المشاركون والمقاطعون... جزائريون حتى النخاع
15-03-2009, 01:11 PM
من بين شعارات الحملة الانتخابية التي ركزت عليها السلطة لجر المواطن صوب صناديق الاقتراع في التاسع من شهر أفريل القادم، ''لا تترك أحدا يقرر مكانك''. وأعتقد أن المـُنظـّر المخترع لهذا الشعار يقصد بذلك ضرورة تعبير كل مواطن عن رأيه والمشاركة الفعلية في تحديد مستقبله. وهو من الناحية المبدئية ـ كما يقال في المشرق ـ ''مُش بطّال''، بحكم أن المواطنة المبنية على العلاقة التعاقدية بين الفرد ودولته تقوم على الاعتراف والتمتع بالحقوق والقيام بالواجبات بشرط أن تضمن المشاركة في إدارة الشأن العام من خلال صيغ ديمقراطية، وفي مقدمتها تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحقق التداول السلمي على السلطة في نظام يقوم على الفصل بين السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء.
وعندما نقول التعبير عن الرأي والمشاركة في صناعة القرار فمعنى ذلك أن للمواطن حق خيار المشاركة أو المقاطعة، على شرط أن يتم ذلك بعيدا عن كل أشكال الضغط والإكراه وبطريقة سلمية. ففي الحالتين هناك تعبير عن الرأي وعن موقف ومشاركة في العملية الانتخابية. فالحضور والغياب هما من صميم ممارسة الفرد لمواطنته.
أرجع إلى شعار ''لا تترك أحدا يقرر مكانك'' الذي جاء هنا في صيغة المواطنة تمر فقط عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع بغض النظر عن الظروف المحيطة بالعملية الانتخابية... أكثـر من هذا، الشعار يحمل في طياته فكرة المساومة بالمواطنة وعليها، أي إما أن تمارس مواطنتك أو تتنازل عنها لشخص مجهول يمارسها مكانك. أو بعبارة بسيطة، إما أن تنتخب وإلا سينتخب مكانك. وهو بمثابة الإعلان عن نية التزوير مع سبق الإصرار والترصد.
ولأن المشاركة في العملية، حسب وزير الشؤون الدينية، تعتبر شهادة يحاسب عليها يوم القيام، مع العلم أن هناك شهادة الحق وشهادة الزور، فالسلطة وضعت نفسها في موقع ''الموزع لصكوك الغفران''.
وقبل أن يلتقي المواطن وربه ليحاسب على شهادته، بادر الوزير الأول أويحيى إلى توسيع قانون الرحمة الذي وضع خصيصا للإرهابيين ليشمل المقاطعين للانتخابات المقبلة، ملتزما بعدم إدخالهم السجن وإعفائهم من دفع غرامة، لأن ذلك من صلاحيات مصلحة الضرائب التي لا ''تخلط'' بين التصحيح الضريبي والتصحيح السياسي... في النهاية يجب القول إن المشاركين والمقاطعين جزائريون رغم أنف الجميع.

----------------
منقول : علي جري "الخبر"

"ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الحديثة، فبامتزاجهما تتجلّى الحقيقة، فتتربّى همة الطالب وتعلو بكلا الجناحين، وبافتراقهما يتولد التعصب في الأولى والحيل والشبهات في الثانية"لبديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله.