عبد الحميد بن باديس
22-11-2008, 08:56 PM
[center]
إن هؤلاء الرجال قبل أن يكونوا أبطالا كانوا أطفالا فتحوا أعينهم فوجدوا مستعمرا فعزموا على بذل النفس والنفيس في سبيل تحريره وقد تحرر بفضل تضحياتهم المختلفة ومن بينهم كان العلامة الكبير عبد الحميد بن باديس
مولده ونشأته
في مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري ولد عبد الحميد بن باديس بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس في 4 ديسمبر سنة 1889 من عائلة محافظة ونشأ في أسرة عريقة معروفة بالعلم والجاه والثراء فكان من أجداده الأولين " المعز بن باديس " ومن أسلافه المتأخرين " المكي بن باديس " الذي تولى منصب القضاء بقسنطينة وأما الشيخ محمد المصطفى بن المكي بن باديس والد عبد الحميد فكان صاحب مكانة معروفة في قسنطينة جعلته موضع احترام وتقدير من المواطنين والحاكمين وقد شارك في بعض الأعمال الإدارية فكان عضوا في المجلس الجزائري الأعلى والمجلس العام بقسنطينة .
حياته
لقي عبد الحميد في كنف والديه ما يلقاه عادة أول الأبناء في الأسرة الكريمة فقدمه والده إلى الشيخ محمد المداسي واخذ هذا الشيخ يلقن تلميذه ابن باديس سور القرآن الكريم حتى أتم حفظه وإتقانه وكانت والدته كذلك زهيرة بنت جلول من عائلة ذات على وفقه .
لأن قسنطينة آنذاك كانت قطبا للأصالة ومهدا لحركات المقاومة والحركات الإصلاحية وفي عام 1903 بدأ عبد الحميد بن باديس مرحلة جديدة في التعليم على يد شيخه الونيسي فأخذ عنه مبادئ العلوم العربية والدينية ورباه أحسن تربية وروحية حيث يقوا " فقد أوصاني وشدد علي إلا اقرب الوظيفة ولا اتخذ علمي مطية لها "
وكان والده خير مشجع له في طلب العلم والمعرفة ووجد هذا الوالد بدوره في ابنه من الفضائل والأخلاق ما بعثت فيه الأمل بان يتفاءل ببقاء واستمرار مجد البيت الباديسي وكان يقول دائما لابنه حاثا إياه على طلب العلم : " يا عبد الحميد أنا أكفيك أمر الدنيا ، انفق عليك ، وأقوم بكل أمورك ، ما طلبت شيئا إلا لبيت طلبك كلمح البصر فاكفني أمر الآخرة ، كان الولد الصالح العالم الذي ألقى به وجه الله "
ولما بلغ خمسة عشر سنة زوجه والده وأنجبت زوجته مولودا أطلق عليه اسم محمد عبده إسماعيل
وبقي صدى والده في أذنيه فلم يتردد لحظة في طلب العلم وكان سفره في عام 1908 إلى تونس ليتم دراسته في جامع الزيتونة وتتلمذ على يد الشيخ " محمد النخلي القيرواني " و " الشيخ محمد الطاهر بن عاشور " والشيخ " الخضر بن حسبن " الجزائري الأصل ونال شهادة جامعية في العلوم والقراءات عام 1912 بعد سنوات قضاها في الجهد والعناء المستمر والاجتهاد اللامنقطع وبقي في تونس عاما بعد تخرجه يشتغل بالتدريس في جامع الزيتونة وذلك بعد حصوله على الشهادة الجامعية – التطويع – لأنه كان يشترط على كل متخرج أن يعمل بهذا الجامع سنة بعد تخرجه وقبل أن يبدأ في إعطاء ما تحصل عليه من العلوم لغيره وإفادتهم بما يملكه فكر في أن يؤدي فريضة الحج فسافر في نهاية عام 1912 إلى البقاع المقدسة – الحجاز – حيث أدى فريضته وفي عودته تجول في بعض البلدان الإسلامية كمصر والشام واتصل بنخبة من رجال الفكر والإصلاح
صفاته
كان رحمه الله شجاعا وذا تحديات كبيرة وصارمة ضد الجهل والخرافات وكان ذا أخلاق وقيم دينية كبيرة لا تعد ولا تحصى مرتبطة ارتباطا كبيرا بتقوى الله وكان أمامنا مدرسة أخلاقية بما طبع عليه من تواضع ونبل وترفع وشهامة ووطنية صادقة وكان قويا وشجاعا في محاربة الاستعمار الفرنسي فلم يتردد لحظة في محاربته وشخص فداحة خطره على الأمة الجزائرية ويؤجج نار الوطنية في الصدور بخطبه الملتهبة ومقالاته السياسية الهادفة التي كان ينشرها في " المنتقد" و "الشهاب"
وكان رحمه الله كتلة من القوة التي لا تمل ولا تفشل ولا يؤثر في عزمه شيء مهما كان نوعه ووقعه و اشتهر الإمام عبد الحميد بن باديس إلى ذلك كله بقوة الإيمان ورسوخ العقيدة وشجاعة القلب وفصاحة اللسان وكان إذا تكلم تدفق كالسيل الجارف من قريحة قوية لا يعرف التردد ولا الخوف فيدهش السامع ويبكم المعترض فإذا واجه إنسانا ما – مهما كانت شجاعة هذا الإنسان – يصيبه العي وينتابه الخوف
نشاطه في الإصلاح الديني والاجتماعي
أ- التعليم : اتخذ ابن باديس من الجامع الأخضر معهدا لنشاطه التعليمي والتربوي فكان يعلم الصغار في الصباح ويلقي دروس الوعظ في المساء للكبار وبدأ في هذا المجال بعدد صغير من التلاميذ ثم اخذ عددهم ينمو شيئا فشيئا ، وعندما تعلم على يده مجموعة من التلاميذ أرسل بعضهم إلى جامع الزيتونة بتونس ، وبعد عودتهم عملوا إلى جواره بالتعليم واخذ ابن باديس يتصل بالأهالي ويشجعهم على افتتاح المدارس والتبرع بالأموال فانتشر هذا النوع من التعليم في كثير من البلاد الجزائرية وكلما كثر تلامذته تفرقوا حتى تكونت الشبيبة الأولى التي واصلت الكفاح بعد وفاة ابن باديس
ب- الصحافة : رأى ابن باديس أن حركة الإصلاح الديني والاجتماعي يجب ألا تقتصر على العملية التربوية التي يمكن لها أن تحقق أهدافها العظيمة وآثارها البالغة على المدى الطويل فبالإضافة إلى تعليم الكبار بالمساجد والنوادي والقيام بالوعظ والإرشاد في كل مكان وبث المدارس لتعليم النشء في أنحاء كثيرة من البلاد ، رأى ابن باديس ضرورة إنشاء صحافة عربية تكون منبرا رحبا ، يعلن في عزم وثقة أن الحركة الإصلاحية الجزائرية حركة شعبية أصيلة تعمل لإحياء التراث الثقافي للأمة وتنقيته أهم الجرائد هي : المنتقد – الشريعة –الصراط –البصائر
بطولته
كان ابن باديس متعدد المواهب حيث كان مفكرا ومعلما ومرشدا وصحافيا وشاعرا وقد سخر تلك المواهب لخدمة وطنه وشعبه ، ووهب كل حياته لذلك فكان فعلا احد أعلام الجزائر الذين قوضوا أركان الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، ففي الوقت الذي كان يتصدى للاستعمار وعملائه من طرقيين واندماجيين كان يبني الشعب ويغير من تفكيره ويصلح من أخلاقه ويربيه ويحضره للمعركة الحاسمة ضد الاستعمار فكان بذلك حقا الأب الروحي للثورة الجزائرية
ومن الآثار الفكرية التي خلفها الإمام : تفسير القرآن الكريم ، تراجم لبعض الشخصيات الإسلامية ، وعدد هائل من المقالات والخطب والرسائل في موضوعات مختلفة .
ومن أقوال الشيخ المشهورة : " إن الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا ، ولا يمكن أن تكون فرنسا ، ولا تريد أن تصير فرنسا ، ولا تستطيع أن تكون فرنسا ولو أرادت "
نهاية رحلة العمر ووفاته
وفي يوم 16 افر يل 1940 توقف قلب عالمنا عن الخفقان وغادر عظيمنا هذا الكون دون عودة تاركا وراءه وطنا طالما أحبه واخلص له وتحمس لأجله وكافح بقلمه وأفكاره لأجل هذا الوطن الغالي ...
مات الشيخ عن سن يناهز 51 سنة ويقال انه كان نحيف الجسم نحيلا ضعيف البنية لكنه كان شعلة من النشاط والحيوية والكفاح جند كل ساعات عمره لحركة الإصلاح حتى في أيامه الأخيرة لم يتخل عن تعليمه للصغار صباحا والكبار مساءا ولم يتوقف عن نشاطه الصحفي .
نعم لقد ظل يتابع عمله وبحب كبير و إرادة فولاذ نية إلا أن اشتد به المرض وهو في مقره الدائم بمدرسة التربية والتعليم ثم غادرها إلى دار أبيه قبيل وفاته بأيام قليلة وفي مساء يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ الموافق لـ 16 افر يل 1940 انتقلت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى وخرجت مدينة قسنطينة بأكملها تودع عالمها وعظيمها الوداع الأخير وكان يوما تاريخيا لا ينسى رغم الظروف التي كانت تعيش فيها البلاد بسبب الحرب العالمية ودفن جثمانه في روضة أسرته بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة .
مات ابن باديس وماتت بموته مجلة الشهاب وخرجت الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تنعي ابن باديس ومجلته .
أصبح في أواخر أيامه ضعيفا حيث قال عنه البارودي : " ثياب همة أو أشلاء همة في ثياب "
قيل انه مات "بسل " وقيل انه مات " مسموما " وتعددت الأسباب والموت واحد غير أن هناك واقعا لا مفر منه واقعا بقي خالدا وثابتا ، لقد مات ابن باديس لكنه بقي حاضرا بأعمال ومواقفه ومآثره .
قالوا فيه
تحدث احد تلامذته يوما عن شيخه فقال : " كان شيخنا الجليل رحمه الله يعرف قيمة الوقت ، ويدرك بعمق انه هو الحياة ، ومن ثم كان يحافظ عليه ويحرص جد الحرص على استغلاله واستثماره ولذلك يعد عمره طويلا لا بحسب الزمان وإنما بالعمل النافع الذي دأب عليه طوال عمره ولا غرو أن يقول : " عمر الإنسان أنفس كنز يملكه و لحظاته محسوبة عليه وكل لحظة تمر فارغة فقد غبن حظه منها وخسرها ... فالرشيد الرشيد هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين فعمر وقته بالأعمال والسفيه من أساء التصرف فيه فأخلى وقته من العمل ..."
الخاتمة
الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس سبحان الذي خلقه من قوة الإيمان وشجاعة القلب وفصاحة اللسان كانت شجاعة هذا الإنسان قوة لا يعرف الخوف ولا الفشل ولا يعرف التردد ، كان الإمام عبد الحميد بن باديس يحب التعليم وخير لبلاده وطنه الحبيب إن الإمام عبد الحميد تاركا لنا نعمة وهي الحرية في الوطن من بين هذه النعم الحرية – التعليم – والقرآن الكريم .
أقف وقفة إجلال على روحك الطاهرة وعلى روح كل شهداء الجزائر الذين تركوا لنا أغلى هدية واكبر نعمة وهي الحرية حرية وطننا – الجزائر – فلولاك ولولا الرجال المخلصين أمثالك لما كنا ننعم اليوم بوطن حر مستقل ولما كنت أنا بدوري أستطيع أن اكتب شيئا عنك وعن أبطال وطني الذين يستحقون كل الاهتمام والاحترام .
فشكرا لله وشكرا لك يا ابن باديس وشكرا
لكل الشهداء الجزائريين بدون استثناء
بسم الله الرحمان الرحيم
المقدمة إن هؤلاء الرجال قبل أن يكونوا أبطالا كانوا أطفالا فتحوا أعينهم فوجدوا مستعمرا فعزموا على بذل النفس والنفيس في سبيل تحريره وقد تحرر بفضل تضحياتهم المختلفة ومن بينهم كان العلامة الكبير عبد الحميد بن باديس
مولده ونشأته
في مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري ولد عبد الحميد بن باديس بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس في 4 ديسمبر سنة 1889 من عائلة محافظة ونشأ في أسرة عريقة معروفة بالعلم والجاه والثراء فكان من أجداده الأولين " المعز بن باديس " ومن أسلافه المتأخرين " المكي بن باديس " الذي تولى منصب القضاء بقسنطينة وأما الشيخ محمد المصطفى بن المكي بن باديس والد عبد الحميد فكان صاحب مكانة معروفة في قسنطينة جعلته موضع احترام وتقدير من المواطنين والحاكمين وقد شارك في بعض الأعمال الإدارية فكان عضوا في المجلس الجزائري الأعلى والمجلس العام بقسنطينة .
حياته
لقي عبد الحميد في كنف والديه ما يلقاه عادة أول الأبناء في الأسرة الكريمة فقدمه والده إلى الشيخ محمد المداسي واخذ هذا الشيخ يلقن تلميذه ابن باديس سور القرآن الكريم حتى أتم حفظه وإتقانه وكانت والدته كذلك زهيرة بنت جلول من عائلة ذات على وفقه .
لأن قسنطينة آنذاك كانت قطبا للأصالة ومهدا لحركات المقاومة والحركات الإصلاحية وفي عام 1903 بدأ عبد الحميد بن باديس مرحلة جديدة في التعليم على يد شيخه الونيسي فأخذ عنه مبادئ العلوم العربية والدينية ورباه أحسن تربية وروحية حيث يقوا " فقد أوصاني وشدد علي إلا اقرب الوظيفة ولا اتخذ علمي مطية لها "
وكان والده خير مشجع له في طلب العلم والمعرفة ووجد هذا الوالد بدوره في ابنه من الفضائل والأخلاق ما بعثت فيه الأمل بان يتفاءل ببقاء واستمرار مجد البيت الباديسي وكان يقول دائما لابنه حاثا إياه على طلب العلم : " يا عبد الحميد أنا أكفيك أمر الدنيا ، انفق عليك ، وأقوم بكل أمورك ، ما طلبت شيئا إلا لبيت طلبك كلمح البصر فاكفني أمر الآخرة ، كان الولد الصالح العالم الذي ألقى به وجه الله "
ولما بلغ خمسة عشر سنة زوجه والده وأنجبت زوجته مولودا أطلق عليه اسم محمد عبده إسماعيل
وبقي صدى والده في أذنيه فلم يتردد لحظة في طلب العلم وكان سفره في عام 1908 إلى تونس ليتم دراسته في جامع الزيتونة وتتلمذ على يد الشيخ " محمد النخلي القيرواني " و " الشيخ محمد الطاهر بن عاشور " والشيخ " الخضر بن حسبن " الجزائري الأصل ونال شهادة جامعية في العلوم والقراءات عام 1912 بعد سنوات قضاها في الجهد والعناء المستمر والاجتهاد اللامنقطع وبقي في تونس عاما بعد تخرجه يشتغل بالتدريس في جامع الزيتونة وذلك بعد حصوله على الشهادة الجامعية – التطويع – لأنه كان يشترط على كل متخرج أن يعمل بهذا الجامع سنة بعد تخرجه وقبل أن يبدأ في إعطاء ما تحصل عليه من العلوم لغيره وإفادتهم بما يملكه فكر في أن يؤدي فريضة الحج فسافر في نهاية عام 1912 إلى البقاع المقدسة – الحجاز – حيث أدى فريضته وفي عودته تجول في بعض البلدان الإسلامية كمصر والشام واتصل بنخبة من رجال الفكر والإصلاح
صفاته
كان رحمه الله شجاعا وذا تحديات كبيرة وصارمة ضد الجهل والخرافات وكان ذا أخلاق وقيم دينية كبيرة لا تعد ولا تحصى مرتبطة ارتباطا كبيرا بتقوى الله وكان أمامنا مدرسة أخلاقية بما طبع عليه من تواضع ونبل وترفع وشهامة ووطنية صادقة وكان قويا وشجاعا في محاربة الاستعمار الفرنسي فلم يتردد لحظة في محاربته وشخص فداحة خطره على الأمة الجزائرية ويؤجج نار الوطنية في الصدور بخطبه الملتهبة ومقالاته السياسية الهادفة التي كان ينشرها في " المنتقد" و "الشهاب"
وكان رحمه الله كتلة من القوة التي لا تمل ولا تفشل ولا يؤثر في عزمه شيء مهما كان نوعه ووقعه و اشتهر الإمام عبد الحميد بن باديس إلى ذلك كله بقوة الإيمان ورسوخ العقيدة وشجاعة القلب وفصاحة اللسان وكان إذا تكلم تدفق كالسيل الجارف من قريحة قوية لا يعرف التردد ولا الخوف فيدهش السامع ويبكم المعترض فإذا واجه إنسانا ما – مهما كانت شجاعة هذا الإنسان – يصيبه العي وينتابه الخوف
نشاطه في الإصلاح الديني والاجتماعي
أ- التعليم : اتخذ ابن باديس من الجامع الأخضر معهدا لنشاطه التعليمي والتربوي فكان يعلم الصغار في الصباح ويلقي دروس الوعظ في المساء للكبار وبدأ في هذا المجال بعدد صغير من التلاميذ ثم اخذ عددهم ينمو شيئا فشيئا ، وعندما تعلم على يده مجموعة من التلاميذ أرسل بعضهم إلى جامع الزيتونة بتونس ، وبعد عودتهم عملوا إلى جواره بالتعليم واخذ ابن باديس يتصل بالأهالي ويشجعهم على افتتاح المدارس والتبرع بالأموال فانتشر هذا النوع من التعليم في كثير من البلاد الجزائرية وكلما كثر تلامذته تفرقوا حتى تكونت الشبيبة الأولى التي واصلت الكفاح بعد وفاة ابن باديس
ب- الصحافة : رأى ابن باديس أن حركة الإصلاح الديني والاجتماعي يجب ألا تقتصر على العملية التربوية التي يمكن لها أن تحقق أهدافها العظيمة وآثارها البالغة على المدى الطويل فبالإضافة إلى تعليم الكبار بالمساجد والنوادي والقيام بالوعظ والإرشاد في كل مكان وبث المدارس لتعليم النشء في أنحاء كثيرة من البلاد ، رأى ابن باديس ضرورة إنشاء صحافة عربية تكون منبرا رحبا ، يعلن في عزم وثقة أن الحركة الإصلاحية الجزائرية حركة شعبية أصيلة تعمل لإحياء التراث الثقافي للأمة وتنقيته أهم الجرائد هي : المنتقد – الشريعة –الصراط –البصائر
بطولته
كان ابن باديس متعدد المواهب حيث كان مفكرا ومعلما ومرشدا وصحافيا وشاعرا وقد سخر تلك المواهب لخدمة وطنه وشعبه ، ووهب كل حياته لذلك فكان فعلا احد أعلام الجزائر الذين قوضوا أركان الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، ففي الوقت الذي كان يتصدى للاستعمار وعملائه من طرقيين واندماجيين كان يبني الشعب ويغير من تفكيره ويصلح من أخلاقه ويربيه ويحضره للمعركة الحاسمة ضد الاستعمار فكان بذلك حقا الأب الروحي للثورة الجزائرية
ومن الآثار الفكرية التي خلفها الإمام : تفسير القرآن الكريم ، تراجم لبعض الشخصيات الإسلامية ، وعدد هائل من المقالات والخطب والرسائل في موضوعات مختلفة .
ومن أقوال الشيخ المشهورة : " إن الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا ، ولا يمكن أن تكون فرنسا ، ولا تريد أن تصير فرنسا ، ولا تستطيع أن تكون فرنسا ولو أرادت "
نهاية رحلة العمر ووفاته
وفي يوم 16 افر يل 1940 توقف قلب عالمنا عن الخفقان وغادر عظيمنا هذا الكون دون عودة تاركا وراءه وطنا طالما أحبه واخلص له وتحمس لأجله وكافح بقلمه وأفكاره لأجل هذا الوطن الغالي ...
مات الشيخ عن سن يناهز 51 سنة ويقال انه كان نحيف الجسم نحيلا ضعيف البنية لكنه كان شعلة من النشاط والحيوية والكفاح جند كل ساعات عمره لحركة الإصلاح حتى في أيامه الأخيرة لم يتخل عن تعليمه للصغار صباحا والكبار مساءا ولم يتوقف عن نشاطه الصحفي .
نعم لقد ظل يتابع عمله وبحب كبير و إرادة فولاذ نية إلا أن اشتد به المرض وهو في مقره الدائم بمدرسة التربية والتعليم ثم غادرها إلى دار أبيه قبيل وفاته بأيام قليلة وفي مساء يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ الموافق لـ 16 افر يل 1940 انتقلت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى وخرجت مدينة قسنطينة بأكملها تودع عالمها وعظيمها الوداع الأخير وكان يوما تاريخيا لا ينسى رغم الظروف التي كانت تعيش فيها البلاد بسبب الحرب العالمية ودفن جثمانه في روضة أسرته بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة .
مات ابن باديس وماتت بموته مجلة الشهاب وخرجت الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تنعي ابن باديس ومجلته .
أصبح في أواخر أيامه ضعيفا حيث قال عنه البارودي : " ثياب همة أو أشلاء همة في ثياب "
قيل انه مات "بسل " وقيل انه مات " مسموما " وتعددت الأسباب والموت واحد غير أن هناك واقعا لا مفر منه واقعا بقي خالدا وثابتا ، لقد مات ابن باديس لكنه بقي حاضرا بأعمال ومواقفه ومآثره .
قالوا فيه
تحدث احد تلامذته يوما عن شيخه فقال : " كان شيخنا الجليل رحمه الله يعرف قيمة الوقت ، ويدرك بعمق انه هو الحياة ، ومن ثم كان يحافظ عليه ويحرص جد الحرص على استغلاله واستثماره ولذلك يعد عمره طويلا لا بحسب الزمان وإنما بالعمل النافع الذي دأب عليه طوال عمره ولا غرو أن يقول : " عمر الإنسان أنفس كنز يملكه و لحظاته محسوبة عليه وكل لحظة تمر فارغة فقد غبن حظه منها وخسرها ... فالرشيد الرشيد هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين فعمر وقته بالأعمال والسفيه من أساء التصرف فيه فأخلى وقته من العمل ..."
الخاتمة
الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس سبحان الذي خلقه من قوة الإيمان وشجاعة القلب وفصاحة اللسان كانت شجاعة هذا الإنسان قوة لا يعرف الخوف ولا الفشل ولا يعرف التردد ، كان الإمام عبد الحميد بن باديس يحب التعليم وخير لبلاده وطنه الحبيب إن الإمام عبد الحميد تاركا لنا نعمة وهي الحرية في الوطن من بين هذه النعم الحرية – التعليم – والقرآن الكريم .
أقف وقفة إجلال على روحك الطاهرة وعلى روح كل شهداء الجزائر الذين تركوا لنا أغلى هدية واكبر نعمة وهي الحرية حرية وطننا – الجزائر – فلولاك ولولا الرجال المخلصين أمثالك لما كنا ننعم اليوم بوطن حر مستقل ولما كنت أنا بدوري أستطيع أن اكتب شيئا عنك وعن أبطال وطني الذين يستحقون كل الاهتمام والاحترام .
فشكرا لله وشكرا لك يا ابن باديس وشكرا
لكل الشهداء الجزائريين بدون استثناء
من مواضيعي
0 رحيل إبراهيم الفقى صاحب "المفاتيح العشرة للنجاح"
0 تفسير قوله تعالى " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما "
0 عيد سعيد كل عام و أنتم بخير 1432
0 كيفية رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام
0 خطبة الجمعة بمسجد بلال بن رباح بمدينة قالمة 6-5-2011
0 صلاة الجمعة بمسجد بلال بن رباح بمدينة قالمة
0 تفسير قوله تعالى " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما "
0 عيد سعيد كل عام و أنتم بخير 1432
0 كيفية رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام
0 خطبة الجمعة بمسجد بلال بن رباح بمدينة قالمة 6-5-2011
0 صلاة الجمعة بمسجد بلال بن رباح بمدينة قالمة







