التنافس الاستعماري على افريقيا
23-11-2008, 06:07 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

التنافس الاستعماري على افريقيا

ظلت افريقيا طول تاريخه قوة كبيرة لم يخضع للحكم العثماني لكنه وضع ضمن المخططات الاستعمارية كهدف في التنافس بين الدول الكبرى اذ توجهت انظار فرنسا له بعد فرض حمايتها على تونس خاصة وانه لم يكن من العسير ان تحتله عسكريا
وفي الحقيقة ان اهمية افريقيا هي التي جعلته مطمحا لأنظار دول اخرى غير فرنسا فكان مجال منافسة بين الدول الاستعمارية المختلفة لذلك نجد بريطانيا تصرح في سنة 1837 بأنها قبلت الوضع الراهن في الجزائر لكن بشرط الا تتخذ قاعدة لغزو تونس وافريقيا وعندما وقعت ازمة على الحدود بين فرنسا المحتلة للجزائر والمغرب لمحت بريطانيا الى ان احتلال المغرب قد يشكل حالة حرب معها وكما عارض الانجليز امتداد السيطرة الفرنسية على المغرب عارضوا كذالك الاطماع الاسبانية التي تجددت في منتصف القرن التاسع عشر
بدات فرنسا تمهد لاحتلال المغرب فاخذت ترسل طلائعها الاستعمارية تحت ستار اطباء ومبشرين وتجار كما اخذت تنشئ البيوت التجارية والشركات وحرك هذا النشاط الدول الاخرى فاخذت كا من انجلترا وايطاليا والمانيا تتحفز للسير في خطط مماثلة لأن الامتيازات ممنوحة للجميع كما تحركت اسبانيا خوفا على مصالحها في منطقتها الحيوية
لذلك دخلت المنافسة الاستعمارية في افريقيا خمس دول هي :
1- اسبانيا : تعود علاقاتها بافريقيا الى القرن الخامس عشر الميلادي واستطاعت الوصول الى البر المغربي في القرن السادس عشر كما تمكنت من انشاء حصون على الساحل واستولت على بعض المدن مثل تطوان و سبتة و ابرمت اتفاقا هاما مع المغرب يعترف ببقاء الاسبان في تيطوان واشرافها على الجمارك في شمال البلاد ومنها امتيازات مماثلة للأمتيازات البريطانية
2- انجلترا : نافست فرنسا بعد ان ادركت اهدافها التوسعية ووقفت ضد اطماعها كجدار معارضة قوي وكان ذالك سببا في التقارب بين المغرب وبريطانيا مما ادى إلى تقوية نفوذها في الحوض العربي في البحر المتوسط
3- المانيا : كتن اهتمامها بالمغرب بسبب وقوع السواحل المغربية على الطريق المؤدية الى المستعمرات الالمانية في الطوغو والكاميرون لذلك اقبلت على تاسيس مفوضية لها في طنجة عام 1873 كما وسعت المانيا من نطاق مبادلاتها التجارية مع المغرب
4- فرنسا : بعد احتلالها للجزائر وتونس تطلعت لاحتلال المغرب بل والانفراد بالسيطرة عليه لاستكمال المشروع الاستعماري في شمال وقد مضت في تنفيذ ذلك بواسطة الاتفاقية الاستعارية .
5- ايطاليا : كانت منافسا استعماريا هزيلا اذا خسرت في مؤتمر برلين تونس وتطلعت لإحتلال المغرب تعويضا عن تونس ودخلت في حلبة المنافسة الاستعمارية دون ان تمتلك اسباب نجاحها في تحقيق اهدافها الاستعمارية
ب . الاتفاقيات السرية : وصفت بالسرية لآنها تمت بعيدا عن علم المانيا وموافقتها وكانت من انجاز فرنسا التي سعت للتفاهم مع الدول بغية تصفية الجو وتمهيد الطريق امامه لبسط سيطرتها على المغرب بصفة منفردة
1. الاتفاقية الفرنسية الايطالية : ابرمت هذه الاتفاقية السرية سنة 1902 اطلقت فيها فرنسا يد ايطاليا في ليبيا مقابل اطلاق يدها في افريقيا
2. الاتفاقية الفرنسية البريطانية : انجزت هذه الاتفاقية السرية عام 1904 اطلقت فيها فرنسا يد انجلترا في مصر بحيث تكف عن مطالبتها بتحديد موعد الجلاء عنها مقابل سكوت بريطانيا عن احتلال فرنسا للمغرب
3. الاتفاقية الفرنسية الاسبانية : ابرمت عام 1905 هذه الاتفاقية السرية وتعهدت فيها فرنسا بإعطاء اسبانيا المنطقة الشمالية (الريف ) مع وضع حدود مرضية للبلدين مقابل سكوتها عن احتلال فرنسا للمغرب
ج. مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 : كانت المانيا الدولة الوحيدة التي لم تبرم معها فرنسا اتفاقية بشان المغرب ونظرا لتباين المصالح فقد عارضت المانيا الاتفاقيات السرية التي عقدتها فرنسا واحتجت على ذالك اثناء زيارة ابراطورها غليوم الثاني طنجة عام 1905 والذي اعلن في خطابه بان المغرب دولة مستقلة ذات سيادة وان المانيا لا توافق على أي تغيير في ادارته من غير رضاها ثم دعا الى عقد مؤتمر بحث مسالة المغرب ووضع حد للأطماع الدولية فيه
واستجابت الدول وعقد المؤتمر في بلدة الجزيرة باسبانيا وجاءت قراراته مؤيدة لفرنسا وكان اهمها :
1. تشرف على امن الموانئ المغربية بإستثناء تطوان والعرائس لقوة وطنية عسكرية يتولى قيادتها ضباط فرنسيون و اسبان
2. يخضع ميناء تطوان والعرائش الى اشراف ضباط اسبان بينما يوضع ميناء طنجة والدار البضاء تحت اشراف ضباط عسكريين مختلطين يتولى رئاستهم مفتش عام سويسري
3. يحظر على المغرب استيراد السلاح الا بعد تقديم كشف بانواعه وكميته الى الدول الاوربية وتكلف فرنسا واسبانيا بالإشراف على تطبيق هذا الحظر
4. تاسيس مصرف دولي في المغرب
5. تخفيض الضرائب على البضائع الاجنبية
6. تاليف لجنة مشتركة للإشراف على الجمارك ممثلة في الدول الاوربية والمصرف الدولي وحكومة المغرب
7. وقد انسحب الوفد المغربي من هذا المؤتمر احتجاجا على انتهاك سيادته كما رفض هذه القرارات المجحفة لكن السلطان عبد العزيز صادق عليها مرغما عام 1907
د. ازمة اغادير 1911 : تجدد الصراع بين المانيا وفرنسا بسبب احتلال فرنسا مدينة فاس بحجة حماية السلطان بينما تقدمت القوات الاسبانية في العام ذاته واحتلت العرائس والقصر فاحتجت المانيا وبادرت بارسال مدرعة حربية الى ميناء اغادير على المحيط الاطلسي بحجة حماية الرعايا الالمان ، وخشيت انجلترا على مصالحها من وجود قاعدة بحرية المانية على شواطئ الاطلسي فوقفت لجانب فرنسا وبدات مناوشات بين القوات الفرنسية و الالمانية كادت ان تنشب حرب اوربية داخل المغرب لولا التعقل الذي لجأت اليه فرنسا ان رات لا مناص من ارضاء خصم عنيد وتم ذالك الارضاء بمعاهدة عقدتها معه وتنازلت فيها لألمانيا عن جزء من اراضيها في الكونغو – الفرنسي – مقابل اطلاق يدها في المغرب
هـ . الحماية المزدوجة 1912 : مر فرض الحماية المزدوجة (الفرنسية – الاسبانية ) على المغرب بمراحل هي :
• المرحلة الأولى : تضمن فرنسا على المغرب الحماية ووقعها السلطان عبد الحفيظ في 30 مارس 1912 وتضمنت :
1. اتفاق الدولتين على وضع نظام جديد للمغرب يتضمن الاصلاحات الادارية والقضائية والاقتصادية والعسكرية والتفاهم مع اسبانيا بشأن المصالح المتبادلة
2. تتعهد فرنسا بالمحافظة على عرش السلطان وحماية بلاده
3. يوافق السلطان على حق فرنسا في احتلال أي جزء من البلاد تراه ضروريا للمحافظة على الامن والنظام
4. يمثل فرنسا لدى السلطان مقيم عام
5. تتولى فرنسا ادارة الشؤون الخارجية للمغرب بكافة اشكالها
• المرحلة الثانية : تميزت بابرام اتفاقية التقسيم الاستعماري بين فرنسا واسبانيا في 27 نوفمبر 1912 والمتضمنة تفتيت المغرب الى الاقسام التالية :
1. منطقة الحماية الفرنسية (المنطقة الشمالية ) : وتضمنت معظم التراب المغربي ماعدا المنطقة الاسبانية ومنطقة طنجة
2. منطقة الحماية الاسبانية : تضم الريف المغربي ومنطقة افنى المطلة المحيط الاطلسي والتي تقع شمال اغادير
3. منطقة دولية : وتضم طنجة وهي منطقة محايدة تتمتع فيها الدول بكل انشطتها الاقتصادية والتجارية
ك . رد فعل الشعب المغربي : ما ان علم الشعب المغربي بنبأ توقيع السلطان صك الحماية حتى طوقت الجماهير العاصمة فاس وثار الجيش السلطاني على ضباطه الفرنسيين وشارك في الكفاح العلماء والتجار والنساء و الاطفال ثم اتسع نطاق الثورة فانضمت قبائل مغربية عديدة الى الثورة وعمدت الى قمعها ومن مظاهر رد فعل الشعب المغربي ما يلي :
1. ثورة فاس 1912 : تفجرت بعد التوقيع على معاهدة الحماية تميزت بالتلاحم الشعبي في صفوفها حيث ضمت العلماء ورجال القبائل والعمال والنساء والجيش ولم تستطع القوات الفرنسية اخمادها الا بعد قصف مدينة فاس بالمدفعية
2. ثورة اقليم السوس : ظهرت في الجنوب كرد فعل على اقرار الحماية الفرنسية في المغرب وقادها ابن ماء العينين والذي تمكن من دخوله مراكش عام 1912 واعلن نفسه زعيما على المنطقة المحررة فبايعته القبائل بالزعامة السياسية والروحية وظل الثوار مسيطرين على مراكش حتى عام 1913
3. ثورة الريف : بدات في الاقليم الشمالي الذي كان خاضعا للحماية الاسبانية في مستهل عام 1921 بقيادة عبد الكريم الخطابي اعتمدت ثورته على التنظيم والاعداد منطلقة من اسس وطنية وقومية فهي تتشابه مع مقاومة الامير عبد القادر الجزائري وقد مرت هذه الثورة بعدة مراحل هي :
- مرحلة التفوق (1921-1925) : تميزت بالانتصارات واصبح وجود القوات الاسبانية مقتصرا على تطوان والموانئ وتعتبر معركة الانوال عام 1921 قمة الانتصارات اذ خسر فيها الجيش الاسباني قائده سلفستر وعشرة آلاف جندي وغنم الثوار 200 مدفع و 20 الف بندقية .
- مرحلة بناء الدولة : شكل الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي جمهورية وطنية ضمت الاراضي المحررة (جمهورية الريف ) وجهت بعثات دبلوماسية عام 1925 الى بريطانيا وفرنسا والفاتيكان مطالبة بالإعتراف بالجمهورية الفتية
- مرحلة الاستسلام (1925-1926 ) : خشيت فرنسا من امتداد ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي الى منطقة الحماية الفرنسية فتدخلت عسكريا الى جانب الاسبان لتحطيم جمهورية الريف وبدأ الغزو المزدوج (الفرنسي – الاسباني ) لمنطقة الريف المحررة عام 1925 واستمرت المعارك طيلة عام برهن فيها الثوار على صمودهم وهم يواجهون قوات الدولتين التي قادها ثلاثة ماريشالات واربعون جنرالا واضطر الخطابي الى تسليم نفسه للفرنسيين في 25 ماي 1926 بعد سقوط مقر قيادته في حصن " ترجست " وبعد ان اصيبت قواته بالإنهاك الشديد وتمكن من الفرار الى القاهرة في عام 1947 اثناء نقله من منفاه في احدى جزر المحيط الهندي الى فرنسا وفي القاهرة استانف نضاله عبر تحرير المغرب العربي