نضال... أم حرب غنائم!
28-05-2015, 05:42 AM
رشيد ولد بوسيافة
برفض الدّعاوى القضائية التي رفعها خصوم عمّار سعداني لإلغاء اجتماع اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وإلغاء المؤتمر الذي تنطلق أشغاله اليوم يكون الأمين العام للحزب قد تخلّص من كل معارضيه داخل الحزب العتيد على كثرتهم وثقل قائمة الأسماء التي تحركت ضده والتي تضم قيادات مخضرمة بينهم أمينان عامان سابقان هما بوعلام بن حمودة وعبد العزيز بلخادم وعدد كبير من الوزراء السابقين.
بهذه الطريقة تم حسم الخلاف داخل الأفلان وبهذه الطريقة حُسمت كل الخلافات السّابقة، سواء في الحزب العتيد أم في غيره، لتتأكد تلك الحقيقة المرّة وهي أن فكرة النّضال داخل الأحزاب خاطئة من الأساس، لأنها تنطلق من صراع على النفوذ وكفاح لأجل المنافع لا نضال على ترسيخ مبادئ الديمقراطية والتداول على الحكم.
الأحزاب الكبرى تحولت مع الوقت إلى أجهزة تدافع عن سياسات السّلطة وتبرّر قراراتها وتغطي على إخفاقاتها، لا كيانات سياسية تستمد شرعيتها من إرادة مناضليها، وإلا ما معنى ألا يكون في إطارات الحزب الكلمة الحاسمة في مثل هذه المحطات الكبرى.
وهذا بالذات ما يحدث للأفلان منذ سنوات، حيث أصبح عنوانا للأزمات في أعلى هرم السلطة، كلما كان هناك ترتيب جديد لمرحلة سياسية معينة، إلا وتم تنصيب أمين عام جديد يستمد شرعيته وقوته من الأطراف التي دفعت به إلى هذا المنصب. وهذا يحدث من تنفيذ ما سمي حينها بالمؤامرة العلمية التي أطاحت بالأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري رحمه الله.
هو وجه من أوجه الأزمة العميقة التي تعيشها الممارسة السياسية في الجزائر، والتي من أهم إفرازاتها هذا المشهد الغريب في المؤتمرات واللقاءات الحزبية الذي لا يخلو من المشاجرات بالعصي والكلام البذيء بين الأجنحة المتصارعة لا دفاعا عن القناعات والسياسات وإنما هو حرب تموقع تمكن الفائز فيها من حصد المناصب والمغانم!
هذه الممارسة السّياسية الخرقاء هي التي أخرجت لنا أسوأ برلمان عرفته الجزائر على الإطلاق بشهادة من هم أعضاء فيه، وهي التي جعلت المواطن يعزف عن الخوض في السّياسة بشكلها الحالي وسيظل عازفا عنها، طالما استمرت هذه "التعاونيات" السّياسية وعلى رأسها الحزب العتيد في تقديم دور الكومبارس في صراع الكبار.







