وظيفتُك الإعلانيــة!
10-07-2013, 03:22 PM
علّمتني حياتي البسيطة أن كلّ فعل نفعله قابل لأن يصبح سنّة يتبعُها الناس، نفوز بأجرها وأجر من عمل بها إن كانت حسنة، أو نكسب وِزرها ووِزر من عمل بها إن كانت سيئة ، وما من شرطٍ لحصول ذلك غير شرط "الإعلان" عن هذا الفعل، فالعمل يبقى خاصّا بصاحبه لا يتعدّاه حتى يُعلِن عنه ويُظهره،والوظيفة الإعلانية التي نتحدث عنها تُشبه الوظيفة الإعلامية في كونها دعوة وتبليغًا غير أنها أكثر عملّية وأقوى تأثيرًا منها،فهي تتعلق بالتبليغ عن طريق الفعل والتطبيق فضلا عن القول، وذلك عن طريق إعلان وإظهار الأعمال الصالحة بنيّة الترويج لها لتصير سُننًا تُتَّبع ويُعمل بها، كأن أُعلن لصديقي بمناسبة و بغير مناسبة بأنني لا أنطق بالكلام البذيئ أبدا، ولا أغشّ في الإمتحانات، ولا أنظر إلى ما لا يحلّ لي النظر إليه، لعلّه يهتدي في لحظة من اللحظات إلى أن يفعل مثلما أفعل...ولا يشترط قيامُك بهذه الوظيفة أن تكون صاحب فنّ ودراية في مجال الإعلان والترويج للأعمال الصالحة أو أن يكون إعلانك عن عملك وِفق مواصفات فنيّة معيّنة، فقط إفعل الخير وأظهِر ذلك للناس ولا تهتمّ بجدوى إعلانك وتأثيره لأنه يكفيك من ذلك أن إحتمال العمل بالفضيلة بعد معرفة أن شخصًا ما يعمل بها أكبر من إحتمال العمل بها قبل ذلك ، وتذكّر كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعلن لأصحابه ولنا بطبيعة الحال ما يفعل من الطاعة وما يجتنب من المعصية، فإن أكثر من قيام الليل وسُئل عن ذلك قال أفلا أحبّ أن أكون عبدا شكورا وإذا صام الإثنين والخميس قال أحبّ أن يُعرض عملي وأنا صائم ، وإن اجتنب ملامسة ما لا يحلّ له أعلنها أيضا وقال " إنّي لا أُصافِح النساء" ، ولا يُشترط أيضا أن تكون أوّل من يُبادر بالعمل المُتبّع على الإطلاق، لأن كلّ عمل تعمله طاعة لله ويكونُ عملكَ به سببًا في أن يعمل به شخص آخر بعد أن "تُعلنه" هو بإذن الله سنّةٌ حسنة تُحسب لك حتى وإن لم تكُن صاحب المبادرة الأولى بل حتى وإن كنت أنت نفسك مُستنًّا في فعلك بفعل شخص آخر، فالحديث الشريف :" من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" كان في حقّ رجلٍ من المسلمين تقدّم بصدقة إلى الرسول فتبعه إخوانه بعد ذلك فكُتبت له السُنّة الحسنة على الرغم من أنه لم يكُن أوّل من تصدّق في الإسلام، فلا تبحث إذن عن عملٍ إبداعي غير مسبوق حتى تقوم به وتُعلنه لتسنّ به سنة حسنة بل عجّل ذلك بأي عمل يتيّسر لك ولو أن تدخل بيت الوضوء في المسجد فتتوضأ أمام أعين إخوانك من الإناء بدل الحنفية حتى لا تُسرف في الماء ، ولا تخشى شبهة الرياء وأنت تُعلن عن فعل الخير فالأعمال بالنيّات والفرق واضح بين نيّة الترويج لنفسك عن طريق الخير ونيّة الترويج للخير عن طريق نفسك، فالأولى رياء يُحبط عملك والعياذ بالله أمّا الثانية فإستثمار مربحٌ يُضاعف الأجر ويروِّج للخير وينشر القِيم والأخلاق ويجعلك "مندوبًا" إعلانيا عند المولى عزّ وجل يُروِّج لطاعاته وينشر دينه.









