أسباب ركود المسرح في الجزائر..02
16-12-2008, 08:22 AM
تابع**
زوال القيم المختلفة
انتشرت في فضاء المسرح الجزائري و المجتمع بصفة عامة فترات مليئة بالتناقضات السلبية التي كانت سببا رئيسيا في ذهاب الكثير من القيم التي تعيش عليها الأفراد و المجتمعات وحتى المؤسسات.. كانت هذه القيم تؤدي دورها الفاعل في بعث طاقات و إمكانات المسرح و تمنعه من الانحراف , إلي اليوم الذي تفشت فيه ممارسات سلبية..مثل الأنانية و الجهوية و ضعف الشعور بالمسؤولية و عدم احترام المبادئ التي يقوم عليها المسرح و الاستخفاف بالعمل المسئول و محاربة بوادر الإصلاح..الخ التي كسرتها نفوس تخدم مصالح شخصية ضيقة بفرض سيطرتها إقرارا للاتجاه الواحد للمسرح في الجزائر.
لقد أثرت الممارسات السلبية هذه التي كان يديرها و يتمسك بها البعض إلى جمود الفكر المسرحي المبدع و تفكك أركان المسرح كمؤسسة بعنوان بعثرة الطاقات , الأمر الذي أدى إلى خراب كيان المسرح و من ثمة وحدة المجتمع الثقافي.و ظهرت طبقات نشجع على هذه الممارسات و تعمل على ترسيخها من خلال الفعل المسرحي الذي دخل مجال الانحلال الثقافي الذي ابعد الديناميكية..
انخفاض مستوى المسرح
كان المسرح الأصيل في عهد باش طارزي فضاءا خال من الظواهر , نظرا لتشبثه بالقيم الجزائرية و التقاليد السمحة لمجتمعنا , حيث اظهر فيه أستاذنا مواهبه الغنية إلى جانب المسرحي '' علالو'' و رشيد القسنطيني..
و يبقى الأستاذ باش طرزي محي الدين و من قبله على سلالي ''علالو'' و رشيد القسنطيني من المؤسسين الحقيقيين للعمل المسرحي الهادف و الأساسي في بلادنا.
و من يشكك في قدراتهم و مكانتهم في بناء الحضارة الأصيلة للمسرح الجزائري , فقد تنكر للوطن و التاريخ و الإبداع بصفة عامة.
لقد كانت مشاركتهم تتعلق بمستقبل المسرح الجزائري من نظرة – القيم –المعلومة و كانوا يكرهون التقليد, لان التقليد عملية خطيرة على المسرح من الناحية – العقائدية- بحيث يسهل تفشي أخلاق و عادات و حتى ثقافة لا تتماشى و قيم المجتمع الجزائري, و تفرض عليها اى ( المسرح) قيودا لا انعتاق منها إلا بالعمل المسرحي الأصيل الذي يساعده على صقل القدرات و تحرير العقليات و بناء الشخصية الثقافية بصفة عامة.
حالة انخفاض المسرح من ناحية – مستواه – معناه تخلف و جمود ترجع عوامله إلى تغيرات موضوعية و ذاتيه تتعلق بطبيعة المجتمع الذي ينمو فيه المسرح, و أكثر من ذلك اعتبر المسرح مجتمعا مصغرا يحتوي على المقومات التي تضبط المجتمع الكبير أو العريض. فلذلك كانت أهم التغيرات التي أثرت فيه ( التخلف الحضاري)الذي قاساه المجتمع الجزائري في فترة الاستعمار البغيض و ضيق أفق التفكير و انخفاض طموحات التجديد و يضاف إليها عدم مطابقة النصوص التشريعية و التنظيمية لنهضة المسرح بصفة عامة.
التبعية الفكرية
إن التبعية الفكرية تعني بالمفهوم الأدبي – مقلد يستعمل ثقافة التبعية إلى حد الاستقطاب و الهيمنة بكل أنواعها و صيغها المختلفة و حتى مذاهبها الفكرية. و كانت ثقافتنا الفتية الخارجة من حقبة استعمارية تعاني من مصالح و توجهات ثقافة المستعمر و ليس من السهل إزالتها بين الحين و الأخر و إنما الأجدر بنا هو العمل على إصلاح المناهج في الاتجاه الذي يخدم الثقافة أو على الأقل محاولة إحياء الخط الذي سارت عليه الكوكبة الأولى من المسرحيين و توجيهه نحو حضارة مسرحية جزائرية أصلية.
إن التبعية الاقتصادية المقصود بها عدم قدرة المسرح على التأقلم مع الميكانيزمات الاقتصادية لسد حاجاته على الأقل , و لو تحولنا والى ناحية النصوص التشريعية و التنظيمية للاحظنا أن مؤسسة المسرح تمتاز كمؤسسة عمومية بالطابع الصناعي و التجاري و بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ,موضوعة تحت وصاية الوزارة.
إن مجالات العمل الاقتصادي في المسرح ضبطت من طرف المشرع الجزائري بكيفية منهجية تؤدي لا محالة إلى الإبقاء و المحافظة على مؤسسة المسرح ككيان حي على الأقل تنبض فيه الحياة الثقافية بوتيرة محترمة على الأقل.
الجمود الفكري
نتيجة لعوامل عديدة تعرض المسرح الجزائري لفترة طويلة من الجمود الفكري ..و عرف هذا الأخير ركودا غابت عنه المناهج بمفاهيمها العميقة و لم يقم على رصد الأدوات الإجرائية لدراسات و بحوث تتناول بصفة التحليل المعمق لأنواع المسرح التي نذكر منها على سبيل المثال :
- المسرح السريالي – الواقعي – الاحتفالي.
- مسرح الفودفال – البر يشتي ( الملحمي).
- المسرح الكلاسيكي – المعاصر –الحديث.
-مسرح الاسكتش..
-المسرح التراجيدي – التراجيكوميدي.
المسرح الميلودرامي –الدرامي – مسرح التنكيت.
- المسرح الاستعراضي – الغنائي – التاريخي.
و ترجع أسباب ركود المسرح في الجزائر إلى الركود الفكر المسرحي عموما و إلى عدة عوامل نذكر منها النقاط التالية:
- عزلة الثقافة المسرحية الجزائرية و حبس نفسها في ثقافة الرخاء البعيدة عن المجتمع..
- غياب المنهج العلمي في معالجة الأسباب و المعوقات ككل.
-غياب سياسة مسرحية'' بل حصرها في استحداث نصوص تشريعية و تنظيمية مصممة بطريقة التقليد العشوائي البعيد عن رسم الإستراتيجية المربحة..''.
- غياب العمل الواعي المرتكز على استغلال المنبهات الثقافية المؤسسة للحضارة المسرحية.
- غياب التعاون و التنسيق الاستراتيجي و التكتيكي و اللوجيستيكي لمواجهة هذا الركود.
- غياب الرغبة في التغيير إلى الأفضل..
محمد داود







