خطة بوش السرية إتجاه العراق -الجزء الثاني-
01-02-2007, 03:29 PM
ورغم ان العراق اتسم بالتسامح الديني منذ الاف السنين ، نتيجة ظهور اغلب الديانات وتعايشها وتفاعلها فيه ، فان الدعوة الصفوية كانت استفزازية وعدائية لانها تطعن في صحة اسلام المسلمين الاخرين وتعمل سرا وعلنا على تغيير التركيبة الطائفية في العالم الاسلامي ، وهي في هذا النهج تشبه الحركة الصهيونية من حيث النزعة التوسعية على حساب الغير . كما ان الحركة الوطنية العراقية كانت قوية نتيجة تبلور الوعي القومي الجديد كرد فعل على سياسة التتريك التي اتبعتها السلطنة العثمانية ، وقد اثرت هذه القوة مباشرة على محاولات بريطانيا وايران احداث فتن طائفية ، وكانت ثورة العشرين في العراق رد وطني عراقي وقومي عربي على سياسة الاستعمار البريطاني من جهة وعلى سياسة التحريض الطائفي الايرانية من جهة ثانية ، فقام العراقيون كلهم ، مستندين لوحدة وطنية عظيمة ، سنة وشيعة وعرب واكراد وتركمان وغيرهم ، ضد بريطانيا بانتفاضة شعبية رائعة خلدها التاريخ الوطني العراقي .

في تلك الفترة ، ورغم تظاهر بريطانيا وفرنسا بدعم النضال القومي العربي ضد العثمانيين ، فان صدور وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو قد اكد للعرب بان الغرب معاد لهم ، مما دفع الحركة القومية العربية لتأسيس هويتها الفكرية الجديدة على تمازج عضوي بين العروبة والاسلام ، ورفض أي اتجاه تقسيمي داخل الامة باسم الطائفة او غيرها . ولم تكن ثورة العشرين وحدها الرد القومي والوطني في العراق على محاولات تفتيت العراقيين ، بل رد الاستعمار البريطاني والمانيا النازية وقتها ، كما ردت ايران فيما بعد على النهضة القومية العربية في العراق وخارجه ، بتأسيس احزاب على اسس طائفية . لقد ظهرت احزاب سنية طائفيا واحزاب شيعية طائفيا ، مع ان الجو العام كان يتسم بغلبة الثقافة الوطنية والقومية والافكار الشيوعية ! لقد ردت القوى الغربية وايران على نهضة الامة وروحها الوطنية والقومية بتأسيس احزاب تشق الوحدة الوطنية في تركيبها البشري وتحرض على الفتن الطائفية ، وكان واضحا ان المطلوب هو اضعاف العراق وابقاءه ساحة نفوذ اجنبي غربي وايراني .

في ضوء هذه اللمحة التاريخية علينا ان نتذكر ما يلي :

1 – ان الحركة الصفوية في ايران عمرها وعداءها للعرب اقدم من عمر وعداء اسرائيل وامريكا ، لان الاخيرتين لم تكونا قد قامتا بعد حينما بدأ اسماعيل الصفوي حركته التبشيرية في العالم الاسلامي ضد العرب والعروبة . علما ان التأمر الفارسي بعد الاسلام بدأ مباشرا بعد انخراط الفرس فيه .

2 – ان الاحزاب القائمة على اساس طائفي منذ ثلاثينيات القرن العشرين وما بعد ذلك الوقت ما هي موضوعيا الا حصان طروادة انتجته الضرورات الغربية الاستعمارية لخدمة هدفها الخطير المجسد بالمثل القائل (فرق تسد ) لشق المسلمين طائفيا ، من جهة وللتصدي للاحزاب الوطنية المناهضة للغرب ومحاربتها باسم الدين من جهة ثانية .

3 – ان الاحزاب ذات البناء الطائفي ، ومهما كانت النوايا طيبة وحسنة ، تقود تلقائيا وجبريا الى الفتن الطائفية ، خصوصا عند وصولها للسلطة او اقترابها منها ، لانها تواجه سؤالا جوهريا لا يمكنها التهرب منه وهو : أي شريعة وفقه سيعتمد في الدولة في ظل وجود مذاهب كثيرة لا يمكن التوفيق بينها لان بعضها اصطنع اصلا لتقسيم الامة ؟ وهذه الحقيقة العيانية اكدتها كل تجارب وصول احزاب دينية طائفية للسلطة في العصر الحديث خصوصا في ايران تحت ظل الملا لي وفي العراق المحتل ، والتي اتسمت بالتعصب الطائفي وتغليبه على الانتماء الوطني وهو مدخل تقسيم الامة وتشويه صورة الاسلام .