تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
  • تاريخ التسجيل : 28-04-2007
  • الدولة : بسكرة -الجزائر-
  • المشاركات : 44,562
  • معدل تقييم المستوى :

    64

  • أبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the rough
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
شاي المختار ولد دادّاه
09-05-2015, 10:56 AM


كان الشاي وما يزال جد مستطاب لدى جميع الموريتانيين، ويتم إعداد الشاي الموريتاني عن طريق المزج الدقيق لعناصره المؤلفة من الماء الساخن والشاي الأخضر والسكر.

ويخضع الشاي لعملية غلي تدريجية ومتوازنة حسب دورة الإبريق الأولى أو الثانية أو الثالثة، وإذا كان استعمال الشاي اليوم أصبح شائعا بين صفوف مختلف فئات المجتمع الموريتاني، فإنه لم يكن خلال عهد صباي ومراهقتى يستعمل إلا على نطاق ضيق جدا.

فهناك أقلية من التجار وكبار الوجهاء التقليديين الذين كان بوسعهم وحدهم شربه عدة مرات فى اليوم، أما الغالبية العظمى من مواطني، فلم يكن بوسعهم أن يوفروه لأنفسهم إلا نادرًا، أي مرة أو مرتين أسبوعيًا، وقلما استطاعوا توفيره مرة فى اليوم.

ولا أحتاج التأكيد على فوائد هذا المشروب بالنسبة لمختلف الفئات الاجتماعية فى بلادنا، فهو غذاء، ودواء، ومنشط، ووسيلة مفضلة لصرف الوقت، الخ… فكل من شربه يرغب فى شُربه مجددا.


وكل من لم يشربه – أو شربه قليلا – مثل الأطفال، يود شربه! وأنبه، فى هذا المضمار، إلى أن الأطفال وحتى المراهقين لم يكن لديهم الحق آنذاك فى كأس مستقلة. فإلى غاية ذهابي إلى المدرسة، لم يكن لدي الحق – شأنى فى ذاك شأن الأطفال ممن هم فى سنى ووسطى الاجتماعي - إلا فى سؤر كأس أحد أفراد أسرتى.

كما كان لي الحق فى ورق الشاي المطبوخ ودقيق قوالب السكر عند تكسيرها لإعداد الشاي الذى شربه الكبار لتوهم. وكان بإمكانى أن أضيف إلى أوراق الشاي المطبوخة دقيق السكر وآكلهما مباشرة، أو أن أعد إبريقى من الشاي بصب الماء الساخن فى الإبريق على أوراق الشاي المستخدمة وإضافة دقيق السكر.

ولا يكون العصير الناتج عن هذه العملية مجرد ماء ساخن، لكنه لن يصبح كذلك شايًا! وبالفعل، فإن أوراق الشاي قد جادت بكل طعمها ولونها خلال عمليات طبخها الأولى.

وبما أن كمية الدقيق كانت فى الغالب قليلة، فإن ما أشربه هو عبارة عن ماء فاتر قليل السكر. ومع ذلك فقد كنت مسرورًا لأننى أعد "شايى"، مثل أخوالى ومثل غيرهم من الكبار.

غير أن الصيغة الثانية كانت لها مساوئها المتمثلة فى أن أوراق الشاي التى آكل بعد استخدامها الثاني، أصبحت لا طعم لها لأنها قد غسلت غسلا. وبالمقابل، كانت الأوراق فى الصيغة الأولى جيدة الطبخ ومشبعة بعصير أكثر أباريق الشاي التقليدي حلاوة، وهو الإبريق الثالث والأخير. وخلط هذه الأوراق بدقيق السكر يشكل وجبة لذيذة الطعم ومغذية.

وتجدر الإشارة إلى أن الشاي كان ما يزال وقتها شربة خاصة بالرجال من حيث الأساس. وكان بوسع النساء أن يشربنه، لكن ذلك لم يكن أمرا مستحسنا بالنسبة لهن. وكان عليهن بالذات أن لا يتولين إعداده، لأن صناعة الشاي لم تكن تدخل فى عملية الطبخ. ولذا فهي تعتبر عملا خاصا بالرجال، بل تكاد تكون حرفة مقصورة عليهم.


وتخضع صناعة الشاي لقواعد ومراسيم معدة سلفا فى أوساط "كبار الأسر" على الأقل. فمراسيم إعداده فى هذه الأوساط ينبغى أن تحترم ما أمكن قاعدة "الجيمات الثلاثة" المعبرة عن الكلمات الحسانية الثلاث البادئة بحرف الجيم، وهي: الجماعة التى تعنى بأنه من غير اللائق بالمرء تناول الشاي بانفراد.


وتعزز الكلمة الثانية هذا المعنى وهي: الجَّـرُّ التى تعنى التباطؤ فى إعداد الشاي وعدم التسرع، وبكلمة واحدة "إطالة أمد اللذة". فكان على الشاي أن يكون أداة قتل الوقت المثلى. وكان ينبغى للجماعة، أو لأعضائها على الأصح، أن يكون بوسعهم أن يتحدثوا بلا كلفة وبهدوء، وأن يناقشوا بلا تعجل أكثر القضايا تنوعا.

وفى مثل هذه الحال، فإن الوقت لم يكن من ذهب! أما الكلمة الثالثة البادئة بحرف الجيم فهي: الجمر المتأتى من أخشاب خاصة تحترق ببطء ولا تتحول بسرعة إلى رماد، ويغلى عليها الإبريق ببطء.

ومن البديهي أن شايًا معدا وفق قواعد "الجيمات الثلاثة"، ليس فى متناول الجميع. فمعظم المستهلكين لا يستطيعون احترام تلك القواعد ولا يرغبون فى احترامها. وهم يعدون شايهم ويشربونه حسب وسعهم. فهناك "أتاي الغزى" أي الشاي المعد على عجل. والمهم بالنسبة لجمهور المستهلكين هو أن يشربوا الشاي.


وكان المناهضون للجر كثرا ويقولون إنهم لا يريدون أن يحرموا أنفسهم منه طويلا أو أن تنتابهم حالة المدمن(آتْـرِ) بين كاسي الشاي الواحد!ومن جهة أخرى، كان الشاي، عندنا، مجالا لإنتاج أدبي ثر، سواء فى شكل فتاوى فقهية أو مساجلات شعرية مشهورة باللغتين الحسانية والعربية الفصحى.

فقد جرت المناظرات الفقهية بين فقهاء يرون حرمة استعمال الشاي بوصفه مضيعة للوقت والمال، وآخرين لا يرون مسوغا لذلك التحريم ويرفضون بالتالي حجج خصومهم. ولا أعرف ما إذا كان هناك علماء ما زالوا يقولون بحرمة الشاي.

وهناك نوع آخر من المناظرات الشعرية دار، هذه المرة، بين أنصار ثلاثية الكؤوس فى جلسة الشاي ودعاة الرباعية، كما جرت مناظرات أخرى بين الداعين إلى ملء الكؤوس إلى النصف أو إلى ثلاثة أرباعها، وبين من يريدونها مترعة.

ويعكس كل ذلك الأهمية التى حظي بها الشاي وما زال يحظى بها فى مجتمعنا. فقد أصبح ظاهرة اجتماعية معقدة ودقيقة، حرية بأن يكرس لها باحث اجتماعي موريتاني دراسة بل وأطروحة.

المختار ولد دادّاه
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 43,268

  • زسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    61

  • دائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the rough
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 11:41 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى