وفاء الفارس المترجل
01-01-2009, 09:54 PM
شتائي الطبع ، جالسا وحده في مكتبه الفاخر ، الكبير و المنظم ، بلباسه العسكري المبرقش و الصمت يخيم على نفسه و الكآبة تسبح ملامحها بالحزن على وجهه ، يبدو عليه القلق و الحيرة ، كتب كثيرة تكاد تغزو المكتب بتنوعها السياسية الثقافية ...و خرائط كبيرة مثبتة على الجدران ، عيناه الجاعدتان مركزتان و مصوبتان نحو الخريطة التي فوق المكتب ، يفتح علبة السجائر الفاخرة يتناول منها سيجارة ثم يتنهد ..يتأمل فيها بعمق و تساؤل كبيرين ، يشعل السيجارة يأخذ نفسا طويلا ، ثم يعاود النظر في الخريطة بدقة و تركيز عميقين ..آه ! الوضع خطير جدا انه مأزق لا خروج منه بسهولة ، ثم يتناول عدة أنفاس متتالية و هو يحاور الذات : الحرب قريبة ، المعركة على وشك الاندلاع ...، لكن هذا الوقت ليس في صالحهم ...نحن أمنا جميع المنافذ و درسنا جميع الاحتمالات ، المهم التركيز و التفكير لا ينفعان وحدهما ، سوف اتصل ببعض الحلفاء المخلصين لدراسة الوضع سويا لعله يفيدنا و يعطينا شحنة نفسية إضافية لمواجهة هذا الإعصار المدمر الذي لا حدود له .نعم ...نعم هذا هو الحل الأمثل .اجتمعت أمس مع حراس النوايا و مجلس الثورة كل واحد منهما على انفراد لدراسة الوضع و كان النقاش جادا و مطولا و صريحا لكنه شبه عقيم ، استمعت لكل الآراء و أخذتها في الحسبان ، الكلمات تكبر بصدري ، و الروح تمتلئ و تتعبئ ، الكلمات ترفض الصمت كما هو يرفضه تريد أن تخرج إلى فضاء واسع و تعبر بالنصر و الانتصار .إن التفاوت العسكري بيننا كبير و جلي كيف استطيع أن اكسر شوكة هذا الإعصار المدمر قبل زحفه نحو و طني ؟ كيف استطيع أن اهزم "محور الشر" بقيادة عنتر زمانه ؟ و الزواحف تترقب خطواتي بسمومها القاتلة من الجهة اليسرى ، و الخنازير تتآمر عليا من جهة أخرى ، صقور البحر تتدرب في إقليم مياههم ، و في صحاريهم أبابيل مدججة بالأسلحة كأنها دبيب من النمل من جهة أخرى ، و كل كاميرات العالم مصوبة عدساتها نحو بلاد الرافدين ، يا الهي إن الوضع خطير و صعب للغاية سأتدبر الأمر أولا بالخروج إلى الشارع (الشعب) مباشرة لألقي عليهم خطاب حماسي و و طني ، خطاب الوفاء ، خطاب العقل و العاطفة لان في وضع كهذا لا فرق بين الحاكم و المحكوم تنطفئ السيجارة في يده اليسرى ، يشعل سيجارة أخرى ، يفارق كرسيه العريض الفخم ذو اللون الأحمر ، يروح و يجيء بخطى متثاقلة أليمة ، ثم يأخذ أنفاسا متتالية كأنه يريد قول شيئا ، لكن لسانه عجز عن النطق ، يتكئ على الحائط المقابل لمكتبه، ينظر إلى الأعلى ينظرفى ذلك الإطار إنها صورته الكبيرة تعلو الجدران ، ابتسم بلطف ثم زهزق لحظات ، ما أشبهها بي ! إن هذه الصورة تشبهني كثيرا ...تقدم إلى الأمام و السيجارة دائما بين شفتيه ، ثم تمتم نعم إنها تشبهني تماما و لكنها جامدة لا تفعل شيئا ، و أنا أتحرك لدي خيال واسع ، و أفكار مثالية و حلم و وفاء لشعبي و لوطني ، و روح قومية عربية فذة ، لن اخضع أو استسلم مهما كانت العواقب و الظروف ، سأدافع عن وطني بقوة ، سأعيش سعيدا أو أموت شهيدا إن الاباق تريد أن تستاسد عليا و على شعبي الوفي الصامد و و طني القوي الصاعد . إن العرابشة يريدون أن اخضع لهم و لسيدهم "عنتر زمانه " ، يريدون إذلال كبريائي و شعبي الباسل ، سأتحداهم بكل قوة و عزيمة ، إن مت سأبقى رمزا للعالم و مثال تقتدي به الأجيال ، سيذكرني التاريخ و ترسخني الأقلام ، أنا لست بالقوي عسكريا مقارنة بهم ، و لست بالمنين الشخصية و لا بضعيف التركيز ، بل إن الزهم أتت من جميع الجهات و علاجها الحكمة و التصدي ، الصبر و التسلح بالإيمان و الوفاء لهذا الوطن بأنهاره الواسعة و رماله الذهبية و كنوزه الباطنية و نخيله الباسق في السماء الذي يسر الناظرين ، المتاحف الأثرية و مرقد الحسن و الحسين مصباح النور و سفينة النجاة ، وطن الحضارات و الجهاد بتعدد مذاهب ساكنيه من سنة و شيعة ...من أكراد و عرب ....كخليط كيس من مرجان غالي الثمن ، الروح دائما تنبض فيه و تحارب كل ظالم غاشم و مستبد كما حاربت هولاكو و التتار حتى أن حل ربيع 2003 الذي لم يكن هادئا كغيره ، لقد كان بداية ليوم اسود حيث سمع صوت صفارات الإنذار في العاصمة بغداد يعلن حالة الحرب و بداية المعركة ، سرب من الطائرات تحلق في أجواء بغداد كأنها سحابة سوداء غاضبة تمطر بوابل من القنابل في كامل أنحاء العاصمة ، و شظايا هذه القنابل تذيب حتى الحديد و تكسر القلوب ، صواريخ من السماء من الماء كأنها حمم بركان" اتنا " تذيب الجليد و تدمر الصخور و ترعب القلوب ، إنها زلزال من صنع البشر .
لكن المقاومة كانت شرسة و روح التحدي كانت حاضرة فداءا لراية الإسلام ، و وقفت الند للند ضد هذا الإعصار المدمر بدون مبالاة بقوة" محور الشر " ، فكان الرد عنيفا من المقاومة بالمدفعية و الصواريخ المضادة للطائرات ، و مازال الشعب يقاتل ببسالة و قوة و كان يتوسطهم الفارس المترجل الذي كان يتردد على عدة مواقع يحمل رسالة الثبات و التمسك برموز الأمة التي لا تباع بثمن ، و يعطيهم شحنات نفسية إضافية و دعم معنوي و يذكرهم بان الجهاد في سبيل الوطن هو من صفات المسلمين ، بالرغم من نفوذه و مكانته الكبيرين في البلاد مبينا للعالم انه غيور على وطنه و شعبه فاصطدمت هذه الصفات النبيلة بعدو لا يرحم و لا يشفق ، لا يعرف معنى لحقوق الإنسان حيث أضرم النار في كل مكان و لم يفرق بين صغير و كبير ، و لا بين امرأة و رجل .
ظل هذا السيناريو لعدة أيام حتى سقط تمثال الفارس المترجل معلنا عن سقوط بغداد فخيم عليها السكون ، لا ترى إلا السنة النيران ملتهبة تتصاعد في كل مكان ، تكسر جريد النخيل ، دمرت قبور الصالحين ، تقطع الوريد و بدا التهديد و الوعيد ، تدفقت الدماء و امتزجت برمال الصحراء الذهبية ، و اختلطت بمياه نهر الدجلة و الفرات مطالبة بالنجاة من أيدي هؤلاء الغزاة ، أرواح بريئة سقطت أما أنظار العالم بصيحاتها المسموعة ، و كسرت روح المقاومة بأياد خائنة و فرقوا بين أبناء الضاد البواسل ، حطموا شمس الوطن و لوثوها بدماء نقية سيذكرها التاريخ و تبقى راسخة تتذكرها الأجيال .
انتهت هذه الحرب غير المتكافئة بسقوط مهد الحضارات بين أيدي "محور الشر" و تغلغلوا في المراكز الحساسة للدولة ، مستلهمين ضعف الإدارة ، و بادروا بتعيين الموالين لهم ، و تم القبض على الفارس المترجل في ظروف صعبة و مبهمة ، و جز به في معتقل ، زعموا محاكمته و كانت محاكمة مصطنعة ، أقرت هذه الأخيرة بإعدامه في أغلى أعياد المسلمين كأنها رسالة واضحة و مقصودة أمام صمت رهيب للعالم و للعرب خاصة ، و هم لا يدرون أنهم خسروا احد قادة الإسلام و العرب .
مات شهيدا و وفيا لوطنه و لشعبه و حتى للغته لغة "الضاد" ، بلغت به درجة الوفاء للوطن إلى حد رفضه أن يكون حرا مقابل خطاب بوقف زحمة المقاومة الشرسة .
أليس هذا هو الوفاء الحقيقي ؟ الم تكن أحاسيسه تنبض للوفاء إلى أخر يوم من حياته ؟ ما أعظمه !
أليس هذا هو الدفاع عن العروبة و الوطن ؟
و السؤال يبقى مطروح : متى نبقى نتسلق الأشجار و الأعداء تبني في شعب و سياسات تؤمن بها كما نؤمن بالأقدار ؟؟؟
"محور الشر ": هو أمريكا ، إسرائيل ، انجلترا
"العرابشة " : هم العرب الموالون لجورج بوش
لكن المقاومة كانت شرسة و روح التحدي كانت حاضرة فداءا لراية الإسلام ، و وقفت الند للند ضد هذا الإعصار المدمر بدون مبالاة بقوة" محور الشر " ، فكان الرد عنيفا من المقاومة بالمدفعية و الصواريخ المضادة للطائرات ، و مازال الشعب يقاتل ببسالة و قوة و كان يتوسطهم الفارس المترجل الذي كان يتردد على عدة مواقع يحمل رسالة الثبات و التمسك برموز الأمة التي لا تباع بثمن ، و يعطيهم شحنات نفسية إضافية و دعم معنوي و يذكرهم بان الجهاد في سبيل الوطن هو من صفات المسلمين ، بالرغم من نفوذه و مكانته الكبيرين في البلاد مبينا للعالم انه غيور على وطنه و شعبه فاصطدمت هذه الصفات النبيلة بعدو لا يرحم و لا يشفق ، لا يعرف معنى لحقوق الإنسان حيث أضرم النار في كل مكان و لم يفرق بين صغير و كبير ، و لا بين امرأة و رجل .
ظل هذا السيناريو لعدة أيام حتى سقط تمثال الفارس المترجل معلنا عن سقوط بغداد فخيم عليها السكون ، لا ترى إلا السنة النيران ملتهبة تتصاعد في كل مكان ، تكسر جريد النخيل ، دمرت قبور الصالحين ، تقطع الوريد و بدا التهديد و الوعيد ، تدفقت الدماء و امتزجت برمال الصحراء الذهبية ، و اختلطت بمياه نهر الدجلة و الفرات مطالبة بالنجاة من أيدي هؤلاء الغزاة ، أرواح بريئة سقطت أما أنظار العالم بصيحاتها المسموعة ، و كسرت روح المقاومة بأياد خائنة و فرقوا بين أبناء الضاد البواسل ، حطموا شمس الوطن و لوثوها بدماء نقية سيذكرها التاريخ و تبقى راسخة تتذكرها الأجيال .
انتهت هذه الحرب غير المتكافئة بسقوط مهد الحضارات بين أيدي "محور الشر" و تغلغلوا في المراكز الحساسة للدولة ، مستلهمين ضعف الإدارة ، و بادروا بتعيين الموالين لهم ، و تم القبض على الفارس المترجل في ظروف صعبة و مبهمة ، و جز به في معتقل ، زعموا محاكمته و كانت محاكمة مصطنعة ، أقرت هذه الأخيرة بإعدامه في أغلى أعياد المسلمين كأنها رسالة واضحة و مقصودة أمام صمت رهيب للعالم و للعرب خاصة ، و هم لا يدرون أنهم خسروا احد قادة الإسلام و العرب .
مات شهيدا و وفيا لوطنه و لشعبه و حتى للغته لغة "الضاد" ، بلغت به درجة الوفاء للوطن إلى حد رفضه أن يكون حرا مقابل خطاب بوقف زحمة المقاومة الشرسة .
أليس هذا هو الوفاء الحقيقي ؟ الم تكن أحاسيسه تنبض للوفاء إلى أخر يوم من حياته ؟ ما أعظمه !
أليس هذا هو الدفاع عن العروبة و الوطن ؟
و السؤال يبقى مطروح : متى نبقى نتسلق الأشجار و الأعداء تبني في شعب و سياسات تؤمن بها كما نؤمن بالأقدار ؟؟؟
"محور الشر ": هو أمريكا ، إسرائيل ، انجلترا
"العرابشة " : هم العرب الموالون لجورج بوش
من مواضيعي
0 يوم دراسي الأمير عبد القادر القائد السياسي والأديب المتصوف بين سطوة السيف ولين القلم.
0 قبسات من نضال المرحوم محمد الصالح يحياوي.
0 قبسات من نضال المرحوم محمد الصالح يحياوي.
0 ماذا يريد النظام المغربي؟
0 ماذا يريد النظام المغربي ؟
0 مرثية الشهيد قوارف لحضر
0 قبسات من نضال المرحوم محمد الصالح يحياوي.
0 قبسات من نضال المرحوم محمد الصالح يحياوي.
0 ماذا يريد النظام المغربي؟
0 ماذا يريد النظام المغربي ؟
0 مرثية الشهيد قوارف لحضر







