لماذا عُنِيَت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالرد على الفرق المنحرفة
07-04-2009, 11:17 PM
لماذا عُنِيَت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالرد على الفرق المنحرفة كالطرق الصوفية ـ أكثر من عنايتها بالرد على الإلحاد، مع وجود الاستعمار الفرنسي؟
هذه شبهة تَرِد كثيرا على لسان من لم يتضلَّع بمنهج السلف يجيب عنها الشيخ محمد البشير الإبرهيمي ـ رحمه الله ـ بقوله: " وإنك لا تُبْعِد إذا قلت: إن لفشوِّ الخرافات وأضاليل الطرق بين الأمة أثرا كبيرا في فشوّ الإلحاد بين أبنائها المتعلمين تعلُّما أوروباويا الجاهلين بحقائق دينهم، لأنهم يحملون من الصغر فكرة أن هذه الأضاليل الطرقية هي الدين، وأن أهلها هم حملة الدين، فإذا تقدم بهم العلم والعقل لم يستسغها منهم علم ولا عقل، فأنكروها حقا وعدلاً، وأنكروا معها الدين ظلما وجهلاً، وهذه إحدى جنايات الطرقية على الدين. أرأيت أن القضاء على الطرقية قضاء على الإلحاد في بعض معانيه وحسم لبعض أسبابه. وقد قرأت في هذه الأيام لكاتب تونسي مقالاً ينعى فيه على جمعية العلماء إهمالها لهذه الجهة من جهات الفساد وهي الإلحاد، واعتذر عن علماء جامع الزيتونة بأنهم ـ وإن قعدوا في نواحي الإصلاح التي تخبّ فيها جمعية العلماء وتضع ـ قاموا في حرب الإلحاد بما شكرهم عليه، ولكنه حصر عملهم في هذا السبيل في خطب جمعية ينددون فيها بالإلحاد ويحذرونه، وفات هذا الكاتب الفاضل أن جمعية العلماء لم تسكت عن الإلحاد، بل هاجمته في أمنع معاقله، ونازلته في أضيق ميادينه، كما فاته أن صرعى الإلحاد لايغشون المساجد، فما تأثير الخطب الجمعية التي تلقى على المصلين؟ وهل يداوَى المريض بتحذير الأصحاء من المرض أو أسباب المرض؟ إلا أن العالم المرشد كالطبيب لا ينجح في إنقاذ المريض من الموت إلا بغشيان مواقع الموت ومباشرة جراثيم الموت "([13]).فالله أكبر ما أقوى المنهج السلفي! وما أبخس الأحزاب لقدره! إذن فمواجهة هؤلاء حماية لديار المسلمين من أن تُغتال من تحتها، بجهاد المنافقين الذين يتسللون الصفوف لِواذا، قال الله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ} قال ابن القيم: " وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة .. " إلى أن قال: " فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواصّ الأمة وورثة الرسل. والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه والمعاونون عليه ـ وإن كانوا هم الأقلِّين عدداً ـ فهم الأعظمون عند الله قَدْراً .. "([14]).ولما كان هؤلاء منضوين تحت صفوف المسلمين، فإن أمرهم قد يخفى على كثير من الناس، فكان بيان حالهم ـ لمن ولاؤنا لهم فرض علينا ـ آكد، ولذلك قال ابن تيمية: " وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ولكنهم سمّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا، وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين، كما قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}، فلا بد من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين، فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذِكْرُهم وتعيينُهم، بل ولو لم يكن قد تَلَقَّوْا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانِّين أنها هدى وأنها خير وأنها دين، ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالهم "([15]).وأما مواجهتهم من الخارج؛ فلأن العدو لا يدخل عليك بيتك إلا إذا كانت منافذه مفتوحة أو ضعيفة، والفرق الإسلامية المنحرفة عن الناجية هم منافذ الكفار، وهل يجهل المسلمون أثر المتصوفة في استعمار البلاد الإسلامية وإعانتهم الكفار على ذلك؟ وقد قال ابن تيمية في الشيعة الروافض: " وهم يستعينون بالكفار على المسلمين، وقد رأينا ورأى المسلمون أنه إذا ابتُلي المسلمون بعدوّ كافر كانوا معه على المسلمين، كما جرى لجنكزخان ملك التتر الكفار، فإن الرافضة أعانته على المسلمين، وأما إعانتهم لهولاكو ابن ابنِه لما جاء إلى خراسان والعراق والشام فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على أحد، فكانوا بالعراق وخراسان من أعظم أنصاره ظاهرا و باطنا، وكان وزير الخليفة ببغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم، فلم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين، ويسعى بقطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفهم، وينهى عن قتالهم ويكيد أنواعا من الكيد، حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين ما يقال: إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان أو أكثر أو أقل ... ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيل والسلاح والأسرى وباعوهم للكفار النصارى بقبرص، وأخذوا من مرَّ بهم من الجند، وكانوا أضر على المسلمين من جميع الأعداء ..."([16]).قلت: ولذلك كان أئمتنا أفقه من أن يداهنوا المنحرفين عن منهج السلف، بل رأوا جهادهم أكبر الجهادين، كما قال يحيى بن يحيى شيخ البخاري ومسلم: " الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد "([17])،رواه الهرويُّ بسنده إلى نصر بن زكريا قال سمعتُ محمد بن يحيى الذهلي يقول سمعتُ يحيى بن يحيى يقول: " الذّبُّ عن السُّنّة أفضلُ من الجهاد في سبيل الله، قال محمد: قلتُ ليحيى: الرجلُ ينفِقُ مالَه ويُتْعِبُ نفسَه ويجاهد، فهذا أفضلُ منه؟! قال: نعم بكثير! "([18]).وقال الحميدي شيخ البخاري : " والله! لأن أغزو هؤلاء الذين يَرُدُّون حديث رسول الله صلى الله عليه و سلمأحبُّ إلي من أن أغزو عِدَّتهم من الأتراك "([19])، يعنيبالأتراك:الكفار.وقد وجدتُ مثل هذا عند من هو أعلى طبقةً من الحميدي؛ قال عاصم بن شُمَيْخ: فرأيتُ أبا سعيد ـ يعني الخدري ـ بعد ما كبِر ويداه ترتعش يقول: " قتالهم ـ أي الخوارج ـ أجلّ عندي من قتال عِدَّتهم من الترك "([20]).قلت: ولذلك قال ابن هبيرة في حديث أبي سعيد في قتال الخوارج: " وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين؛ والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح؛ وحفظ رأس المال أولى "([21]).وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: " المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله "([22]).وقال ابن القيم: " والجهاد بالحجة واللسان مقدَّم على الجهاد بالسيف والسنان "([23]).استعمال الشدة في الإنكار على المبتدعة لا يعني الولاء للكفارالأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللين والرفق كما قال الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وقال لموسى وهارون صلى الله عليهما وسلم: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، وقال النبي صلى الله عليه و سلم : ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع الرفق من شيء إلا شانه رواه مسلم.لكن إذا كان المنكر لا يغيَّر إلا بنوع من الخشونة فلا بأس باستعماله، ولو كان مع المسلمين، ألا ترى أن الله أباح القتال لذلك، وليس فوق القتال خشونة، فقال سبحانه: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ}. وقد يشتد المؤمن في إنكاره على أخيه أكثر منه مع عدوّه، ألم تر كيف لاَنَ موسى صلى الله عليه و سلممع فرعون، واشتد على أخيه هارون عليه السلام، حتى كان منه ما قصه الله تعالى بقوله: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ}، فهل لأحد أن يحتج عليه بالولاء والبراء، متهِما له بأنه يبسط لسانه ويده على أخيه ويلطف بالطواغيت؟!بل ربما كان النبي صلى الله عليه و سلميُعنِّف العلماء من أصحابه إذا أخطأوا أكثر من غيرهم، وخذ على سبيل المثال قوله لمعاذ حين أطال الصلاة بالناس: أفتّان أنت يا معاذ؟! متفق عليه، ويقابله تلطفه بالأعرابي الذي بال في المسجد كما في صحيح البخاري وغيره. وقال لأسامة بن زيد حين قَتل في المعركة مشركا بعد أن نطق بكلمة التوحيد :يا أسامة! أقتلته بعدما قال:لا إله إلا الله؟! قال أسامة: " فما زال يكررها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ". وقد استفاد أسامة من هذا التعنيف في النصح أيام الفتنة التي كانت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فأورثه توَرُّعا عن دماء المسلمين، قال الذهبي ـ رحمه الله ـ: " انتفع أسامة من يوم النبي صلى الله عليه و سلم، إذ يقول له : كيف بلا إله إلا الله يا أسامة؟! فكفَّ يده، ولزم بيته، فأحسن "([24]). قلت: الله أكبر! ما أعظم التربية النبوية! وما أحقر التربية الحزبية! التي مِن يوم أن حرَّمت أصل ( الرد على المخالف ) وأبناؤها لا يتورَّعون عن دماء المسلمين، اتَّخذوها هدرا باسم الجهاد، ولا تكاد تقوم فتنة إلا وهم وَقودها أو موقدوها، هذه نتيجة مداهنة بعضهم بعضا لوهْم الاشتغال بالكفار!! ولذلك قال ابن تيمية: " المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نَحمد معه ذلك التخشين "([25]). إذن فهذا اللين الذي تستعمله كثير من الجماعات الإسلامية مع أفراد أو جماعات من حمقى المتهوِّرين ـ الذين كثيرا ما يتسببون في استعداء الأعداء على المسلمين ـ ليس من الولاء في شيء؛ لأنه يزيدهم إغراقا في ضلالهم لعدم شعورهم بعظم الجناية.ثم إن الشدة المسلوكة مع المسلمين أحيانا، باعثها الغيرة عليهم من أن يُرَوا ملطخين بشيء من القاذورات، والسعي في تمتين الصف وسدّ خروقه حتى لا يُؤتى من قبله، فليُعلم. ولهذا قال العلامة عبد العزيز بن باز تحت عنوان: الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتّاب : "ولا شك أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالتحذير من الغلوّ في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها لم تهمل جانب الغلظة والشدّة في محلّها حيث لا ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن؛ كما قال سبحانه: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ} وقال تعالى: {وَلاَ تُجادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}الآية، أما إذا لم ينفع واستمرّ صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح، فإن الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حدّ أو تعزير أو تهديد أو توبيخ حتى يقف عند حدّه وينزجر عن باطله "([26]).مع أن الذي يظهر من مجاملات الأحزاب الإسلامية لأهل البدع والسكوت عن أخطائهم هو أنهم لما حصروا طريق عودة عزّ المسلمين في صندوق الانتخابات تذمّروا من النقد، لأنه ربما أتلف لهم الأصوات، وهكذا السيئة تتبعها أخوات. هذا ومن أجل أن الله فرض علينا قَدَراً وجود المخالف الذي يُحسب على الإسلام سلكنا طريق التصفية؛ لأن الله فرض علينا شَرْعاً الرد عليه، ومن أجل أن الله كتب الرفعة لأهل العلم والتعليم ـ
من مواضيعي
0 وفاة الشيخ الجليل و الأستاذ المربي محمد بن جميل زينو
0 الكويت تلاحق الشيعي المتطاول على أم المؤمنين عائشة دوليًّا و تسحب منه الجنسية
0 هل يصح أن يقال أن الطبيب اسم من أسماء الله ؟
0 سلسلة طاش ماطاش بين التسليه والاستهزاء بالدين(حلقات خبيثه تحت المجهر)
0 فديو لمدينة مستغانم العريقة .. و شواطئها الجميلة ..
0 نــــهر في أعماق البحار !! سبحان الله العظيم ....
0 الكويت تلاحق الشيعي المتطاول على أم المؤمنين عائشة دوليًّا و تسحب منه الجنسية
0 هل يصح أن يقال أن الطبيب اسم من أسماء الله ؟
0 سلسلة طاش ماطاش بين التسليه والاستهزاء بالدين(حلقات خبيثه تحت المجهر)
0 فديو لمدينة مستغانم العريقة .. و شواطئها الجميلة ..
0 نــــهر في أعماق البحار !! سبحان الله العظيم ....







