السحر ممارسة طبيعية اجتماعية ثقافية مرتبط بتاريخ البشرية
01-02-2013, 08:39 PM
السحر ممارسة طبيعية اجتماعية مرتبطة بتاريخ البشرية
منقول
يبدو تاريخ السحر، باعتباره ممارسة ذات طبيعة اجتماعية/ثقافية، الأقرب ارتباطا بتاريخ البشرية نفسها، ففي كل الحضارات القديمة يظهر السحر والسحرة في صدارة المشهد الاجتماعي والثقافي في صورة جلية واضحة بحيث لا تخطئها عين المراقب العادي، فضلاً عن الباحثين والمتخصصين. ومن ثم، فإن لنا أن نلاحظ أنه لا يوجد تاريخ جماعة إنسانية في تاريخ البشرية الاجتماعي والثقافي يخلو من حديث عن السحر وتراثه.
التطورات الناجمة عن التقدم والتطور في مجالات العلم والتكنولوجيا أفقدت السحرالكثير من جوانب وظيفته الاجتماعية/الثقافية وجدواه
قصص «هاري بوتر» الشهيرة، ما بين الكتاب والفيلم تشير إلى اهتمام الثقافة الإنجليزية بالسحر والسحرة
إن الأديان السماوية تحدثت في كتبها التي تخاطب المؤمنين بها وتفرد مساحات لا بأس بها للحديث عن السحر والسحرة (انظر مثلا قصة النبي موسى ومواجهته لسحرة فرعون، قصص السحرة الأخرى في الكتاب المقدس، أو القرآن الكريم). وبطبيعة الحال فإن الأديان الوضعية، منذ بداية الوجود البشري على هذا الكوكب، ولاسيما عبادات الجماعات البشرية العادية، تهتم كثيرا بالسحر وتربطه بالممارسات الدينية ربطًا وثيقًا، بحيث كان رجال الدين في هذه المجتمعات يجمعون بين وظيفتهم السحرية ووظيفتهم الدينية من دون أن يجد أتباعهم غضاضة في هذه الازدواجية الوظيفية في خدمة الجماعة البشرية. ولا يخلو تراث أي أمة من الأمم: سواء كانت هذه الأمة من الأمم العريقة صاحبة الحضارات القديمة، أو كانت جماعة بدائية في ركن من أركان العالم المعاصر الذي لم تمسه رياح التمدن سوى مسٍّ هين، من المعتقدات المرتبطة بالسحر وممارساته.
ومنذ عصور موغلة في أعماق الزمن وأغوار التاريخ، كانت كلمة السحر هي العليا، لسبب بسيط هو أن المعرفة الإنسانية كانت ومازالت في طور طفولتها الباكرة، ولم يكن الإنسان قد اكتشف الوسائل التي تعينه على فك غوامض تقلبات الحياة من حوله، أو وسائل السيطرة على الطبيعة: على مستوى الكون وظواهره، وعلى مستوى الفرد ومشكلاته الفردية. ولم يكن أمامه سوى البحث عن تفسيرات خارقة للطبيعة لدى رجال الدين والكهنة والسحرة الذين ادعوا القدرة على التفسير والتغيير، وكان ذلك أول ظهور للوظيفة الاجتماعية للسحر والسحرة وهي وظيفة لاتزال قائمة في مجتمعات اليوم على الرغم من كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته البشرية في رحلتها التي لم تكتمل بعد في رحاب الزمان. فلايزال الإنسان يعاني العجز في مواجهة بعض مشكلاته الشخصية، وربما يكون هذا هو السبب في أن الوظيفة الاجتماعية / الثقافية للسحر تراجعت إلى مستوى الممارسات السرية والفردية، بعد أن كانت تحتل صدارة المشهد في عصور البشرية الأولى. لقد كانت أهمية السحر فائقة القيمة حين امتزجت بالدين في العصور القديمة، إذ إن الدين ارتبط بالمعجزات الخارقة للطبيعة، وكذلك كان السحر يتعامل مع الظواهر الخارقة للطبيعة. ومن ناحية أخرى، ارتبط السحر بالنبوءة وقراءة الطالع التي كانت من أهم وظائف الكهنة ورجال الدين في العصور القديمة والعصور الوسطى، كما كانت ترتبط ارتباطًا وثيقًا بممارسات الأباطرة والملوك والحكام القدامى في مجالات السياسة والحرب. وتحفل مصادر التاريخ القديم في كل الحضارات والثقافات، تقريبًا، بالأدلة المتواترة على صدق هذه المقولة.
الكنيسة والسحر
وفى العصور الوسطى في أوربا التي كانت قد اعتنقت المسيحية على نحو شكلي لم يخلصها من الكثير من التراث الوثني من ناحية، والتى ظلت بعض مناطقها وثنية حتى بعد نهاية العصور الوسطى من ناحية أخرى، كانت هناك منافسة شرسة بين رجال الكنيسة الكاثوليكية وبين السحرة على الانفراد بهذه الوظيفة الثقافية/ الاجتماعية للسحر. ويحفل التاريخ الاجتماعي/الثقافي لأوربا العصور الوسطى بصور شتى للصراع والمنافسة بين السحرة والدجالين والمشعوذين من جهة، والقساوسة ورجال الكنيسة الكاثوليكية من جهة أخرى، على كسب ثقة الناس في حل مشكلاتهم. ويجب ألا تدهشنا حقيقة أن الكنيسة كانت الفاعل الرئيس في محاكمات السحرة ومطاردة الساحرات، وعمليات إعدام الساحرات في العصور الوسطى حتى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. وفى أثناء تلك العصور تكونت الصورة الأوربية النمطية عن الساحرة ومكنستها الشهيرة التي نراها اليوم في القصص والأفلام الموجهة للأطفال. وقصة العلاقة بين السحر والدين هى بعينها قصة العلاقة بينهما معًا من ناحية، والإنسان من ناحية أخرى. لقد كان السحر من الوظائف الأساسية للكهنة ورجال الدين في الماضي البعيد، ولم تنفصم هذه العلاقة عندما دخل رجال الكنيسة في مجال الصراع ضد الشيطان الذي كان السحرة يتعاملون معه أيضًا، كما دخلوا معه في علاقات متناقضة ما بين التعاون والخصومة. وعلى الرغم من تحول العلاقة بين السحر والدين في كثير من الأحيان إلى علاقة عداوة وصراع، فإن العلاقة بينهما ظلت قائمة. فقد تطورت من الامتزاج والاختلاط، إلى المنافسة والعداء حيث كانت الغلبة في البداية للسحر، ثم انتصر الدين في النهاية. بيد أن هزيمة السحر في أوربا في العصور الحديثة الباكرة، لم تكن بسبب قوة الدين، كما أن الدين لم يستطع أن يقضي على معتقدات السحر بصورة نهائية في المجتمعات الأوربية في أواخر العصور الوسطى ومطلع العصور الحديثة.
ذلك أن التطورات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن التقدم والتطور في مجالات العلم والتكنولوجيا في أوربا آنذاك خلقت الوسائل البديلة والفعالة في شتى مجالات الحياة والتي تفوقت في فعاليتها بحيث أفقدت السحرالكثير من جوانب وظيفته الاجتماعية/الثقافية وجدواه النفسية التعويضية في مجالات الطب والعلاج للبشر وللحيوانات التي يستخدمونها على السواء، والكشف عن اللصوص، ومكافحة الحرائق، واستعادة المسروقات، والبحث عن الكنوز.. وما إلى ذلك. بيد أن هذا لا يعنى بأي حال أن المعتقدات السحرية قد اختفت، فقد بقيت الحاجة إلى السحر مرتبطة بالعجز الإنساني، ولاسيما في المجالات النفسية والوجدانية التي يعجز الطب، بفروعه المختلفة عن علاجها. وعلى الرغم من أن الدين تخلص في أوربا العصور الحديثة من كثير من شوائبه القديمة (خصوصا بعد حركة الإصلاح الديني وانتشار المذاهب المنبثقة عن البروتستانتية)، فإن الاعتقاد بوجود الشيطان وتجسده، وما يرتبط بذلك بالضرورة من إيمان بوجود عالم خفي مستور، يمثل السحر إحدى ركائزه المهمة، جعل الدين عاجزًا عن القضاء على السحر بصورة نهائية وحاسمة.
السحر ثقافة فرعية
وما يصدق على المجتمع الأوربي في العصور الوسطى وبواكير العصور الحديثة، يصدق على المجتمعات البشرية في كل زمان ومكان بصورة أو بأخرى، مع التنويعات والاختلافات الطبيعية الناجمة عن اختلاف الظروف الاجتماعية والسكانية في كل مجتمع من المجتمعات هنا وهناك. ولايزال الناس في كل المجتمعات البشرية: سواء تلك التي توصف بأنها متقدمة، أو تلك التي توصم بأنها بدائية، ينجذبون إلى السحر بشكل أو بآخر؛ بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إن معتقدات السحر تمثل نوعا من الثقافة الفرعية في المجتمعات الإنسانية بأسرها. ولا بأس في أن نكرر أن السحر يؤدى وظائف اجتماعية/ثقافية متنوعة، وبدرجات متفاوتة، في هذه المجتمعات كلها، كما أن للسحر والعقائد الشعبية المرتبطة به، فوائد نفسية ومنافع وجدانية لبعض الناس غير القادرين على التوافق مع واقع الحياة في مجتمعاتهم. وفى داخل كل مجتمع يخترق الاهتمام بالسحر ومعتقداته وممارساته جميع الطبقات الاجتماعية بشكل رأسي من القاعدة إلى القمة: من عامة الناس الأميين والبسطاء إلى النخبة المتعلمة والمثقفة. صحيح أن هناك من يهزأ بما يقال عن السحر والسحرة وممارساتهم, ولكن الصحيح أيضا أن هناك من يؤمن بهذه الممارسات، ومن يروج لفعالية السحر. وفى جميع الأحوال، فإن السحر هناك في انتظار من يلجأ إليه.
قراءة الطالع الكترونياً!
ففي كثير من الصحف اليومية والمجلات في كل الثقافات توجد فقرة خاصة عن الحظ أو «البخت» (وغالبًا ما تكون بعنوان حظك اليوم) التي يحرص كثير من الناس على قراءتها لسبب أو لآخر. هذه الممارسة التي تعتبر نوعا من التنجيم الذي ارتبط كثيرًا بالسحر لم تقتصر على الصحف وحدها، وإنما ارتبطت بالكمبيوتر أعظم اختراعات البشر الذي يستخدم لقراءة الطالع أيضًا، على الرغم من وظائفه العديدة المفيدة. وعلى مستوى آخر من مستويات الحياة اليومية، نجد الناس في كثير من المجتمعات، على اختلاف مستوياتها الحضارية وثقافاتها، يتحدثون عن السحر في لغة تمزج بين الرهبة والرغبة، والمثير أن كثرة منهم يتحدثون عن السحر والسحرة برنة صدق وإيمان عجيب: فمازالت أحاديث الجن والعفاريت تحتفظ بجاذبيتها الغالبة لدى عامة الناس ولدى المتعلمين منهم، فالجني الذي يعشق إحدى الفتيات أو النسوة فيتلبسها، ويأبى الخروج منها ويجعل تصرفاتها غير مفهومة، وقد يصيبها بالهوس، والشاب أو الرجل الذي «يركبه» جنّي أو عفريت تنتابه حالات غير طبيعية تجعل من يحيطون به عاجزين عن فهم السبب في ما طرأ عليه من تغير وارتباك، أو ذلك الذي يعاني عجزًا في حياته الجنسية لأنه «مربوط»، أو من يسقط من الرجال أو النساء في أزمة ما، في حياته المنزلية أو في مجال عمله، بسبب عمل من أعمال السحر الشريرة من جانب أحد خصومه أو أعدائه والتي لا علاج لها سوى لدى السحرة والمشعوذين.. وما إلى ذلك كلهم زبائن مضمونون للسحرة، كما أن قصصهم تدور في مجتمعاتنا العربية، وغيرها من المجتمعات بطبيعة الحال، نسمعها في شغف أحيانًا وفي استنكار أحيانا أخرى، ولكنها تمثل جزءًا من ثقافة موجودة وإن حاولنا إخفاءها في الأركان المظلمة والسرية من حياتنا الاجتماعية لسبب من الأسباب. وتدور أحاديث السحر في جميع مجالات الحياة: في مجالات الحب وفي مجالات العداوة والكراهية على السواء، وتتناول هذه الأحاديث السعادة والتعاسة، والنجاح والخيبة بالقدر نفسه من الإيمان والاستنكار. ولايزال الناس، حتى هذه اللحظة يتحدثون عن السحر وفنونه، ويتبادلون الكتب المتخصصة فيه، ويتناقلون أسماء السحرة الذين يمكنهم علاج من احتار الطب التقليدي في علاجه في هذا البلد أو ذاك. ولا يقتصر الأمر على الحديث وتداول القصص المثيرة عن السحر والسحرة، بل يتعدى الأمر نطاق الكلام إلى نطاق الممارسة: إذ يتوجه كثير من الناس إلى أحد السحرة طلبا للعلاج، أو سعيا لمعرفة من سرق ممتلكاتهم بواسطة استخدام «المندل» وغيره من الوسائط السحرية، أو لعمل سحر مضاد لفك «العمل» الذي وضعه خصومهم لإيذائهم، أو لإيقاع رجل أو فتاة في الحب، أو لمعاكسة الأعداء والخصوم وإيذائهم.. وما إلى ذلك من ممارسات. وهناك كتب مشهورة من كتب تراث السحر الموروثة من عصور سابقة يسعى البعض من الذين يهتمون بأمور السحر إلى الحصول عليها واقتنائها، ومن المثير أن عددًا لا بأس به من هؤلاء من المتعلمين، وبعضهم من الذين اجتازوا المرحلة الجامعية. وعلى مستوى الثرثرة، تستهوينا تلك القصص الغامضة والمثيرة عن السحر والسحرة وممارساتهم العجيبة التي تدور على الألسنة في ما يشبه الأحاديث السرية، أو أحاديث النميمة أحيانا (على الرغم من أن المبالغة والميل إلى التهويل غالبا ما يصاحب هذه الحكايات والقصص). ومن ناحية أخرى، مازالت قصص السحر الخيالية في الأفلام السينمائية، وعلى شاشات أجهزة التلفزيون، وفى سطور الكتب والمجلات والصحف تستحوذ على اهتمام الكبار والصغار، فقد نجحت تلك الفنون في ترسيخ صورة الساحرة الشريرة بمكنستها التقليدية التي تطير بها ممارساتها الخارقة للطبيعة. ولا يخلو الإقبال الواسع الذي تحظى به الفنون المرئية التي تتناول السحر من دلالة ومغزى، ولا تتجرد من معنى. وربما تكون قصص «هاري بوتر» الشهيرة، بتنويعات وسائل نشرها المختلفة ما بين الكتاب والفيلم السينمائي أو التلفزيوني، ما يشير إلى اهتمام الثقافة الإنجليزية بالسحر والسحرة، وهو الاهتمام الذي تشاركها فيه الثقافة الغربية والثقافات العالمية الأخرى التي تستهلك هذه القصص الخيالية عن السحر والسحرة بصفة عامة. ولعل هذا امتداد لحفاوة الناس قديما بقصص السحر والجن والعفاريت في «ألف ليلة وليلة» وغيرها من التراث الشعبي الذي كان رواته يقومون بالدور الذي تقوم به الأعمال الدرامية في السينما والتلفزيون في عالمنا اليوم. إن قصص السحر وحكايات السحرة ذات جاذبية خاصة في كل الثقافات الإنسانية، كما أن العقائد والممارسات السحرية لاتزال تلقى الاهتمام في المجتمعات القبلية البدائية في إفريقيا، مثلا، وفى المجتمعات التي بلغت من التقدم العلمي مرتبة عالية. فهل يمكن أن يكون هذا بلا معنى ولا ضرورة؟
إن أهم ما في موضوع السحر أنه كان، ولايزال حتى اليوم، من أهم وسائل الإنسان لتفسير ما عجزت الوسائل الأخرى عن تفسيره من المشكلات الفردية والأسرية الغامضة، والظواهر والأحداث غير الطبيعية، وغير المعقولة وغير المقبولة داخل الإطار الاجتماعي/الثقافي العادي. وللسحر دائما «سحره» عندما يفشل الطب، والعلم، والدين في حل مشكلات الإنسان. ومن المسلَّم به أن المجتمعات الإنسانية تتخلى عن الممارسات والمعتقدات والعادات والتقاليد التي لا تكون لها فائدة على أي مستوى من المستويات التي تدور عليها الحياة في هذه المجتمعات، وهو ما يعني في التحليل الأخير أن المعتقدات المتعلقة بالسحر مازالت تؤدي وظيفة اجتماعية/ ثقافية ضرورية في المجتمعات المختلفة، ومن ثم فإنها بقيت حتى الآن. ولكن من المهم أيضًا أن نضع في اعتبارنا أن هذه الوظيفة الاجتماعية/الثقافية للسحر تختلف من حيث قوتها وأهميتها من مجتمع لآخر وفق درجة تقدمه وقدرته على تقديم البديل الفعّال للدور الذي يؤديه السحر في هذا المجتمع أو ذاك. ومع هذا فإن السحر يؤدي أدوارًا متفاوتة الأهمية في المجتمعات البشرية: فهل للمعتقدات الشعبية المرتبطة بالسحر ضرورة اجتماعية؟.
--------------------------------
* أكاديمي من مصر.
قاسم عبده قاسم*
من مواضيعي
0 نقطة نظام حول تعمد العضوين الافريقي و ابن عربي نشر الاكاذيب بالنقاش الحر
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين







