوبة ، أما المبتدع فإن لا يوفق إليها والعياذ بالله إلا أن يرحمه الله عز وجل . ورأى التابعي الجليل سعيد بن المسيب رجلاً : يصلى بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه عن ذلك ، فقال الرجل : يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟ فقال له ابن المسيب : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة ، وقال الإمام أيوب السختياني رحمه الله : ( ما ازداد صاحب البدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ) . وقال الإمام الشافعي رحمه الله : لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء ) يعني : البدع في الدين . فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من الوقوع في ما يسخط الله جل وعلا من المعاصي كبيرها وصغيرها ومن البدع خفيها وجليها واتبعوا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم واتركوا ما أحدثه المحدثون وما ابتدعه المبتدعون فإن الشيطان صرفهم عن طاعة الرحمن واتباع سيد الأنام وأوقعهم في المعاصي والبدع وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً وما علموا أنهم مرتكبون لأعظم الذنوب التي لا تزيد العبد من ربه إلا بعداً . واحرصوا على اتباع الكتاب والسنة وآثار السلف في أقوالكم وأفعالكم فإن الدين كامل لا يحتاج إلى زيادة من أحد كائنا من كان ومن. اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة والقصد في الغنى والفقر وكلمة الحق في الغضب والرضى ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المؤمنين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أكمل لنا بنعمته شرائع الدين ،، وهدانا لاتباع سيد الأولين والآخرين ، وأقام على خلقه الحجة البالغة فلو شاء لهداهم أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بخفيات الأمور وسرائر الصدور وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله المؤيد بالوحي المبين ومن تركنا على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا من كان من الهالكين ، وأعرض عن طريق السلف الصالحين واتبع طريق المبتدعين الضالين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فاتقوا الله تعالى أيها المؤمنون حق التقوى واشكروه على ما من به عليكم من نعمة الإسلام والهداية لهذا الدين القويم الذي أكمله الله وأتمه ورضيه لنا،، فمن عمل بشرائعه كان من الناجين ومن أنقص منه أو زاد فيها ما لم يشرعه الله كان من المعرضين أنفسهم للعقوبة العاجلة والآجلة .
عباد الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) رواه البخاري . وكان من الخير الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم: الوصية باتباع سنته، ومن الشر الذي حذرنا منه: المحدثات والبدع في دين الله عز وجل، فعن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ فَقَالَ (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )[ صحيح سنن ابن ماجه] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيُبعَدُ رجالٌ من أمته عن حوضه يوم القيامة فلا يشربون منه بسبب إحداثهم في دين الله واختراعهم للبدع ففي صحيح مسلم أن النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ فَإِيَّايَ لَا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا)[البخاري ومسلم].
إذا علمتم عباد الله - ما تقدم من خطورة البدع في الدين وإثم فاعلها عند الله فإنه قد أحدث بعض الناس - في هذا الشهر شهر ربيع الأول من كل سنة وبالتحديد في اليومِ الثانيَ عشرَ منه بدعةً عظيمةً ومنكراً كبيراً ألا وهو الاحتفال بالمولد النبوي، وقد أثبت أهل العلم بالتاريخ أن أول من أحدث هذه البدعة هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري سلطان إربل في أواخر المائة السادسة من الهجرة، ثم انتشر بعده إلى أقطار المسلمين فهؤلاء الذين يعملون المولد متبعون له في ذلك وليسوا متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لأحد من الصحابة ولا لأحد من التابعين ، بل ولم يستحسنه علماء الدين وأئمة الهدى وفي هذا المولد يجلس أصحابه في مكان يحتفلون ويذكرون سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويصلون عليه بأذكار وأوراد مخترعة وينشدون القصائد في مدح النبي وآل بيته والتي فيها من الغلو وقد يكون فيها من الشرك بالله تعالى أو سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة أو الاستغاثة به أو اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر معهم فهو يراهم وهم لا يرونه ، أو غير ذلك من الأباطيل، وقد يختلط الرجال بالنساء ويرقصون على الأبيات والقصائد التي تنشد وقد يصاحب ذلك موسيقى وغناء وأمور محرمة كثيرة يصعب حصرها، ويفعلون كل ذلك بدعوى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أفتى أهل العلم من كل المذاهب الإسلامية المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة قديماً وحديثاً بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي وأنه من البدع والمحدثات في دين الله وأن فاعل ذلك قد ارتكب معصية عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب بل أرتكب إثما أعظم من كبائر الذنوب ألا وهو البدعة والإحداث في الدين وذلك لأن الله تعالى أمرنا أن نرد ما تنازع فيه الناس إلى كتابه، وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى:(( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)). [النساء: 59] وقال تعالى: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)) [الشورى : 10] ، وقد رد العلماء هذه المسألة- وهي الاحتفال بالموالد - إلى كتاب الله سبحانه، وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام فوجدنا أن الاحتفال بالمولد النبوي قد اشتمل على المخالفات الشرعية الكثيرة وواحدة منها كافية في تحريم هذا الاحتفال فكيف إذا اجتمعت بعضها أو كلها ونذكر منها ما يلي :
1- المخالفة الأولى : أن عمل المولد لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولم يأمر به ولم يحث أمته عليه ولا دعاهم إليه ولا رغَّبهم فيه ، ولم يفعله أصحابه – رضي الله عنهم ولم ينقل أن أحدا منهم فعل هذا المولد أو دعا الناس إليه بقوله أو بفعله مع أنهم كانوا أشد الناس حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، وهذا أمر خطير جدًا على دين المسلم ولتتيقن من هذه الخطورة اقرأ قول الله تعالى : (ومَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115) قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: ( كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخِر مقالاً )، فالمحتفلون بالمولد النبوي إما أن يقولوا إنهم أكثر حباً لرسول الله من الصحابة، أو يقولوا : إن الصحابة لم يعلموا هذا الأمر ولكن من جاء بعدهم وعلموه وعملوا به وكانوا أحرص على الخير من الصحابة ، وهذان القولان باطلان وضلال بعيد.
2- المخالفة الثانية: ما في الاحتفال بالمولد النبوي من استدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم وإساءة ظن به، فكأن حال المحتفل بمولده يقول: إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكمل الشريعة، أو لم يبلغها تمام البلاغ بل أبقى منها شيئاً ليكملها الناس بعده. قال الإمام مالك – رحمه الله - : (( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم ، خان الرسالة لأن الله يقول : {اليوم أكملت لكم دينكم } فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ))
3- المخالفة الثالثة : ما في المولد من التشبه بالنصارى بمشابهتهم في إحداث احتفال بمولد الرسول الله صلى الله عليه وسلم كما أحدثت النصارى عيد ميلاد المسيح عيسى عليه السلام، والنبي أخبر أن هذه الأمة ستتبع سنن من كان قبلها من اليهود والنصارى ، فمن أحدث المولد النبوي فهو متشبه بالنصارى-شاء أم أبى- وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ). [انظر: اقتضاء الصراط المستقيم(ص294)].
4- المخالفة الرابعة : ما يفعله هؤلاء المحتفلون في ليلة المولد من إنشاد القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، وهذا من الغلو الذي حذّرنا منه عليه الصلاة والسلام بقوله: ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري . والإطراء هو المبالغة ومجاوزة الحد في المدح بالباطل والإفراط فيه، وهذا هو حال المحتفلين بالمولد وصل بهم الغلو ومجاوزة الحد إلى أن أنشدوا القصائد الشركية والتي فيها استغاثات بالرسول وبآل بيته ، وفيها غلو شنيع ، وفيها وصف رسول الله بصفات لله تعالى ونذكر أمثلة على هذه القصائد مثل قولهم: ( يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم) ، فهنا هذا الشاعر يلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واللياذ كالعياذ وهو طلب النفع ودفع الضر ، وهذا لا يكون إلا لرب العالمين جل جلاله ، ومن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فقد أشرك . وكقوله : (فإن من جودك الدنيا وضرتَّها ومن علومك علمَ اللوح والقلم) ، أي إن الدنيا والآخرة من عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وجوده وهي له يملكها ويعطي من يشاء ويحرم من يشاء ، وهذه مخالفة صريحة لقوله تعالى: (وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى) (الليل:13)، فالدنيا والآخرة لله تعالى وحده وليست لأحد من البشر كائناً من كان ، ويقول أيضاً: من علوم النبي علم اللوح المحفوظ وما سطره القلم في الأزل ، وهذه كلها صفات لله تعالى جعلها للنبي صلى الله عليه وسلم فماذا ترك لرب العالمين جل جلاله ، وأين هو من قول الله تبارك وتعالى : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)، وأين هو من قول الله تعالى : ((قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65) . هذا أيها الإخوة قليل من كثير مما يقرأ ويترنم به في الموالد من الأناشيد الشركية والتي ترفع الرسول إلى مرتبة الألوهية والعياذ بالله. مع ما يصاحب هذه الأناشيد من ضرب بالدفوف والموسيقى في بعض الأحيان ، والرقص والتمايل وهز الرؤوس والأجسام. وهذا أيها الإخوة لم نقرأه في الكتب فقط وإنما رأيناه بأعيننا ولا يستطيع أحد إنكاره أو التشكيك فيه لأن الواقع سيكذبه. فأي عالم بل أي طالب علم صغير يجيز هذه الأمور المنكرة ويقرها ؟!
5- المخالفة الخامسة : ما في إقامة الموالد من إثارة الفرقة والتنازع بين المسلمين وقال تعالى : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران:105] . فإن الذين يقيمون هذه البدعة ينظرون إلى من ينكرها وينصح الناس بتركها ويحذَِّّر منها بأنهم لا يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم أويتنقصونه ، أو يسيئون إليه، فتحدث حينئذٍٍ الفرقة والاختلاف بين عباد الله المؤمنين ، ولو أنصف العقلاء لعلموا أن الإساءة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم هو باتهامه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ عن ربه عز وجل شيئا أوحاه إليه ،، فأيهما أولى بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من شرع دينا لم يشرعه الله ورسوله أم من اقتفى أثره واتبع سبيله فلم يحدث شيئا في دين الله . وحذّر من مخالفة الرسول والزيادة في الدين والابتداع فيه؟!. فأحذِّر نفسي وإياكم – عباد الله – من البدع في الدين وخصوصاً بدعة الاحتفال بالمولد النبوي ، فإنها بدعة ضلالة، فيحرم فعلها أو حضور هذا الاحتفال إلا لإنكارها وبيان الحق فيها، ولا سيما في حق من يقوى على البيان ويغلب على ظنه سلامته من الفتن. أما حضورها للفرجة والتسلية والاستطلاع فلا يجوز( )؛ لما فيه من مشاركة أهلها في منكرهم وتكثير سوادهم وترويج بدعتهم، ويجب على كل من علم من يقيمها أن ينصحه ويخوفه بالله وأن يخبره أن ما يقوم به منكر كبير ووزر عظيم ، وأنه بفعله هذا يزداد من الله بعداً وإثما، ويجب على طلبة العلم والدرسين وكل من له استطاعة أن يحذِّر من هذه البدعة ويبين كلام أهل العلم فيها ويبين خطورتها على دين المسلم وعقيدته ، ونسأل الله لنا ولكم ولسائر المسلمين الهداية والبعد عن مضلات الفتن ومنكرات الأخلاق والأهواء إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وامتثلوا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن هذا الشهر، شهر ربيع الأول قد كان فيه مولده ، وفيه هجرته ووفاته، فلا يجوز أن نجعله موسماً للأفراح، ولا للأتراح، بل الواجب أن نتذكر حالته على الدوام، وأن نقتدي به طوال العام في قيامه بعبادة ربه، ودعوته إلى دين الله، وتبليغ رسالة ربه، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم لا يتم إيمان عبد حتى يحبه عليه الصلاة والسلام ولكن محبته لا تكون باختراع البدع والمحدثات بل تكون محبته باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه قولاً وفعلاً واعتقاداً وسلوكاً وعبادة . ولقد كان السلف الصالح رحمهم الله من الصحابة والتابعين يحذرون أشد الحذر من البدع والمحدثات في الدين ولا عجب في ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم رباهم على بغض البدع وبين لهم خطورتها ، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) ، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) ، وعطس رجل إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقال الرجل : الحمد لله والسلام على رسول الله فأنكر عليه ابن عمر وقال للرجل : وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله : البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها ) يعني أن العاصي قد يوفقه الله للتوبة ، أما المبتدع فإن لا يوفق إليها والعياذ بالله إلا أن يرحمه الله عز وجل . ورأى التابعي الجليل سعيد بن المسيب رجلاً : يصلى بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه عن ذلك ، فقال الرجل : يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟ فقال له ابن المسيب : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة ، وقال الإمام أيوب السختياني رحمه الله : ( ما ازداد صاحب البدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ) . وقال الإمام الشافعي رحمه الله : لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء ) يعني : البدع في الدين . فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من الوقوع في ما يسخط الله جل وعلا من المعاصي كبيرها وصغيرها ومن البدع خفيها وجليها واتبعوا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم واتركوا ما أحدثه المحدثون وما ابتدعه المبتدعون فإن الشيطان صرفهم عن طاعة الرحمن واتباع سيد الأنام وأوقعهم في المعاصي والبدع وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً وما علموا أنهم مرتكبون لأعظم الذنوب التي لا تزيد العبد من ربه إلا بعداً . واحرصوا على اتباع الكتاب والسنة وآثار السلف في أقوالكم وأفعالكم فإن الدين كامل لا يحتاج إلى زيادة من أحد كائنا من كان ومن. اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة والقصد في الغنى والفقر وكلمة الحق في الغضب والرضى ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المؤمنين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة





