فقه الجهاد
17-01-2009, 03:39 PM
فقه الجهاد
إن غاية القتال في الإسلام ومنتهاه هو أن يصير الناس في حالة من الحرية تنتفي معها الفتنة. (والفتنة لفظ يجمع معنى مرج واضطراب أحوال الإنسان، وتشتت باله بالخطر والخوف على الأنفس والأموال على غير عدل ولا نظام. وهي إلقاء الخوف في قلوب الناس واختلال نظام العيش).
وبالتالي فإن غاية الجهاد ألا يتعرض مؤمن لفتنة مادية أو معنوية تزيله عن دينه، أو عن شعيرة من شعائره، وكذا أن تنتفي الفتنة عن الكافر لئلا يحال بينه وبين الإسلام، إن هو اختاره. قال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله)، وقال (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله).
وقال في تفسير المنار: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) عطف على قاتلوا في الآية الأولى. فتلك بينت بداية القتال. وهذه بينت غايته. وهي ألا يوجد شيء من الفتنة في الدين، ولهذا قال الأستاذ الإمام ـ أي محمد عبده ـ أي حتى لا تكون لهم قوة يفتنونكم بها ويؤذونكم لأجل الدين، ويمنعونكم من إظهاره، أو الدعوة إليه. (ويكون الدين لله) (ويكون الدين كله لله) أي يكون دين كل شخص خالصاً لله، لا أثر لخشية غيره فيه، فلا يفتن لصده عنه ولا يؤذى فيه، ولا يحتاج إلى الدهان والمداراة أو الاستخفاء أو المحاباة.
ثم إليك ما قرره سيد قطب رحمه الله تعالى حول قوله تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) (.. إن النص عام الدلالة، مستمر التوجيه، والجهاد ماض إلى يوم القيامة. ففي كل يوم تقوم قوة ظالمة تصد الناس عن الدين، وتحول بينهم وبين سماع الدعوة إلى الله، والاستجابة لها عند الاقتناع، والاحتفاظ بها في أمان. والجماعة المسلمة مكلفة في كل حين أن تحطم هذه القوة الظالمة، وتطلق الناس أحراراً من قهرها، يستمعون ويختارون ويهتدون إلى الله.
وهذا التكرار في الحديث عن دفع الفتنة بعد تفظيعها، واعتبارها أشر من القتل. هذا التكرار يوحي بأهمية الأمر في اعتبار الإسلام. وينشيء مبدأ عظيماً يعني في حقيقته ميلاداً جديداً للإنسان على يد الإسلام. ميلاداً تتقرر فيه قيمة الإنسان بقيمة عقيدته، وتوضع حياته في كفة وعقيدته في كفة، فترجح كفة العقيدة. كذلك يتقرر في هذا المبدأ من هم أعداء الإنسان.. إنهم أولئك الذي يفتنون مؤمناً عن دينه، ويؤذون مسلماً بسبب إسلامه، أولئك الذين يحرمون البشرية أكبر عنصر للخير، ويحولون بينها وبين منهج الله.
فإذا انتهى الظالمون من ظلمهم وكفوا عن الحيلولة بين الناس وبين ربهم، فلا عدوان عليهم ـ أي لا مناجزة لهم ـ لأن الجهاد إنما يوجه للظلم والظالمين).
وقال الطبري في جامع البيان: [وقال آخرون معنى قوله (فلا عدوان إلا على الظالمين) فلا تقاتل إلا من قاتل] ثم يروي الطبري بإسناد عن مجاهد (لا تقاتلوا إلا من قاتلكم).
لقد كانت غاية الجهاد في الإسلام هو إبطال الفتنة بجميع أشكالها، وتحرير الإنسان من جميع الضغوط المادية والمعنوية، التي تؤثر في إرادته، وتحد من حرياته ليختار طريقه في هذه الحياة. وليس كما يزعم الزاعمون أن غاية الجهاد، هي حمل الناس على الإسلام، وإكراههم عليه. وقوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وقوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..) على وجه التحذير والإنذار أحكم من أن يفتات عليه أحد. الدين خيار فردي وحرّ، والإسلام يطالب بكسر كل طوق يحول بين الناس وبين دين الله، كما يطالب بإبطال فتنة تنصب على مؤمن ليتخلى عن دينه (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق).
إن إطلاق خيار الإنسان الديني، في أجواء الدعوة الصحيحة، وفي ظروف التكافؤ في وسائل الخطاب وآلياته إنما ينم على ثقة مطلقة بأهلية هذا الدين، واستجابته لنداء الفطرة البشرية، وانسجامه مع قوانين العقل، واستعلائه التام على كل ما عداه من مزيج الأديان التي اختلط حقها بكثير من الباطل (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله). ولا غرو أن يشهد هذا الدين هذه الفيئة المباركة من أبنائه إليه، وأن يكون من أكثر أديان العالم نمواً، واكتساباً للجديد من المعتنقين، حيث يتآكل الباطل، وتتجدد روح النماء في الدين الحق، على الرغم من حالة الوهن التي يعيشها المسلمون، والتي تشكل بإطارها العام، التخلف والضعف والفقر والجهل، ضروباً من الفتنة تصد الآخرين عن دين الله.. أوليست هذه نقطة بداية للدعاة أن يقاوموا عوامل الوهن في مجتمعاتهم لكي لا تكون هذه العوامل فتنة في الصد عن دين الله !!
مواضيع أخرى ::
غاية القتال .. حتى لا تكون فتنة

مشروعية الجهاد الجماعي

وَا إِسْلامَاه .. مَنْ لأعْرَاضِ الْمُسْلِمَاتِ !!

من الشهيد "سيد قطب" إلى المتثاقلين عن الجهاد (3)

من الشهيد 'سيد قطب' إلى المتثاقلين عن الجهاد (2)

من الشهيد "سيد قطب" إلى المتثاقلين عن الجهاد (1)

قُبِل المهر ... وزُفَّت العروس

ستبقى الراية مرفوعة بأيدي قادة الجهاد !

رسالة من شيخ الإسلام (ابن تيمية) للمجاهدين

بشائر المستقبل وانتصار المسلمين على الصهاينة

نظرة شرعية .. حكم الشرع في معاهدات السلام مع اليهود و الهدنة معهم

فتاوى العلماء في حكم العمليات الاستشهادية ضد الصهاينة

الاستشهاد على طريق الدعوة (الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا)

أولى لحظات الشهيد

لماذا الجهاد والاستشهاد في سبيل الله ؟

قيل للحسن البصري
ما سر زهدك في الدنيا ؟
فقال علمت يأن رزقي لن يأخذه غيري فأطمأن قلبي له
و علمت بأن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به
وعلمت ان الله مطلع علي فأستحييت ان اقابله على معصية و علمت ان الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء الله