قولوا خيرا أو اصمتوا
23-02-2014, 10:53 AM
إذا كنا ابتلينا طيلة الخمسين عاما الماضية بمسؤولين لا يعرفون الكلام، فإن ذلك لا يلغي مسؤولية المجتمع الذي مع مرور الزمن يتقبل كل شيء حتى وإن كان تعديا لا غبار عليه على أهم مقومات هويته وثوابته. كنا نظن أن الصراع على الهوية ولى بلا رجعة، وأن الانسجام والوئام الذي بات يعيشه المجتمع منذ سنوات معدودة لن يمس.. لقد أخطأ الوزير الأول عندما بذل الجهد لكي يصير ”شعبويا” مثل فطاحلة الشعبوية الذين يعرفهم الشعب جيدا، وأخطأ أيضا لما اعتقد أنه بتهجمه على العربية ومعلميها من الأدباء والشعراء سوف يحظى باحترام من يجهل لغة قومهم ولا يتقنون فنونها. إذا كانت هذه البلوى فإنه مقدور عليها لأننا جربنا من هو أكثر ”أمية” بالعربية والأمازيغية وحتى الفرنسية في الحكومات السابقة، ودواليب الإدارة المعطلة بهيمنة ”الشيّاب” أصحاب المناصب المكيفة من أبناء وبناء وزوجات وأزواج علية القوم ومن يدور في حماهم. ولأن الخلل ليس في لغة مجاهدين وشهداء ثورة أول نوفمبر، بل في إصلاحاتكم الخرقاء. إن العيب ليس على سلال أو مستشاريه الذين كان يجدر بهم تدريبه على قراءة مداخلته وخطبه بدل ارتجالها درءا للوقوع في المحظور والمحذور، بل العيب على نقابات التربية التي اكتفت ببيانات باهتة لا تسمن ولا تغني من جوع. كنا نتوقع أن ينتفض زعماؤها للعربية مثل قتالهم على الخدمات الاجتماعية والحجم الساعي ومخلفات الأجور والعلاوات و و... ”اللهم لا حسد”، والرد عليه وعلى وزيره للتربية بالثقيل، ليعرف كل من تسول له نفسه ضرب هوية الأمة حجمه، ودفعه للتفكير طويلا قبل المساس باستقرار اجتماعي هو في الأصل هش. إن الشعب الجزائري يحب لغته العربية ويموت من أجلها، تماما مثل الأمازيغية والتارقية والمزابية، ويكره من يستهزئ بها بل ويتقزز منه. إن مناصب المسؤولية محكومة بأخلاقيات التحفظ والتلفظ بما يجمع الناس ولا يفرقهم، بما يبث الأمل لا التشاؤم، والاستبشار لا التحسر والتأسف.. كنا نتمنى أن يستهزئ سلال بمهدري المال العام وناهبي أرزاق الشعب الصابر بلا حسيب ولا رقيب بالقول إن السجون في انتظاركم! -
جلال بوعاتي
جلال بوعاتي















