مقال حسين آيت أحمد حول مهزلة 09 أفريل
09-04-2009, 04:34 PM
2009/04/08
حسين آيت أحمد: انـتـخــاب ضـد التـغـيـيـر
مقال حسين آيت أحمد حول مهزلة 09 أفريل
يُستدعى الشعب الجزائري للتوجه إلى صناديق الاقتراع "لانتخاب" رئيس ضمِن لنفسه انتصارا بدون أي مخاطرة. إنها بداهة للأغلبية العظمى من الجزائريين ومن الملاحظين الأجانب، فنتيجة الانتخاب الرئاسي للتاسع أفريل القادم لا يشوبها شك. بوتفليقة والراعين له ضمنوا مسبقا انتصارا بدون مخاطرة وبدون مجازفة. بدون مخاطرة ديمقراطية، وبدون مخاطرة ترك الصندوق يظهر اسم المنتخب كما يتم ذلك في النظام الديمقراطي بعد حملة واقتراع وفرز شريف. أما المخاطر التي تواجهها البلاد وليس النظام وحده فهي: سقوط سياسي واقتصادي وأخلاقي ناتج عن اختيارات كارثية قامت بها مجموعة من الأوليغاركا العسكريةـ التجارية مصممة على سلب الشعب الجزائري حقوقه وخيراته؛ هذه المخاطر لايراها بوتفليقة ومن زكوه لقيادة البلاد. بل أخطر من ذلك لايكترثون لها.
ويشجع بوتفليقة والراعين له من العسكريين والمليارديرات على انتهاج هذا الطريق شركاؤهم الأجانب. فهؤلاء يجدون مصلحتهم في المتاجرة مع نظام حريص على إرضاء شبكات الأعمال المؤثرة على الساحة الدولية بدل تأدية واجباته تجاه شعبه.
إن التاريخ الحديث للجزائريين هو سلسلة متتالية من الكفاحات ضد مختلف أشكال السيطرة التي فرضت نفسها تحت الأوجه المتعاقبة للاستعمار والديكتاتورية السلطوية، والآن لاستبداد لا يبالي أكثر فأكثر بتغطية طبيعته. وبتكريس وسائل ضخمة لصالح بوتفليقة المتنكر في شكل "مترشح" وفي شكل "مستقل" ضمن معزوفة مؤداة مسبقا بأموال ومؤسسات الدولة المكرسة لشخص يمثل استمرارية النظام، نظام منبوذ من الجزائريين الذين يدفعون يوما بعد الآخر ثمن استمراره. يظهر ذلك جليا من خلال هذا الانتخاب عن طريق استدعاء فلكلوريات بذيئة كحماس شعبي وعبر تأطير إداري وبوليسي جدير بأسوأ جمهوريات الموز.
يظهر ذلك أيضا في الكرنفال التعددي المزعوم الذي يشكل واجهته والذي لايحيى إلا على الملايير المأخوذة من صناديق البلاد والموزعة على زبائن ذوي شراهة لا تُشبَع. ويجد المجتمع الجزائري، الموجود بين فكي الفقر والقمع، صعوبة في مقاومة الانهيار الأخلاقي. فنظرة بسيطة على الخمسين سنة الأخيرة تبرز الآلام التي عاناها والتضحيات التي قدمها شعب لم يجد صبرَه حكمةً عند مضطهِديه.
من السهل، في هذه الأيام القاتمة لأجزاء كاملة من البشرية التي تواجه شراسة المفترسين الاقتصاديين والسياسيين والعسكريين، أن تلام الشعوب على طول عمر الأنظمة التي تضطهدها. فلنذكر إذا بمثل الجزائر المعاصرة لنرى بأي ثمن يبقى المفترسون على رأس الأمم وأين يمكنهم أن يزجون بها: 200 ألف قتيل، آلاف المفقودين، ملايين من النازحين ومليارات الدولارات المستثمرة في "ماكياج" جريمة من أجل تحويلها إلى مأساة.
إنها حصيلة عشرية التسعينيات فقط وحربها القذرة التي أتى بوتفليقة لتزويقها في شكل سلم قذر منذ 1999 . كما أوكلت لبوتفليقة مهمة تزيين الفشل السياسي والأخلاقي ك"أقل ضرر" بترديد مقولة أن السلم عاد، في حين أن الفظاعة التي تقلصت في ميدان الحرب دون أن تندثر تحولت إلى إجرام في كل الاتجاهات وإلى عنف اقتصادي.
هذا لايجب أن يقلل من مسؤولياتنا كجزائريين بكل الاتجاهات والذين يملكون حرصا مشتركا على البحث عن الديمقراطية والعدالة، ولايعفينا من القيام بتقييم وتحمل نصيبنا من المسؤولية في الاستمرار الطويل لكل مسلسلات السيطرة هذه.
وعشية هذا الاغتصاب الجديد لحق الجزائريين في تقرير المصير، هذا الاغتصاب الجديد لوعود الاستقلال ، وهذه الأكذوبة الجديدة المتمثلة في انتخابات رئاسية تهدف إلى استمرارية نظام النهب من المفيد التذكير بأن النظام العالمي الذي سمح لنظام أوليغاركي فاسد أن يجد تحالفات مفيدة لاستمراره هو بصدد التغيير اليوم تحت ضغط مجتمعات أصبحت ترفض الأكاذيب والعجرفة والتي حملها وكرّسها هذا النظام على حساب كل ماتوصلت إليه الإنسانية من تقدم.
فلنكف إذا عن النظر إلى الجزائريين (وإلى كل شعوب الفضاء الإسلامي) بالمنظار الأعوج لمكافحة الإرهاب أو "الخطر الإسلامي". في حين أن أي مكان تداس فيه الحقوق وتهان الكرامة وتحول الحياة إلى مجرد بقاء شبه نباتي فعلى شعوب المعمورة كلها الحق والواجب في مقاومة مضطهديها.
برغم ديكورات "بوتمكين" الذي تفنن فيها هذا النظام الذي لايخشى جريمة الدولة ولااغتصاب كل القوانين التي يصدرها بنفسه، وبالرغم من استمرار الاختلافات الحادة على مستوى النخبة الجزائرية حول السبل والوسائل للانتهاء من هذا الاحتضار الذي لايطاق فهناك أصوات تتكاثر كل يوم وهي أكثر دقة وأكثر صرامة وتلتحق بالمسيرة الطويلة للاحتجاج الجزائري حتى تجعله يسلك طرق التغيير الديمقراطي والسلمي.
هذا الانتصار الجد صعب ضد التقوقع والانغلاق الإيديولوجي والتضليل من طرف مختلف عصب السلطة، هذا الانتصار الذي يمكن أن يتمثل في بناء ديمقراطي حقيقي، فهم الجزائريون أنه عليهم أن يحققوه على أنفسهم . وهذا لايمكن للسلطة أن تغيره. لقد تم قطع شوط في طريق النضج السياسي سواء على مستوى النخبة أو المجتمع.
فحب الوطن الآن لايترادف مع الخضوع لنظام بل مع التغيير. تغيير يطلبه المجتمع بكل قواه والذي يجب أن تصب نحوه كل طاقاتنا.
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة







