تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
khaleeed
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 13-02-2007
  • المشاركات : 57
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • khaleeed is on a distinguished road
khaleeed
عضو نشيط
ثلاثية الجزائر- محمد ديب -
22-04-2007, 09:22 PM
هدوء الأشواك الخضراء وزوجتي تقف أمام الجوع.‏

أمام الجوع الدائم.. تغنى مغمضة العينين‏


محمد ديب‏

في مدينة تلمسان التي تقع غرب الجزائر، تدور أحداث الثلاثية السردية الروائية "البيت الكبير" "الحريق" "النول" التي كتبها الشاعر والروائي الجزائري محمد ديب باللغة الفرنسية وقام بترجمتها إلى العربية الدكتور سامي الدروبي، والتي تزامن صدورها مع صدور ثلاثية نجيب محفوظ: "بين القصرين"، "قصر الشوق"، "السكرية"، في بداية ومنتصف الخمسينيات، وعلى الرغم من أن الثلاثيتين السرديتين الشهيرتين كتبتا قبل ذلك التاريخ بكثير، إلا أنهما تمثلان وقت صدورهما نموذجاً جديداً وهاماً من نماذج الرواية العربية الممتدة الحدث، أو ما يعرف برواية الأجيال، أو الرواية النهرية، فثلاثية محمد ديب تعد من الثلاثيات الروائية المكانية الممتدة الحدث، حيث يحتفى الكاتب فيها بالمكان المنتخب من أحد أحياء مدينة تلمسان مسقط رأس الكاتب، من خلال بيت كبير من البيوت النمطية الواطئة المتواجدة في المدينة، وأيضاً من خلال الريف المجاور لها، وانعكاسات سطوة هذا المكان على الشخصيات المهمّشة، الجائعة الحائرة، والدائرة في شوارع المدينة وأزقتها وأحيائها المختلفة تبحث عن الحد الأدنى لقوت يومها وحياتها ألا وهو "الخبز"، ومن ثم فهي تبحث أيضاً عن المعنى الكبير للحياة وهو الحرية، والأمان، والمعيشة الكريمة وسط عصر مليء بالقسوة والاستعمار والقمع والاستغلال، أما ثلاثية نجيب محفوظ فهي ثلاثية روائية تحتفى بالأجيال والزمان المصاحب لها والذي تجاوز حدوده في هذه الثلاثية ثلاثة عقود، حيث بدأت ملامح شخصياتها تظهر منذ ثورة 1919، وتتدرج ملامحها ومواقفها الاجتماعية، والأيديولوجية حتى منتصف الأربعينيات من خلال سطوة خاصة تمتلكها بعض هذه الشخصيات وتمارس من خلالها بعضاً من انعكاسات العصر، والواقع وممارساته على الأحداث الأساسية للثلاثية وعلى رأس هذه الشخصيات شخصية السيد أحمد عبد الجواد رأس الأسرة التي تمثل نموذجاً للحالة الاجتماعية المصرية خلال تلك الفترة التي جسدتها الثلاثية.‏

وثلاثية محمد ديب أو ثلاثية الجزائر كما يجسّد مضمونها هي تلك الثلاثية التي قال عنها الشاعر الفرنسي الكبير أراجون": إن هذه القصة تبشر بولادة عصر القصة في الجزائر"، وهي كما تبدو من أحداثها ومشاهدها المؤججة، كما لو كانت ذكريات طفولة محمد ديب نفسه، فمن يقرأ الجزء الأول من الرواية "البيت الكبير" يجد أن ذكريات طفولته تتجلى مع الأحداث كما ولو كانت عادت إلى الحياة مرة أخرى، أما من يقرأ الجزء الثاني "الحريق"، والجزء الثالث "النول"، فإنه يجد فيهما بركاناً على وشك الثورة، وأن ملامح المقاومة ضد المستعمر الفرنسي آنذاك قد بدأت بشائرها تبدو في الأفق، حيث يبدو فيها الحريق الكبير المشتعل داخل المكان، وداخل الذات الجزائرية المهمشة من خلال تلاحم صور الظلم، ومظاهره المتشابكة المعقدة، والمحركة لإحداثيات الحياة الساخنة، والثورة التي كانت وشيكة الوقوع، والتي عجلت بها حركة الوعي الشديد الممتدة خطوطها في الأماكن الجزائرية المتوهدة بوهج البؤس، وقسوة الحياة، خاصة ما هو متواجد في أرجاء المدينة، في شوارعها وأزقتها وبيوتها ذات الأبواب الواطئة، وفي ربوع الريف، والقرى المتناثرة فيه، وفي الصحارى وفي سفوح الجبال وقممها، وحول عجلات الأنوال في مصانع النسيج، وغيرها من الأماكن التي تطأها وتطولها مظاهر القمع والقهر والعنف الاستعماري الاستيطاني الفرنسي البغيض. ولأن بداياتها كانت في هذه البيوت الواطئة أمثال بيت "سبيطار" الكبير في مدينة تلمسان والذي يمثل نموذجاً للبيوت الجزائرية المهمشة في ذلك الوقت، فإن "عمر" وهو الشخصية الأساسية والمحورية في الثلاثية والرامزة للشخصية الجزائرية الباحثة عن الخبز أولاً، أيام البؤس والشقاء، والمتطلعة إلى طموحات الحياة الكريمة ثانياً، والساعية أخيراً إلى الحرية والكرامة والعدل، حتى أن قصة "البيت الكبير" تبدأ بعبارة "أعطني قطعة خبز"، قالها الولد الصغير عمر وتلاميذ من سنه لا يتجاوز عمرهم العاشرة إلى طفل صغير كان قد أحضر معه قطعة من الخبز، وعمر هذا نشأ في هذا البيت الكبير "بيت سبيطار"، وكان هو الرمز المحرك لبذور المقاومة، والثورة، وهو أيضاً المتحرك داخلها كوقود لهذه المقاومة العارمة التي عمت كل بيت في الجزائر. من هنا نجد أن صفات أبطال محمد ديب وقيمهم تحاول أن تدلل على أن الصراع من أجل الحياة قد أصبح عاملاً من عوامل تكوين الشخصية الجزائرية على إطلاقها، وأن القلق والترقب من أجل هذه الغاية قد أصبحا سمة من سماتها، كما أصبحت الثورة المسلحة هي الشيء الذي لا مفر منه، وهي همها الأول والأخير للوصول إلى منابع الحرية وروافدها التي تؤجج صدور الناس في كل مكان على أرض الجزائر، كما أن محمد ديب نفسه في عالمه الإبداعي الخاص سواء كان في شعره أو سرده، كان هو ذاته تعبيراً خاصاً عن قلق وترقب أفرزته الثورة الجزائرية المرتقبة والتي تنبأ بها في بواكير أعماله الروائية، خشية أن يصبح المجتمع متحولاً من حالة الترقب والجيشان المؤججة للثورة والمقاومة الحتمية إلى حالة من اللا مبالاة والعودة إلى حالات الخوف والقلق من المجهول، لذا كان محمد ديب يساعد أبطاله على التحرر من هذا القلق الذي يساورهم، ويبث فيهم الحب الحقيقي للحياة، والغرام العظيم المختبئ في كل مكان من الأرض الجزائرية، حتى بين الأعشاب الصخرية التي باتت رمزاً للمقاومة السرية، من خلال الرجال والنساء والأطفال، الجميع كان لهم دور عظيم في المقاومة والثورة والحرب ضد المستعمر الفرنسي. ولعل أحداث ثلاثيته بما تمور به من وقائع وممارسات يعيشها أبطال الثلاثية تصور بداية الحركة نحو تغيير وضع الأشياء، وتحريك الأمل ناحية مساره الصحيح حتى لو أدى ذلك إلى دفع الثمن غالياً من الدم والروح والعرق، ففي "البيت الكبير" تأتي الشرطة لتحقق مع أحد المجاهدين، ثم تبدأ الحرب العالمية الثانية، وتطول الحرب فرنسا نفسها، وكان أول اجتماع سياسي يعقده الفلاحون، وبداية كفاحهم الفعلي بإضرابهم عن العمل كان رد فعله هو الانتقام الرهيب من الفرنسيين، حتى وهم في أوج محنتهم مع عدوهم، نفس السياسة التي لم تتغير من قبل السلطة حتى في أيام الحرب التي هزمت فيها فرنسا. كما نجد في الجزء الثاني من الثلاثية "الحريق" تتعمق الأحداث، وتتحدد أبعاد الثورة التي بدأت بوادرها في "البيت الكبير"، لتصبح في "الحريق" وبعد وصول "عمر" ورفيقته "زهور" إلى بلدتها الريفية "بنى بوبلن"، حيث يبدأ التنظيم السياسي للفلاحين في التكون ويبلغ ذروته في الفصل العشرين من الرواية حين يعلن عن الحريق نفسه، وهو بداية الثورة. إن الزمن التاريخي الذي يفيد كخلفية في هذا النص هو زمن إعلان الحرب العالمية الثانية الذي كان من المفترض أن شخصيات الرواية ستشارك فيها، لذا يتتبع الكاتب "حميد سراج" الشخصية الثورية المقاومة في النص إلى سجنه في تلمسان، في هذيانه الناجم عن التعذيب، حيث يتداخل الماضي والحاضر والزمن وما وراء الزمن، لنعود إلى "بنى بوبلن" لنشهد إعلان الإضراب، وحريق الأكواخ، ويأس الفلاحين ومقاومتهم، والقلق الذي تلبس كل من في هذه القرية عشية بداية الحرب العالمية الثانية وهو الحدث المروى عام 1954 زمن صدور الرواية والذي تزامن صدورها قبل عدة أشهر من تفجر وظهور بوادر حرب التحرير الجزائرية، لذا كانت وجهة النظر الروائية التي توخاها محمد ديب في ثلاثيته التي حدثت وقائعها عام 1939 ورويت عام 1954 كان تبشيراً من سرد محمد ديب لرؤية تنبئوية فاعلة لما سيحدث على أرض الجزائر من مقاومة وثورة وحريق.‏

إن أبطال محمد ديب في الثلاثية يؤكدون على منطق ضرورة تغيير الأوضاع، لإيجاد حياة أفضل، ويطاردهم البوليس لمجرد أنهم يريدون الخير لوطنهم ولشعبهم ويريدون حياة طيبة لمواطنيهم، وواقعية الكاتب تظهر في أحداث الثلاثية من خلال استخدام الشخصيات الطبيعية في كل مكان في الجزائر خاصة في البيوت ذات الأبواب الواطئة، وفي الريف، وهو ليس واقعياً فقط لأنه اختار أبطاله من صميم الشعب أو لأنه يقدم لنا صورة حقيقية لما يدور على أرض الجزائر، ولكن لأن أبطاله بدؤوا يشعرون بالظلم الواقع عليهم، وبعدم عدالة هذا الوضع، ولعل البطل الرئيس "عمر" قد بدأ يفهم، وتدور في نفسه ثورة عارمة على هذه الأوضاع من كثرة ما رأى، ومن كثرة ما أحس، وشعر به من هوان، وقمع، وذل، والآخر الذي تبدو في شخصية "حميد سراج" الذي عرف وبصر طريق الخلاص الوحيد لهذا الوضع وهو أن يعمل من أجل تغيير هذه الأوضاع، مهما كلفه ذلك من دم وجهد وعرق.. ثم أحاسيس الناس سكان البيت الكبير "بيت سبيطار" سكان الجزائر واعترافهم بأن هذا هو طريق الشرف كما قالت زينة أحد شخصيات الثلاثية": إن السجن لمن يسير في نفس الطريق قد أصبح شرفاً له"، ويكشف لنا محمد ديب بنفس البراعة التي جسد بها الشخصيات المحركة لأحداث الثلاثية أعماق نفسية الشعب الجزائري عن طريق تلك الأحاديث التي لا تنتهي بين الفلاحين، وبين الفلاحين ومواطنيهم، وبينهم وبين أسيادهم، ثم ذلك الموقف الواعي من السيد والذي يعبر عنه ذلك السيل من الشتائم والعبارات التي تنم عن الازدراء والاحتقار والحقد تجاهه، إن الشخصيات الجزائرية التي عبر عنها محمد ديب في ثلاثيته السردية تدلّ على أنهم يكدحون طول اليوم ويراودهم أمل واحد هو الحصول على قطعة صغيرة من الأرض تكون ملكاً لهم، ولن يتحقق هذا الأمل مطلقاً مع إن الأرض أصلاً ملكاً له، والهواء ملكاً له، والحياة كلها في الجزائر أصبحت ملكاً له. كما تعطينا الثلاثية أيضاً أبعاداً وإحساساً بالمرارة عاشها شعب الجزائر في ظل القمع والقهر الفرنسي إبان الاحتلال، ومن خلال هذا المشهد الرائع الذي جسده محمد ديب في ثلاثيته نجد هذه اللوحة والمشهد الموحى من خلال هذه الفلاحة التي تبدو في مظهر يرثى له والجالسة على قارعة الطريق تمسك بيد طفلتها التي تموت والجموع المارة تنظر لها بلا مبالاة متناهية، وهي تقول لها: لا تموتي، فما زلت صغيرة.. وحين تكبرين ستعرفين وستفهمين". ماذا ستعرف هذه الصغيرة وماذا ستفهم؟ هذا هو السؤال الضخم الكبير الذي عبرت عنه هذه الثلاثية الرائعة التي بدأت أحداثها في أواخر الثلاثينيات مع بداية الحرب العالمية الثانية وكتبها محمد ديب في الأربعينيات ونشرت في الخمسينيات وكانت على موعد مع الثورة الجزائرية التي بدأت بعد أن صدرت الثلاثية بعدة شهور.‏
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عزالدين بن عبد الله
عزالدين بن عبد الله
مشرف منتدى الحقوق و العلوم السياسية
  • تاريخ التسجيل : 24-12-2006
  • المشاركات : 5,248
  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • عزالدين بن عبد الله will become famous soon enough
الصورة الرمزية عزالدين بن عبد الله
عزالدين بن عبد الله
مشرف منتدى الحقوق و العلوم السياسية
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 08:26 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى