أنا الذي نظر الأعمى إلى... كذبي
14-06-2013, 06:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الاول
عندما كنت مراهقًا، كان أبي وأمي ــــ رحمهما الله ــــ كثيرًا ما يتناقشانِ معًا في أمورٍ تكاد تكون مبهمةً بالنسبة لي آنذاك، حيث كانا يخوضانِ في أمورٍ فكريّة وتحاليل سياسية. وهذا عند تناولهما شاي المساء بعد عودتِهما من عملِهما الطبي والجامعي.
وكم ما كان أبي يردّد:
إنّ التخاذلَ السياسيَّ العربيَّ سينتهي به المطاف إلى مُساءلة المجاهدين و المقاومين؛ لماذا قاوموا وحاربوا المستعمر؟
و كنت حينئذٍ لا أصدّق كلام أبي، وأرى أنّ فيه بعض المبالغة، لأنّني ببساطة كنتُ لا استطيع أن أتخيّلَ أمّةً تنحدر إلى نقطة الصفر، وهي نقطة اللاجهاد واللامقاومة..
بل وتغوصُ تحت نقطة الصفر حين تلوم مجاهديها على حروب التحرير.
ولكن ها هي قد تعدّت ذلك بعد أن وصلت اليوم الى وصم مجاهديها بالإرهاب.
وكمكافأة مستعمريها.
فإن كلّ أشكال المقاومة قد اختفت بما في ذلك الخطب والاشعار وبيانات الاستنكار، وصار الجهاد " بالمعجزات " تقليعةً أو موضةً سياسية.
ولم يبقَ من الشهامة العربية إلا بعض وميضٍ خافتٍ من تهيّجات الشارع العربي ببعض المسيرات والمظاهرات المحسوبة لمضاعفاتها المحدودة.
والتي لا ترقى إلى مصاف صناعةِ أو اتخاذِ رأيٍّ عامٍّ محليّ، إضافة إلى منفذ إعلامي وسياسي هنا، وآخر هناك، للتظاهر أنهم يلعبون ورقة التشويش على أمريكا وسياستها من قبيل الحبكة الدرامية لمسلسلٍ دمويٍّ صارت معروفة نهاياته.
لكن حين يصيرُ الوميض الخافت الذي كان العرب يظنّوه، على محدودية تأثيره مستقلاّ وغير خاضعٍ للأخطبوط الأمريكي ـــــ مجرد لعبة في يد هذا الأخير، يكتشِف الفرد من العرب ـــــ حجم الأكذوبة العربية بسياساتها وأدبياتها
عندها تشكّ للحظة أن ذلك الهيجان الوقتي واللحظي للشعوبِ، كما يسميه علماء النفس، هو هيجانٌ لامتصاص الغضب بأقل التكاليف الممكنة،
إن لم أقل بالمجان.
إنه سلاحٌ امريكيٌّ لامتصاص الغضب العربي وإظهاره بمظهر الجهاد المزعوم الذي لا يتعدى الصراخ مع الصارخين.
إن أولَ من يشجع العرب على "إطلاق النار" على أمريكا باستعمال زناد اللسان فقط، هي أمريكا ذاتها .
فهي من تدفع بعض العرب لأن يتوهّم البعض أن بصراخهم قد يجعلونها تتخلى عن كل مصالحها، أو سوف تتنازل عن كل ما ستُجنيه من مكاسب تاريخية واقتصادية، أو سوف تتنازل عن فرض هيبتها على كل مناوئيها في العالم الغربي قبل العربي.
ولا محالة أن العربَ سيستفيقون يومًا ليس فقط على حقيقة، بل أن "شتائمهم وسبابهم" لأمريكا لن يزيد أو ينقص منها شيئًا ، بل بالعكس أن تلك " الشتائم والسباب" قد ينفعونها.
وبعد مرور الزمن ستدرك الشعوب العربية أن تلك "الشتائم" صاغها المكلفون بالسياسة الإعلامية والدعائية بالبيت الأبيض والبنتاغون وكتابة الدولة، وأنّ من يتواطئ مع أمريكا في هذه اللعبة، هم صناع الرأي العام من العرب ليضحكوا على ذقونِ شعوبهم*
*ملاحظة:
هذا مقال كتبتُه ونشرته منذ مدة، وكأنه يحكي ما نراه اليوم على الساحة العربية، وبعد إذنكم أعيده نشره هنا.. لمقارنة ما قيل وما يجري الآن للتأمل وأخذ العبر.
إلى اللقاء في القسم الثاني.
من مواضيعي
0 من ثقب الروح كانت أمنية
0 هكذا قال: فولتير
0 وأرغم المعزَّى بالانتقال إلى المعزِّي
0 هل سيصبح " خاشقجي" " البوعزيزي " آخر؟
0 والقادم أقبح وألعن .. حتى خارج " مضارب العرب"
0 قال قائلهم" السيادة خط أحمر" فجاءه الرد من الذي " يحميه"
0 هكذا قال: فولتير
0 وأرغم المعزَّى بالانتقال إلى المعزِّي
0 هل سيصبح " خاشقجي" " البوعزيزي " آخر؟
0 والقادم أقبح وألعن .. حتى خارج " مضارب العرب"
0 قال قائلهم" السيادة خط أحمر" فجاءه الرد من الذي " يحميه"
التعديل الأخير تم بواسطة علي قسورة الإبراهيمي ; 14-06-2013 الساعة 06:19 PM








