النضوج المبكر الفترة الاكثر إحراجا
03-02-2009, 08:42 AM
</span>
</span>
من الملاحظ فعلا أن فتيات هذا العصر ينضجن باكرا بالمقارنة مع فتيات الأمس، كما أن مرحلة المراهقة عندهن تبدأ في سن مبكرة .
فعلى سبيل المثال</strong>
كانت أطوال وأوزان طلاب وطالبات المدارس في الخمسينات والسبعينات أقل بالمقارنة مع أطوال وأوزان طلاب وطالبات المدارس في التسعينات ومع دخول الألفية الجديدة ، كما أن بلوغ مرحلة الطمث عند الفتيات يبدأ في سن أبكر أيضا مما يدل على تسارع في النمو .

وفي هذا الصدد أعدت دراسة شملت العديد من الدول الأوربية ودول الشرق الأوسط ، لوحظ فيها هبوط في فترة البلوغ أربعة أشهر من كل عشر سنوات . وعلى ضوء ذلك، فإن الزيادة الحاصلة على الطول والوزن في هذا العصر تساوي مقدار فارق الأشهر الأربعة من كل عشر سنوات سابقة، لذلك فإن البنات اليوم اللواتي هن في سن التاسعة يتمتعن بالمقاييس نفسها التي كانت تتمتع بها بنات سن العاشرة منذ ثلاثين سنة .
أما أسباب هذه الظاهرة الهامة من ظواهر نمو الإنسان ونضوجه وبلوغه المبكر

فقد تكون في الارتفاع الكبير في نسبة الزواج والاختلاط السكاني الهائل الذي يشهده العالم اليوم، وكذلك بفضل تحسن نوعية التغذية، والتي تدخل في بعض مركباتها عناصر هورمونية، وتحسن الطباع ووسائل الرفاهية والوقاية الصحية وظروف العمل . . . إلخ .
وهناك تفسير آخر لهذه الظاهرة هو الارتفاع الحاصل تدريجيا في الحرارة الكونية منذ عام 1985 الذي أثر إيجابا على النمو والبلوغ المبكر، كما هو الحال في بلاد الشرق الحارة .
</span>
ترافق سن المراهقة تبدلات نفسية واضحة تنعكس على سلوك المراهقة، وهي تغيرات ناجمة عن التحولات الفيزيولوجية والهورمونية .
فبعض الفتيات تمر بهذه التبدلات دون أن تشعر بتعقيداتها، وبعضهن الآخر يتأثر بها ويضطرب وذلك وفقا لطبيعة كل فتاة .
</span>وهذه هي أهم التبدلات النفسية التي تعاني منها غالبية الفتيات في سن المراهقة :
  1. قلق وارتباك وتبدل في المزاج .
  2. عدم الشعور بالاطمئنان وعدم الاستقرار .
  3. التغير السريع في المزاج .
  4. الشعور باليأس والاكتئاب والانعزال .
  5. نوبات من التصرفات المتسمة بالرعونة والخشونة والعنف تعقبها نوبات معاكسة من الكسل والانزواء .
  6. تصاب بعض الفتيات بخجل وحياء شديدين إلى حد التلعثم بالحديث واحمرار الوجه الشديد .
  7. العناد وعدم الاستماع إلى نصح من هم أكبر منها سنا مثل الأب والأخ والأخت، مما يؤدي إلى احتكاكات وصدامات معهم . فعلى الأم، في مثل هذه الحالة، ألا تستعمل الشدة إطلاقا مع البنت طالما أن العناد لم يصل إلى درجة تؤدي إلى الانحراف . وأنصح الأم بأن تجعل مراقبتها تصرف ابنتها تأخذ منحي الرعاية المكللة بالحنان بدلا من استخدام الخشونة والتوبيخ وكأنها تلعب دور الشرطي في البيت والأستاذ في المدرسة .
  8. الخوف من أمور تافهة مثل الظلام والحيوانات كالقطط والكلاب وتصور أشباح . . . فلا داعي لنهرها وإجبارها على عدم الخوف منها لأن هذه المخاوف سرعان ما تزول تدريجيا.
  9. اتساع مجال الخيال مما يجعلها في كثير من الأحوال لا ترضى بالظروف المعيشية التي تعيشها . . . وهذا أمر يجب على الأهل تفهمه . فالفتاة في هذه الفترة خيالية، حالمة، كثيرا ما تستسلم لأحلام اليقظة .
الصراعات الداخلية التي تعانيها المراهقة

تمر بعض الفتيات، في فترة المراهقة، بنوع من الصراعات الداخلية هذه أهمها : </strong>
الرغبة في الاستقلال المادي والعاطفي

فهي في الوقت الذي ترغب في الاستقلال والاعتماد على النفس والتحرر المادي بكل معنى الكلمة، نجدها في مجتمعنا محتاجة إلى الاعتماد على الأبوين للحصول على الأمان المعنوي والسند العاطفي والماديات التي يوفرها الوالدان والمحيطون بها في أقارب .
صراع البحث عن الذات

وفي هذه المرحلة تمر المراهقة بصراع البحث عن الذات، أو تحديد " الهوية " فهي تخاف من أن تكون لا شيء، وفي الوقت نفسه تخاف من تقليل صورة شخص آخر، وهي لذلك تنطلق لمواجهة العالم لتخوض بنفسها التجربة، ولكنها تجد نفسها مقيدة بالتقاليد والعادات والأعراف الأسرية العميقة تحيط بها كما يحيط بها البرج العالي بأمير الأحلام .
تضارب القيم بين ما تعلمته في الطفولة وآمنت به من تعاليم ومبادئ في المدرسة ومن الأسرة

وبين ما يمارسه الكبار في المجتمع والحياة اليومية من شواذات، يؤدي إلى وقوعها في حيرة من أمرها، فيدخل الشك في نفسها وتصبح عاجزة عن التفرقة بين ما هو صواب وما هو خطأ في الحياة .
انحرافات السلوك عند المراهقة

إن الاضطرابات والانحرافات السلوكية في سن المراهقة هي نتيجة للتربية العائلية الناقصة أو المحرفة والتوجيه السيئ، ورد فعل طبيعي لمراحل اعتبرت فيها البنت، حتى بعد بلوغها، بأنها " صغيرة " لا تفهم، وعدم الاعتراف بأنها قد كبرت وكونت شخصيتها .
وقد تحدث هذه الاضطرابات نتيجة للهوة بين الأجيال وعدم التفاهم بين الأهل والشباب، لأن شباب اليوم يفكر بمنطق قد لا يفهمه الوالدان، ويعتقد بأن الكبار قد فشلوا في تهيئة المجتمع المثالي المناسب لهم مثل عليا ومفاهيم عصرية جديدة وبيوت ملائمة ووظائف مناسبة، وكل ما يفكرون به هو ثورة عارمة على " التقاليد والنظم العائلية البالية " والمختلفة برأيهم، وهذا ما يدفعهم للتعاطي مع أصدقاء ذوي تأثير سلبي على سلوكهم .
وقد تتخذ هذه الاضطرابات اتجاها عدوانيا، فنرى بعض الفتيات يكثرن من المشاجرة مع إخوتهن أو أهلهن أو أقاربهن مع ميل واضح إلى رفضهن سلطة الآخرين عليهن . لذلك، يلجان إلى الهرب من البيت أو يعتمدن التأخر خارج المنزل لاستثارة كل ما يمس ممتلكي السلطة، أي الأهل، وما يمثلون من عادات وتقاليد متعارف عليها في المجتمع الشرقي، وهذا بدوره قد يدفع بهؤلاء الفتيات، في الغالب، للوقوع فريسة سهلة بين أحضان شلل المراهقين المنحرفين، الذين يمارسون الفسق والانحراف ويتعاطون المخدرات أو الحبوب المنشطة التي تؤدي إلى الإدمان في الشقق وفي علب الليل .
وهناك العديد من الاضطرابات النفسية قد تبرز في مرحلة المراهقة، وبدرجات مختلفة، مثل الاكتئاب، والفصام الذهني، والهستيري، وكلها قابلة للشفاء على يد أطباء في علم النفس .
ويميل بعض الباحثين، على الرغم من اعترافهم بأهمية الأسباب الوراثية أو الهورمونية لهذه الأمراض والانحرافات، إلى الاعتقاد بأن للبيئة المنزلية، بشكل خاص، والمجتمع، بشكل عام، المقام الأول في التسبب بحدوثها، وتتلخص بعدم التكليف مع البيئة والمجتمع وبخيبة الأمل والإحباط عند هؤلاء المراهقين


الوقاية تغني عن العلاج "
هذه الحكمة العربية القديمة لا زالت قائمة حتى يومنا هذا . والوقاية في مجالنا هذا تكون بنشر الثقافة الجنسية السليمة والتوعية الصحية غير المحرفة في المدرسة والبيت . . . ويجب أن نقدم، بكل جرأة، على توعية المراهقين وتنبيههم إلى ما هم مقبلون عليه من تغيرات وتبدلات في أثناء فترة بلوغهم ومراهقتهم .
ومن ناحية أخرى، يجب فتح المجال أمام المراهقين للتنفيس عما يشعرون به من نشاط وحيوية، وإيجاد المخارج الملائمة لهم . فيجب تشجيعهم مثلا على ممارسة الرياضة البدنية وتنظيم الرحلات والانضمام لجمعيات كشفية أو نواد رياضية، وحضور الندوات الثقافية والفنية . . . الخ، فكل هذه النشاطات تساعد على تنفيس الطاقات الجنسية والنفسية عند المراهق، وتمد له الجسور للتعرف، بشكل أفضل، على ما يجرى حوله وعقد الصداقات البريئة مع أقرانه .
ولا بد لكل أب وأم، أو مرب أو مدرس، أو كل من له صلة أو تعامل مع المراهقين والمراهقات، أن يتسموا بالفهم والأناة والصبر، ويعالجوا مشاكل الشبيبة من منظار واسع، وأن يجاروهم في تفكيرهم وتصرفاتهم على أنها تصرفات مؤقتة وليست أبدية، وأن يساعدوهم على حل مشكلاتهم، كل على حدة، بدون تسرع وانفعال وعصبية، وذلك من أجل كسب ثقتهم ومساعدتهم على تخطي هذه الفترة الحرجة التي هي فترة المراهقة .
ومتى أحسن الأبوان في البيت والمدرس في المدرسة توجيه المراهق توجيها صائبا، مع الحفاظ على شخصيته، ينشأ معتزا بذاته مع تكوين نظرة ثاقبة متبصرة في الحياة .
فالنصح والإرشاد والعطف تمثل جميعها صمام الأمان لضمان المحافظة على العلاقة البناءة بين المراهق وأسرته ومجتمعه .