الإختبار .
18-11-2015, 11:06 PM
ملاحظة : الإختبار قصة كنت قد نشرتها في منتدى الخاطرة , و لقد إرتأيت إضافة أجزاء لها حتى تكون مكتملة . أرجو أن لا أخيب ظنكم , فلا تبخلوا علينا بنصائحكم ...
الإختبار .
الفصل الأخير.
أشعر بالإستيقاظ .. إنني استيقظ من نوم ربما كان عميقا , و أظن أن ألما كان سببا لذلك , إنه ألم جامد أسود لم اشعر به من قبل و لم أختبره فيما مضى . هذا الألم أخاله جزء مني و ينبع من أعماقي , نبضات متتالية كشحنات كهرباء تضرب في العمق و تسبب الغثيان و شبه فقدان للوعي . طرفي الأيمن السفلي متبلد و جامد , يحفر فيه الألم حفرا و أثلاما . أخشى أنني لا أستطيع عبور هذه المحنة و هذه اللحظات , إنه وقت ثقيل مستقطع كأني خارج الزمن و المكان و الروح و أعتقد من أعماقي أن هذا إختبار لا بد منه و لا أدري إن كنت أستطيع المقاومة و الثبات الى آخر نقطة , أو اني سأستسلم في الطريق , ثم ماذا بعد , ما الفرق بين المقاومة و الإستسلام و في كلتا الحالتين سيمضي بي الوقت , رابط الجأش أو مهزوم . هل اعتبر نفسي بطلا إن عضضت على اسناني و نسيت الألم . ها أنذا الآن أتنفس من بئر عميقة و رئتي تختنق كأنني أسبح في ترعة من الوحل و الطين . أتقلب على جنبي الأيسر ثم أعيد الكرة على جنبي الآخر . أتمدد على ظهري ثم أحاول نسيان واقعي , بمحاولات متكررة للإسترخاء بلا جدوى و هذا الألم مستمر و رابض كحيوان اسطوري قبيح . إنني أستمع الى أنفاسي حارة و واضحة و صدري يرتفع و ينخفض دليلا على أني مازلت حيا أرزق و أن ساعتي لم تحن بعد و أمامي فرص أخرى للسعادة و الشقاء.
يبدو أن الموجات الأولى من الألم في طريقها أن تصبح من الماضي و بعدها استرد قواي و عافيتي على الأقل لبعض الوقت . الآن أحس أن الألم ليس جزءا مني و أشعر به دقيقا و رفيعا يخفت شيئا فشيئا , مع إنبلاج خيوط الفجر الأولى يغلبني النعاس و أغرق في نوم عميق ..
قبل , 48 ساعة .
البناية كبيرة و واسعة تنم عن شكل معماري قديم يمتزج بتكنولوجيا عصرية رائعة , إنها محطة - ستراسبورغ- للقطارات .
بهو المحطة يفتح ذراعيه لإستقبال المسافرين من كل الألوان و الأجناس و ليس هناك إحساس بالغربة في هذا المكان . الإنسان له قيمة و الزبون هو الملك ...
- صباح الخير .
- صباح الخير سيدي . مرحبا , تفضل .!
- أريد تذكرة ذهاب الى ليون , على قطار الساعة العاشرة .
- نعم , توجد أماكن غير محجوزة . هذا يكلفك 50 أورو .
قدمت لها ورقة بخمسين أورو .
- تفضلي .!
- هذه تذكرتك , سفرا ممتعا , مع السلامة.!
- شكرا مع السلامة.
إقتنيت تذكرة الذهاب الى ليون حيث المطار و منه سأستقل الطائرة في رحلة العودة الى قريتي الصغيرة على أطراف الأوراس . العودة الى البلد بعد غياب سبع سنوات قضيتها مهاجرا ( يقولون غير شرعي) , في إنتظار وثائق الإقامة . الآن يمكن لي العودة الى بلدي و قد سويت وضعيتي تجاه البلد المضيف الذي وجدت فيه الإحترام و الرعاية و التجاوب . اليس هذا ما يريده المرء حين يهيم على وجهه بحثا عن لقمة العيش في أرض الله .
المسافرون في إنتظار القطار يذهبون و يجيؤون فرادى و جماعات و روعة المكان تغطي على قصص و هموم كل واحد منهم .
- يرجى من المسافرين الى ليون على قطار العاشرة أن يتقدموا الى الرصيف رقم 7 من اجل الركوب . سيغادر القطار في خمس دقائق .
إمتلأت العربات و أعلن الصوت عن المغادرة و بدأ القطار يتحرك رويدا رويدا و يسير حثيثا الى أن بلغ السرعة المطلوبة . إسترخى المسافرون في مقاعدهم و انشغل الكل مع نفسه أو مع مرافقيه.
إسترخيت في مقعدي و أنا أسرح في خيالي و استذكر اللحظات و الدقائق و الأيام . فترة طويلة مرت و مضى معها بعض العمر في الأوهام و بعضه في آمال و أحلام كبيرة .
تذكرت صاحب العمل , قال لي , يا محمد ( يلفظه موماد) لا تنسى أن لك مستقبلا زاهرا هنا , فأنت قوي العزيمة و نيتك حسنة , إذهب لزيارة العائلة و أرجع بالسلامة . لقد كان إنسانا طيبا على العموم لا يبخل علي بنصائحه و لقد تعلمت بفضله الكثير .
القطار يأخذ طريقه غير عابئ بما يفكر فيه راكبوه , يلتزم بمهمة نقل المسافرين الى نقطة الوصول , مخلفا وراءه الأبنية و الأشجار و الأثار و ملامح المكان .
- يسألني توفيق : هل صممت على الرحلة غدا أم أنك ما زلت مترددا ؟
- آه , لا أدري , بعض القلق ينتابني من صاحب القارب ... هل تعتقد في نجاح المهمة و أنها ليست مستحيلة ؟
- اقول لك إطمئن , ليست هذه المرة الأولى .! صديقك جمال غادر قبلك و هو الآن يعيش مطمئنا غير بعيد عن نابولي , يعمل في ورشة و ليس لديه مشاكل مع أي كان ..!!!
- أشكرك , غدا نلتقي في الساحة . الى اللقاء .
سبع سنوات مرت على هذا الحوار مع صديقي توفيق
الذي لم يسعفه الحظ في الرحلة المقررة و تلك قصة أخرى ...المهم سبع سنوات مرت على هذا الحوار و كأنه كان قبيل البارحة , فعلا العمر يمضي مسرعا و الزمن لا يتوقف ..!!!
أشعر بسعادة غامرة , و أنا أحدث نفسي بما جرى بعد تلك الأمسية . هل كان قدرا أن أترك قريتي على سفح الجبل و أعزم الرحيل الى أمكنة أخرى و فضاءات غريبة . هل كان قدرا أن أعبر البحر حراقا أحلم بالإستقرر في الضفة الأخرى و أترك منبع الطفولة و الصخرة على السفح .!!!
عملت في بعض الاعمال اليدوية الشاقة مع الاصدقاء الذين ساعدوني في جمع بعض المال الذي يلزم للرحلة الطويلة و إن بعض الأحلام تستحق المجازفة و ركوب الخطر .
- إعلان للركاب ..
تعالوا الى عربة المطعم , إستقبال فخم و مناخ رائع في إنتظاركم .. تجدون كل ما ترغبون في تناوله , لا تترددوا..
مضى بعض الركاب الذين كانوا معي في العربة الى المطعم لتناول ما يرغبون أما أنا فلم أغادر و بقيت مهموما بذكريات بعيدة .
بعد مضي وقت عاد الركاب الى عرباتهم و مقاعدهم و القطار يواصل تحركه نحو وجهته النهائية عابرا جسرا أو نفقا بين السهول و الجبال و الانهار . لقد خفت حركة الركاب داخل العربات في شبه إسترخاء و هدأت الأصوات بالرغم من أن صوت الميكروفون يعلن من حين لآخر عن محطة جديدة ينزل فيها ركاب و يصعد آخرون .
عملت في أماكن متعددة و أجتهدت في أن أكون بعيدا عن المشاكل قدر المستطاع . مكتب الهجرة متشدد في منح وثائق الإقامة و من حين لآخر يعلن عن تسوية وضعية مجموعة من المهاجرين .
يعلن صوت الميكروفون عن ساعة أخرى متبقية للوصول الى ليون ..
ليون مدينة صناعية بامتياز , فيها الكثير من المصانع و الإنشاءات الكبرى , إنها مدينة جميلة بعمرانها الكلاسيكي و العصري معا .
اما محطة ليون للقطارات فتعتبر من أكبر المحطات في فرنسا , تستوعب الاف المسافرين يوميا.
نصل الى محطة ليون في خلال دقيقة واحدة , يتوقف القطار في نقطة النهاية على الرصيف رقم 5 . هكذا أعلن صوت الميكروفون عن وصول القطار .. ليون ترحب بكم ...!!!!!
محمد يكن .
الى اللقاء مع بقية القصة ...
الإختبار .
الفصل الأخير.
أشعر بالإستيقاظ .. إنني استيقظ من نوم ربما كان عميقا , و أظن أن ألما كان سببا لذلك , إنه ألم جامد أسود لم اشعر به من قبل و لم أختبره فيما مضى . هذا الألم أخاله جزء مني و ينبع من أعماقي , نبضات متتالية كشحنات كهرباء تضرب في العمق و تسبب الغثيان و شبه فقدان للوعي . طرفي الأيمن السفلي متبلد و جامد , يحفر فيه الألم حفرا و أثلاما . أخشى أنني لا أستطيع عبور هذه المحنة و هذه اللحظات , إنه وقت ثقيل مستقطع كأني خارج الزمن و المكان و الروح و أعتقد من أعماقي أن هذا إختبار لا بد منه و لا أدري إن كنت أستطيع المقاومة و الثبات الى آخر نقطة , أو اني سأستسلم في الطريق , ثم ماذا بعد , ما الفرق بين المقاومة و الإستسلام و في كلتا الحالتين سيمضي بي الوقت , رابط الجأش أو مهزوم . هل اعتبر نفسي بطلا إن عضضت على اسناني و نسيت الألم . ها أنذا الآن أتنفس من بئر عميقة و رئتي تختنق كأنني أسبح في ترعة من الوحل و الطين . أتقلب على جنبي الأيسر ثم أعيد الكرة على جنبي الآخر . أتمدد على ظهري ثم أحاول نسيان واقعي , بمحاولات متكررة للإسترخاء بلا جدوى و هذا الألم مستمر و رابض كحيوان اسطوري قبيح . إنني أستمع الى أنفاسي حارة و واضحة و صدري يرتفع و ينخفض دليلا على أني مازلت حيا أرزق و أن ساعتي لم تحن بعد و أمامي فرص أخرى للسعادة و الشقاء.
يبدو أن الموجات الأولى من الألم في طريقها أن تصبح من الماضي و بعدها استرد قواي و عافيتي على الأقل لبعض الوقت . الآن أحس أن الألم ليس جزءا مني و أشعر به دقيقا و رفيعا يخفت شيئا فشيئا , مع إنبلاج خيوط الفجر الأولى يغلبني النعاس و أغرق في نوم عميق ..
قبل , 48 ساعة .
البناية كبيرة و واسعة تنم عن شكل معماري قديم يمتزج بتكنولوجيا عصرية رائعة , إنها محطة - ستراسبورغ- للقطارات .
بهو المحطة يفتح ذراعيه لإستقبال المسافرين من كل الألوان و الأجناس و ليس هناك إحساس بالغربة في هذا المكان . الإنسان له قيمة و الزبون هو الملك ...
- صباح الخير .
- صباح الخير سيدي . مرحبا , تفضل .!
- أريد تذكرة ذهاب الى ليون , على قطار الساعة العاشرة .
- نعم , توجد أماكن غير محجوزة . هذا يكلفك 50 أورو .
قدمت لها ورقة بخمسين أورو .
- تفضلي .!
- هذه تذكرتك , سفرا ممتعا , مع السلامة.!
- شكرا مع السلامة.
إقتنيت تذكرة الذهاب الى ليون حيث المطار و منه سأستقل الطائرة في رحلة العودة الى قريتي الصغيرة على أطراف الأوراس . العودة الى البلد بعد غياب سبع سنوات قضيتها مهاجرا ( يقولون غير شرعي) , في إنتظار وثائق الإقامة . الآن يمكن لي العودة الى بلدي و قد سويت وضعيتي تجاه البلد المضيف الذي وجدت فيه الإحترام و الرعاية و التجاوب . اليس هذا ما يريده المرء حين يهيم على وجهه بحثا عن لقمة العيش في أرض الله .
المسافرون في إنتظار القطار يذهبون و يجيؤون فرادى و جماعات و روعة المكان تغطي على قصص و هموم كل واحد منهم .
- يرجى من المسافرين الى ليون على قطار العاشرة أن يتقدموا الى الرصيف رقم 7 من اجل الركوب . سيغادر القطار في خمس دقائق .
إمتلأت العربات و أعلن الصوت عن المغادرة و بدأ القطار يتحرك رويدا رويدا و يسير حثيثا الى أن بلغ السرعة المطلوبة . إسترخى المسافرون في مقاعدهم و انشغل الكل مع نفسه أو مع مرافقيه.
إسترخيت في مقعدي و أنا أسرح في خيالي و استذكر اللحظات و الدقائق و الأيام . فترة طويلة مرت و مضى معها بعض العمر في الأوهام و بعضه في آمال و أحلام كبيرة .
تذكرت صاحب العمل , قال لي , يا محمد ( يلفظه موماد) لا تنسى أن لك مستقبلا زاهرا هنا , فأنت قوي العزيمة و نيتك حسنة , إذهب لزيارة العائلة و أرجع بالسلامة . لقد كان إنسانا طيبا على العموم لا يبخل علي بنصائحه و لقد تعلمت بفضله الكثير .
القطار يأخذ طريقه غير عابئ بما يفكر فيه راكبوه , يلتزم بمهمة نقل المسافرين الى نقطة الوصول , مخلفا وراءه الأبنية و الأشجار و الأثار و ملامح المكان .
- يسألني توفيق : هل صممت على الرحلة غدا أم أنك ما زلت مترددا ؟
- آه , لا أدري , بعض القلق ينتابني من صاحب القارب ... هل تعتقد في نجاح المهمة و أنها ليست مستحيلة ؟
- اقول لك إطمئن , ليست هذه المرة الأولى .! صديقك جمال غادر قبلك و هو الآن يعيش مطمئنا غير بعيد عن نابولي , يعمل في ورشة و ليس لديه مشاكل مع أي كان ..!!!
- أشكرك , غدا نلتقي في الساحة . الى اللقاء .
سبع سنوات مرت على هذا الحوار مع صديقي توفيق
الذي لم يسعفه الحظ في الرحلة المقررة و تلك قصة أخرى ...المهم سبع سنوات مرت على هذا الحوار و كأنه كان قبيل البارحة , فعلا العمر يمضي مسرعا و الزمن لا يتوقف ..!!!
أشعر بسعادة غامرة , و أنا أحدث نفسي بما جرى بعد تلك الأمسية . هل كان قدرا أن أترك قريتي على سفح الجبل و أعزم الرحيل الى أمكنة أخرى و فضاءات غريبة . هل كان قدرا أن أعبر البحر حراقا أحلم بالإستقرر في الضفة الأخرى و أترك منبع الطفولة و الصخرة على السفح .!!!
عملت في بعض الاعمال اليدوية الشاقة مع الاصدقاء الذين ساعدوني في جمع بعض المال الذي يلزم للرحلة الطويلة و إن بعض الأحلام تستحق المجازفة و ركوب الخطر .
- إعلان للركاب ..
تعالوا الى عربة المطعم , إستقبال فخم و مناخ رائع في إنتظاركم .. تجدون كل ما ترغبون في تناوله , لا تترددوا..
مضى بعض الركاب الذين كانوا معي في العربة الى المطعم لتناول ما يرغبون أما أنا فلم أغادر و بقيت مهموما بذكريات بعيدة .
بعد مضي وقت عاد الركاب الى عرباتهم و مقاعدهم و القطار يواصل تحركه نحو وجهته النهائية عابرا جسرا أو نفقا بين السهول و الجبال و الانهار . لقد خفت حركة الركاب داخل العربات في شبه إسترخاء و هدأت الأصوات بالرغم من أن صوت الميكروفون يعلن من حين لآخر عن محطة جديدة ينزل فيها ركاب و يصعد آخرون .
عملت في أماكن متعددة و أجتهدت في أن أكون بعيدا عن المشاكل قدر المستطاع . مكتب الهجرة متشدد في منح وثائق الإقامة و من حين لآخر يعلن عن تسوية وضعية مجموعة من المهاجرين .
يعلن صوت الميكروفون عن ساعة أخرى متبقية للوصول الى ليون ..
ليون مدينة صناعية بامتياز , فيها الكثير من المصانع و الإنشاءات الكبرى , إنها مدينة جميلة بعمرانها الكلاسيكي و العصري معا .
اما محطة ليون للقطارات فتعتبر من أكبر المحطات في فرنسا , تستوعب الاف المسافرين يوميا.
نصل الى محطة ليون في خلال دقيقة واحدة , يتوقف القطار في نقطة النهاية على الرصيف رقم 5 . هكذا أعلن صوت الميكروفون عن وصول القطار .. ليون ترحب بكم ...!!!!!
محمد يكن .
الى اللقاء مع بقية القصة ...
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
التعديل الأخير تم بواسطة mohamed yakon ; 20-11-2015 الساعة 03:15 PM









