بيان: نقد موقف الحكومات العربية عامة والجزائر خاصة من العدوا
01-01-2009, 07:04 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
الجزائر في: الأربعاء 03 محرم 1430
الموافق لـ 31 ديسمبر 2008
بيان: نقد موقف الحكومات العربية عامة والجزائر خاصة من العدوان على غزة.
الحمد لله القائل في كتابه العزيز "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا،إن الله لا يحب المعتدين" البقرة190، وحذر الله تعالى من غفلة المسلمين عن أسلحتهم فقال حل جلاله "وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة" النساء102.
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله وهو القائل عليه الصلاة والسلام "من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية" وقال أيضا "المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه" وعلى آله وصحبه أجمعين الذين كانوا يتنافسون في جميع ميادين الجهاد لعلمهم "ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا"
* في الوقت الذي تتحرك فيه جماهير الشعوب الإسلامية والغربية في أمهات عواصم الدنيا وتموج شوارعها موج البحار الهادرة، رافعة عقيرتها في غضبة صارخة على العدوان الغاشم اللّعين الذي أصاب غزّة العزة والجهاد والاستشهاد والذي أسفر على أكثر من 390 شهيد وأزيد من 2000 جريح فضلا عن حجم الدمار الهائل والمروع الذي لحق بالمساكن والجامعات والمستشفيات والمصانع والمساجد وما نجم عن العدوان اللعين من تشريد لسكان غزة، قلت في وسط هذا الغليان الشعبي العالمي على اختلاف دوافع المتظاهرين والمحتجين بين الدافع الإسلامي الشرعي أو السياسي أو القومي أو المستغل المناور أو الإنساني الشريف "إن سعيكم لشتى"، "كل يعمل على شاكلته" و"إنما الأعمال بالنيات" نجد موقف الجزائر –في ظل النظام السياسي الحالي- مخز ومخجل وخانع، بحيث منع الشعب من التعبير الحر والعفوي عن غضبه واستنكاره للعدوان الغاشم، في كبرى عواصم البلاد، وحصرت حركة الاحتجاج في مربعات ضيقة ومحاطة برجال الشرطة أو في قاعات لا تتسع لجماهير الشعب الجزائر الساخط على الدمار الذي لحق بغزة وعلى الأنظمة العربية الخانعة والذليلة والعميلة التي جعلت شعوبها في سجن كبير لا حرية في ولا كرامة، وحتى الترخيص في مثل هذه القاعات لا يعطى إلا لأحزاب الإعتلاف التابعة للسلطة، ومما يحز في النفس أن الجزائر التي كانت يوما ما قبلة الثوار وكعبة الأحرار ومنبع الحركات التحريرية في العالم حتى أطلق عليها اسم مكة الإرهاب، غدت خانعة لا موقف لها مما يجري في أرض الإسراء والمعراج، بالرغم من أن بعض السياسة في إسرائيل -حمد الله- أن الجزائر ليست متاخمة لحدودهم، وذلك لعلمهم بنفسية الشعب الجزائري الثائر على الظلم والطغيان، فهل يعقل أن تتراجع القهقرى بأميال الفراسخ؟!! إن الشعب الجزائري بجميع شرائحه يشعر بالحنق الشديد ويكاد يتميز من الغيظ لأنه ممنوع من النزول إلى شوارع العاصمة في غضبة للانتصار لإخوانهم في غزة الجريحة، ففي الوقت الذي نجد بعض الدول التي لا يتجاوز عدد سكانها 500.000 ألف نسمة أو مليون ينزلون إلى الشارع بطريقة عفوية وساخطة، نجد الجزائر في مؤخرة الركب، رغم أن تعداد سكانها نيف على 35 مليون، وإذا سمح لبعض الأحزاب أو حركات المجتمع المدني بالتظاهر فإنهم يحشرون حشرا مع تطويق من رجال الأمن في مربعات ضيقة أو قاعات أضيق كأنهم جرذان فلا حول ولا قوة إلا بالله، بينما تفتح الشوارع على مصراعيها وتعبد وتزين بالمال العام لرئيس الجمهورية ليصول فيها ويجول، ويحشر له الناس من كل حدب وصوب تحت الضغط، فهم يوزعون من أجل المطالبة بعهدة ثالثة، كما حدث في زيارته لغرداية وكان الواجب عليه تأجيل الزيارة إلى وقت آخر في ظل الحدث الجلل الذي نزل بالأمة، وكان الواجب عليه زيارة غرداية إما أثناء أزمة بريان أو أيام الفيضان لأن الصبر عند الصدمة الأولى، والسؤال المطروح، لماذا يتعلل النظام السياسي الحالي بحالة الطوارئ لمنع المظاهرات والاحتجاجات ضد سياسته الداخلية الخرقاء، بينما يسمع بنزول أسراب من المواطنين بطريقة عفوية كما يزعم، دون أي ترخيص مسبق، كما حدث عشية تعديل الدستور لعهدة ثالثة؟!!، إن النظام السياسي المتعفن لا يسمح بالنزول إلى الشارع إلا في حالة واحدة، ألا وهي مساندة أطروحات السلطة الفعلية والرسمية التابعة لها، قاتل الله الخذلان والسياسة العرجاء، ألا يذكر النظام الحالي كيف ماجت شوارع العواصم الكبرى يوم اعتقلت المجاهدة جميلة بوحيرد؟!! ألا يذكر كيف هاجت شوارع العالم لإلقاء القبض على الزعماء الخمسة؟!! "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"، فلماذا هذا الخنوع والذلة والتقهقر في مناصرة القضايا العادلة في العالم وعلى رأسها قضية فلسطين الإسلامية ؟!!!.
* عندما قرر بعض النواب عقد تجمع لمساندة الإخوة في غزة وذلك بجوار المجلس الوطني الشعبي، أحببت حضور ذلك التجمع وما إن وضعت قدمي على قارعة الطريق حتى اعترض طريقي أحد ضباط الشرطة مانعا إياي من حضور التجمع، فقلت له "ما هو المانع القانوني الذي يحول دون مشاركتي في الاحتجاج والتنديد؟" فما كان من إلا أن قادني إلى مخفر الشرطة، ولم يطلق سراحي إلا قبل انفضاض التجمع، وما زلت إلى هذه اللحظة أشعر بمرارة المنع وقسوة الظلم والشعور بالغربة في جزائر الثورة والشهادة التي هوى بها حفنة من جنرالات فرنسا إلى الحضيض، مما أفقد الجزائر عزتها وكرامتها وسيادتها.
* كثيرا ما نسمع أن رئيس الجمهورية الحالي أعاد الجزائر إلى المحافل الدولية وبغض النظر عن مصداقية هذا الإدعاء من عدمه نقول، إذا كانت العودة إلى المحافل الدولية على حساب مكانة الجزائر واستقلال قرارها السياسي وأن تصبح مجرد تابع لا حول له ولا قوة، شأنها شان بعض الدول التي يطلق عليها دول الاعتدال والوسطية، بينما هي في حقيقة أمرها دول الاستسلام والاعتلال والانبطاح للهيمنة الأمريكية، مما يجعل حضور الجزائري في تلك المحافل الدولية والإقليمية والعربية باهتا "لا يصك ولا يحك" كما يقال، فإذا كانت العودة على هذه الشاكلة فبئست العودة إلى تلك المحافل الظالمة المنحازة. فقد سمعت أن الجزائرية نفيسة تناشد الرئيس الحالي النصرة والغوث مما لحق بها وأخواتها، فهل سينجدها ويفرج كربتها كما فعل الخليفة المعتصم؟!!.
* ما يجب أن يعرفه الجميع، أن القضية الفلسطينية قضية إسلامية بالدرجة الأولى يناصرها في العالم زهاء 1.000.000.000 (مليار) مسلم وباستطاعة بعض أبناء هذا العدد ضرب مصالح إسرائيل المعتدية والدول المتحالفة معها في السر والعلن في حالة تقاعس الدول العربية والإسلامية عن نصرة هذه القضية العادلة، وهي قضية إنسانية يقف وراءها ملايين البشر من أحرار العالم وشرفائه، وخير دليل على ذلك، المظاهرات الساخنة والصاخبة التي ماجت بها عواصم الدنيا، من الشرق إلى الغرب ومن مختلف الأجناس، ولقد صرحت لضابط الشرطة الذي منعني من حضور التجمع أن علاقتي بفلسطين هي علاقة ببيت المقدس ثالث الحرمين الشريفين، وإني على استعداد تام للدفاع عنها.
* نحن لا ننتظر من أغلب الأنظمة العربية موقفا سياسيا ينصر سكان غزة نصرا مشرّفا، أمام الإبادة الجماعية التي قل نظيرها في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني، وفي نفس الوقت يجب أن نقول بكل صراحة أن واجب الحكام العرب الأخذ بأحد الخيارات التالية:
أولا: شن حرب على الكيان الصهيوني نصرة لإخوانهم واقتداء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أدب اليهود لمجرد اعتدائهم على مسلمة، وهذا الخيار هو الخيار الشرعي الذي نص عليه الكتاب والسنة وهدي سلف هذه الأمة، هذا إذا كانت هذه الأنظمة فعلا تجعل مرجعيتها في السياسة الداخلية والخارجية أحكام الشريعة الإسلامية، فإن لم تفعل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، يقومون بهذا الواجب الشرعي بطريقة أو بأخرى، مع العلم أن هذه الأنظمة يختزن من الأسلحة والعتاد الحربي ما يجعلها قادرة على القيام بهذا الواجب الشرعي بطريقة مباشرة.
ثانيا: في حالة التقاعس عن شن حرب بطريقة مباشرة لسبب أو لآخر فعليها إمداد حركات المقاومة بالسلاح وإن اختلفت معها في الطرح لأنه لا يجوز شرعا خذلان المسلمين لمجرد خلاف سياسي أو فقهي فرعي أو اجتهاد مصلحي ظرفي، لاسيما وأمريكا تزود ربيبتها إسرائيل بالأسلحة المتطورة على رؤوس الأشهاد، وذلك من باب المعاملة بالمثل.
ثالثا: في حالة تعذر الخيارين السابقين، فعلى هذه الدول اتخاذ مواقف سياسية شجاعة، دون الدخول مع إسرائيل في حرب مباشرة ويتمثل ذلك في قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، بطرد السفراء والضغط على الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي باتخاذ مواقف سياسية تجبر إسرائيل على إيقاف عدوانها ورفع حالة الحصار على قطاع غزة، حتى لا تتعرض مصالح أمريكا وأوروبا للخطر سواء من طرف الأنظمة الرسمية أو غضبة الجماهير الشعبية.
رابعا: على بعض الأنظمة العربية الكف عن تحميل حركة حماس المقاومة مسؤولية ما يحدث في غزة، وتقديم ذرائع لدولة الكيان الصهيوني للإمعان في إلحاق الضرر بغزة وسكانها وهذا الموقف المشين الذي تروج له بعض هذه الأنظمة "المعتدلة" يذكرنا بموقفها المخزي من حرب تموز 2006 مع حزب الله، الذي اضطرته الظروف إلى تخفيف وطأة الحصار على غزة، فبدل أن تحمل هذه الأنظمة العميلة -هداها الله للرشد- إسرائيل المحتلة المسؤولية التامة، راحت تصب جام غضبها على الضحية، فالمسؤولية الكاملة يتحملها الاحتلال، شرعا وسياسة وقانونا وإنسانية وأخلاقيا، وإذا كانت هذه الأنظمة ترى أن حماس عاجزة عن دفع العدوان وفاقدة للقدرة فما عليها إلا أن تمدها بالسلاح، وهي قادرة على ذلك، فاللوم يجب أن يوجه إلى إسرائيل والإدارة الأمريكية والحكام العملاء، ولله در الشاعر إذ يقول :
أقلــوا عليهـم لا أبا لأبيكمــو * من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا.
وقال آخر:
والناس إن ظلموا البرهان واعتسفوا * فالحرب أجدى على الدنيا من السلم
تلك هي الخيارات الشرعية والسياسية والقومية التي يجب على أنظمة الدول العربية الأخذ بأحدها، كما سبق بيانه، أما الخيار الإنساني المتمثل في الإعانة المادية وفتح المستشفيات ونقل الجرحى وإسعاف المصدومين من الرجال والنساء والولدان، فعلى أهميته وضرورته فهو موكول إلى الشعوب وتحريض أهل العلم والفكر على القيام به.
* كان الواجب على رئيس الجمهورية بحكم أنه شارك في الثورة ودافع على القضية الفلسطينية أثناء اضطلاعه بوزارة الخارجية في عهد الراحل هواري بومدين ، وساند جميع حركات التحرر في العالم على اختلاف توجهاتها الإيديولوجية، والتي كانت توصم بالحركات الإرهابية أن يؤجل زيارته إلى غرداية ويستدعي كل من سفير أمريكا وفرنسا والإتحاد الأوروبي ويخيّرهم بين الضغط على الكيان الصهيوني لإيقاف عدوانه أو اتخاذ قرارات سياسية تمس مصالح هذه الدول في الجزائر، لأن الجزائر بحكم ماضيها الثوري المجيد لا تقوى على خذلان القضية الفلسطينية أو تدمير أحد رموز المقاومة في فلسطين، ولا يكتفي باستدعاء السفراء السابق ذكرهم بل يستدعي السفير المصري مشعرا إياه بمسؤولية مصر القومية في نصرة حركة المقاومة حماس، وفتح معبر رفح لا لمجرد نقل الجرحى ومن هم على وشك الموت وإنما إمدادهم بالسلاح والعتاد والخبرة العسكرية، وفي حالة عدم اتخاذ هؤلاء السفراء جميعا موقفا منصفا وعادلا فإن الجزائر سوف تتخذ موقفها -ولو فرديا- وذلك بحكم مكانتها الإقليمية وإرثها التاريخي الثوري المجيد الذي عرف بمساندة القضايا العادلة في العالم، غير أن الرئيس كان منشغلا بسماع شعراء البلاط المتملقين بولاية غرداية.
* نحن في اليوم الخامس من العدوان الغاشم على غزة، ولم تحرك الأنظمة العربية ساكنا بل هي تسير بعكس إرادة الشعوب المنادية بوجوب نصرة المقاومة المسلحة في غزة، وكيف لا تسير عكس التيار وهي غير نابعة من رحم هذه الشعوب عن طريق الاختيار الشعبي فأغلب هؤلاء الحكام إما ملوك أو أمراء أو رؤساء وصلوا إلى السلطة عن طريق الاغتصاب والتزوير والقهر والانقلاب، وتحتمي من شعوبها بأجهزة القمع المختلفة من شرطة وجيش ودرك ومخابرات، هذا داخليا، أما خارجيا فهي تحتمي بقوى الاستكبار العالمي مقابل المحافظة على مصالحهم الجشعة في بلادنا العربية والإسلامية، إن الصمت الرهيب الذي تمارسه هذا الأنظمة يدل دلالة قاطعة على أنها تتمنى بكل لهفة القضاء المبرم على حركة حماس، كما تمنت ذلك لحزب الله في جنوب لبنان لأن هذه المقاومة فضحت بمواقفها وشجاعتها عمالتهم واستسلامهم الذليل لأمريكا وإسرائيل، وبعض الدول الأوروبية وما زالت تتآمر بل وسيلة في السر والعلن للقضاء على المقاومة في العراق وأفغانستان وجنوب لبنان والصومال، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، وهو كبيرة من الكبائر في حق الأمة بل أصبحت تود تصفية حتى الأحزاب الإسلامية السياسية الجادة التي لها تجذر شعبي واجتماعي بحكم أنها لو فسح لها المجال وتسلم أزمّة الحكم بالاختيار الشعبي لتغيرت المعادلة تماما، ولأطاحت بمصالح الزمر الحاكمة ومصالح الدول الإستكبارية الطاغية التي استحوذت على خيرات البلاد العربية عن طريق عملائها من الحكام الخونة، والحجة التي يرفعها هؤلاء الحكام دوما وهي حجة داحضة أنه لا طاقة لنا بمواجهة إسرائيل التي تدعمها أمريكا وبعض دول العالم الغربي، وهي حجة الجبناء والمنافقين التي ذكرها الله في كتابه، قالوا "إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون" أو قول من قال "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" أو قول المنفقين "نخشى أن تصيبنا دائرة" والسؤال المطروح على هؤلاء الخونة، لمن تكدسون الأسلحة والطائرات والدبابات وتنفقون عليها ملايير الدولارات؟!!! والشاعر يقول:
- وما تفعل بالسيف إن لم تكن قتالا –
ولو ساد هذا الفكر الانهزامي الخنوع في الشعب الجزائري أيام احتلاله لما قامت له ثورة وبانت له دولة، ولكن الشعب الجزائري الذي بقي على فطرته الإسلامية النقية، جاهد المستعمر على قلة عدده وعدته، وقدم قوافل الشهداء حتى تحرر من الاستعمار الغاشم، ونرجو من الله تعالى أن بعد تحرير الأرض أن تتحرر الإرادة، فالتحرير لا يعني بالضرورة الحرية، وإني لأهيب بالعلماء والدعاة وقادة الفكر الصادق أن يحاربوا مثل هذا الفكر الانهزامي الدخيل الذي أصبحت له دول وفضائيات وجرائد ورؤوس ومنابر تنشره هنا وهناك كما ينشر الوباء، إن أمة يسودها هذا الفكر يكتب عليها الفناء المعنوي والأخلاقي والإنساني وتنحصر همتها في البطن والفرج والتمتع بمتع الحياة الدنيا الزائلة والرسول صلى الله عليه وسلم "إياكم والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين".
* إن بعض الأنظمة العربية لما عجزت عن اتخاذ المواقف الشرعية أو السياسية أو القومية راحت تخادع الرأي العام في الداخل والخارج، حاصرة موقفها في الجانب الإنساني الذي لا يكلفهم أي جهد، فالسعودية حصرت موقفها في جسر جوي للإعانات المادية أو نقل بعض الجرحى إلى مستشفياتها، ليقال إعلاميا، إن ملك السعودية قد قام بواجبه تجاه سكان غزة، ونحن نطرح سؤالا على النظام السعودي بكل صدق وصراحة، لماذا ساندتم مجاهدي الأفغان بالسلاح والفتاوى وحشد التأييد الدولي له وخذلتم حركات المقاومة المسلحة في فلسطين؟!!! أفتونا مأجورين أو مأزورين.
واجب الوقت الشرعي في حق النظام السعودي هو أن يحرض على الجهاد في أرض فلسطين لاستعادة ثالث الحرمين الشريفين، فلا يمكن وصف ملك السعودية فأنه خادم الحرمين الشريفين وهو خاذل لثالث الحرمين الشريفين، وقد ربط الله بينهما في كتابه أوثق رباط فقل تعالى "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" أما التهرب من الواجب الشرعي والسياسي الحقيقي واستبدال كل ذلك بمساعدات إنسانية فلا يمكن أن ينطلي إلا على البلهاء فضلا على الفطناء، قال شيخ المجاهدين، عبد الله بن المبارك رحمه الله :
يا عابد الحرمين لو أبصرنا * لعلمت أنك بالعبادة تلعب
أما واجب الحكومة المصرية فلا يمكن حصره في الجانب الإنساني بنقل الجرحى إلى المستشفيات للدعاية الإعلامية وإنما واجب الوقت في حقها هو فتح معبر رفح وإمداد المجاهدين بالسلاح وطرد السفير الإسرائيلي ولو فعلت ذلك مصر لوجدت الشعوب العربية والإسلامية في صفّها والدفاع عنها بالمال والنفس إذا ما تعرضت لخطر يهدد أمنها القومي أو تخلت عنها المملكة العربية السعودية عرّابة الفكر الانهزامي في الفكر الإسلامي. وعلى الرئيس المصري أن يأخذ المثل من الرئيس التونسي الراحل لحبيب بورقيبة الذي فتح أراضيه لقادة الثورة الجزائرية (القاعدة الشرقية)، مما انجر قصف ساقية سيدي يوسف حيث امتزج الدم الجزائري بالدم التونسي ورغم ذلك لم يطرد قادة الثورة بل دافع عنهم كما هو مسطور في كتب التاريخ مما دفع بالاستعمار الفرنسي لإقامة خط موريس، وهو ما فعلته أيضا الشقيقة المغرب في عهد محمد الخامس الذي فتح حدوده للقاعد الغربية مما دفع بفرنسا لإقامة خط شال المكهرب، بل إن مصر في عهد عبد الناصر أمدت الجزائر بالسلاح والدعم المادي والمعنوي والإعلامي مما انجر عليه العدوان الثلاثي الغاشم في 1956 وكذلك فعلت ليبيا التي كانت تسرب الأسلحة عن طريق حدودها للمجاهدين والعراق وسوريا وهلم جرا... فمسؤولية مصر أعظم من غيرها بحكم الجوار ومكانة الأزهر وماضيها الثوري المجيد الذي نحمل له كل الاحترام والعرفان، وموقف جزائر الجهاد والاستشهاد لا يمكن اختزاله في جسر جوي يحمل الإعانات الإنسانية من مطار بوفاريك العسكري، ولا حصره في بيان من وزارة الخارجية كله غموض لا يحدد الموقف الحقيقي للجزائر بكل عزة وكرامة انطلاقا من ماضيها التاريخي والثوري يقوم بتوقيعه مجرد مدير الاتصال بوزارة الخارجية، إنها والله لإحدى الكبر، تترك الحليم حيرانا !!! ومن منا يقتنع بموقف النظام الأردني، لاسيما وأغلب سكان الأردن من أصل فلسطيني، فهل تبرع ملك الأردن بقطرات من دمه أمام شاشات التلفزة يعفيه من المسؤولية الشرعية والسياسية ؟!! إنها والله لمهزلة ما بعدها مهزلة، ملك يتبرع بقطرات من دمه يستطيع بعد ثوان تعويضها بما لذ وطاب!!!، اعلموا يا حكام العرب، أنه إذا لم تنصروا إخوانكم في غزة بطريقة شرعية وسياسية حقيقية فإن الله تبارك وتعالى قادر على أن ينصر سكان غزة على أيدي أقوام لا خلاق لهم، كما جاء في الحديث "إن لله لينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم" وفي رواية "إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر" وقد رأينا أقوام من فرنسا وأمريكا وبريطانيا وفينيزويلا يتسارعون لنصرة سكان غزة من الناحية الإنسانية، بينما حكام العرب في غيّهم يعمهون.
* وقبل أن أختم هذا البيان الذي جاء على عجل أود أن أقول هذه الكلمات الثلاث:
الكلمة الأولى: وهي موجهة إلى العلماء والدعاة وطلبة العلم، إن أهم واجب عليكم تحريض الأمة على المناصرة والمواجهة في حدود ضوابط الشرع، اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصدع بكلمة الحق، وامتثاله لأمر الله بتحريض المؤمنين على المواجهة، قال تعالى "فقاتل في سبيل الله، لا تكلف إلا نفسك، وحرّض المؤمنين، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا" النساء84. وقوله "يأيها النبي، حرض المؤمنين على القتال"الأنفال65، فمهمة العلماء على خطورتها وعظم شأنها تتمثل في الصدع والبيان والتحريض، والعالم الذي يوفقه الله هو الذي يعرف فريضة الوقت فيعمل بها ويدعوا إليها ولا شك أن فريضة الوقت هي تحريض الشعوب لاستخلاص حقوقها من أيدي الطغاة، سواء على المستوى الداخلي أو المستوى الخارجي.
الكلمة الثانية: وهي موجهة إلى حكام، اعلموا معشر الحكام أن الشعوب أدركت حقيقة أمركم وتخاذلكم في نصرة القضايا الإسلامية الكبرى وانشغالكم بعروشكم وكروشكم والإستخواذ على خيرات بلدانكم وتصريفها في خدمة أعداء الأمة، فعودوا إلى رشدكم وارحموا شعوبكم وسارعوا إلى خدمة دينكم والدفاع عن حقوق الأمة واحترام كرامة الإنسان فيها وإلا فإن مصيركم مخز، وبئيس، طال الزمان أم قصر، واعلموا أنكم إذا فرّطتم في الدفاع عن حقوقها فسوف تصبح بلدانكم مرتعا للفوضى والقلاقل والزلازل، ولن تنفعكم يومئذ أجهزتكم الأمنية والقمعية لو كثرت، وسوف يأتي ذلك اليوم إن لم تصلحوا الأمور من ينادي في قلب بلدانكم كما نادى أحد رجال الثورة الفرنسية ويدعى ميرابو "إلى السلاح، إلى السلاح"، فسارعوا إلى مغفرة من ربكم.
الكلمة الثالثة: وهي موجهة إلى الشعوب، أما أنت أيتها الشعوب العربية والإسلامية، فاحرصي على الدفاع عن حقك المشروع في حياة سعيدة في ظل الإسلام الذي فيه سعادة الدنيا والآخرة وتظاهري بكل وسيلة سلمية لنصرة المجاهدين حيث ما كانوا وخاصة في غزة المجاهدة وعليكم بالدعاء والإعانة بالمال والتطوع للجهاد بحسب القدرة وضرب مصالح إسرائيل وحلفائها وكونوا جيل الاحتجاج الممهدين لجيل التحرير الذين قال الله فيهم "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد، فجاسوا خلال الديار" ويجوز لمن ابتلي بمعصية أو مخالفة أن يقوم بنصرة الحق عسى الله أن يكفر بذلك شؤم المعصية، ولكم في الصحابي الجليل أبو محجن الثقفي الذي لم يمنعه إقامة الحد عليه وسجنه في شرب الخمر من تشوقه لنصرة إخوانه في معركة القادسية، فاستعطف سلمى زوجة سعد ابن أبي وقاص، في إطلاق سراحه ليشارك في القتال مع إخوانه، وهو القائل:
كفـى حزنا أن ترزأ الخيل بالقنـــا * وأترك مشدودا علي وثاقـــي
إذا قمت عنىّ بي الحديـــد وغلقت * مصارع من دوني تصم المنادي
فيا ليتني لم أشرب الخمر مــــرة * حياتي فمنها قد لاقيت الدواهـي
سليمى دعيني أرو سيفي من الــعدا * فسيفي أضحى ويحه اليوم صاديا
دعيني أجب في حومة الخيل جولـة * تفرج من همي وتحي فؤاديــا
ولله عهد حين أنجو من الـــردى * أعيد لرجلي الوثاق مكانيـــا
فما كان من سلمى إلا أن أطلقت سراحه، وكلنا يعلم ماذا فعل يوم القادسية لنصرة إخوانه حتى تحقق لهم النصر ثم تاب توبة نصوحا من شرب الخمر، واعلموا أن الشعوب باقية وأن الحكام مهما طال بهم الزمن فإلى زوال "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه".
بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
التعديل الأخير تم بواسطة zabana ; 01-01-2009 الساعة 07:06 PM





