التّـــــواضع
25-12-2009, 03:29 PM

يُحكى أنّ ضيفًا نزل يومًا على الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأثناء جلوسهما انطفأ المصباح، فقام الخليفة عمر بنفسه فأصلحه، فقال له الضّيف: " يا أمير المؤمنين، لِمَ لَمْ تأمرني بذلك، أو دعوت من يصلحه من الخدم؟ " ، فقال الخليفة له : " قمتُ وأنا عمر، ورجعتُ وأنا عمر ما نقص منّي شيء، وخير النّاس عند الله من كان متواضعًا ".
* يُحكى أنّ أبا بكر الصّديق -رضي الله عنه - كان يحلب الغنم لبعض فتيات المدينة، فلمّا تولّى الخلافة قالت الفتيات: لقد أصبح الآن خليفة، ولن يحلب لنا، لكنّه استمرّ على مساعدته لهنّ، ولم يتغيّر بسبب منصبه الجديد.
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يذهب إلى كوخ امرأة عجوز فقيرة، فيكنس لها كوخها، وينظّفه، ويعدّ لها طعامها، ويقضي حاجتها.
وقد خرج -رضي الله عنه- يودّع جيش المسلمين الّذي سيحارب الرّوم بقيادة أسامة بن زيد -رضي الله عنه - وكان أسامة راكبًا، والخليفة أبو بكر يمشي، فقال له أسامة: " يا خليفة رسول الله، لَتَرْكَبَنَّ أو لأنزلنَّ " ، فقال أبو بكر: " والله لا أركبنّ ولا تنزلنّ، وما عليّ أن أُغَبِّرَ قدمي ساعة في سبيل الله " .
* وقد حمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الدّقيق على ظهره، وذهب به إلى بيت امرأة لا تجد طعامًا لأطفالها اليتامى، وأشعل النّار،وظلّ ينفخ حتى نضج الطعام، ولم ينصرف حتّى أكل الأطفال وشبعوا.
* ويُحكى أنّ رجلا من بلاد الفرس جاء برسالة من كسرى ملك الفرس إلى الخليفة عمر، وحينما دخل المدينة سأل عن قصر الخليفة، فأخبروه بأنّه ليس له قصر فتعجّب الرّجل من ذلك، وخرج معه أحد المسلمين ليرشده إلى مكانه. وبينما هما يبحثان عنه في ضواحي المدينة، وجدا رجلا نائمًا تحت شجرة، فقال المسلم لرسول كسرى: " هذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " . فازداد تعجبّ الرّجل من خليفة المسلمين الذي خضعت له ملوك الفرس والرّوم، ثمّ قال الرّجل: " حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ يا عمر " .
* جلست قريش تتفاخر يومًا في حضور سلمان الفارسي، وكان أميرًا على المدائن، فأخذ كلّ رجل منهم يذكر ما عنده من أموال أو حسب أو نسب أو جاه، فقال لهم سلمان: " أما أنا فأوَّلي نطفة قذرة، ثم أصير جيفة منتَنة، ثم آتي الميزان، فإن ثَقُل فأنا كريم، وإن خَفَّ فأنا لئيم " .
* ما هو التّواضع؟التّواضع هو عدم التّعالي والتّكبّر على أحد من النّاس، بل على المسلم أن يحترم الجميع مهما كانوا فقراء أو ضعفاء أو أقلّ منزلة منه. وقد أمرنا الله -تعالى- بالتّواضع، فقال: ((واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين)) [الشّعراء: 215]، أي تواضع للنّاس جميعًا. وقال تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين)) [القصص: 83].
وسُئل الفضيل بن عياض عن التّواضع، فقال:" أن تخضع للحق وتنقاد إليه، ولو سمعته من صبيّ قبلتَه، ولو سمعتَه من أجهل النّاس قبلته " .وقد قال أبو بكر -رضي الله عنه-: " لا يحْقِرَنَّ أحدٌ أحدًا من المسلمين، فإنّ صغير المسلمين عند الله كبير ".
وكما قيل: " تاج المروءة التواضع " .
تواضع الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ :خيّر الله -سبحانه- نبيّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بين أن يكون عبدًا رسولا، أو ملكًا رسولا، فاختار النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يكون عبدًا رسولا؛ تواضعًا لله -عزّ وجلّ-.والتّواضع من أبرز أخلاق الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، والنّماذج الّتي تدلّ على تواضعه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كثيرة، منها: أنّ السّيّدة عائشة -رضي الله عنها- سُئِلَتْ: (( ما كان النّبي يصنع في أهله؟ فقالت: كان في مهنة أهله (يساعدهم)، فإذا حضرت الصّلاة قام إلى الصّلاة )). [البخاري].وكان يحلب الشّاة، ويخيط النّعل، ويُرَقِّّع الثّوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشّيء من السّوق بنفسه، ويحمله بيديه، ويبدأ من يقابله بالسّلام ويصافحه، ولا يفرّق في ذلك بين صغير وكبير أو أسود وأحمر أو حرّ وعبد، وكان ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لا يتميّز على أصحابه، بل يشاركهم العمل ما قلّ منه وما كثر.وعندما فتح النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مكّة، دخلها ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خافضًا رأسه تواضعًا لله ربّ العالمين، حتّى إنّ رأسه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كادت أن تمسّ ظهر ناقته. ثم عفا ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عن أهل مكّة وسامحهم وقال لهم: ((اذهبوا فأنتم الطّلقاء)) [سيرة ابن هشام].
أنواع التّواضع:
والتّواضع يكون مع الله ومع رسوله ومع الخلق أجمعين؛ فالمسلم يتواضع مع الله بأن يتقبّل دينه، ويخضع له سبحانه، ولا يجادل ولا يعترض على أوامر الله برأيه أو هواه، ويتواضع مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بأن يتمسّك بسنّته وهديه، فيقتدي به في أدب وطاعة، ودون مخالفة لأوامره ونواهيه.والمسلم يتواضع مع الخلق بألاّ يتكبّر عليهم، وأن يعرف حقوقهم، ويؤدّيها إليهم مهما كانت درجتهم، وأن يعود إلى الحق ويرضى به مهما كان مصدره.
فضل التّواضع:
التّواضع صفة محمودة تدلّ على طهارة النّفس، وتدعو إلى المودّة والمحبّة والمساواة بين النّاس، وينشر التّرابط بينهم، ويمحو الحسد والبغض والكراهية من قلوب النّاس، وفوق هذا كلّه فإنّ التّواضع يؤدّي إلى رضا المولى -سبحانه-.قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((ما نقُصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلاّ عزًّا، وما تواضع أحد لله إلاّ رفعه الله)) [مسلم]، وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((مَنْ تواضع لله رفعه الله)) [أبو نعيم]. وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((إنّ الله تعالى أوحى إليّ أن تواضعوا حتّى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)) [مسلم].
وقال الشّاعر: إذا شــِئْتَ أن تَـزْدَادَ قَـدْرًا ورِفْـــعَــةً* فَلِنْ وتواضعْ واتْرُكِ الْكِبْـرَ والْعُجْـــبَا
التّكبّر:
لا يجوز لإنسان أن يتكبّر أبدًا؛ لأنّ الكبرياء لله وحده، وقد قال النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الحديث القدسي: ((قال الله -عزّ وجلّ-: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النّار)) [مسلم وأبو داود والتّرمذي].فالإنسان المتكبّر يشعر بأنّ منزلته ومكانته أعلى من منزلة غيره؛ ممّا يجعل النّاس يكرهونه ويبغضونه وينصرفون عنه، كما أنّ الكبر يُكسب صاحبه كثيرًا من الرّذائل، فلا يُصْغِي لنُصح، ولا يقبل رأيا، ويصير من المنبوذين.قال الله -تعالى-: ((ولا تصعّر خدّك للنّاس ولا تمش في الأرض مرحًا إنّ الله لا يحبّ كلّ مختال فخور)) [لقمان: 18]، وتوعّد الله المتكبّرين بالعذاب الشديد، فقال: ((سأصرف عن آياتي الّذين يتكبّرون في الأرض بغير حق)) [الأعراف: 146]، وقال تعالى: (( كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبّر جبّار)) [غافر: 35].والله -تعالى- يبغض المتكبّرين ولا يحبّهم، ويجعل النّار مثواهم وجزاءهم، يقول تعالى: ((إنّ الله لا يحبّ المستكبرين )) [النحل: 23] ويقول تعالى: (( أليس في جهنّم مثوى للمتكبّرين )) [الزّمر: 60].
جزاء المتكبّر:
حذَّرنا النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من الكبر، وأمرنا بالابتعاد عنه؛ حتّى لا نُحْرَمَ من الجنّة فقال: ((بينما رجل يمشي في حُلَّة (ثوب) تعجبه نفسه، مُرَجِّل جُمَّتَه (صفف شعر رأسه ودهنه)، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)) [متفق عليه].و قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((يُحْشَرُ المتكبّرون يـوم القيامة أمثـال الذَّرِّ (النّمل الصّغير) في صور الرّجال، يغشاهم الذّل من كلّ مكان، فيُساقون إلى سجن في جهنّم يسمّى بُولُس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقَون عصارة أهل النّار طِينَةَ الخبال)) [الترمذي]، وقال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((حقّ على الله أن لا يرتفع شيء من الدّنيا إلاّ وضعه)) [البخاري].
فليحرص كلّ منّا أن يكون متواضعًا في معاملته للنّاس، ولا يتكبّر على أحد مهما بلـغ منـصبه أو مالـه أو جاهه؛ فإنّ التّواضع من أخلاق الكرام، والكبر من أخلاق اللّئام، يقول الشّاعر:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ* على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ
ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ * على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ
منقول مع بعض التّصرّف
اللّهمّ إجعلنا من المتواضعين
* يُحكى أنّ أبا بكر الصّديق -رضي الله عنه - كان يحلب الغنم لبعض فتيات المدينة، فلمّا تولّى الخلافة قالت الفتيات: لقد أصبح الآن خليفة، ولن يحلب لنا، لكنّه استمرّ على مساعدته لهنّ، ولم يتغيّر بسبب منصبه الجديد.
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يذهب إلى كوخ امرأة عجوز فقيرة، فيكنس لها كوخها، وينظّفه، ويعدّ لها طعامها، ويقضي حاجتها.
وقد خرج -رضي الله عنه- يودّع جيش المسلمين الّذي سيحارب الرّوم بقيادة أسامة بن زيد -رضي الله عنه - وكان أسامة راكبًا، والخليفة أبو بكر يمشي، فقال له أسامة: " يا خليفة رسول الله، لَتَرْكَبَنَّ أو لأنزلنَّ " ، فقال أبو بكر: " والله لا أركبنّ ولا تنزلنّ، وما عليّ أن أُغَبِّرَ قدمي ساعة في سبيل الله " .
* وقد حمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الدّقيق على ظهره، وذهب به إلى بيت امرأة لا تجد طعامًا لأطفالها اليتامى، وأشعل النّار،وظلّ ينفخ حتى نضج الطعام، ولم ينصرف حتّى أكل الأطفال وشبعوا.
* ويُحكى أنّ رجلا من بلاد الفرس جاء برسالة من كسرى ملك الفرس إلى الخليفة عمر، وحينما دخل المدينة سأل عن قصر الخليفة، فأخبروه بأنّه ليس له قصر فتعجّب الرّجل من ذلك، وخرج معه أحد المسلمين ليرشده إلى مكانه. وبينما هما يبحثان عنه في ضواحي المدينة، وجدا رجلا نائمًا تحت شجرة، فقال المسلم لرسول كسرى: " هذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " . فازداد تعجبّ الرّجل من خليفة المسلمين الذي خضعت له ملوك الفرس والرّوم، ثمّ قال الرّجل: " حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ يا عمر " .
* جلست قريش تتفاخر يومًا في حضور سلمان الفارسي، وكان أميرًا على المدائن، فأخذ كلّ رجل منهم يذكر ما عنده من أموال أو حسب أو نسب أو جاه، فقال لهم سلمان: " أما أنا فأوَّلي نطفة قذرة، ثم أصير جيفة منتَنة، ثم آتي الميزان، فإن ثَقُل فأنا كريم، وإن خَفَّ فأنا لئيم " .
* ما هو التّواضع؟التّواضع هو عدم التّعالي والتّكبّر على أحد من النّاس، بل على المسلم أن يحترم الجميع مهما كانوا فقراء أو ضعفاء أو أقلّ منزلة منه. وقد أمرنا الله -تعالى- بالتّواضع، فقال: ((واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين)) [الشّعراء: 215]، أي تواضع للنّاس جميعًا. وقال تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين)) [القصص: 83].
وسُئل الفضيل بن عياض عن التّواضع، فقال:" أن تخضع للحق وتنقاد إليه، ولو سمعته من صبيّ قبلتَه، ولو سمعتَه من أجهل النّاس قبلته " .وقد قال أبو بكر -رضي الله عنه-: " لا يحْقِرَنَّ أحدٌ أحدًا من المسلمين، فإنّ صغير المسلمين عند الله كبير ".
وكما قيل: " تاج المروءة التواضع " .
تواضع الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ :خيّر الله -سبحانه- نبيّه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بين أن يكون عبدًا رسولا، أو ملكًا رسولا، فاختار النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أن يكون عبدًا رسولا؛ تواضعًا لله -عزّ وجلّ-.والتّواضع من أبرز أخلاق الرّسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، والنّماذج الّتي تدلّ على تواضعه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كثيرة، منها: أنّ السّيّدة عائشة -رضي الله عنها- سُئِلَتْ: (( ما كان النّبي يصنع في أهله؟ فقالت: كان في مهنة أهله (يساعدهم)، فإذا حضرت الصّلاة قام إلى الصّلاة )). [البخاري].وكان يحلب الشّاة، ويخيط النّعل، ويُرَقِّّع الثّوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشّيء من السّوق بنفسه، ويحمله بيديه، ويبدأ من يقابله بالسّلام ويصافحه، ولا يفرّق في ذلك بين صغير وكبير أو أسود وأحمر أو حرّ وعبد، وكان ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لا يتميّز على أصحابه، بل يشاركهم العمل ما قلّ منه وما كثر.وعندما فتح النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مكّة، دخلها ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خافضًا رأسه تواضعًا لله ربّ العالمين، حتّى إنّ رأسه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كادت أن تمسّ ظهر ناقته. ثم عفا ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عن أهل مكّة وسامحهم وقال لهم: ((اذهبوا فأنتم الطّلقاء)) [سيرة ابن هشام].
أنواع التّواضع:
والتّواضع يكون مع الله ومع رسوله ومع الخلق أجمعين؛ فالمسلم يتواضع مع الله بأن يتقبّل دينه، ويخضع له سبحانه، ولا يجادل ولا يعترض على أوامر الله برأيه أو هواه، ويتواضع مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بأن يتمسّك بسنّته وهديه، فيقتدي به في أدب وطاعة، ودون مخالفة لأوامره ونواهيه.والمسلم يتواضع مع الخلق بألاّ يتكبّر عليهم، وأن يعرف حقوقهم، ويؤدّيها إليهم مهما كانت درجتهم، وأن يعود إلى الحق ويرضى به مهما كان مصدره.
فضل التّواضع:
التّواضع صفة محمودة تدلّ على طهارة النّفس، وتدعو إلى المودّة والمحبّة والمساواة بين النّاس، وينشر التّرابط بينهم، ويمحو الحسد والبغض والكراهية من قلوب النّاس، وفوق هذا كلّه فإنّ التّواضع يؤدّي إلى رضا المولى -سبحانه-.قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((ما نقُصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلاّ عزًّا، وما تواضع أحد لله إلاّ رفعه الله)) [مسلم]، وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((مَنْ تواضع لله رفعه الله)) [أبو نعيم]. وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((إنّ الله تعالى أوحى إليّ أن تواضعوا حتّى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)) [مسلم].
وقال الشّاعر: إذا شــِئْتَ أن تَـزْدَادَ قَـدْرًا ورِفْـــعَــةً* فَلِنْ وتواضعْ واتْرُكِ الْكِبْـرَ والْعُجْـــبَا
التّكبّر:
لا يجوز لإنسان أن يتكبّر أبدًا؛ لأنّ الكبرياء لله وحده، وقد قال النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الحديث القدسي: ((قال الله -عزّ وجلّ-: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النّار)) [مسلم وأبو داود والتّرمذي].فالإنسان المتكبّر يشعر بأنّ منزلته ومكانته أعلى من منزلة غيره؛ ممّا يجعل النّاس يكرهونه ويبغضونه وينصرفون عنه، كما أنّ الكبر يُكسب صاحبه كثيرًا من الرّذائل، فلا يُصْغِي لنُصح، ولا يقبل رأيا، ويصير من المنبوذين.قال الله -تعالى-: ((ولا تصعّر خدّك للنّاس ولا تمش في الأرض مرحًا إنّ الله لا يحبّ كلّ مختال فخور)) [لقمان: 18]، وتوعّد الله المتكبّرين بالعذاب الشديد، فقال: ((سأصرف عن آياتي الّذين يتكبّرون في الأرض بغير حق)) [الأعراف: 146]، وقال تعالى: (( كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبّر جبّار)) [غافر: 35].والله -تعالى- يبغض المتكبّرين ولا يحبّهم، ويجعل النّار مثواهم وجزاءهم، يقول تعالى: ((إنّ الله لا يحبّ المستكبرين )) [النحل: 23] ويقول تعالى: (( أليس في جهنّم مثوى للمتكبّرين )) [الزّمر: 60].
جزاء المتكبّر:
حذَّرنا النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من الكبر، وأمرنا بالابتعاد عنه؛ حتّى لا نُحْرَمَ من الجنّة فقال: ((بينما رجل يمشي في حُلَّة (ثوب) تعجبه نفسه، مُرَجِّل جُمَّتَه (صفف شعر رأسه ودهنه)، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)) [متفق عليه].و قال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((يُحْشَرُ المتكبّرون يـوم القيامة أمثـال الذَّرِّ (النّمل الصّغير) في صور الرّجال، يغشاهم الذّل من كلّ مكان، فيُساقون إلى سجن في جهنّم يسمّى بُولُس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقَون عصارة أهل النّار طِينَةَ الخبال)) [الترمذي]، وقال ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((حقّ على الله أن لا يرتفع شيء من الدّنيا إلاّ وضعه)) [البخاري].
فليحرص كلّ منّا أن يكون متواضعًا في معاملته للنّاس، ولا يتكبّر على أحد مهما بلـغ منـصبه أو مالـه أو جاهه؛ فإنّ التّواضع من أخلاق الكرام، والكبر من أخلاق اللّئام، يقول الشّاعر:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ* على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ
ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ * على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ
منقول مع بعض التّصرّف
اللّهمّ إجعلنا من المتواضعين













