حال اللغة العربية في الجزائر من الفتح الإسلامي إلى الإستعمار الفرنسي
01-03-2014, 09:47 PM
عرفت الجزائر منذ القدم حركة تطورية في ميادين مختلفة، ابتداء من الحضارة الآمازيغية إلى الحضارة الإسلامية، و نلمس ذلك جليا في مظاهر حياتية و فكرية متنوعة، و مما لا شك فيه أنّ نقوش الخط الأمازيغي و آثار العمران القديمة دليل كاف على ذلك، و ما يجلب نظر الباحثين فعلا إلى هذه الحضارة هو التنوع الثقافي و المعرفي في هذه البلاد، و الذي يرجع في الأساس إلى تمازج الحضارتين الأمازيغية و العربية في منطقة جغرافية واحدة، لتخرج إلى الوجود حضارة جزائرية متميّزة بطابعها الخاص، فكيف تم هذا التمازج؟ و الأهم من ذلك، كيف شقّت اللغة العربية لنفسها طريقا في بلاد المغرب الأوسط؟ و ما هي المحفزات و العقبات التي واجهت الحركة التطورية للغة القرآن الكريم أثناء توالي الاستعمارات و الفتوحات على هذه المنطقة؟
الجزائر - بالتسمية الحالية - هي بلاد المغرب الأوسط – قديما - و قد صنفها القدماء ضمن الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة للمعمورة، و هي تأخذ حيزا هاما من جغرافية المغرب الذي كان في السابق بلدا واحدا، لكنها استقلت عنه بعد أن مرت بمراحل تاريخية عديدة، و لم يطلق عليها اسم الجزائر إلا بعد دخول الأتراك إليها، حيث اختاروا لها اسم المدينة التي اتخذوها قاعدة لهم، و هي مدينة الجزائر التي أصبحت و لازالت عاصمة لهذا البلد.
تعتبر الجزائر من البلدان العريقة عراقة الإنسان، حيث يمتد عهدها من العصر الحجري الأخير، الذي يمتد من 6000 سنة إلى 2500 سنة قبل الميلاد، والدليل على ذلك هي الحجارة المنحوتة التي وُجدت في عين حنش قرب العلمة بعمالة سطيف، و هي تعود إلى ذلك العصر.
أما السكان الأصليون للجزائر فهم الأمازيغ أو ما يُعرف عند البعض بالبربر، و هم أجناس بشرية مختلفة الشكل جمعت بينها خصائص جغرافية و عقائدية و لغوية مشتركة، و هناك اعتقاد أنّ اللهجة البربرية التي كان يتكلم بها سكان الجزائر تنحدر من اللغات الحامية، و كانت حروفها عبارة عن رسومات لشكل الشمس و الهلال و البرق، و كان الخط البربري يتكون من عشرة حروف هي "تيفيناغ" أي الحروف المنزلة من عند الإله، و الأشكال هي خمسة و تسمى "تيسدباكين".
أما نعت السكان الأصليين للجزائر بالبربر فكان من طرف اليونانيين و الرومان و العرب الفاتحين، و البربر صفة و ليست تسمية أصلية لهذا العرق الذي يعرف بالأمازيغ نسبة إلى جدهم الأول مازيغ، و لا تطلق تسمية البربر على أمازيغ الجزائر و المغرب العربي و حسب، بل هي لفظة لطالما أطلقها المستعمرون في مختلف أقطار المعمورة على الشعوب المستَعمرة، لكونها ذات طبيعة و لغة غير معروفة من قبل الآخر، لذلك لطالما رُفضت هذه التسمية لِما فيها من تعصب و إساءة لبعض الفئات البشرية. و إذا تمحصنا المفردة جيدا وجدناها مناسبة للطرفين، فكلاهما غريب الطباع و اللغة بالنسبة للآخر.
شهدت الجزائر سلسلة طويلة من الاستعمارات و الفتوحات، فدخلتها حضارات كثيرة بكل مكوناتها من لغات و ديانات و عادات، و في ذلك يقول المستشرق غوته: "...فإنّنا نلاحظ تسلسلا غير منقطع من التسلّطات الأجنبية: فالفرنسيون قد جاؤوا بعد الأتراك الذين جاؤوا بعد العرب الذين جاؤوا بعد البيزنتيين الذين جاؤوا بعد الوندال الذين جاؤوا بعد الرومان الذين جاؤوا بعد القرطاجيين، و يلاحظ أنّ الفاتح مهما كان يبقى سيد المغرب إلى أن يطرد من طرف الفاتح الجديد الذي يخلفه." و ما يهمنا نحن من هذا القول هو التعاقب الاستعماري فقط، بعيدا عن آراء المستشرقين التي قد تأخذ منحى لا يناسب أصحاب الشأن من الشرقيين، و ما يهمنا من كل هذه الاستعمارات و الفتوحات هو الفتح الإسلامي الذي دخل الجزائر حاملا بين يديه دينا جديدا و لغة جديدة.
يتبع /...
الجزائر - بالتسمية الحالية - هي بلاد المغرب الأوسط – قديما - و قد صنفها القدماء ضمن الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة للمعمورة، و هي تأخذ حيزا هاما من جغرافية المغرب الذي كان في السابق بلدا واحدا، لكنها استقلت عنه بعد أن مرت بمراحل تاريخية عديدة، و لم يطلق عليها اسم الجزائر إلا بعد دخول الأتراك إليها، حيث اختاروا لها اسم المدينة التي اتخذوها قاعدة لهم، و هي مدينة الجزائر التي أصبحت و لازالت عاصمة لهذا البلد.
تعتبر الجزائر من البلدان العريقة عراقة الإنسان، حيث يمتد عهدها من العصر الحجري الأخير، الذي يمتد من 6000 سنة إلى 2500 سنة قبل الميلاد، والدليل على ذلك هي الحجارة المنحوتة التي وُجدت في عين حنش قرب العلمة بعمالة سطيف، و هي تعود إلى ذلك العصر.
أما السكان الأصليون للجزائر فهم الأمازيغ أو ما يُعرف عند البعض بالبربر، و هم أجناس بشرية مختلفة الشكل جمعت بينها خصائص جغرافية و عقائدية و لغوية مشتركة، و هناك اعتقاد أنّ اللهجة البربرية التي كان يتكلم بها سكان الجزائر تنحدر من اللغات الحامية، و كانت حروفها عبارة عن رسومات لشكل الشمس و الهلال و البرق، و كان الخط البربري يتكون من عشرة حروف هي "تيفيناغ" أي الحروف المنزلة من عند الإله، و الأشكال هي خمسة و تسمى "تيسدباكين".
أما نعت السكان الأصليين للجزائر بالبربر فكان من طرف اليونانيين و الرومان و العرب الفاتحين، و البربر صفة و ليست تسمية أصلية لهذا العرق الذي يعرف بالأمازيغ نسبة إلى جدهم الأول مازيغ، و لا تطلق تسمية البربر على أمازيغ الجزائر و المغرب العربي و حسب، بل هي لفظة لطالما أطلقها المستعمرون في مختلف أقطار المعمورة على الشعوب المستَعمرة، لكونها ذات طبيعة و لغة غير معروفة من قبل الآخر، لذلك لطالما رُفضت هذه التسمية لِما فيها من تعصب و إساءة لبعض الفئات البشرية. و إذا تمحصنا المفردة جيدا وجدناها مناسبة للطرفين، فكلاهما غريب الطباع و اللغة بالنسبة للآخر.
شهدت الجزائر سلسلة طويلة من الاستعمارات و الفتوحات، فدخلتها حضارات كثيرة بكل مكوناتها من لغات و ديانات و عادات، و في ذلك يقول المستشرق غوته: "...فإنّنا نلاحظ تسلسلا غير منقطع من التسلّطات الأجنبية: فالفرنسيون قد جاؤوا بعد الأتراك الذين جاؤوا بعد العرب الذين جاؤوا بعد البيزنتيين الذين جاؤوا بعد الوندال الذين جاؤوا بعد الرومان الذين جاؤوا بعد القرطاجيين، و يلاحظ أنّ الفاتح مهما كان يبقى سيد المغرب إلى أن يطرد من طرف الفاتح الجديد الذي يخلفه." و ما يهمنا نحن من هذا القول هو التعاقب الاستعماري فقط، بعيدا عن آراء المستشرقين التي قد تأخذ منحى لا يناسب أصحاب الشأن من الشرقيين، و ما يهمنا من كل هذه الاستعمارات و الفتوحات هو الفتح الإسلامي الذي دخل الجزائر حاملا بين يديه دينا جديدا و لغة جديدة.
يتبع /...








