تفسير قوله تعالى : " للذين يؤلون من نسائهم..." من سورة البقرة
09-02-2009, 09:41 AM
قال تعالى : لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{226} وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{227} سورة البقرة

الإيلاء: هو الحلف، وإذا حلف الرجل ألا يجامع زوجته مدة، فلا يخلو:
إما أن يكون أقل من أربعة أشهر.
أو أكثر من أربعة أشهر.
فإن كانت أقل، فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة،
وقد آلا صلى الله عليه وسلم من نسائه كما ثبت في الصحيحين عن عائشة: أن رسول الله آلى من نسائه شهرًا، فنزل لتسع وعشرين، وقال: "الشهر تسع وعشرون" .

وإن زادت المدة على أربعة أشهر، فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر: إما أن يفيء -أي: يجامع -وإما أن يطلق، فيجبره الحاكم على هذا أو هذا لئلا يضر بها. ولهذا قال تعالى: { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ } أي: يحلفون على ترك الجماع من نسائهم، وفي هذا دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور.

قوله : { تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } أي: ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق. ولهذا قال: { فَإِنْ فَاءُوا } أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع.

وقوله : { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
وفي الآية دلالة لأحد قولي العلماء أن المولي إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنه لا كفارة عليه.
فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فتركها كفارتها" كما رواه أحمد وأبو داود .
وذهب جمهور العلماء أن عليه الكفارة لعموم وجوب التكفير على كل حالف . والله أعلم.

وقوله: { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ } فيه دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي الأربعة أشهر وقال بهذا جمع من العلماء .
وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي الأربعة أشهر تطليقة .
وقيل: إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر طلقة رجعية .
مختصرا من تفسير ابن كثير رحمه الله