النضال بعد الحرب العالمية الثانية
14-10-2008, 08:27 PM


السلام عليكم
النضال بعد الحرب العالمية الثانية




عندما وضعت الحرب العالمية أوزارها أعتقد الجزائريون كباقي شعوب العالم التي كانت خاضعة لأنظمة استعمارية استبدادية أن الوقت قد حان كي تعترف فرنسا باستقلال الجزائر خاصة و أن المئات من الجزائريون شاركوا في الحرب إلى جانب الحلفاء و عانوا الكثير من ويلات الحرب .

و في اليوم الذي أعلن كتاريخ للاحتفال بنهاية الحرب أي في 8 ماي 1945 نظم كل من حزب الشعب و أحباب البيان مظاهرات سلمية فرفضت القوات الاستعمارية أن يحمل المتظاهرون لافتات تطالب بالاستقلال و تحولت المظاهرات السلمية إلى حمام من الدم و أنتفض الشعب في مناطق مختلفة من البلاد وقوبلت هذه الانتفاضة بقمع وحشي شاركت فيه قوات البوليس و ميليشيات الكولون و الجيش الفرنسي مستعملا أسلحته المختلفة. فقامت الطائرات بقصف بعض الدواوير و المشاتي كما شاركت البوارج البحرية في عمليات القمع حيث قصفت بعض المناطق في كل من بجاية و جيجل

بعد هذه الأحداث انقسمت الحركة الوطنية إلى تيارين ، فخوفا من مجازر أخرى فضل التيار الأول الأساليب السلمية و النضال السياسي و فضل التيار الثاني التحضير للمواجهة المسلحة .

فأنشأ فرحات عباس حزبا برنامجه يعتمد على البيان الذي قدم للحلفاء في 1944 و المطالب بالحق في تقرير المصير و القضاء على النظام الاستعماري و المساواة بين المواطنين و بضمان الحريات الأساسية لكل الجزائريين مع البقاء ضمن اتحاد فيدرالي فرنسي .

و كون مصالي الحاج حزبا جديدا خلفا لحزب الشعب هو حزب انتصار الحريات الديمقراطية و الذي كان يعتمد نفس البرنامج المطالب بالاستقلال التام عن فرنسا و الذي بصفة رسمية كان يعتمد أسلوب النضال السياسي .
و لكن ضمن هذا التنظيم كون الحزب منظمة سرية شبه عسكرية سميت بالمنظمة الخاصة أوكلت لها مهمة التحضير للثورة بجمع و إشتراء الأسلحة و تدريب المقاتلين على استعمالها و التجسس على حركات البوليس و كان محمد بلوزداد أول مسؤول عنها.

و قد اعتمدت فرنسا بعد مجازر سطيف قالمة و خراطة أسلوب المراوغة فأصدرت في 1947 قانونا جديدا يسير الجزائر. يعترف بالمساواة في الحقوق و الواجبات بين كل سكان الجزائر و ينشأ مجلسا وطنيا جزائري لكن في نفس الوقت ينشأ هيئتين انتخابيتين هيأة خاصة بالكولون و نخبة من المسلمين و هيأة ثانية خاصة بالأهالي و تنتخب كل هيأة 60 نائبا وبذلك يتساوى صوت المعمر مع 8 أصوات من الأهالي.
ورغم هذا الإجحاف في التمثيل و السلطات المحدودة للمجلس الوطني الجزائري تفنن الكولون و على رأسهم الحاكم العام نجيلان في التزوير لمنع أنصار مصالي الحاج و فرحات عباس من الحصول على مقاعد في المجلس .
لقد عاشت الحركة الوطنية في بداية الخمسينات أزمة حادة نتيجة للتردد من جهة و رفض المستعمر تقديم أية تنازلات سياسية تعطي الأمل في حل سلمي للمعضلة الجزائرية .
فبعد وفاة محمد بلوزداد و عملية السطو على بريد وهران أستطاع البوليس تفكيك المنظمة الخاصة ( و ذلك على إثر فشل عملية تأذيب مناضلين من المنظمة) و قام باعتقال عدد من مناضليها.

و ظهرت صراعات حادة داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية بين أنصار مصالي الحاج من جهة و أعضاء اللجنة المركزية للحزب الذين كانوا يعارضون تسلط مصالي الحاج و تسييره اللاديمقراطي للحزب.

أنتخب يوسف بن خدة أمينا عاما للحزب في 1953 و عارض مصالي قرارات المؤتمر مما خلق ازمة حادة و أنشقاقا كبيرا داخل حركة انتصار الحريات الديمقراطية

في نفس الفترة تأزمت الأوضاع في تونس حيث أمام الانسداد السياسي و إلقاء القبض على بورقيبة و اغتيال فرحات حاشد حمل بعض مناضلي القضية الوطنية السلاح و لم تهدأ الأوضاع إلا في جويليا 1954 عندما قررت حكومة منداس فرانس منح الاستقلال الذاتي لتونس.

وقد سادت الاضطرابات المغرب كذلك نتيجة حمل حزب الاستقلال مطلب إلغاء الحماية الفرنسية على المغرب ، فقد منع كل من حزب الاستقلال و الحزب الشيوعي من النشاط السياسي و نفي الملك محمد الخامس في 20 أوت 1953 نتيجة لمساندته لهذا المطلب و أنتفض الشارع في مدن كثيرة من المغرب .

عرفت هذه فترةبداية الخمسينات انتشار واسع لفكرة التحرر وانحصار المد الاستعماري، فقد كان للثورة المصرية 23 جويلية 1952 وللحركات المسلحة في كل من تونس والمغرب و الفيتنام صدى كبيرا في نفوس المناضلين الجزائريين الذين تأكدوا من عدم جدوى النضال السياسي للقضاء على نظام إستعماري يحاول بكافة الوسائل إحكام قبضة الأقلية على ثروات و خيرات البلاد .