ساركوزي فيه كل العيوب.. إلا النفاق
24-07-2015, 06:30 AM







عبد الناصر



هل كان "نيكولا ساركوزي" خلال مسيرته السياسية، التي يبدو أنها ستعيده إلى قيادة فرنسا متلونا مثل الحرباء أو منافقا، يصحو على رأي، ويبيت على نقيضه؟
الذين يحاولون دفعنا إلى هذا الاعتقاد، سواء من جموع المهاجرين الذين ساروا في ركبه أو الساسة الجزائريين الذين رحّبوا به مثل الفاتحين في زيارته الشهيرة إلى قسنطينة، في شتاء 2007 حتى كادوا ينشدون على شرفه: "طلع البدر علينا"، إنما يحاولون تبرير الخطايا التي ارتكبوها في حق أنفسهم وفي حق بلادهم عندما باركوا زيارته وأكرموه ومنحوه امتيازات ودفعا قويا لأن يغرف من قصعة النفط الجزائري.
ساركوزي بقدر ما فيه من عيوب يعرفها الفرنسيون قبل غيرهم، إلا أنه كان واضحا منذ أن ولد على فطرته اليهودية عام 1955 من أب يهودي مهاجر من المجر وأم ولدت في فرنسا ولكنها من عائلة يهودية تكنّ العداء للعثمانيين، وحتى عندما دخل جامعة الحقوق عام 1973 واجتاز الخدمة العسكرية عام 1978 كان همّه الأول "حقوق الإسرائيليين" و"عسكر الصهاينة"، بالتعاون مع الفرنسيين الذين احتفلوا بمولده عندما رضع على أزيز طائراتهم في العدوان الثلاثي على مصر، ولم يكن قد مرّ على حرب العبور إلا بضعة أشهر عندما دخل عالم السياسة وكان يتموقع دائما مع الطرف الذي يعادي المهاجرين العرب والمسلمين ويميل إلى يهود فرنسا، أي إن الرجل لم يختر في حياته يمينا ولا يسارا، بل كان واضحا من أول يوم دخل فيه السياسة منذ أكثر من أربعين سنة خلت.
قد نعذر الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي منحه المال ليحرقه به بعد بضعة أشهر، ولكن لا عذر للذين كانوا مستشارين له، استعملهم لأجل أصواتهم فقط، ولا عذر لأحزاب جزائرية وجدت الآن الحبر لأجل أن تندد ببيانات، على خلفية ما قاله الرجل في حق الجزائر من تونس، وهي الأحزاب التي رحّبت أو صمتت عندما زار الجزائر واختار قسنطينة فاتحا، حيث منحه مفتاحها نجل العلامة الباديسي عبد الرحمان شيبان، وكان حينها رئيسا لبلدية قسنطينة في عام 2007، ولا أحد دافع عن الطالب الجامعي منصف فلاحي، الذي صاح في وجهه: "أخبرنا عن أصولك با ساركوزي" عندما توبع قضائيا، وكادت حياته الدراسية أن تُنسف نهائيا.
"ساركوزي عدو للإسلام.. حاقد على الجزائر.. يتلوّن مثل الحرباء.. صهيوني وفاشي".. هل قال الثائرون على تصريحات الرجل من تونس الجديد؟
فهذا ما قاله الكثير من الجزائريين منذ أن ظهر الرجل في عالم السياسة وهذا ما رفعه طالب جامعي منذ ثماني سنوات، وهذا ما يعرفه الفرنسيون ويهود فرنسا، لأجل ذلك لا يمكن القول إن ما قاله ساركوزي عن الجزائر بالتلميح وبالمباشر من تونس مفاجأة، لأن تاريخه منذ أن ولد قال نفس الكلام، ولكن المفاجأة أن يطل الذين وقفوا إلى جانبه وباركوه دائما، بهذه الأوصاف، فالرجل بالرغم من كل العيوب التي تقطر منه، لم يكن أبدا متلونا بل حافظ على لونه العنصري ولم يغيّره أبدا.
ملاحظة هامة: كل رؤساء فرنسا الذين سبقوه والذين جاؤوا من بعده مثله، فلا تتفاجؤوا بعد أشهر من تصريحات مماثلة من هولاند، وتقشفوا حبرا وورقا نستورده بمال النفط.. من فرنسا؟