الأحزاب الهوائيات
17-09-2008, 06:58 PM
الأحــزاب " الهوائيات".
ففـي سنـة 1989، استفاقـت المخابـرات مـن نومهـا العميق بعـد أن استنجـد بهـا النظـام العسكـري ليوقفـوا زحـف الإسلامييـن. فـراح هـؤلاء يلمـون شتاتـهم مستعينيـن بعمـلائهم المندسيـن في الأوسـاط الشعبيـة منذ عـدّة سنوات تمكنـوا خلالها من كسب ثقـة العامـة. فانظمـوا – كـل حسب موقعـه وطبعـه - إلى مؤسسـي الأحـزاب التـي سيبنى عليه النظـام الجزائـري المعاصـر وأخـذ الكل موقعـه في صـدارة القيـادات المختلفـة.
استغـل النظـام تنـازع الإسلامييـن حـول تأسيـس حزبـهم، فأوحـوا إلى عملائهـم أن يسارعـوا إلى الانخـراط في أول حـزب إسـلامي يلـوح في الأفـق من أجـل الظفـر بحـق السبـق بعد أن بـرزوا كثيرا في السنوات الأخيـرة خـلال النشاطـات الدينيـة المختلفـة، بل منهـم من سجـن أو نفـي مـن أجـل ذلك حتى حـازوا على الثقـة العميـاء من عامـة الإسلاميين.
استطـاع النظـام إحكـام سيطرتـه علـى مـا يسمـى بالمجتمـع المدنـي أي جموع الأحـزاب السياسية عـن طريـق نصـب عملائـه فـي الصـدارة، فتسممـت بذلك كـل الأحـزاب التـي ينتظـر أن تلعـب دورهـا في التغييـر. كما عمـل النظـام على تحسيـن صـورة عمـلائه داخل الحـزب بـأن ساعدهم علـى النجـاح فـي عـدة مواجهـات مصطنعـة مـع الحكـم لينالـوا بذلـك احترام وإعجـاب القاعـدة. فكـان أهـم عمـل نجـح فيه هـؤلاء بمساعـدة بعض الأجهـزة الحكوميـة - بفضـل العمـلاء وبوحـي مـن النظـام الحاكم- أن طالبـوا بالإفـراج عـن السجنـاء السياسييـن مـن الذيـن تورّطـوا فـي العمليـات المسلحـة من جماعـة بويعلي في الثمانينـات. وكان منهـم من حكم عليهـم بالأشغـال الشاقـة أو بالإعـدام أمثـال شبوطي و ملياني ومنصوري. ولقـد تـم لهـم ذلك ولـو على مراحـل لوجـود معارضيـن لهـذه الفكـرة من النظـام نفسـه. لكـن العسكـر هـذه المـرة يضغطـون علـى الشاذلـي فيطلـق سراحهـم وهـو يعلـم أنهـم سيعـودن إلى ما كانـوا عليـه. ويشهـد التاريـخ أن هـؤلاء هم الذيـن فجـروا الأوضـاع مـرة أخـرى في نهايـة عـام1991 متذرعين بإلغـاء الـدّور الثانـي للانتخابات.
ممـا سبـق، يتبيـّن لنا أن الجبهـة الإسلاميـة للإنقـاذ قـد تأسسـت علـى تياريـن رئيسييـن أحدهمـا عصـري التوجـه، تغلّـب فيـه العناصـر الجامعيـة وهم متأثـرون بالتيـارات الفلسفيـة الحديثـة ويدعـى "الجزأرة"، ومنهـم مـن تربـى علـى منهـج الإخـوان وفيهـم عناصـر مـن "النهضـة" ذات الأبعـاد "الباديسيـة". أما الثاني ويـدعى السلفيـة فيضـم في صفوفـه، القليـل مـن المتعلميـن لكنهـم يحملـون القرآن عـن ظهـر قلـب ويحفظـون كل الأحاديث المثيـرة للجـدل. فيهـم عناصـر من المخابـرات، إضـافة إلى جماعـة السجنـاء السياسييـن الذيـن أطلـق سراحـهم وبعـض العامليـن لحسـاب الرئيس الأسبـق بن بلة. بيـن هـذا وذاك، ظهـرت علـى الساحـة مجموعـة "التكفيـر والهجـرة" التـي تعـود أصولهـا إلـى سجنـاء الإخـوان المسلميـن بمصر خـلال الأربعينـات. وهـم الذيـن أسسـوا مذهبهـم على تكفيـر الأنظمـة وكـل العامليـن في أجهـزة الدولـة.
مـن هنا نعلـم- بما ليس فيه الشك - أن النظـام قـد ساهـم ماديـا ومعنويـا في تأسيس الجبهـة الإسـلامية للإنقـاذ بـأن فرض عمـلاءه ثـم شجع علـى قبـول اعتمـاده وترتيب أمـوره في البدايـة، علـى أمـل بسـط يـده عليـه، أو على الأقـل التأثيـر فيه تحضيـرا لاستغلالـه مستقبـلا لتحقيـق أهدافـه، خاصـة منهـا ضـرب مختلـف أشكـال المعارضـة التـي بـدأت تبـرز على الساحـة الوطنيـة بفعـل حريـة النشـاط السياسـي. كما كـان مـن أهـداف النظـام الحـاكم، الاستعانـة بهـذا الحـزب فـي مواجهاتـه للمعارضـة لا سيمـا منهـا تلك التي لهـا نزعـة عرقيـة أو شيوعيـة.
لما حـدث ذلك الانقـلاب الذي قـام به التيـار الإصلاحي بقيـادة عباسي مدني، تشتـت قـوى السلفييـن فعميـت عيـون النظـام مـدّة مـن الزمـن. استغـل الإصلاحيـون تلـك الأوضـاع، فراحـوا ينظمـون صفوفـهم استعـدادا لمواجهـة الجميع بما فيهم المعارضـة. ولما كـان الخصـم قويـا وعنيدا، كان لا بـد من الاستعانـة بالقاعـدة العريضـة للسلفيـة وهـم لا يعلمـون أو لا يفهمـون شيئـا مما يحدث داخل الحـزب من الخلافـات باستثنـاء بعضهـم. إنهـم يشكلـون قـوّة لا يستهـان بهـا لكـن المعضلـة أنهـم لا ينقـادون إلا لمـن يتظاهـر بمظاهـر السلفيـة، مـن إطـلاق اللحـى وقصـر اللبـاس أو استعمـال الكحـل والسـواك الخ... من المظاهـر التي وردت في الأثـر من دون صيغـة الوجـوب الإلزام كما يعتقد هؤلاء.فمـال بعـض القيادييـن إلـى الاستجابـة لذلـك محاباة في أغلب الأحيـان، فتركـوا المجـال واسعـا ليكبـر صـف هـؤلاء ويصبـح قـوة يصعـب التحكـم فيهـا، ممـا أعـان أسيـادهم علـى العـودة شيئـا فشيئـا ليعملـوا علـى إضعـاف الجبهـة الإسلامية مـن الداخـل بعـد أن تـم خـوض الانتخابـات بنجـاح أبهـر الـرأي العـام وكـان سببـا في تحـرك بعض قـوى الشـر في صفـوف الجيش. فبـدأت المشاورات بجميـع أشكالهـا لوقـف زحف هـذا الحـزب نحـو مواقـع القـرار.
ففـي سنـة 1989، استفاقـت المخابـرات مـن نومهـا العميق بعـد أن استنجـد بهـا النظـام العسكـري ليوقفـوا زحـف الإسلامييـن. فـراح هـؤلاء يلمـون شتاتـهم مستعينيـن بعمـلائهم المندسيـن في الأوسـاط الشعبيـة منذ عـدّة سنوات تمكنـوا خلالها من كسب ثقـة العامـة. فانظمـوا – كـل حسب موقعـه وطبعـه - إلى مؤسسـي الأحـزاب التـي سيبنى عليه النظـام الجزائـري المعاصـر وأخـذ الكل موقعـه في صـدارة القيـادات المختلفـة.
استغـل النظـام تنـازع الإسلامييـن حـول تأسيـس حزبـهم، فأوحـوا إلى عملائهـم أن يسارعـوا إلى الانخـراط في أول حـزب إسـلامي يلـوح في الأفـق من أجـل الظفـر بحـق السبـق بعد أن بـرزوا كثيرا في السنوات الأخيـرة خـلال النشاطـات الدينيـة المختلفـة، بل منهـم من سجـن أو نفـي مـن أجـل ذلك حتى حـازوا على الثقـة العميـاء من عامـة الإسلاميين.
استطـاع النظـام إحكـام سيطرتـه علـى مـا يسمـى بالمجتمـع المدنـي أي جموع الأحـزاب السياسية عـن طريـق نصـب عملائـه فـي الصـدارة، فتسممـت بذلك كـل الأحـزاب التـي ينتظـر أن تلعـب دورهـا في التغييـر. كما عمـل النظـام على تحسيـن صـورة عمـلائه داخل الحـزب بـأن ساعدهم علـى النجـاح فـي عـدة مواجهـات مصطنعـة مـع الحكـم لينالـوا بذلـك احترام وإعجـاب القاعـدة. فكـان أهـم عمـل نجـح فيه هـؤلاء بمساعـدة بعض الأجهـزة الحكوميـة - بفضـل العمـلاء وبوحـي مـن النظـام الحاكم- أن طالبـوا بالإفـراج عـن السجنـاء السياسييـن مـن الذيـن تورّطـوا فـي العمليـات المسلحـة من جماعـة بويعلي في الثمانينـات. وكان منهـم من حكم عليهـم بالأشغـال الشاقـة أو بالإعـدام أمثـال شبوطي و ملياني ومنصوري. ولقـد تـم لهـم ذلك ولـو على مراحـل لوجـود معارضيـن لهـذه الفكـرة من النظـام نفسـه. لكـن العسكـر هـذه المـرة يضغطـون علـى الشاذلـي فيطلـق سراحهـم وهـو يعلـم أنهـم سيعـودن إلى ما كانـوا عليـه. ويشهـد التاريـخ أن هـؤلاء هم الذيـن فجـروا الأوضـاع مـرة أخـرى في نهايـة عـام1991 متذرعين بإلغـاء الـدّور الثانـي للانتخابات.
ممـا سبـق، يتبيـّن لنا أن الجبهـة الإسلاميـة للإنقـاذ قـد تأسسـت علـى تياريـن رئيسييـن أحدهمـا عصـري التوجـه، تغلّـب فيـه العناصـر الجامعيـة وهم متأثـرون بالتيـارات الفلسفيـة الحديثـة ويدعـى "الجزأرة"، ومنهـم مـن تربـى علـى منهـج الإخـوان وفيهـم عناصـر مـن "النهضـة" ذات الأبعـاد "الباديسيـة". أما الثاني ويـدعى السلفيـة فيضـم في صفوفـه، القليـل مـن المتعلميـن لكنهـم يحملـون القرآن عـن ظهـر قلـب ويحفظـون كل الأحاديث المثيـرة للجـدل. فيهـم عناصـر من المخابـرات، إضـافة إلى جماعـة السجنـاء السياسييـن الذيـن أطلـق سراحـهم وبعـض العامليـن لحسـاب الرئيس الأسبـق بن بلة. بيـن هـذا وذاك، ظهـرت علـى الساحـة مجموعـة "التكفيـر والهجـرة" التـي تعـود أصولهـا إلـى سجنـاء الإخـوان المسلميـن بمصر خـلال الأربعينـات. وهـم الذيـن أسسـوا مذهبهـم على تكفيـر الأنظمـة وكـل العامليـن في أجهـزة الدولـة.
مـن هنا نعلـم- بما ليس فيه الشك - أن النظـام قـد ساهـم ماديـا ومعنويـا في تأسيس الجبهـة الإسـلامية للإنقـاذ بـأن فرض عمـلاءه ثـم شجع علـى قبـول اعتمـاده وترتيب أمـوره في البدايـة، علـى أمـل بسـط يـده عليـه، أو على الأقـل التأثيـر فيه تحضيـرا لاستغلالـه مستقبـلا لتحقيـق أهدافـه، خاصـة منهـا ضـرب مختلـف أشكـال المعارضـة التـي بـدأت تبـرز على الساحـة الوطنيـة بفعـل حريـة النشـاط السياسـي. كما كـان مـن أهـداف النظـام الحـاكم، الاستعانـة بهـذا الحـزب فـي مواجهاتـه للمعارضـة لا سيمـا منهـا تلك التي لهـا نزعـة عرقيـة أو شيوعيـة.
لما حـدث ذلك الانقـلاب الذي قـام به التيـار الإصلاحي بقيـادة عباسي مدني، تشتـت قـوى السلفييـن فعميـت عيـون النظـام مـدّة مـن الزمـن. استغـل الإصلاحيـون تلـك الأوضـاع، فراحـوا ينظمـون صفوفـهم استعـدادا لمواجهـة الجميع بما فيهم المعارضـة. ولما كـان الخصـم قويـا وعنيدا، كان لا بـد من الاستعانـة بالقاعـدة العريضـة للسلفيـة وهـم لا يعلمـون أو لا يفهمـون شيئـا مما يحدث داخل الحـزب من الخلافـات باستثنـاء بعضهـم. إنهـم يشكلـون قـوّة لا يستهـان بهـا لكـن المعضلـة أنهـم لا ينقـادون إلا لمـن يتظاهـر بمظاهـر السلفيـة، مـن إطـلاق اللحـى وقصـر اللبـاس أو استعمـال الكحـل والسـواك الخ... من المظاهـر التي وردت في الأثـر من دون صيغـة الوجـوب الإلزام كما يعتقد هؤلاء.فمـال بعـض القيادييـن إلـى الاستجابـة لذلـك محاباة في أغلب الأحيـان، فتركـوا المجـال واسعـا ليكبـر صـف هـؤلاء ويصبـح قـوة يصعـب التحكـم فيهـا، ممـا أعـان أسيـادهم علـى العـودة شيئـا فشيئـا ليعملـوا علـى إضعـاف الجبهـة الإسلامية مـن الداخـل بعـد أن تـم خـوض الانتخابـات بنجـاح أبهـر الـرأي العـام وكـان سببـا في تحـرك بعض قـوى الشـر في صفـوف الجيش. فبـدأت المشاورات بجميـع أشكالهـا لوقـف زحف هـذا الحـزب نحـو مواقـع القـرار.
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة





