تحية إكبار للبرلمان الفرنسي/ الكانب عبد الناصر
26-06-2015, 12:53 AM
لا يمكنني سوى أن أقف احتراما وإكبارا للبرلمان الفرنسي، الذي رفض أن تمرّ زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر، من دون أن يضعه في حجرة الامتحان، يسأله عن سبب الزيارة وحيثياتها، وطبعا أهدافها ،أو دعونا نقل بصريح العبارة: ثمارها، ليس من أجل السؤال، كما يحدث عندنا، مع صغار المسؤولين، عندما يطرح نائب في المجلس الشعبي الوطني سؤالا عابرا، وقد يغيب عن استماع الإجابة، طبعا إن ردّ عليه المسؤول أو الوزير أصلا، وإنما في انتظار الإجابة وتحليلها، ولا يمكن لعاقل سوى أن يقف متحسّرا على البرلمان الجزائري، الذي ينام نوابه في بيات شتوي وصيفي، منذ أن وصلوا إلى المقعد المريح، ولن نبو بسر صادم لو جزمنا بأن بعض أفراده، لا يعلمون أصلا بأن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد زار الجزائر، أما عن الأجندة التي حملها معه، فسنقول نكتة لو خطر على بالنا بأن أحد أعضائه على علم بها.
لا جدال في أن فرنسا دولة كبرى، حتى وإن كان القطار الألماني والصيني قد فاتها قليلا، ولا جدال في أن النموذج السياسي والاقتصادي الفرنسي مازال قائما وصالحا، في عالم يتطور بسرعة، وتبرز فيه بين الحين والآخر، قوى لم يحسب أحد لها في مناطق بعيدة، من البرازيل إلى الهند إلى اندونيسيا إلى جنوب إفريقيا، ولكننا لا نفهم لماذا تصرّ الجزائر سلطة وشعبا أن تبقى مرتبطة شكلا بفرنسا، ولا تأخذ الحسنات منها، وعلى سبيل المثال ما يقوم به نواب الشعب الفرنسي، الذين بلغوا هذا المنصب الحساس الصانع للقرار، بأصوات الشعب، ورهنوا أنفسهم على مدار الخمس سنوات التي يعملون فيها، لخدمة الشعب الفرنسي، وخدمة بلدهم فرنسا.
ليس مشكلة أن يكون همّ البرلماني الجزائري، هو الحصول على الحصانة أو جواز السفر الديبلوماسي أو التأشيرة لزيارة فرنسا وبقية بلاد العالم، وتأمين حياته بمرتب ضخم، خلال "الخدمة التي لا خدمة فيها سوى رياضة رفع اليد"، وخلال مرحلة التقاعد، لكن أن يبدو مثل "الأطرش في الكرنفال" طوال فترة جلوسه على مقعد البرلمان، فتلك إساءة للوطن، وليس لشخصه فقط.
فقد عاشت الجزائر في سنة واحدة أكثر من خمسة عشر ألف احتجاج، ولا برلماني سأل أو عدّ هذا الرقم المهول، وتعيش انهيارا اقتصاديا لا يختلف عن الكارثة، بعد انهيار سعر النفط، ولا أحد سأل أو علم بحجم "الطامة"، ومرّت محاكمة الخليفة بكثير من نقاط الظل أو في الظل نفسه، ولا أحد سأل أو ربما تابع المحاكمة، وها هو الرئيس الفرنسي يقوم بزيارة خاطفة إلى الجزائر، قال فيها كلاما منسوجا من الألغاز ولا أحد سأل، بالرغم من أن الفرنسيين وغيرهم سألوا.
الذين وصفوا البرلمان الجزائري بغرفة الحلاقات مذنبون بالتأكيد، فمهنة الحلاقة فن وسعي دائم للقمة العيش، والحلاقات نساء يشتغلن في الأعراس والأعياد، وحتى في رمضان، بينما المجلس الشعبي الوطني عندنا لا فنّ فيه، ولاسعي للقمة العيش، ولا وجود له في الأعراس والأقراح، بل إنه لم يعد مجلسا، ولم يعد شعبيا... ولم...؟







