تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > المنتدى العام

> ملف هام جدا/حزب البعث العربي الاشتراكي السوري كتلة حوت: كفر الإسماعيلية الباطنية، والنصرية، والدروز،

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
hamid4
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 05-10-2009
  • المشاركات : 127
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • hamid4 is on a distinguished road
hamid4
عضو فعال
ملف هام جدا/حزب البعث العربي الاشتراكي السوري كتلة حوت: كفر الإسماعيلية الباطنية، والنصرية، والدروز،
19-06-2013, 11:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم.

منقول من: http://www.ahlelhadith.net/waha/view...da2e08293#p234


ملف منتقى من مقالات عدة جمعه فضيلة الشيخ عبد الحميد العربي الجزائري ونسق بين حروفه ليكون أقرب إلى القراء:
(حزب البعث العربي الاشتراكي السوري كتلة حوت: كفر الإسماعيلية الباطنية، والنصرية، والدروز، والنصارى، واليهود، والشيوعية الفاشية).
الجزء الأول:
إنّ الحمدَ لله، نحمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا، ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي لـه.
وأشهـدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وسلم.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] [آل عمران102].
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً] [النساء:1].
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً] [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
لقد تتبعت بإمعان تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي السوري منذ أن أسس، إلا أن صار في قمة هرم الحكم في سوريا والعراق، فوجدته مستلا من أفكار الملاحدة الذين كفروا بكل دين، وتنكروا لجميل القيم التي تواصى بها أصحاب الفطر السليمة، ومن نظر في مؤلفات القوم التي تركوها وراءهم كوثيقة إدانة لهذا الحزب يدرك بوضوح حجم الصراع الذي كان يدور في أروقة الحزب وينتهي إما بسجن المخالف أو إعدامه، أو إجلائه إلى أبعد الأماكن.
ولا بأس بذكر الكتب التي تناولت حزب البعث الاشتراكي السوري بالتعريف، وهي بين كتاب ألفه صاحبه لكشف مخازي الحزب، أو كتاب ألفه مناضل في الحزب يذب فيه عن حزب البعث، أو يصارع مخالفا له انشق عن الحزب وكوّن كتلة للمعارضة.
المراجع التي تكشف أصول حزب البعث العربي الاشتراكي:
=(الحركات القومية في ميزان الإسلام).للأستاذ منير محمد نجيب، وهو كتاب لا بأس به كشف اللثام عن كثر من الحركات العربية الفاشلة.
=(الأستاذ):وهو ترجمة موسعة لميشيل عفلق: لزهير المارديني أحد رؤوس حزب البعث.
=موسوعة السياسة ذات التوجه البعثي.
=الأعمال الكاملة: لمنيف الرزاز. الذي كان أميناً عاماًلحزب البعث العربي الاشتراكي سنة 1965م بدلاً من ميشيل عفلق ثم أصبح أميناً عاماًمساعداً لحزب البعث سنة 1977م، ثم أعدمه حزب البعث في بغداد عام 1984م ويعتبر من كبارالمنظرين والمؤصلين لفكر البعث.
=(البعث): لسامي الجندي التابع للطائفة الإسماعيلية، وأحد رؤوس حزب البعث، تقلد منصب وزير الإعلام بعد انقلاب سنة 1963م.
=(حزب البعث؛ مأساة المولد ومأساة النهاية): لمطاع صفدي.
الحكومات التي تولت قيادة الشام على مدى عقود طويلة:
1 ـ حكومة شكري القوتلي: من 1946م وحتى 29/3/1949م.
2 ـ حكومة حسني الزعيم: استلم السلطة عدة شهور من سنة 1949م.
3 ـ حكومة اللواء سامي الحناوي: بدأ حكمه وانتهى في نفس عام 1949م.
4 ـ حكومة أديب الشيشكلي: استمر حكمه حتى سنة 1954م.
5 ـ حكومة شكري القوتلي: عاد إلى الحكم مرة ثانية واستمر إلى توقيع اتفاقية الوحدة مع مصر سنة 1958م.
6 ـ حكومة الوحدة برئاسة جمال عبد الناصر: 1958ـ 1961م.
7 ـ حكومة الانفصال برئاسة الدكتور ناظم القدسي: وقد دام الانفصال من 28/9/1961م وحتى 8/3/1963م. وقد قاد حركة الانفصال عبد الكريم النحلاوي.
وقوع الشام في قبضة حزب البعث الاشتراكي:
ومنذ 8/3/1963م وإلى اليوم فقد وقعت سوريا تحت حكم حزب البعث الاشتراكي، وقد مرت هذه الفترة بعدة حكومات بعثية هي:
ـ حكومة قيادة الثورة: 1963م وفيها برز صلاح البيطار كرئيس للوزراء.
ـ حكومة أمين الحافظ: من 1963م وحتى 1966م.
ـ حكومة نور الدين الأتاسي: 1966مـ 1970م حيث لعبت القيادة القطرية للحزب دوراً بارزاً في الحكم، وقد برز في هذه الفترة كل من صلاح جديد الذي عمل أميناً عاماً للقيادة القطرية وحافظ الأسد الذي عمل وزيراً للدفاع.
ـ حكومة حافظ الأسد: من سنة 1970م وإلى سنة 2000 ميلادية.
أبرز قادة حزب البعث العربي الاشتراكي:
سامي الجندي: تقلد منصب وزير الإعلامبعد انقلاب 1963م.
- حمود الشوفي: عمل سكرتيرا عاما للقيادة القطرية الأولى إلا أنه انشقوجماعته عن الحزب في آذار سنة 1964م، وهو الآن في العراق.
- منيفالرزار: (أردني سني جاهل) عمل سكرتيرا عاما للقيادة القومية للحزب من نيسان 1965م إلىشباط 1966م.
- مصطفى طلاس: (سني جاهل): ولد سنة 1932م، درس في الكلية العسكرية بحمص،انضم إلى الحزب في سنة 1947م وعمل رئيسا لمحكمة الأمن القومي للمنطقة الوسطى من1963م، ورئيس أركان اللواء المدرع الخامس من 1964م-1966م ورئيس الأركان للقواتالمسلحة من شباط 1968م ونائب وزير الدفاع من 1968-1972م وفي آذار 1973م وصار وزيراللدفاع وما يزال.
- اللواء يوسف شكور: خلف مصطفى طلاس في رئاسة الأركان وهو من منطقة حمص.
- اللواءناجي جميل: من دير الزور ، كان قائدا لسلاح الجو من تشرين الثاني 1970م وحتى آذار 1978م .
- سليم حاطوم : حاول أن يقود انقلابا عام 1966م لكنه فشل في ذلك ، وقد أعدم في عام 1967م .
- زكي الأرسوزي : (من لواء إسكندرون) مؤسس مع ميشيل عفلق ومنافس له .
- شبليالعيسمي: ولد عام 1930م، عمل وزيرا للإصلاح الزراعي ثم وزيرا للمعارف ، ثم وزيراللثقافة والإرشاد القومي 1963م-1964م ونائبا للأمين العام لحزب البعث 1965م .
- عبدالكريم الجندي : من أنصار صلاح جديد ، انتهى منتحرا عام 1969م
- سليمانالعيسى: (من لواء اسكندرون) منظر ومفكر وشاعر .
- أحمد الخطيب : استلم رئاسة الجمهوريةمن تشرين الثاني 1970م واستقال في شباط 1971م وهي الفترة الانتقالية بين حكومة نورالدين الأتاسي وحكومة حافظ الأسد، وقد كان عضو القيادة القطرية الموسعة من 1965مكما استلم رئاسة مجلس الشعب لفترة قصيرة .
- يوسف زعين : مولود في البوكمال 1931مطبيب، عمل وزيرا للإصلاح الزراعي 1963-1964م، وسفيرا في بريطانيا، وفي 1965مانتخب عضوا في القيادة القطرية ، ومن شباط 1966م إلى تشرين الأول 1968م ، كان رئيساللوزراء حتى عام 1970م .
- جلال السيد : عضو مؤسس في حزب البعثوهو من مدينة دير الزور وقد ترك الحزب لكنه بقي نشيطا في السياسة السورية .
- عبدالحليم خدام: ولد 1932م في بانياس، خريج كلية الحقوق بدمشق تنقل في عدة وظائف حيثعمل محافظا لمدينة حماة ومحافظا لمدينة القنيطرة ومحافظا لمدينة دمشق 1964م ووزيراللاقتصاد 1969م ووزيرا للخارجية من 1970م، ثم نائباً للرئيس حافظ الأسد، ثمنائباً للرئيس بشار الأسد، وهو عضو القيادة القطرية، ثم انشق بعد ذلك عن نظامبشار الأسد، وغادر إلى باريس، وتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، وأسس معهمجبهة الخلاص الوطني .
- حافظ الأسد : ولد بالقرداحة من قرى اللاذقية سنة 1930، تخرج في الكليةالعسكرية بحمص 1955م عمل قائدا لقاعدة الضمير الجوية 1963م، وقائدا لسلاحالطيران 1964م انضم إلى المجلس الوطني لقيادة الثورة 1965م، انضم إلى صلاح جديد فيانقلاب 1966م وصار وزيرا للدفاع من 1966م إلى 1970م . ومن تشرين الثاني 1970م صاررئيسا للجمهورية بعد قيادته الحركة التغيرية التي أوصلته إلى السلطة. ولقد تولى حافظ الأسد حكم سوريا لما يقرب من 30 سنة، حكم خلالها سوريا بأسلوب قمعيودموي جمع فيه بين شبه الصوفية والشهوات الماجنة، ومن العجيب أن حافظ الأسد قد أعلن عن سقوط الجولان في يوم 10حزيران 1967م ، وفي نفس اليوم 10 حزيران من عام 2000م أعلن عن وفاة حافظ الأسد .
- زهيرمشارقة من حلب، عين مؤخرا نائب رئيس الجمهورية لشؤون الحزب
- غازيكنعان (1942-2005م) رمز من رموز الأمن السوري، وهو من عائلة نصيرية، عين كرئيسللمخابرات العسكرية السورية في حمص، ثم رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان مماجعله يعتبر حاكم لبنان الفعلي في الفترة من 1982 حتى ما بعد 2001م، ثم عين مديراللأمن السياسي في سورية عام 2001م ثم وزيرا للداخلية عام 2004م حتى موته الغامضبتاريخ تشرين الأول 2005 ، حيث أعلن النظام السوري أنه انتحر، إلا أن بعض الجهات يعتقدأن النظام السوري قد نحره ليتخلصوا منه .
- بشار الأسد: هو من أبناء الطائفةالنصيرية، ورثِ الحقد والعار والإجرام عن والده الهالك حافظ الأسد، تولى بشارالأسد في 1 يوليو/ تموز 2000 رئاسة الجمهورية السورية، وهو الآن قائم على قمع شعبه مستعينا بالروافض والدروز.
التعريف بحزب البعث:
حزبالبعث حزب قومي علماني يدعو إلى الانقلاب الشامل في المفاهيم والقيم العربية لصهرهاوتحويلها إلى التوجه الاشتراكي، شعاره المعلن (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وهي رسالة الحزب التي يتبجح بها على رؤوس الأمة العربية.
أهدافه:
أما أهدافه فتتمثل في: الوحدة، والحرية، والاشتراكية.
كيف تأسس حزب البعث:
في سنة 1932م عاد من باريس قادما إلىدمشق كل من ميشيل عفلق (نصراني ينتمي إلى الكنيسة الشرقية) وصلاح البيطار (سني جاهل)وذلك بعد دراستهم العالية محملين بأفكار قومية وثقافة أجنبية معادية للقيم.
- عمل كلمن عفلق والبيطار في التدريس ومن خلاله أخذا ينشران أفكارهما بين الزملاء والطلابوالشباب.
أصدر التجمع الذي أنشأه عفلق والبيطار مجلة الطليعة مع الماركسيين سنة 1934م وكانوا يطلقون على أنفسهم اسم ( جماعة الإحياء العربي).
في سنة 1947م تم تأسيس الحزب تحت اسم ( حزب البعث العربي ) ، وقد كان من المؤسسين: ميشيلعفلق، صلاح البيطار، جلال السيد، زكي الأرسوزي كما قرروا إصدار مجلة باسم البعث.
- كانلهم بعد ذلك دور فاعل في الحكومات التي طرأت على سوريا بعد الاستقلال سنة 1946م التي مر ذكرها آنفا.
قال الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي: [يبدأ تاريخ هذا الحزب برجل من نصارى سوريا اسمه: ميشيل يوسف عفلق المولود في دمشق سنة 1910م .
تأثر بأدب المهجر وكتاباتإسماعيل مظهر، والشميل، وشمل اطلاعه التراثي على لزوميات أبي العلاء وديوان المتنبي.
وقرأ روايات جورجي زيدان عن التاريخ الإسلامي وكان لذلك كله أثر في صياغةعقله وفكره إضافة إلى نشأته في البيت النصراني والأسرة العريقة في دين النصارىالمنتمية إلى الكنسية الشرقية .
سافر إلى باريس بعد الانتهاء من الدراسةالثانوية وهو في الثامنة عشر من عمره للدراسة في كلية آداب بالسربون، وحصل منها علىالشهادة الجامعية في التاريخ وهناك تشكل الإطار القومي لعفلق وانضم إلى جمعيتينقوميتين هما الجمعية العربية السورية، وجمعية الثقافة العربية .
وفي باريساطلع على أعمال الكتاب والفلاسفة الأوربيين أمثال: لنيتشه، وماركس، ودوستويفكسي، وتولوستوي، وبيرغسون، وأناتول فرانس، وأندريه جيد .
وبدأ يدعو هناك بين الشبابالعرب المشارقة والمغاربة إلى القومية العربية الموحدة، وقد وجدت هذه الدعوةالاستجابة لدى بعض الشباب العرب ومن الخاصة أصدقاءه ومنهم صلاح الدين البيطار الذيكان يدرس الفيزياء آن ذاك فتعاهدا على العمل معاً، وعادا إلى سوريا عام 1933م محملينبالأفكار القومية، والثقافة الأجنبية، متشبعين بالفكر القومي الذي تلقوه في أورباووفدا به على البلاد الإسلامية .
ومن العجيب في هذه الصدد أن عفلق بعد ذلكبسنوات وبالتحديد في عام 1941م حذر من القومية التي تأتي من أوروبا وبين أنها منالأخطار والمفاسد فقال في كتابه [في سبيل البعض] ص 137: [إن هذه القوميةالتي تأتينا من أوروبا مع الكتب والمجلات يهددنا بخطر مزدوج فهي من جهة تنسيناشخصيتنا وتشوهها، ومن جهة أخرى تسلبنا واقعنا الحي وتعطينا بدلاً منه ألفاظاً فارغةورموزاً مجردة].
فما أصدق وصفه هذا على حاله وما أكثر تطابقه مع ما قامبه من عمل .
بعد عودة عفلق والبيطار من باريس عملا في التدريس ومن خلالهأخذا يبثان أفكارهما بين الزملاء والشباب والطلاب، وقد درّسا في ثانوية واحدة هي مدرسةالتجهيز الأولى وكانت أكبر مدارس دمشق وأهمها .
درّس عفلق مادة التاريخوالاجتماعيات بينما درّس البيطار الفيزياء والفلك .
كانت التوجهات الأدبيةواضحة إذ نشر عدداً من القصص القصير والقصائد، كان يطمح أن تكون على مستوى عال منالإبداع والحداثة ليوصل من خلالها أفكاره تحت ستار الأدب .
وفعلاً أخذت هذهالأفكار تستقطب عدداً من الشباب من طلبة المدارس والجامعات وفئة المثقفين .
وفي عام 1941م أسس البيطار جامعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي جمعتالذين اقتنعوا بأطروحات عفلق، ثم أصدر بالاشتراك مع الماركسيين مجلة الطليعة سنة 1934م ومنذ حزيران في هذه السنة أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم " البعث العربي "ولكنالحزب لم يأخذ هذه التسمية إلا فيما بعد .
وفي عام 1945م افتتح أول مكتبللحزب بدمشق ولم يكن عدد أعضاءه يوم ذاك يتجاوز أربعمائة ثم جرى تنظيم الحزبعسكرياً وفي 1946م أصدرا جريدة البعث اليومية، وفي نيسان 1947م تم تأسيس الحزب تحتاسم " حزب البعث العربي " وافتتح ميشيل عفلق المؤتمر التأسيسي الأول للحزب وفيه أقردستور الحزب ونظامه الداخلي وجُعل عفلق " عميداً " وهو المنصب الذي أطلق عليه فيمابعد " الأمين العام " .
وكان من المؤسسين لهذا الحزب: غير عفلق والبيطار؛جلال السيد، وزكي الأرسوزي، وفي عام 1953م اندمج حزب البعث والحزب العربي الاشتراكيالذي كان يقوده أكرم الحوراني في حزب واحد سمياه حزب البعث العربي الاشتراكي ثمأصبح الحزب بعد ذلك يقوم بأدوار فاعلة في الانقلابات والحكومات التي تعاقبت على سوريا.
وأظهر مشاركة لهم كانت في حكومة اللواء: سامي الحناوي التي بدأت في 1949م بانقلاب ضد صاحب أول انقلاب عسكري في سوريا حسني الزعيم، فقد أشرك الحناويفي الحكومة ميشيل عفلق وأكرم الحوراني قبل اندماجهما، وانتهت حكومة الحناوي فيالعام نفسه بانقلاب أديب الشيشكلي واستمرت حكومة الشيشكلي من 1949-1954م .
وقد أشرك بعض البعثيين في الحكومة ولكنهم كانوا يضيقون ببعض توجهاتهالإسلامية ومنها: إعلان الدستور الجديد 1950م الذي اعتبر الدين الإسلامي مصدراًأساسياً للتشريع – وعلى ما تنطوي عليه هذه العبارة السلولية نسبة إلى عبد الله بنأبي سلول من سوء حيث أنه يصح – بناء على منطوقها – أن يكون هناك مصادر للتشريع غيرالإسلام إلا أن الإسلام هو الأساسي – ومع ذلك اعتبر البعث هذا الدستور رجعياًفقاموا من خلال ضباط البعث في الجيش بأول انقلاب بعثي في حلب فاهتزت حكومة الشيشكليفغادر البلاد واستلم الحكم شكري القوتلي سنة 1956م وكانت هذه المرة الثانية لهوالأولى كانت بعد استقلال سوريا عام 1946م وانتهت عام 1949م بانقلاب حسني الزعيم] .
قال أحد المؤرخين العارفين بخبايا حزب البعث:
[إن حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ولد عام (1943ميلادية)، على شكل أجزاء غير كاملة الخلقة، ولدت نصفه الأول فئة متعلمة من مدرسي المدارس الثانوية في العاصمة السورية دمشق، وفي ثانوية محددة كانت تعرف في سنوات الحرب العالمية الثانية بـ "ثانوية التجهيز الأولى" ثم سميت بـ "ثانوية جودت الهاشمي" ولا ندري ما أسمها الآن. وكان هناك اتصال وتجاوب بين طلاب هذه الثانوية وطلاب ثانوية دمشقية أخرى هي "ثانوية عنبر"
كان هناك أستاذ ثانوي هو – زكي الأرسوزي – من أبناء لواء "الاسكندرون" قاد حركة مقاومة طلابية ضد تتريك اللواء المذكور. بعد أن درس الفلسفة في فرنسا. وتخرج فيها، واتصل بما كان الفكر الفرنسي يموج به في تلك المرحلة من أفكار، وقد انطلق بعد عودته إلى لواء "الأسكندرون" يدعو إلى "البعث العربي" الذي اعتبره الحل الوحيد لتحرر "لواء الأسكندرون" من احتلال فرنسا ومن دعاة التتريك في وقت واحد. ولم يلبث الارسوزي إلا قليلاً حتى صار أقرب ما يكون إلى مرتبة الزعامة الثقافية والسياسية في "اللواء السليب" كما كان يطلق عليه في أدبياته. وقد اضطر لمغادرته بعد أن ألحق رسمياً بتركيا الجديدة. وغادره معه مجموعة من طلابه من أبناء اللواء المذكور إلى دمشق. وقد قدم الارسوزي نموذجاً من العمل السياسي لا عهد لدمشق به، فمن حيث الفكر كان فكره ثورياً فجرته عمليات الكفاح المتنوع لإبقاء لواءه جزءاً من سوريا لا من تركيا، والمحافظة على هويته العربية، وأكسبت قضية الاسكندرون فكره طابعاً عملياً متحركاً لم يكن متوافراً لمفكري ثانويات دمشق أمثال عفلق والبيطار. وكانت الفواصل في ذهن الارسوزي بين فكر الزعامات التقليدية وفكرة البعث العربي الذي يتخيله ويريده واضحة. فقد عاصر الرجل اليسار الفرنسي وتتلمذ على بعض رموزه وحاول توظيف جوانب من الفكر اليساري الفرنسي في التركيبة البعثية القومية بنجاح أغرى شباب ذلك الجيل ولفت أنظارهم إليه، فقد حول حصيلته الفكرية إلى إيديولوجية مثالية يمكن للمتعلمين الباحثين عن عقيدة للعمل والتنظيم تفصلهم عن مجموعات الشيوعيين والإسلاميين والزعامات التقليدية معاً أن تتبناها فانتشرت مدرسته الفكرية واشتهرت عام (1950) في أوساط الطلاب الذين وجدوا فيه مصدر الإيديولوجيا والزعامة وأساليب العمل القومي المنظم. فاكتشفت الزعامات التقليدية الشامية والمدرسون الذين لم يكونوا قبل الارسوزي يواجهون منافسين لهم وزن مهم بهذا المستوى فبدأت عمليات تحجيمه ومحاصرته من هؤلاء جميعاً. فكل هؤلاء قد رأوا في هذا الغريب الطارئ على البيئة الدمشقية السياسية تهديداً.
أما ميشيل عفلق وصلاح البيطار فقد كان لهما أسلوبهما الخاص في تحجيمه بعد احتواءه ثم استهلاكه فكرياً. فقد دعى الرجلان الارسوزي للتعاون مع النواة التي شكلاها أو كانا يهيئان لتشكيلها "البعث العربي" وهي النواة التي حاولا أن يقنعاه بأنها انعكاس لأفكاره، وتعبير عن فلسفة التوافق معه، لكن الأمر لم ينطل على الارسوزي فبعد لقاءات محدودة معهما خرج ليتهم عفلق والبيطار بالتواطؤ مع المخابرات الفرنسية للإجهاز على حركته الناشئة، ورأى في شخصية عفلق وجهوده تحالفاً مع المخابرات الفرنسية لإجهاض حركة "البعث العربي" باسم "البعث العربي" كما كان له مثل ذلك الرأي في الزعامات التقليدية التي خضعت لمساومات المحتل الفرنسي وقبلت التعاون معه لإجهاض ثورات الشعب!! ومحاولاته لتحقيق التحرر الحقيقي، وراح الارسوزي يعقد الحلقات في بيته وفي المقاهي وفي الفصول التي يدرس فيها للتنديد بالزعامات التقليدية وبعفلق والبيطار واتهامهم - جميعاً – بالتواطؤ المكشوف مع قوى الاحتلال الفرنسي لإجهاض ثورات الشعب، وقد كان رد فعل عفلق ضد الارسوزي عجيباً حيث تبنى عفلق أفكار الارسوزي في "البعث العربي" وانتحلها على أنها أفكاره، وصار يعبر عنها بلغته وطريقته، ويعتبرها "الإيديولوجيا القومية" التي ابتعث عفلق للتبشير بها والدعوة إليها. وحين نتابع المعارك الفكرية قديماً وحديثاً، ونحاول رصد أسلحة معارك "الكلمة والمعتقد" لا نرى سلاحاً أشد فتكاً بالأفكار من تبنيها بعد تفريغها من محتواها، و جعلها مجرد شعار لا مضمون له. وإذا بحثت عن المضمون من خلال الشعار أو شرحه قيل لك: إنه شعار ذو حرمة وقدسية لا نسمح لأحد بتحليله أو تفكيكه حتى إذا كان من أولئك الملتزمين به، لأن "تحليل" الشعار يفقده قدسيته، ويزيل عنه حرمته. لأن عفلق يدرك أنه لو تم تحليل تلك الشعارات لبرزت الأفكار الكامنة فيها، والمرموز إليها بها، فيفقد عفلق صفة "الإبداع".
وهكذا كان عفلق والبيطار قد استوليا على فكر الارسوزي الذي أمد مجموعتهما بالأيديولوجيا وإمكانات الزعامة، وأجندة العمل القومي المنظم بحيث كان يتوقع أو يفترض أن ينطلق الحزب بين الجماهير ويبدأ مرحلة التفاعل مع قضايا الشعب والالتحام به، ولكنه بدل ذلك قد دخل - بشكل ملفت للنظر - عزلة لم يكن سهلاً عليه مغادرتها والخروج منها، حيث انضم إلى فئتهما المعزولة تجمع آخر إقليمي كان يحمل عنوان "الحزب العربي الاشتراكي" وهو حزب حموي النشأة والانتشار كان يتزعمه أكرم الحوراني. وكان أهم أهداف ذلك الحزب هو مقاومة من سموهم بالإقطاعيين في حماة. والوصول إلى الحكم بأية وسيلة متاحة، ولذلك كان الحوراني يركز على وسيلتين أساسيتين عنده هما: العمل على تحريض الفلاحين ضد ملاك الأراضي، ومحاولة الوصول إلى عناصر عسكرية يمكن التأثير عليها، وتحويلها إلى أدوات في اللعبة السياسية. وباتحاد مجموعة الحوراني مع مجموعة عفلق والبيطار ولد النصف الثاني من الحزب ليصبح "حزب البعث العربي الاشتراكي" يقوده الثلاثي عفلق والبيطار والحوراني بكل ما يحمل ذلك الثلاثي العجيب من عقد ومركبات نقص ومطامع وأهداف وعلاقات مشبوهة وغير مشبوهة.
لعل معرفة هذه الولادة العجيبة للحزب تثير أكثر من علامة استفهام!! وتنبه بشدة إلى ذلك المناخ الفكري والسياسي المضطرب. فقد ولد في سنوات الحرب العالمية الثانية وفي ظل احتلال الجيوش البريطانية، وبقايا القوات الفرنسية لقلب العالم العربي، وعلى أيدي قادة تحيط بهم الشبهات من كل جانب، ولا يخفى عجزهم الفكري والجهادي على متابع لتلك الفترة الدقيقة الحرجة من تاريخ سوريا ولبنان والمنطقة. إضافة إلى أن المرحلة كانت مرحلة ارهاصات سبقت بقيام إسرائيل وولادتها- التي لم يكن يخفى على قادة النظام العالمي– آنذاك – ضرورة تهيئة المنطقة لاستقبال ذلك الوليد الطارئ وتبنيه، وضمه إلى "أسرة حاضنة" هي "أسرة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير".
وإذا كانت تركيبة القيادة بالشكل الذي وصفنا فإن تركيبة الحزب – كلها – لا تقل عنها عجباً في إثارة الشكوك والتساؤلات عن تلك القيادة الثلاثية، فقد ضم "حزب البعث" في صفوفه الأولى غالبية من أبناء الأرياف الذين انتقلوا من القرى والأرياف إلى مراكز المحافظات التي تتوافر فيها المدارس الثانوية لمواصلة الدراسة، وكانت الخلايا الأولى للحزب تستقطب أبناء طوائف معينة "فاللوائيون" أو أبناء "لواء الاسكندرون" الذين استطاع عفلق أن يستقطبهم حوله - بعد محاصرة الارسوزي - وهم من اتباع الارسوزي سابقاً، كانوا ينتمون إلى الطائفة "العلوية" فصار هؤلاء دعاة للحزب بين أبناء طائفتهم من شباب جبال العلويين ليجندوا دعاة آخرين للحزب من أبناء ثانويات اللاذقية والساحل.
وكان لعفلق صلات عائلية بحكم انتمائه إلى عائلة نصرانية تسكن حي "الميدان" في "دمشق" وتتعامل مع الجنوب – أي حوران وجبل العرب "الدروز" – ولها صداقات مع بعض الأسر الدرزية سرعان ما وظفها للوصول إلى طلاب الثانويات الدروز في دمشق والسويداء مركز محافظة جبل العرب، وقد تحددت بنية الحزب منذ البداية بطبيعة البنى الاجتماعية التي انحدرت منها تلك العناصر الحزبية الأولى: فكانت بنية ريفية من نوعية أنصاف المتعلمين من طلاب بالدرجة الأولى ثم أساتذة وموظفين. ومن جذور طائفية محددة؛ تأتي بالدرجة الأولى منها الجذور العلوية، ثم الدرزية، فالإسماعيلية، فالمسيحية. وقد ترتب على ذلك أمور كثيرة.
  • ملف العضو
  • معلومات
hamid4
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 05-10-2009
  • المشاركات : 127
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • hamid4 is on a distinguished road
hamid4
عضو فعال
رد: ملف هام جدا/حزب البعث العربي الاشتراكي السوري كتلة حوت: كفر الإسماعيلية الباطنية، والنصرية، والد
19-06-2013, 12:05 PM
الجزء الثاني:


مصادر فكر حزب البعث:

مصادر فكر "حزب البعث" محدودة جداً، ولذلك فإن البعثي الذي يريد أن يحمل صفة "مثقف" لابد له من تجاوز ثقافة الحزب ومصادرها والبحث عن الزاد الفكري والثقافي في مجالات أخرى خارج مصادر فكر الحزب وثقافته؛ إذ أن مصادر فكر الحزب وثقافته الرسمية لا تتجاوز:
1- مجموعة أحاديث وكلمات مرتجلة بدون إعداد مسبق يلقيها عفلق، أهمها ما كان قد ألقاه خلال السنوات الأولى لتأسيس الحزب على شباب "الطلائع الأولى للبعث" وهي التي حولها الحزب إلى كتب تحمل عناوين جذابة إضافة إلى اسم المؤلف مصدراً بلقب "القائد المؤسس".
2- مجموعة مقالات عفلق والبيطار الافتتاحية السياسية لجريدة الحزب في الفترة التي سبقت انقلاب حسني الزعيم عام 1949، وكانت تلك المقالات مكرسة لتوجيه النقد السياسي الساذج لمظاهر الحكم الوطني الذي أعقب جلاء الفرنسيين عام 1946.
3- منشورات الحزب ضد الحكومات السورية المتعاقبة بعد الجلاء، وكلها من إعداد عفلق، والبيطار ويساعدهما بعض شباب الحزب.
4- مجموعة مقالات مترجمة في الفلسفة والأدب والسياسة لبعض المفكرين الفرنسيين اليمينيين واليساريين.
5- بعض كتب حررها بعض كتاب الحزب الذين كانوا مرضياً عنهم من عفلق في تلك المرحلة، منها كتابات منيف الرزاز وعبد الله عبد الدايم.
ولذلك كانت قيادة الحزب تكثر من إحالة الأعضاء على تراث لا ترى بأساً به لسد ذلك الفراغ. وكان بعض الأعضاء يحاولون البحث عن زاد ثقافي بأنفسهم، فقد يقبل بعضهم على الدراسات الماركسية أو الدراسات التي تناولت قضايا العرب قبل الثورة العربية في (9 شعبان) وما بعدها. ولذلك كان من الصعب أن يقال: إن الحزب قدم لأعضائه ومناصريه دليل عمل فكري واضح أو غامض". ومع كثرة أحاديث البعثيين عن الثقافة لكن الحزب كان بدون ثقافة. والذين يسمون بـ "مثقفي الحزب" ليسوا أكثر من مجموعة من حملة الشهادات، (وللحزب طريقته الخاصة في تزويد بعض أعضائه بالشهادات والرتب). ومنذ أن ولد الحزب وحتى اليوم لم يستطع الحزب أن يقدم نفسه على أنه صاحب مدرسة فكرية، كما لم يستطع أن يقدم برنامجاً عقائدياً واضحاً. فالحزب في نظر عفلق مهمته أن يشق الدرب لا أن يعبده لسالكيه، فالمهم أن تعلن أهدافاً تحسن اختيارها وتنادي بها، وتحولها إلى شعارات يسهل على الجماهير حفظها وترديدها والمناداة بها مثل "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" "الطليعة" "البعث" "الأصالة" "قدر الأمة" "الموضوعية" "المرحلة التاريخية" "اللحظة التاريخية" "الوحدة" "الحرية" "الاشتراكية" "المؤامرات الاستعمارية" "العوامل السلبية" "الثورة" "إجهاض الثورة" "العنف الثوري" "الطهر الثوري" العهر الثوري" وتأخذ خطابات وأحاديث عفلق وتلامذته توكيدات على كل ما يطرحه الحزب وكأنها أركان إيمانية متلازمة "فلا بد من الوحدة ولا بد من الحرية ولا بد من الاشتراكية" وكل هذه "اللابدات" غير قابلة للتعليل ولا للتحليل ولا للمناقشة ولا للتقديم ولا للتأخير، فالحديث عن هذه العلاقات محرم، وجيلنا لا يزال يتذكر اختلافات الحزب مع عبد الناصر على تقديم الحرية على الوحدة أو العكس في الشعارات المطروحة.
أما الإحالات فقد أبدع القائد المؤسس فيها، وحين نقرأ أدبيات الحزب وخاصة ما كتبه عفلق نجد أن في ذهن الرجل نموذجين مثاليين. النموذج الأول: هو صورة المجتمع الغربي "الفرنسي خاصة"، والنموذج الثاني هو: نموذج العربي الجاهلي ذي العرق النقي والخيال الخصب والشعر والفروسية. ولأنه لا يستطيع التصريح بهذا النموذج المركب العجيب الذي يجمع بين جاهلية العربي الجاهلي، والنموذج الفرنسي المتقدم بقدرة خيالية عجيبة فانه كان يفضل اختزال الأفكار إلى شعارات وعبارات خطابية يرفض البحث في معانيها. ولا يسمح لأحد بتحليلها أو مناقشتها حتى لو كان من قادة الحزب.
إنه يصر على ترديد كلمة "البعث العربي" تاركاً لكل أحد أن يفهم منها ما يشاء وما يريد، إذ يكفي عنده أن يردد كلمة كهذه تستدعي جملة كبيرة من الإيحاءات لا حصر لها تمتد فيما بين الدنيا والآخرة، ولكن ما الذي يريده القائد المؤسس؟ هل هو بعث الماضي العربي أو التاريخ العربي؟ وما الذي يراد له أن يبعث منه أهو الجاهلية – التي يصفها بالنقاء العرقي – أم الإسلام أم شيء آخر يؤلفه من بينهما؟ أم ماذا؟ هذا ما يطوي عفلق عليه جوانحه، لأنه في نظره أكبر من أن تحتمله العقول التي لا تحمل عبقرية مثل عبقريته.
وهكذا شأنه مع سائر الشعارات والمصطلحات التي تم طرحها: غموض وإبهام، مع طنين ورنين، واحتمالات لا تنتهي، وأما إصراره على عدم تحديدها فذلك لأن القائد المؤسس يدرك أن فهم الأطروحات والشعارات يقود إلى البحث عن أصولها وجذورها، ويحمل على المطالبة بالتدليل عليها، وقد يؤدي إلى رفضها، وطلب البدائل عنها. وفيلسوف الحزب لا وقت لديه لهذا الصداع فليطرح ما يشاء، وليخف وراء ذلك من المعاني ما يريد، ثم يستأثر – وحده – بتحديد المراد إذا شاء ووقت ما يشاء، لأن المعاني – كل المعاني – في بطن القائد المؤسس. ولا زال جيلنا يذكر أن الرئيس عبد الناصر بعد لقاءاته بعفلق في محادثات الوحدة خرج يقول للناس في خطبة معلنة "الأستاذ بتاعهم ما اقدرتش أفهم منه غير يعني يعني يعني، كل كلمة يقولها يردد بعدها يعني يعني يعني وبعدين ما تفهمش يعني أيه"!.
وقد كان عفلق حين تبنى دعوات عبد الناصر وأيد سياساته يستهدف ركوب الموجة لتحقيق وحدة مستعجلة، يمكن فكها في أقل من الوقت السريع الذي أبرمت فيه، كما أنه كان يظن أنه سيكون قادراً على التأثير في عبد الناصر بذات المستوى الذي أثر فيه على الضباط السوريين، وبذلك يجير عبد الناصر وشعبيته ومكانته، وما كان له من أمجاد في تلك المرحلة لصالح ذاته وحزبه. ولما رأى من عبد الناصر غير ما كان يتوهم سرعان ما نبه الخلايا النائمة للحزب الذي كان قد وافق على حله، نبه تلك الخلايا إلى خيبة أمله في عبد الناصر وضرورة النهوض بالحزب من جديد، والتخلي عن عبد الناصر. وإذا بعفلق يضحي بالوحدة وينضم ومن كان معه من عسكريين ومدنيين إلى خصوم لها، يتآمرون لفكها حتى حققوا الانفصال.
ذلك مفهوم هذا الحزب وبناؤه التاريخي، والمصادر الساذجة لفكره، أما فلسفته ومذهبيته إن جاز أن نطلق عليها فلسفة ومذهبية فتتلخص فيما يلي:

فلسفة "حزب البعث العربي الاشتراكي" ومذهبيته:

يقول ليونارد بايندر في: الثورة العقائدية في الشرق الأوسط، ترجمة: جبرى حماد، القاهرة: دار القيم، 1966: "يمثل عرض عفلق للفكرة القومية من منظوره البعثي خليطاً من الفلسفات الغربية الشائعة، فهو يأخذ من هيردر [هيردر مفكر وناقد ألماني، ولد في روسيا الشرقية سنة "1744-1803"، ومن دعاة حركة التجديد الفكري في ألمانيا]؛ مقولته: "إن لكل أمة رسالة خاصة بها، عليها أن تؤديها، وأن في وسع كل أمة أن تسهم عن طريق هذه الرسالة في تحقيق الانسجام العالمي"، ويضمَّن عفلق عرضه – أيضاً - تأكيد هيجل على التاريخ وعلى الوجود القومي فيه، لكنه يستعيض عن جدل هيجل المنطقي، بمفهوم "الحلقة التاريخية" في الصعود والهبوط. وتظهر في كتابات عفلق– أيضاً - نظرية ماركس في الصراع الطبقي، كما يضمنها تأكيداً كبيراً على الأساس الاقتصادي للسياسة، ولكنه يرفض "الحتمية" التي تبناها ماركس، كما يرفض "التفسير المادي" رفضاً كاملاً. وكانت الاشتراكية التي تبناها عفلق جزءاً من فكرته القومية البعثية. تماماً كما كانت صهيونية بورسوف جزءاً من اشتراكيته، وأخيراً نجد في كتاباته شيئاً من "المذهب الحيوي" الذي نادى به برجسون" [لويس برجسون فيلسوف فرنسي ولد في باريس من أصل يهودي سنة "1859- 1941"، كان والده موسيقياً، درس في كلية فرنسا للفلسفة وانتخب عضواً في المجمع العلمي الفرنسي 1914، وحصل على جائزة نوبل 1928.].
ويشرح بايندر كيف قام عفلق بانتقاء وتلفيق مركب مذهبيته من هؤلاء الأربعة: فيقول: "ومن المفيد إلقاء بعض الضوء على نظرية عفلق القومية البعثية ما دام بصياغته هذه يكاد يخلو من المعنى (على حد تعبير الكاتب)، وقد أخذ من هيجل مذهبه بعد تطويره. فالمذهب الجدلي عند هيجل فحواه: أن الحياة العقلية منفصلة تمام الانفصال عن التاريخ الواقعي، ولذلك استعاض عنه بمفهوم "الحلقة التاريخية في الصعود والهبوط" وهذا المفهوم يمثل رؤية عفلق للتاريخ العربي وتمثيله بحلقات يبلغ فيها أوج مجده ثم ما يلبث أن يتردى إلى الحضيض، والمعيار لديه في هذا الارتفاع والانخفاض، هو نقاء العنصر باعتباره المقياس الوحيد، ويلعب تفسيره هذا للتاريخ دوراً أساسياً في نظريته القوميّة البعثّية، ولذلك عارض التفسير المادي للتاريخ.
وبتلك التعبيرات والنظريات الملفقة المزيج عن "القومية العربية البعثية" استطاع عفلق أن يصوغ مذهبية الحزب بعد أن انتقى من تلك الأفكار انتقاءًا بحيث لواها كي تلتئم في نسيج واحد للتعبير عما أراده، فلقد لفق وطرح تصورات وحذف أخرى وحوّر وحرّف فيما حذف وفيما أخذ، نعم إنه فعل، ولكن في مثل هذا المجال، وهو مجال فلسفي هل يحق للفيلسوف أن يعرَّف الشيء أو الحدث كما يريد أو يتصور؟ جواب عفلق: نعم، ولذلك تبنى عفلق هذه الفكرة وهي:"أن الفكر يتصلب فيعند، ومن يعند ينتهي إلى أن يلوي الأشيـاء، وفقـاً لفكرته بدلاً من تنظيم فكره وفقـاً للأشيـاء"، ولذلك فإن القائد المؤسس قد لوى عنق الفكر القومي كله ثم الفكر الإسلامي كله ليقدم لمن يغتر بفكره من أنصاف المتعلمين تلك الخلطة العجيبة المتنافرة من الأفكار.


حتمية الانتماء إلى البعث:

تتلخص رؤية عفلق في النظرية القومية البعثية أن مرحلة الانحطاط التي عاشها العرب في عصر تأسيس الحزب ولا يزالون يعيشونها في الوقت الراهن جعلت كثيراً منهم لا يفهمون حقيقة أنفسهم ولا حقيقة قوميتهم ولا يدركون في الحقيقة هويتهم، فصاروا غير مدركين أنه ليس أمامهم مجال لاختيار أن يكونوا غير بعثيين، لأن القومية العربية البعثية موجودة فيهم من غير أن يكون للإنسان العربي دخل في تقبّله الإيجابي والاختياري لها، لأنها يعني "القومية العربية البعثية" شبيهة باسمه أو صورته، فهي جزء ثابت وفطري في ماهيته نابت فيه حتى قبل مولده، وكما أن من العبث أن يضيع الإنسان حياته في التألم، لأنه لم يولد في أسرة غير أسرته، أو يحمل صورة غير صورته، فإن من العبث أن يحاول تحرير نفسه مما يربطه بأمته أو يشده إليها، ويكرر القائد المؤسس هذا المعنى في أكثر من كتيب من كتاباته، انظر: في سبيل البعث، ص 10- 15.

رفض عفلق التحليل واعتماد الرؤية:

ومن هذه الرؤية يعتقد أن مسألة القوميّة البعثيّة لا تحتاج إلى تحليل مقوَّماتها أو عناصرها، فهي بديهيّة أوليّة لا تحتاج إلى برهان، فكأنها من البديهيات أو مسلمات ما قبل المنهج، وهو في هذا يأخذ عن برجسون قوله: "إن التحليل إنما هو تفكيك للأشياء إلى عناصر ثابتة، غير أنه تفكيك لن يفضي إلا إلى عالم مجرد أجوف". ويصف عفلق "التحليل" بأنه يعري الأمور من لحمها ودمها، ويقود إلى عدم الدقة، وإظهار المتناقضات بمظهر المتشابهات، وتحويل الحقائق إلى مجرد كلمات، فكلاهما هنا عفلق وبرجسون يرفضان الاستقراء والاستنباط ويعتمدان "الرؤية" لأن الرؤية- في نظرهما - تنفذ إلى الأشياء دون وسيط، وما هو أوّلى لا يحتاج إلى برهان، خلافاً لما هو نظري أو كسبي – عند عفلق – أما الأولى فهو نقطة البداية لأي برهان، وعندما يرفض عفلق "التحليل" فإنه من الجهة الأخرى يتمسك بـ "الأيديولوجية".

الحزب هو الأمة:

يقول عفلق: "الأمة ليست مجموعة عدديّة وإنما هي أيديولوجيّة تتجسدّ في تلك المجموعة أو جزء منها، انظر كتاب: في سبيل البعث ص: 49.
والجزء المقصود من المجموعة هو طلائع الأمة العربية أي "الحزب" الذي يقع على عاتقه عبء تعبئة الأمة وراء الفكرة القومية البعثية وقيادتها في أداء رسالتها الخالدة.
وهنا يصبح الحزب هو الأمة، ودور الأمة لا يعدو أن يكون في جعلها تنكبّ على متابعة فكر الحزب صماً وعمياناً في حالة تقليد ومتابعة لا تبالي إذا كانت تلك المتابعة تحدث للأمة قناعة بذلك الفكر أو لا تحدث.
ويعلق ليونارد على ذلك بقوله: "ليس من العسير أن يكون وراء هذا الرأي إيمان بالجماعية الصارمة ونزعة سلطوية ترغم الناس على الحرية!! أو تجبرهم على إدراك مصائرهم الصحيحة مهما كانت معتقداتهم الواعية، فالمشكلة في رأيه مثل كل شيء حملُ العربيّ على الإحساس بطبيعته الأصلية، فهو يفترض القبول على أساس الإيمان"، انظر العقائد في الشرق الأوسط.
إن عفلق وضع تصوراً جديداً للفكرة القومية البعثية ينسجم والمذهب القومي الخاص بالبعثيين الذي صاغه باقتباساته المشار إليها، والواقع أنه توخى بذلك نقطتين مهمتين في العقيدة البعثية هما:
- إعادة صياغة فكرة القومية العربية البعثية لتكون إطار مناسباً للمذهبية وخصوصياتها، ولفصل البعثيين عن بقية الفصائل القومية، فلا تنطبق عليها انتقادات المسألة القومية بعامة، فهي مختلفة عن القومية الغربية في شقيها الماركسي والتقليدي من ناحية، وغلق الباب أمام تحليل القوميين العرب الذين وصفهم عفلق بالرجعيين الذين يقحمون الدين عنصراً أو مقّوماً من مقومات هذه القومية.
- وأكد أن الطليعة هي وحدها التي تعي قوميَّتها في مرحلة الانحطاط، وتستوعب قيمها، وقد ألهمت الإيمان بدور قوميتها إلهاماً، فهي تتولى قيادة ثورة البعث، وثورة البعث هي إجراء البذل الفطري والخلقي.

البعثيون وتبديل القيم العربية:

ولقد أجاب عفلق على سؤال عن ماهية البعث وأهدافه فقال: "إن الهدف هو تبديل القيم الاجتماعية للعرب، لذا فإنه هدف بعيد المدى، إذ أن الثورة يجب أن تتناول طريقة الناس في التفكير" إضافة إلى الأفكار ذاتها.


الطلائع والقسوة والاستبداد:

لذلك فالطليعة من حقها أن تتحدث باسم المجموع، ولكي تقوم بدورها فإن على هذه الطلائع أن تحتفظ بحبها للجميع، وإذا قدر لها أن تقسو في معاملتها على الآخرين، فإنما تفعل ذلك رغبة منها في إعادتهم إلى أنفسهم، وعندما يقسو الآخرون عليها فإن هذا يعني أن هؤلاء ينكرون أنفسهم وينكرون ذاتهم، فإرادتهم الحقيقية مع هذه الطلائع وإن كانت خفية وكامنة، وإن ظهروا بمظهر الذين يعملون ضدها. إذن فإن هذه القسوة على الآخرين إنما هي من أجلهم فهي تحتفظ بحبها للجميع، وبذلك شرع عفلق للقسوة والاضطهاد واعتبر الطغيان مشروعاً للطلائع، لها الحق أن تمارسه على الأمة وفي مصلحتها، وذلك قد يفسر ظاهرة استخدام الفنانين والأدباء، شعراء وكتاباً، محامين وأطباء وطلبة، ومعظم مثقفي الحزب، للتنويه بالقسوة والاضطهاد والإشادة بهذا الحق، حق القسوة، بهدوء ولذة، ومن لم يستطع منهم الممارسة فليمتع نفسه بالفرجة على الضحايا. أما القسوة إذا صدرت عن غير الطلائع فهي وحشية وإرهاب حزبيّ يفعله قوم هم أعداء أنفسهم قبل أن يكونوا أعداء تلك الطلائع. وتلقى قضية الطلائع في عقيدة القائد المؤسس عفلق اهتماماً خاصاً، وخير ضمان لتقويتها - في نظره - هو الاحتفاظ بنقائها وصفائها وذلك برعايتها منذ عهد الطفولة وهي ما تزال بذوراً لم تلوثها البيئة الاجتماعية؛ خاصةً وأن الهدف البعيد الذي يتوخاه الحزب هو تبديل قيم العرب الاجتماعية وتغيير طريقتهم في التفكير، وإبدال أفكارهم بغيرها، بحيث تنتهي بإحلال أفكار الحزب محلها، ولذلك فإن التوجيه العقائدي ينبغي أن يتركز في الطفولة المبكرة ليؤدي ثماره.
إنالحب هذا الذي يتحدث عنه القائد المؤسس هو حب القتل والإبادة والمقابر الجماعية، فهو يحض الطلائع على القسوة ولكن بدافع الحب. ترى لو حلل أطباء نفسيون نفسية القائدة المؤسس ماذا يجدون فيها؟ ولكن لا داعي للتحليل (فهو مرفوض عند عفلق) والعراق والتدمير والتنكيل الذي لحق به شاهد على أمراضه وعاهات اتباعه، وما حدث في حماة، وما يحدث في الوقت الراهن من قتل للأبرياء ففي منظور حزب البعث ناجم عن حب لا غير؟؟.


قيم حزب البعث والجاهلية:

ولكن ما هي القيم الجديدة التي عمل عفلق وطليعته على تجسيدها في العراق وسوريا الذين ابتليا بحكمهم؟ وما هي طريقة التفكير القومية البعثية الجديدة التي حاول "حزب البعث العربي الاشتراكي" إرساء دعائمها في العراق المنكوب وسوريا الجريحة؟
يتحدث مطاع صفدي في مؤلفه "حزب البعث" عن آراء عفلق: بأنها "تنصب على الوصف والمبالغة، وصف عظمة الأمة العربية، ورفعها إلى مستوى الوجود الخارق، وإضفاء مختلف القدرات الفردية والخطابية عليها، وتنزيهها عن أية مفسدة أو نقيصة، وقد مهد عفلق أذهان أتباعه للاعتزاز بمرحلة "الجاهلية" من تاريخ العرب خاصة، واعتبار هذه الجاهلية بمثابة الأصالة الكاملة للوجود العربي، والقائد المؤسس يبدو تلميذاً فاشلاً وهو يحاول إسقاط فكرة "العصبية" الخلدونية ويعبر عنها بأفكاره. وبالمقابل حاول فكر عفلق إضعاف المرحلة الإسلامية، ولو بطريقة غير مباشرة واعتبارها مرحلة تساهل أدت إلى خلط العرب بغيرهم وإضعاف بعض خصائصهم إلى حد كبير" ، ولذلك أعاد تفسير الإسلام، وفسره كما فسر القومية العربية تفسيراً بعثياً يتناسب وذلك التوجه.
فلم يكن لدى البعثي ما يتعارض مع انتمائه الإسلامي حسب ذلك التفسير حتى لو رفض الإسلام شريعة وعقيدة وتبنى الماركسية اللينينية بديلاً عنه، وتأمل قول شاعرهم:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني

أو ما قاله شاعر بعثي آخر لصدام حسين:

تبارك وجهك القدسي فينا كوجه الله ينضح بالجلال

ويقول القائد المؤسس:"إن تأثر الشباب بالأدب والحماسة الشعرية والأساليب الخطابية المباشرة أقوى من تأثره بالدراسة الجادة"، فانطلق المثقفون الثوريون من الصفر في تاريخ أمتهم، ومازال تاريخ العرب مجهولاً حتى اليوم عند هؤلاء المثقفين البعثيين.

الحزب والثقافة الغربية:

لقد نقل عفلق تقليد الإعجاب بالثقافة الغربية إلى البعثيين، وأصبح الإقبال على قراءة "اندريه جيد" و"برجسون" أساساً عقائدياً، ويلاحظ أن الكاتب "مطاع صفدي" رغم أنه كان من قيادات الحزب لم يستطع فهم هذه النزعة وتفسير دوافعها، فهو يقول: "إن عفلق ينادي بالبساطة وبذلك يمنع التعمق، وينادي بالإيمان فيمنع التحليل والمقارنة، ولذلك صار الثوريون يأنفون من طرح الأسئلة حتى على أنفسهم، لأن ذلك – في نظر عفلق - يوحي بالتشكيك"،
ولكن لو عدنا لفلسفة عفلق في "التاريخ وتفسيره للتاريخ العربي" وتناولنا مقولته: في أن التاريخ يتألف من حلقات تتراوح بين الصعود والهبوط لأدركنا على الفور أن تمجيده الحماسة والشعر والخطابة في الأدب لأنها كانت فعلاً بعض مميزات "الجاهلية" عهد ما قبل الإسلام، وأن إشاعته الثقافة الفرنسية، ودراسته فلسفة برجسون، لأن عفلق أخذ منه صياغة مذهبه في عدم الاعتراف بالتحليل. وبذلك يحقق عفلق عدة أهداف:
أولها: إحداث قطيعة بين الشباب العربي والإسلام والتراث الإسلامي، وتعويضهم عنه بالتراث الجاهلي، ثم العبور بهم من الجاهلية إلى ما انتقاه من فلسفة برجسون وهيغل وهردر وماركس. فالإسلام ملوم – في نظر عفلق – لأنه فتح الباب لخلط العرب بسواهم "ألم يكتب طلفاح "خال صدام حسين والقيم على تربيته" كتاباً يلوم فيه الخالق تبارك وتعالى لأنه خلق الفرس والأكراد والذباب". وأنه- سبحانه وتعالى - عمّا قال خال صدام علواً كبيراً كان مخطئاً في ذلك.
ويرى عفلق أن مرحلة العهد الجاهلي قد شهدت اتحاد العرب ووحدتهم الحقيقية في مجموعات عرقيّة متجانسة عبرت عن نفسها على الصعيد الثقافيّ في الشعر واللغة والخطابة، وتحقق المثال العربي الأصيل لفترة قصيرة في صدر الإسلام (وهي فترة بني أمية في نظره) ولكن لما انتشر الإسلام بين الشعوب غير العربية اختفت الفروق بين الأجناس، وفقد العرب إحساسهم بالوحدة القومية، وتبع ذلك مرحلة الضعف، وشرع العرب في إضاعة وحدتهم القومية. يعلق ليونارد على هذه الرؤية الجديدة في التاريخ العربي قائلاً:
"إن القومية – كما يفهمها عفلق - هي الأساس وإن عفلق يرى أن الدين هو الذي كان يقرر طبيعة الأمة العربية في وقت من الأوقات، ولكن هذا الاتجاه "المرجعية الدينية" أدى إلى كثير من المتاعب، فمن الواجب تطور الدين مع العروبة، فكلاهما – على حد تعبير عفلق - ينبعان من القلب العربي ويسيران طبقاً لمشيئة الله، لا سيما وأن الدين عبقرية الفكرة القومية البعثية، وفي هذا إنكار للوحي وللغيب وتكريس للرؤية الماركسية في وضعية الدين وبشريته، وتفسير "الوحي" بأنه انعكاس للمؤثرات المادية على دماغ ذلك الإنسان الذي يدعي بعد ذلك النبوة أو الرسالة بناءً على ذلك. فالدين – كما يفسره - ليس إلهي المصدر ولا وحي ولا نبوة ولا غيب في عقيدته البعثية، يمكن أن ينساب مع طبيعتها". انظر كتاب الثورة العقائدية [ص: 353-357.]
ويقول عفلق في كتابه "في سبيل البعث": "يجب أن لا تنغلق القومية أو الدين ضمن إطارات من التحديد الضيّق، كما حاول علماء الكلام أن يفعلوا في العصور السابقة، لا سيما وأن القومية العربية ترفض بعث الأمور التي لم يعد لها جدوى من أمور الماضي".
فهو كما تصرف في مفهوم "القومية" تصرف في مفهوم "الدين" ولعل القائد المؤسس بناءً على ذلك اختار أن يكنى "أبا محمد" فهو مسلم بمقتضى التفسير البعثي للإسلام.

البعث والشريعة الإسلامية:

إن حزب البعث يعارض آراء التقليدين والأصوليين معاً!! ولا يولي أهمية للشريعة الإسلامية في نظامه، ويرى أن تفسير الإسلام "أي من قبل العفلق" هو التفسير الصحيح، وأن نظرته إليه ترفض شيئاً اسمه "العقيدة أو الشريعة الإسلامية" كما يتجاهل النظم الإسلامية الأساسية كافةً، وكل ما بني عليها، والآراء المتعلقة بها، ويرى أن الإسلام ليس العامل الوحيد في تكوين أخلاق العرب الفردية، بل هو عامل من العوامل ذات الأثر السلبي– كما تقدم - وعموماً فإن عفلق لا يأخذ من الإسلام أية فرائض أو نظماً أو سنناً اجتماعية، ويرجع سائر المزايا التاريخية في المحيط العربي إلى القومية حسب تفسيره لها وفي المحيط الإسلامي إلى تأثير العرب، بحيث لا تنتفي صفة العروبة عن غير المسلمين ولا يستطيع المسلمون الآخرون من غير العرب أن يدعوا لأنفسهم أية ميزة تجعلهم في مستوى العرب، فإن هم فعلوا، كانوا خونة لقيمهم الإسلامية.
أما بالنسبة لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فقد كتب القائد المؤسس كتيباً في ذكرى المولد مرة عنونه "ذكرى الرسول العربي" وفيه نزع عن رسول الله صفتي النبوة والرسالة، واعتبره زعيماً قومياً، وكان عهده تجسيداً لأمال العرب، وعلى كل عربي أن يجسد محمداً، وقد لخص عفلق رؤيته في النبوة والرسالة بذلك الشعار الذي لا يزال البعثيون يرفعونه باعتزاز "كان محمد كل العرب، فليكن اليوم كل العرب محمداً"!.
يتبين لنا من هذا العرض الوجيز أن مفهوم الأيديولوجية للبعث العربي الاشتراكي إنما هو مسألة قومية وأن هذه القومية – بمفهومها البعثي - هي العرق العربي ونقاؤه ثم تخدم بقية عناصر المذهب البعثي هذا الغرض، ولكن نقاء العرق مسألة نسبية وظاهرية، وذلك يعني عدم إمكانية التحقق العلمي من صدق نقاء عرق ما خاصة في بلد مثل العراق وسوريا.]انتهى


خلاصة ما يمكن مما سبق:

ـ إن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في صلب الدستور السوري أو العراقي.
ـ كلمة الإيمان بالله على عموميتها لم ترد في صلب الدستور، لا في تفصيلاته ولا في عمومياته، مما يؤكد على الاتجاه العلماني لديه.
ـ في بناء الأسرة لا يشيرون إلى تحريم الزنى ولا يشيرون إلى آثاره السلبية.
ـ في السياسة الخارجية لا يشيرون إلى أية صلة مع العالم الإسلامي.
ـ لا يشيرون إلى التاريخ الإسلامي الذي أكسب الأمة العربية مكانة وقدراً بين الشعوب.
ـ رغم مطالبة الحزب بإتاحة أكبر قدر من الحرية للمواطنين، فإن ممارساته القمعية فاقت كل تصور وانتهكت كل الحرمات ووأدت كل الحريات وألجأت كثيرين إلى الهجرة والفرار بعقيدتهم من الظلم والاضطهاد.
ـ القوانين في البلاد التي يحكمها البعث علمانية وحانات بيع الخمور مفتوحة ليل نهار، والنظام المالي ربوي ودعاة الإسلام مضطهدون بشكل سافر.
ـ يعتمد الحزب على الفكر القومي الذي ظهر وبرز بعد سقوط الدولة العثمانية في العالم العربي والذي نادت به أوروبا، والذي نادى به منظَّر القومية العربية في العالم العربي آنذاك ساطع الحصري.
ـ يعتمد الحزب على الفكر العلماني إذ ينحي مسألة العقيدة الدينية جانباً ولا يقيم لها أي وزن سواء على صعيد الفكر الحزبي أو على صعيد الانتساب إلى الحزب أو على صعيد التطبيق العملي.
ـ يستلهم الحزب تصوراته من الفكر الاشتراكي ويترسم طريق الماركسية رغم انهيارها، والخلاف الوحيد بينهما أن اتجاهات الماركسية أممية، أما البعث فقومي، وفيما عدا ذلك فإن الأفكار الماركسية تمثل العمود الفقري في فكر الحزب ومعتقده، وهي لا تزال كذلك رغم انهيار البنيان الماركسي فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي.
ـ لقد كان الحزب واجهة انضوت تحته كل الاتجاهات الطائفية (درزية ـ نصيرية ـ إسماعيلية ـ مسيحية) وأخذ هؤلاء يتحركون من خلاله بدوافع باطينة يطرحونها ويطبقونها تحت شعار الثورة والوحدة والحرية والاشتراكية والتقدمية وقد كانت الطائفة النصيرية أقدر هذا الطوائف على استغلال الحزب لتحقيق أهدافها وترسيخ وجودها

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.
انتقاه: أبو عبد الباري عبد الحميد العربي الجزائري الأثري.
  • ملف العضو
  • معلومات
hamid4
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 05-10-2009
  • المشاركات : 127
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • hamid4 is on a distinguished road
hamid4
عضو فعال
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 10:37 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى