تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى الأدب > منتدى القصة القصيرة

> قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
السعيد محرش
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 21-07-2015
  • المشاركات : 94
  • معدل تقييم المستوى :

    11

  • السعيد محرش is on a distinguished road
السعيد محرش
عضو نشيط
قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات
23-07-2015, 09:34 PM

تخّرّج محسن من الجامعة ، بعد أن تحصّل على شهادة مهندس دولة في الميكانيك ، و قد كان بارعا في تخصّصه حاذقا فيه ، ضرب في ولايته و المناطق المجاورة طولا و عرضا بحثا عن عمل يرتزق منه ، لكنّه لم يوفّق فيما سعى له ، فما عساه أن يفعل أمام هذا الوضع البائس الذي باتت فيه الجامعات مصانع للشارع تدفع ، و البطالة وحشا سابغا يهشّم العظام و يبلع!
نضبت أحلام محسن و جفّ معينها، و صرعت الظّروف آماله و طرحتها لينهشها اليأس و يسحقها القنوط. دخل في أحد الأيام إلى البيت بخطى متثاقلة و كأنّ على عاتقه الأحمال ، واجم الوجه ، و قد غشت سحنته سحائب الحزن و أمارات الضّجر ، فسألته والدته مريم التي لم تنجب غيره ، إذ كان وحيدها بعد وفاة والده : مالك يا بني قد دخلت بغير الوجه الذي خرجت به على غير عادتك ؟
قال : لقد عجزت يا أماه أن أحقّق ما طمحت له نفسي في بلوغ المرام الذي أنشده ، بوظيفة أكسر بها ناب الفقر الذي عضّنا و لم يزل ، و لولا المعاش الهزيل الذي خلّفه والدي وراءه ، و سعيك في البيوت طيلة النّهار ، و شقائك من أجل الحصول على بضعة دنانير بالكاد تفي بالغرض لأصبحنا بين الأزقّة نمد الأيدي و نستجدي المارّة ، ثمّ أخذ يد والدته يقبّلها و يبلّلها بدموعه الحارّة , و خنينه يمزّق القلوب .
احتضنت مريم ولدها بين ذراعيها و عبراتها على خدّيها ، و هي تردّد في هدوء حزين : لا عليك يا ولدي ، فما شاء الله كان .
هجر محسن وطنه إلى انجلترا أين تزهر الأحلام و تتحقق الأوهام ، و سرعان ما تحصّل على عمل في تخصّصه ، فسطع نجمه فيه و أمسى بدعاء والدته ثريا في سنوات تعدّ على الأصابع .
اِلتقى محسن بجوليات الفاتنة ، السكرتيرة الجديدة ، شابة في مقتبل العمر ، بيضاء بياض الثّلج ، ذات قوام رشيق و شعر بنّي ، لها عينان زرقاوان و وجنتان شابهما شيء من حمرة ، أضفت عليها سحرا رهيبا يخطف الألباب ، إنّها غانية من غواني أوروبا و حسناواتها ، أذهله مرآها منذ أن اِلتقت العينان ، فامتلكت عليه قلبه ، و سقط أسير بسمتها و رهين تغنّجها و تودّدها إليه ، فأحبّها و أحبته ، و أمسى لا يصبر على فراقها ، و لم يدم ذلك طويلا حتى طلبها للزواج ، فلم تتردّد في القبول أو تتلكأ . اِغتبط بجوابها و سُرّ و أحسّ أنّ جنات الفردوس أهدته حوريّة من حورياتها اسمها جوليات .
هتف إلى والدته ينبئها الخبر ، سمعت مريم حديث ولدها إلى آخره ، و هي مطرقة و قد تملكّها الحزن الذي ارتسم على محيّاها المنهك ، و بعد أن أنهى كلامه قالت : أنسيت ابنة خالك سميّة التي و عدتها بالزواج ؟ و هي تنتظرك اليوم و تُمنّي نفسها بك ، و تترقّب عودتك كما يترقّب المريض من الطّبيب الشفاء ، و الظّامئ القطر من السّماء ، كيف تتزوّج كافرة لا تعرف لها نسبا فالغرب لا يقيمون للأخلاق و الدّين وزنا ، فالشرف و العفّة و العرض و الحياء لا وجود لها في عالم القيم عندهم ، فهم أشبه بالبهائم الرّتّع التي تحيا بلا شرعة تهتدي بها ، كل همّهم شهواتهم النّهمة التي لا تشبع ، و نزواتهم التي لا ترتوي . ردّ عليها مرتاعا من نبرتها الحادة : ما كان كان يا أمي ، و هذا قدري الذي لا رجعة فيه ، عقّبت مريم و العبرة تخنقها : إن كان الأمر كذلك يا بني و ارتبطت بهذه البنت ، فإني لن أغفر لك زلّتك ما حييت ، و الله أسأل أن يخذلك فيها و يريك منها ما تكره ، و أقفلت سماعة الهاتف و هي تنتحب على مصير وحيدها .
ارتبك محسن عند سماع ما قالته أمّه ، لكنّه ما فتئ أن تذكّر جوليات و جمالها و كلماتها الرّقراقة ، السّالبة لفؤاده ، الآخذة بكيانه ، فنسي حديث والدته و استخفّ به .
تزوّج المرأة التي عشقها و عشقته ، فكانت جوليات تدلّله و تبالغ في ذلك ، وتسعى بكل ما تملك لإرضائه ، لقد نثرت ورود السعادة و عبير السّرور في أيامه و لياليه ، و عملت جاهدة لطرد كل ما يعكّر صفوه في حياتهما . باتت جوليات النّفس الذي يتردد في صدره ، بل الروح التي يحيا بها .
في أحد الأيام جاءه هاتف يخبره بأنّ جوليات تعرّضت لحادث و هي الآن في الإنعاش في أكبر مستشفيات العاصمة التي يسكنها ، جنّ جنونه و كاد يفقد عقله ، و انطلق مسرعا إلى هناك ، و عندما وصل أخبره الطّبيب بما لم يصدّقه ، لقد قال له : إنّ صديقك يحتضر الآن ، ماذا تقول : لقد أخطأت يا دكتور إنّها زوجتي جوليات ، الطبيب : أعلم ، لكنّها في حقيقتها شاب ، و كان اسمه جورج و لقد خضع منذ سنتين إلى عمليّة تحوّل جنسي في مشفانا هذا من ذكر إلى أنثى ، و هذا شائع عندنا ! ربّما تستغربونه أنتم الشرقيون ! و للعلم لا يمكنك التمييز بينه و بين الأنثى إلا بتحاليل الدم التي تثبت ذكورة الشخص أو أنوثته .
تزلزل كيان محسن في تلك اللحظات فجثا على ركبتيه ، و قد هاله ما سمع ، و أنشأ يكلّم نفسه : جوليات رجل ، رجل ! ما هذا العالم الذي نحن فيه ؟ أهل أنا في كابوس أم يقظة ؟! أهل هذه حقيقة أم خيال ؟! لا خير في أمّة تحوّل رجالها إلى نساء و نساءها إلى رجال ، ثمّ تذكّر دعاء والدته عليه ، فأدرك أنّ سهمها قد أصابه ، فانتبه من غفلته و عاد إلى أمّه لاسترضائها ، و تزوّج سميّة بعد أن أيقن أنّ الغرب قد اختلط في عالمه الحابل بالنّابل ، و قد فاق عالم البهائم في تصرفاته و انحدارها .

السعيد محرش
الطارف ـ الجزائر ـ
التعديل الأخير تم بواسطة السعيد محرش ; 24-07-2015 الساعة 10:56 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 10-02-2012
  • الدولة : || ..
  • المشاركات : 5,201
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أَنْفَاسُ الإِيمَانْ will become famous soon enough
الصورة الرمزية أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
شروقي
رد: قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات
23-07-2015, 10:21 PM
رسالة قيمة جدا ..بل وفي السطور كثير رسائل
لاأدري لم وقفت مُطولا عند [وتزوج سمية بعد ان أيقين...]؟
فليس بالأمر الهيّن ان يخلفها الوعد ويتزوج غيرها ولايأتيها الا بعد خيبته وافتضاح السر، فتقبل مجددا..

،’
بداية موفقة جدا ايها الفاضل
وأهلا كبيرة في فضاء الأزرق
تحياتي
التعديل الأخير تم بواسطة أَنْفَاسُ الإِيمَانْ ; 23-07-2015 الساعة 10:24 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
السعيد محرش
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 21-07-2015
  • المشاركات : 94
  • معدل تقييم المستوى :

    11

  • السعيد محرش is on a distinguished road
السعيد محرش
عضو نشيط
رد: قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات
24-07-2015, 01:49 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَنْفَاسُ الإِيمَانْ مشاهدة المشاركة
رسالة قيمة جدا ..بل وفي السطور كثير رسائل
لاأدري لم وقفت مُطولا عند [وتزوج سمية بعد ان أيقين...]؟
فليس بالأمر الهيّن ان يخلفها الوعد ويتزوج غيرها ولايأتيها الا بعد خيبته وافتضاح السر، فتقبل مجددا..

،’
بداية موفقة جدا ايها الفاضل
وأهلا كبيرة في فضاء الأزرق
تحياتي
سرّني هذا المرور العبق ، و تلك البصمة المضيئة التي و شّت حلّة القصّة ، كما لا يفوتني أن أوضح أمرا لا بدّ من توضيحه بالتعقيب على ما ذكرت ، فالشاب المصدوم من تحلل الغرب من قيم الإنسان ، وجد في الشرق الحضن الدافئ و صور الشرف و العفة و الحياء التي تجلّت له في شخص سميّة الذي لم يعره من قبل اهتماما أثناء تلك الغفوة . تقديري و احترامي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 10-02-2012
  • الدولة : || ..
  • المشاركات : 5,201
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أَنْفَاسُ الإِيمَانْ will become famous soon enough
الصورة الرمزية أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
أَنْفَاسُ الإِيمَانْ
شروقي
رد: قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات
24-07-2015, 02:13 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد محرش مشاهدة المشاركة
سرّني هذا المرور العبق ، و تلك البصمة المضيئة التي و شّت حلّة القصّة ، كما لا يفوتني أن أوضح أمرا لا بدّ من توضيحه بالتعقيب على ما ذكرت ، فالشاب المصدوم من تحلل الغرب من قيم الإنسان ، وجد في الشرق الحضن الدافئ و صور الشرف و العفة و الحياء التي تجلّت له في شخص سميّة الذي لم يعره من قبل اهتماما أثناء تلك الغفوة . تقديري و احترامي

حياك الله ، واهلا مجددا

ايوا نعم ..وصل إلي مابيّنته هنا ايضا في قراءتي للقصة
فقط انا كنت اقصد سمية وكيف أنها قبلت مجددا به ..
أقصد ان هذا الشاب محسن وعد سمية من قبل كما جاء في اتصال الام
ثُم ذهبَ ولاغراءات كثيرة تزوج من غيرها
ولم يعد إليها الا بعد ان خيّبته تلك الاغراءات
لذلك فموقف سمية وقبولها السهل به مرة أخرى [باعتبار انك مررت بهذه النقطة مرورا خاطفا] هو ماجعلني اطيل الوقوف في ذلك السطر.


مرة ثالثة ارحب بك
واتمنى ان يطيب لك المقام هنا
التعديل الأخير تم بواسطة أَنْفَاسُ الإِيمَانْ ; 09-08-2015 الساعة 12:53 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
السعيد محرش
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 21-07-2015
  • المشاركات : 94
  • معدل تقييم المستوى :

    11

  • السعيد محرش is on a distinguished road
السعيد محرش
عضو نشيط
رد: قصّـــــــة : سِــــــــــرُّ جُـــــــــوليــــــــات
24-07-2015, 02:33 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَنْفَاسُ الإِيمَانْ مشاهدة المشاركة

حياك الله ، واهلا مجددا

ايوا نعم ..وصل إلي مابيّنته هنا ايضا في قرائتي للقصة
فقط انا كنت اقصد سمية وكيف أنها قبلت مجددا به ..
أقصد ان هذا الشاب محسن وعد سمية من قبل كما جاء في اتصال الام
ثُم ذهبَ ولاغراءات كثيرة تزوج من غيرها
ولم يعد إليها الا بعد ان خيّبته تلك الاغراءات
لذلك فموقف سمية وقبولها السهل به مرة أخرى [باعتبار انك مررت بهذه النقطة مرورا خاطفا] هو ماجعلني اطيل الوقوف في ذلك السطر.


مرة ثالثة ارحب بك
واتمنى ان يطيب لك المقام هنا
حياك الله أستاذة و شكرا جزيلا على الترحيب الحار ، و أنا مسرور جدا أن أكون بين هذه النخبة المميّزة من المثقفين
لقد جاء في القصّة على لسان والدة محسن
( و هي تنتظرك اليوم و تُمنّي نفسها بك ، و تترقّب عودتك كما يترقّب المريض من الطّبيب الشفاء ، و الظّامئ القطر من السّماء ) فالبنت تحب ابن خالتها حبا عظيما ، و المحب يرى سيّئات المحبوب حسنات ، فسرعان ما يسامح و يتناسى ، و قلوب النساء كما يقال في الغالب سريعة الميلان إلى من تحب ، و هنّ أكثر مقدرة من الرجال على العفو و الصّفح في مثل هكذا موقف ، تحياتي الخالصة أيّتها الفاضلة .
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 07:49 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى