أشياء لا يخبرك بها صناع الإعلام عن مهنتهم
08-03-2016, 03:41 PM
أشياء لا يخبرك بها صناع الإعلام عن مهنتهم
إن كان من رسالة نود تمريرها لك في هذا المقال فهي ببساطة أنه لاينبغي عليك أن تثق في وسائل الإعلام وينبغى عليك أن تتحسس عينيك – والأهم عقلك – عشرات المرات أثناء جلوسك لمشاهدة التلفاز أوحتى مطالعة الصحيفة، فما يلقى إليك ليس حقيقيًّا بالكلية وليس موضوعيًّا بالكلية وليس نزيهًّا بالكلية كما أنه قد لايكون أخلاقيًّا بالكلية أيضًا.
1- من يملك وسائل الإعلام؟ (المحتوى الإعلامى مُصَنّع وانتقائي)
لا يوجد إعلام محايد، تلك حقيقة صار الجميع يعيها الآن، جميع المحتويات الإعلامية يتم تصنيعها لخدمة توجهات بعينها بداية من اختيار وسيلة الإعلام (الصحيفة أو القناة) للأخبار التى تعرضها ضمن مئات الأخبار والأحداث اليومية، إلى المساحة المكانية في الصحف والزمانية في التليفزيون التي يتم توفيرها لكل خبر، إلى اختيار العنوان ونص الخبر واختيار المحللين والضيوف وغيرها من المراحل المختلفة لما يسمى بـ”تصنيع المحتوى”، في النهاية ما يخرج لك ليس الخبر أوالحدث مجردًا وإنما صورة مصنعة منه بعد إضافة التوابل الإعلامية المعبرة عن التوجهات والتحيزات.الأمر ذاته يحصل في الأفلام التسجيلية والوثائقية عبر طريقة بناء النص “السيناريو” حيث يتم تقديم وجهة نظر نابعة من قناعات المخرج أو المنتج أوالوسيلة الإعلامية كما يتم تحضير المواد المرئية لخدمة زوايا بعينها وتحذف بعض المشاهد والصور أثناء المونتاج لخدمة ذات الزاوية أوالتوجه كما تضاف المؤثرات المرئية والصوتية التي يتم عبرها التحكم بشكل كبير في طريقة تلقيك “Perception” للمحتوى المعروض.في الدراما تكون عملية التصنيع أوضح عبر اختيار الموضوع أوالفكرة ثم الزاوية والحبكة والشخصيات والصراع والمعالجة الفنية، يكفي أن الجميع يعلم أن صناع الفيلم يتحكمون في صورة الشخصيات التي يقدمونها لنا، فالمشاهد ينظر إلى الخير والشر، والطيبة والقسوة وغيرها من الثنائيات وفق الصورة التي تمليها عليه هذه المعالجة.لذا تميل الكثير من وسائل الإعلام إلى إخفاء حقيقة ملاكها ومموليها لأجل استكمال عملية التصنيع، فكشف توجهات الممول أو مدير الصحيفة أو القناة يجعل عملية اكتشاف طريقة تصنيع المحتوى فيها أيسر كثيرًا إذا تمت مطابقتها من هذه التوجهات.
2- الصورة قد تكذب أحيانا (هيمنة الصورة)
نحن نعيش في عصر هيمنة الإعلام بكل تأكيد، وإن أردنا أن نخص أحد وسائط المادة الإعلامية بنصيب أوفر من هذه الهيمنة فإن اختيارنا سيقع بالطبع على الصورة.وفقا للدراسات فإن البصر أهم حواس الإنسان في عملية اكتساب المعلومات ، وتنطق قوى الصورة من قوتها التصديقية فليس من رأى كمن سمع كما يقولون ، كما تكتسب الصورة أهميتها أيضًا من ملموسيتها بعكس الكلمات التي تتصف في أحيان كثيرة بالتجريد والعموم، وإذا كان النص المقروء أو المسموع يتعرض لعمليات تفكيك وربط ذهنية قد تعزز قابليته للخضوع أو التقييم فإن الصورة تختلف كثيرًا فهي أشبه بحزمة رسائل وأفكار معلبة يتم تمريرها إلى ذهنك – معًا – في لحظة واحدة.تخضع الصور كذلك لمنطق الانتقاء، فالصورة التي تراها منتقاة بعناية ضمن مجموعة صور لحادثة ما، كما تم إدخال المؤثرات عليها بعناية أيضا بدءًا من طريقة العرض وتوقيته إلى التعليق المكتوب أو الصوتي وكلها –وغيرها – عوامل تتشارك في صناعة ما يعرف بـ”أثر الصورة”.وبناء عليه تستخدم الصور بأكثر من طريقة في صناعة محتوى مخادع كاستدعاء الصحف لصور أرشيفية تمرر رسائل بعينها عن موقعة حالية، أو اختيار صور بعينها تعطي انطباعًا بعينه عن الخبر أو الواقعة أو حتى تصنيع الصورة بالكلية سواء بهدف الخداع والتضليل أو بشكل طبيعي كما في أفلام الرسوم مثلًا.إذا ذهبنا للأفلام نجد الصورة تأخذ بعدًا آخر لتصير بذاتها حية وناطقة وهو الأمر الذى يكسبها تأثيرًا أكبر، كما يزداد تأثير الصورة وفقا لحمولتها التقنية وجودة إخراجها وملائمة المؤثرات والألوان لذا تعتبر الدراما عمومًا أكثر وسائل الإعلام تأثيرًا في ثقافة الجماهير وأكثرها استخدامًا في خداع عقول البشر عبر استخدام تقنيات الصورة، ففي عصرنا الحديث انهارت مقولة “الصورة أبدًا لا تكذب” فقد صار بإمكانها الآن أن تكذب وأن تخدع وأن تبهر لذا صارت أمثال هذه المقولات جزءًا من التاريخ.نتيجة كل ذلك نشأ ما يعرف بـ”ثقافة الصورة” فصارت الصورة تتلاعب بالبشر وتفصلهم عن العالم الحقيقي الذي صاروا يرونه من خلالها كما مارست الصورة هيمنتها وسلطتها على عقل وسلوك المتلقي المنبهر خاصة في الجانب الاستهلاكي، كما استطاعت الصورة أن تضيف إلى وعي المتلقي قناعات عن تجارب وأحداث لم يعشها بنفسه سواء كانت هذه القناعات حقيقية أومغلوطة سلبية أو إيجابية.
3- هم ليسوا كما ترى (صناعة القوالب والصور النمطية)
ربما يشغلك التطور المذهل في تقنيات الإعلام عن حقيقة كتلك، هي أن وسائل الإعلام لم تنجح في شيء كنجاحها في صناعة القوالب والصور النمطية، ولم تفشل في شيء كفشلها في عكس التنوعات والاختلافات ذلك لكون المحتوى الإعلامي تعميمي بشكل كبير ويميل لصناعة الأنماط أو القوالب.والنمط “Stereotype” هو مفهوم مستعار من عالم الطباعة ويعنى الصورة طبق الأصل، وفي صناعتها يوصف حالة الميل إلى اختزال المعلومات والمدركات في قوالب جامدة يتم تسكين الناس والأحداث خلالها والتعامل معهم وفقها ويمثل القالب غالبا رأيًا عاطفيًّا أوجانبًا أحاديًّا أو حكمًا متعجلًا أو صورة مشوهة تتم صناعتها بشكل مدروس غالبًا وعفوي أحيانًا.إذن فالقولبة عملية مخطط لها غالبًا لأجل اختزال صورة شخص أو فئة أو جماعة أو حزب أو شعب، في مجموعة قليلة من السمات قد تكون مغلوطة ويتم استدعاء أحكام الجماهير وردود الأفعال وفقًا لهذا القالب وهذه العملية لانبالغ إذا قلنا أنها أحد أكبر عمليات الظلم الممنهج في التاريخ ويتم استخدامها لترويج أفكار فاشية وعنصرية ضد فئات اجتماعية بعينها.ولكن ، كيف تتم صناعة النمط؟ ببساطة عبر صناعة ما يعرف بـ”الارتباط الشرطي” حيث يتم تكييف النمط أو الصورة أولًا، ثم يتم استدعاؤه إلى الذهن مع كل خبر أو حادثة لهذه الجماعة أو الفئة ومع مرور الوقت وترسخ العلاقة الشرطية تقوم الجماهير بصناعة هذا الربط أوتوماتيكيا دون الحاجة لوسائل الإعلام “انظر مثلا إلى صورة الصعيد المصري في دراما الثمانينات والتسعيبات أو صورة الإسلامي في أفلام عادل إمام”.يتم إحكام عملیة القولبة والتنمیط بمرور الوقت، وتتابع الزمن، والتكرار المستمر، والعمل الدؤوب في إبراز الصورة النمطیة السلبیة، وتنوع أسالیب عرضھا، واختلاف طرق معالجتھا واستخدام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئیة والأفلام السینمائیة أيضا.
4- لا نريدك أن تعرف فقط نريدك أن تفعل (صناعة البروباجندا)
وبناء على كل ما سبق فإن الإعلام صار أداة للحشد والتجييش أكثر بكثير من كونه أداة للحقيقة، وتغيرت الرسالة الإعلامية من إطلاع الناس على الحقيقة إلى دفعهم إلى تبني موقف معين من خلال آلة التجييش والحشد الإعلامي.يتم تصنيف 3 أنواع مختلفة للدعاية، أولها وأنزهها هي الدعاية البيضاء التى يتم خلالها استثمار الأحداث والأفكار والأدوات لأجل تمرير رسائل محددة من جهة محددة بحيث تكون الجهة معروفة وأهدافها معروفة أيضًا بينما تستخدم وسائل بيضاء في الدعاية لا تستخدم فيها أدوات الكذب أو التضليل.المفهوم الآخر هو الدعاية السوداء وهي أفكار يتم تمريرها من جهات تخفي أهدافها وهويتها بحيث تدفع الناس لا إراديًا إلى اتجاه معين دون أن يشعروا بذلك، أما الدعاية الرمادية فهي مصطلح استحدثه صناع الإعلام لتبرير استخدام بعض الأدوات “السوداء” في حملات الدعاية.ارتبطت البروباجندا بعدة ظواهر في الحالة الإعلامية أولها نشوء الامبراطوريات الإعلامية كنتيجة لرغبة الدول أو الشركات أو الكيانات في ضمان السيطرة على عقول الناس، ولن يتأتى ذلك إلا بالتحكم الكامل فيما يتلقونه وهوما لا يوفره الإعلام المتعدد، فظهرات إمبراطوريات إعلامية كبرى تمتلك أساطيل من الصحف والفضائيات ودور النشر واستديوهات تصنيع الأفلام ووسائط الميديا، يكفيك أن تعلم أن 6 شركات كبرى فقط تسيطر على أكثر من 90% من صناعة الإعلام.
5- من يدفع من حقه أن يقرر (الإعلام والإعلان وسيطرة المعلنين)
تستخدم الإعلانات بوفرة في ترويج السلع والخدمات، أحيانا يصير الإعلام مرادفًا للإعلان فظهرت وسائل إعلامية متخصصة فقط في الإعلان عن المنتجات وتسويقها.تعتمد الرسال الإعلانية في صياغتها عبر ما يعرف بتعزيز المغريات أو الميول التى تدفع المرة لاقتناء خدمة أو سلعة ما كالحاجة للطعام أوالشراب أوالمسكن (وتر الحاجة)، أو الرغبة في المكسب أوالربح (وتر القيمة)، أو الرغبة في الإحساس بالذات عبر محاكاة بعض المشهورين (وتر التقليد)، إضافة إلى أوتار أخرى كوتر الاقتناء والتملك ووتر الرفاهية وغيرها.تعدد أوتار الدعاية (الإعلان) ساهم في ظهور نمط استهلاكي شائع في المجتمع جاء مصاحبًا لظاهرة تمدد وسائل الإعلام عبر خلق رغبات غير ضرورية بل وأحيانا غير حقيقية لدفع الناس إلى الشراء وصرف المال وما يصحب ذلك من ظواهر لا أخلاقية أحيانًا.الظاهرة الأهم المتعلقة بالإعلان هي ما يعرف بسيطرة المعلنين، فوسائل الإعلام صارت تعتمد بشكل كبير على دخول الإعلانات لأجل تسيير أمورها، الأمر الذي منح للمال سطوة كبيرة في عملية صناعة المحتوى لتتوافق مع رغبات المعلنين، فزادت جرعة المحتويات الترفيهية وقلت جرعة المحتويات الجادة والأكاديمية لأجل التنافس في استقطاب المشاهدين وبالتالي المعلنين، كما عززت ظاهرة الإعلانات من سيطرة التوجهات السياسية والفكرية لكبراء رجال الأعمال بخصوص المحتوى الذي تقدمه وسائل الإعلام على طريقة “من يدفع من حقه أن يقرر”.
منقول للإفادة
إن كان من رسالة نود تمريرها لك في هذا المقال فهي ببساطة أنه لاينبغي عليك أن تثق في وسائل الإعلام وينبغى عليك أن تتحسس عينيك – والأهم عقلك – عشرات المرات أثناء جلوسك لمشاهدة التلفاز أوحتى مطالعة الصحيفة، فما يلقى إليك ليس حقيقيًّا بالكلية وليس موضوعيًّا بالكلية وليس نزيهًّا بالكلية كما أنه قد لايكون أخلاقيًّا بالكلية أيضًا.
1- من يملك وسائل الإعلام؟ (المحتوى الإعلامى مُصَنّع وانتقائي)
لا يوجد إعلام محايد، تلك حقيقة صار الجميع يعيها الآن، جميع المحتويات الإعلامية يتم تصنيعها لخدمة توجهات بعينها بداية من اختيار وسيلة الإعلام (الصحيفة أو القناة) للأخبار التى تعرضها ضمن مئات الأخبار والأحداث اليومية، إلى المساحة المكانية في الصحف والزمانية في التليفزيون التي يتم توفيرها لكل خبر، إلى اختيار العنوان ونص الخبر واختيار المحللين والضيوف وغيرها من المراحل المختلفة لما يسمى بـ”تصنيع المحتوى”، في النهاية ما يخرج لك ليس الخبر أوالحدث مجردًا وإنما صورة مصنعة منه بعد إضافة التوابل الإعلامية المعبرة عن التوجهات والتحيزات.الأمر ذاته يحصل في الأفلام التسجيلية والوثائقية عبر طريقة بناء النص “السيناريو” حيث يتم تقديم وجهة نظر نابعة من قناعات المخرج أو المنتج أوالوسيلة الإعلامية كما يتم تحضير المواد المرئية لخدمة زوايا بعينها وتحذف بعض المشاهد والصور أثناء المونتاج لخدمة ذات الزاوية أوالتوجه كما تضاف المؤثرات المرئية والصوتية التي يتم عبرها التحكم بشكل كبير في طريقة تلقيك “Perception” للمحتوى المعروض.في الدراما تكون عملية التصنيع أوضح عبر اختيار الموضوع أوالفكرة ثم الزاوية والحبكة والشخصيات والصراع والمعالجة الفنية، يكفي أن الجميع يعلم أن صناع الفيلم يتحكمون في صورة الشخصيات التي يقدمونها لنا، فالمشاهد ينظر إلى الخير والشر، والطيبة والقسوة وغيرها من الثنائيات وفق الصورة التي تمليها عليه هذه المعالجة.لذا تميل الكثير من وسائل الإعلام إلى إخفاء حقيقة ملاكها ومموليها لأجل استكمال عملية التصنيع، فكشف توجهات الممول أو مدير الصحيفة أو القناة يجعل عملية اكتشاف طريقة تصنيع المحتوى فيها أيسر كثيرًا إذا تمت مطابقتها من هذه التوجهات.
2- الصورة قد تكذب أحيانا (هيمنة الصورة)
نحن نعيش في عصر هيمنة الإعلام بكل تأكيد، وإن أردنا أن نخص أحد وسائط المادة الإعلامية بنصيب أوفر من هذه الهيمنة فإن اختيارنا سيقع بالطبع على الصورة.وفقا للدراسات فإن البصر أهم حواس الإنسان في عملية اكتساب المعلومات ، وتنطق قوى الصورة من قوتها التصديقية فليس من رأى كمن سمع كما يقولون ، كما تكتسب الصورة أهميتها أيضًا من ملموسيتها بعكس الكلمات التي تتصف في أحيان كثيرة بالتجريد والعموم، وإذا كان النص المقروء أو المسموع يتعرض لعمليات تفكيك وربط ذهنية قد تعزز قابليته للخضوع أو التقييم فإن الصورة تختلف كثيرًا فهي أشبه بحزمة رسائل وأفكار معلبة يتم تمريرها إلى ذهنك – معًا – في لحظة واحدة.تخضع الصور كذلك لمنطق الانتقاء، فالصورة التي تراها منتقاة بعناية ضمن مجموعة صور لحادثة ما، كما تم إدخال المؤثرات عليها بعناية أيضا بدءًا من طريقة العرض وتوقيته إلى التعليق المكتوب أو الصوتي وكلها –وغيرها – عوامل تتشارك في صناعة ما يعرف بـ”أثر الصورة”.وبناء عليه تستخدم الصور بأكثر من طريقة في صناعة محتوى مخادع كاستدعاء الصحف لصور أرشيفية تمرر رسائل بعينها عن موقعة حالية، أو اختيار صور بعينها تعطي انطباعًا بعينه عن الخبر أو الواقعة أو حتى تصنيع الصورة بالكلية سواء بهدف الخداع والتضليل أو بشكل طبيعي كما في أفلام الرسوم مثلًا.إذا ذهبنا للأفلام نجد الصورة تأخذ بعدًا آخر لتصير بذاتها حية وناطقة وهو الأمر الذى يكسبها تأثيرًا أكبر، كما يزداد تأثير الصورة وفقا لحمولتها التقنية وجودة إخراجها وملائمة المؤثرات والألوان لذا تعتبر الدراما عمومًا أكثر وسائل الإعلام تأثيرًا في ثقافة الجماهير وأكثرها استخدامًا في خداع عقول البشر عبر استخدام تقنيات الصورة، ففي عصرنا الحديث انهارت مقولة “الصورة أبدًا لا تكذب” فقد صار بإمكانها الآن أن تكذب وأن تخدع وأن تبهر لذا صارت أمثال هذه المقولات جزءًا من التاريخ.نتيجة كل ذلك نشأ ما يعرف بـ”ثقافة الصورة” فصارت الصورة تتلاعب بالبشر وتفصلهم عن العالم الحقيقي الذي صاروا يرونه من خلالها كما مارست الصورة هيمنتها وسلطتها على عقل وسلوك المتلقي المنبهر خاصة في الجانب الاستهلاكي، كما استطاعت الصورة أن تضيف إلى وعي المتلقي قناعات عن تجارب وأحداث لم يعشها بنفسه سواء كانت هذه القناعات حقيقية أومغلوطة سلبية أو إيجابية.
3- هم ليسوا كما ترى (صناعة القوالب والصور النمطية)
ربما يشغلك التطور المذهل في تقنيات الإعلام عن حقيقة كتلك، هي أن وسائل الإعلام لم تنجح في شيء كنجاحها في صناعة القوالب والصور النمطية، ولم تفشل في شيء كفشلها في عكس التنوعات والاختلافات ذلك لكون المحتوى الإعلامي تعميمي بشكل كبير ويميل لصناعة الأنماط أو القوالب.والنمط “Stereotype” هو مفهوم مستعار من عالم الطباعة ويعنى الصورة طبق الأصل، وفي صناعتها يوصف حالة الميل إلى اختزال المعلومات والمدركات في قوالب جامدة يتم تسكين الناس والأحداث خلالها والتعامل معهم وفقها ويمثل القالب غالبا رأيًا عاطفيًّا أوجانبًا أحاديًّا أو حكمًا متعجلًا أو صورة مشوهة تتم صناعتها بشكل مدروس غالبًا وعفوي أحيانًا.إذن فالقولبة عملية مخطط لها غالبًا لأجل اختزال صورة شخص أو فئة أو جماعة أو حزب أو شعب، في مجموعة قليلة من السمات قد تكون مغلوطة ويتم استدعاء أحكام الجماهير وردود الأفعال وفقًا لهذا القالب وهذه العملية لانبالغ إذا قلنا أنها أحد أكبر عمليات الظلم الممنهج في التاريخ ويتم استخدامها لترويج أفكار فاشية وعنصرية ضد فئات اجتماعية بعينها.ولكن ، كيف تتم صناعة النمط؟ ببساطة عبر صناعة ما يعرف بـ”الارتباط الشرطي” حيث يتم تكييف النمط أو الصورة أولًا، ثم يتم استدعاؤه إلى الذهن مع كل خبر أو حادثة لهذه الجماعة أو الفئة ومع مرور الوقت وترسخ العلاقة الشرطية تقوم الجماهير بصناعة هذا الربط أوتوماتيكيا دون الحاجة لوسائل الإعلام “انظر مثلا إلى صورة الصعيد المصري في دراما الثمانينات والتسعيبات أو صورة الإسلامي في أفلام عادل إمام”.يتم إحكام عملیة القولبة والتنمیط بمرور الوقت، وتتابع الزمن، والتكرار المستمر، والعمل الدؤوب في إبراز الصورة النمطیة السلبیة، وتنوع أسالیب عرضھا، واختلاف طرق معالجتھا واستخدام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئیة والأفلام السینمائیة أيضا.
4- لا نريدك أن تعرف فقط نريدك أن تفعل (صناعة البروباجندا)
وبناء على كل ما سبق فإن الإعلام صار أداة للحشد والتجييش أكثر بكثير من كونه أداة للحقيقة، وتغيرت الرسالة الإعلامية من إطلاع الناس على الحقيقة إلى دفعهم إلى تبني موقف معين من خلال آلة التجييش والحشد الإعلامي.يتم تصنيف 3 أنواع مختلفة للدعاية، أولها وأنزهها هي الدعاية البيضاء التى يتم خلالها استثمار الأحداث والأفكار والأدوات لأجل تمرير رسائل محددة من جهة محددة بحيث تكون الجهة معروفة وأهدافها معروفة أيضًا بينما تستخدم وسائل بيضاء في الدعاية لا تستخدم فيها أدوات الكذب أو التضليل.المفهوم الآخر هو الدعاية السوداء وهي أفكار يتم تمريرها من جهات تخفي أهدافها وهويتها بحيث تدفع الناس لا إراديًا إلى اتجاه معين دون أن يشعروا بذلك، أما الدعاية الرمادية فهي مصطلح استحدثه صناع الإعلام لتبرير استخدام بعض الأدوات “السوداء” في حملات الدعاية.ارتبطت البروباجندا بعدة ظواهر في الحالة الإعلامية أولها نشوء الامبراطوريات الإعلامية كنتيجة لرغبة الدول أو الشركات أو الكيانات في ضمان السيطرة على عقول الناس، ولن يتأتى ذلك إلا بالتحكم الكامل فيما يتلقونه وهوما لا يوفره الإعلام المتعدد، فظهرات إمبراطوريات إعلامية كبرى تمتلك أساطيل من الصحف والفضائيات ودور النشر واستديوهات تصنيع الأفلام ووسائط الميديا، يكفيك أن تعلم أن 6 شركات كبرى فقط تسيطر على أكثر من 90% من صناعة الإعلام.
5- من يدفع من حقه أن يقرر (الإعلام والإعلان وسيطرة المعلنين)
تستخدم الإعلانات بوفرة في ترويج السلع والخدمات، أحيانا يصير الإعلام مرادفًا للإعلان فظهرت وسائل إعلامية متخصصة فقط في الإعلان عن المنتجات وتسويقها.تعتمد الرسال الإعلانية في صياغتها عبر ما يعرف بتعزيز المغريات أو الميول التى تدفع المرة لاقتناء خدمة أو سلعة ما كالحاجة للطعام أوالشراب أوالمسكن (وتر الحاجة)، أو الرغبة في المكسب أوالربح (وتر القيمة)، أو الرغبة في الإحساس بالذات عبر محاكاة بعض المشهورين (وتر التقليد)، إضافة إلى أوتار أخرى كوتر الاقتناء والتملك ووتر الرفاهية وغيرها.تعدد أوتار الدعاية (الإعلان) ساهم في ظهور نمط استهلاكي شائع في المجتمع جاء مصاحبًا لظاهرة تمدد وسائل الإعلام عبر خلق رغبات غير ضرورية بل وأحيانا غير حقيقية لدفع الناس إلى الشراء وصرف المال وما يصحب ذلك من ظواهر لا أخلاقية أحيانًا.الظاهرة الأهم المتعلقة بالإعلان هي ما يعرف بسيطرة المعلنين، فوسائل الإعلام صارت تعتمد بشكل كبير على دخول الإعلانات لأجل تسيير أمورها، الأمر الذي منح للمال سطوة كبيرة في عملية صناعة المحتوى لتتوافق مع رغبات المعلنين، فزادت جرعة المحتويات الترفيهية وقلت جرعة المحتويات الجادة والأكاديمية لأجل التنافس في استقطاب المشاهدين وبالتالي المعلنين، كما عززت ظاهرة الإعلانات من سيطرة التوجهات السياسية والفكرية لكبراء رجال الأعمال بخصوص المحتوى الذي تقدمه وسائل الإعلام على طريقة “من يدفع من حقه أن يقرر”.
منقول للإفادة








