" زوجتــي الخشيبـــــة ... " ... القاصّ سعدي صبّاح ...
01-10-2007, 03:53 AM
" زوجتــي الخشيبـــــة ... " القاصّ : سعـدي صبّــاح ... [email protected]
كان قدري مع امرأة ساجية كالبحر ، قاضبة كـأمواجه ،تلاشت معهـا أحلامي واندثرت كقطرات ندى بزهرة ذابلة ، هي كئيبة غارقة في حزنهـا على الدوام، عازفة عن الضحك... الضحك الذي من خلاله قد يكون الحب ممكنا ، أراهـا دومـاً عبوسة أنبأ بها الزمان ، منذ ليلتها الخالية من النجوم وأنـا أرتشف نبيذ عجرفتهـا صابراً ... أبيت على الصبر والتجلد، وذلك من شمائلي ، أحاول من فينة إلى أخرى أن أسموا بهـا ولا أنزل إلى الحضيض ... أجعل منهـا فراشـة متيّمة بزهور الربيع لكن مثابرتي معهـا ككل مرة تبوء بالفشل ! ،منذ أن حلّت بهذا العرين لم تقم بإشعال شمعـة تحسب لهـا ! ، صبري على خمولهـا ليس جبنـاً وإنمـا للمرأة فيهـا من حيث الحب والحنان .. عانيت معهـا ويلات السجان .. لا حبيب يصنع النجوى ... أحيانــاً أشك في نفسي بأنني أبلـه وأجهل ما تريده زوجتي الخشيبة .. وقد عثرت ببساطة عمّا يبذله رجل .. رعاية .. حمايـة .. ونفقــة .. فلماذا لا تحمده سرّاً وعلانيـة ، فأنا ببلادة لا أكلّفهـا أكثر من ضحكـة .. اللحظـة بدأ الكلل يجعلني أعيش حياة الثكنـة ومنهـا فترة التدريب العسكري الذي يحظر فيــه الضحك ! ...
على قناعـة أنـا بأنهـا نصيبي هذه الخشيبة المبهمـة التي أنوي أن أعيش معهـا على الرحمـة والمحبة الوئام ... لكن ليالي معها كانت قاتمـة ... قطار أيامي يمشي ببطء ... جمّت هواجسي وبدأت تساورني وساوس لم أعهدها من قبل وتعزف لي لحن الندم ! الحياة معهـا أمست خريفا ... الهرّ الأبيض توارى عن دارنا وأضحت لرحيله الغرفة الزاهية وكراً للفئران ! .. بمرارة معهـا كانت الحياة فلاة جرداء هجرتهـا العصافير ، أعلنت أزهار حديقتي رحيلهــا نحو التلاشي ! ... بيتنا العتيق غصّ بالعناكب والصراصير ! بعد أن كانت تغني على شجيراته العصافير ، وهذا كله يهون في سبيل الخشيبة ... ولا أترجاها إلا عن الضحك ... ولا أطلب أكثر من ابتسامـة توحّد قلبين حد التوازي ... خشيبتي طليقة اغفر لهـا كلّ الزلات ولكن في حدود ... أنا لا أغفر لها لو تجولت مع زميلها بين أشجار المدرســة ... ولا أغفر لها لو نظرت لغيري ... كما أنني لا أخدش شعورهـا ولا أنظر لامرأة سواهـــا ... لأنهـــا تنقلب إلى ذئبـة شرسـة لو تشعـر أنني أحطّ عيناي على غيرهـا ! ... عذرها في الوريد .. لأنها لم تتعمد ملامح الشتاء ولم تشح بضحكتهـا التي أتمناهـا كما تتمنّ الأرض العطشى قطرات المطر ... أحب لنفسي ولهــا حياة زاهرة تسودها المحبة والعيش الرغيد ... ولمازوشية حوّاء في خشيبتي اغفر لهـا لأبعد الحدود ... والراجح أنها تريد أن تظهر الأبّاهـة إزاء بعلهــا ... لكن لخشيبيتها أبت على هذه الطبيعة الهمجية ، كآبتهـا السرمدية توسوس لهـا بأن ترفض المزاح بالمرّة ... عندمـا أمنّ عليهـا بطرفة أو بنكتــة تهزّ رأسهــا وتمشي وإذا أطرقت على الباب تأتيني مكشرة كنمرة مسعورة ! ثم لا تلبث أن تضمحل بين كومة الأوراق والمراجع القديمة بحجة التحضير لمذكرات الغد ، ... زوجتي الخشيبـة شغوفـة بالحديث عن الراتب والزيادة في الأجور ... عبارتهـا الشهيرة التي ترددهـا كالأسطوانـة ( كثرة الضحك تميت القلب ) ، عندما أحاول الحديث عن الثقافة والأدب تتذكر الطنجرة ! .. تغسلهـا في غير الأوان ! ... الناس تضحك وأنـا حزين ... كل النساء يتقنّ معنى السرير وأنـا مع الخشيبـة أعيش الزمهرير إلى أجل غير مسمى ! كم يؤلمني وأنـا أصغي إلى جارتي ربيحة وهي تضحك لزوجهـا مع كل إشراقة ليدخل الأمل ! ، لكنني أبرّئ خشيبتي أو أنهــا بريئـة من نفسهـا فما عساهـا أن تفعل فشيمتهـا ولدت معهـا، لذا أجدني أردد قولي هذا : ربّي احفظني من ظلمي لهـا ، ..من أجلهـا ذهبت عمري حسرة ... لا تتعطر ولا تتجمل خشيبتي وتفضل ارتداء الأسمال البالية داخل البيت ، لو بشت لي خشيبتي مرة لعادت عصافيري إلى أوكارهـا لكن لم تفعـل ولا أدري لماذا ؟ .. كان قدري من بين الأتراب مع كتلة محفوفة بالمكاره قدرها أن تبني وياي وكنة وتنجب براعم تملأ البيت مرحا ... وتصبح الخشيبة بخيرهـا وشرهـا والدة لصغاري ... خشيبتي ترفض أن تظهر ذوائبهـا ... أحيانا أخشى أن ينعدم في خشيبتي الشق الوجداني وتصبح خشيبتي حقـاً خشيبـة ... عندمـا أعود من العمل بهيكلي المتعب معجا بمتاعب الورى ، تعود خشيبتي بالخشيبات وهرج الصبيان ... نجلس سويا جنب الحديقة نرتشف قهوة المساء مرّة بالحديث عن المدفأة والممسحة الضائعـة والتي سرقت من طرف زميلتهـا التي تدعـى المنجرة لكونها تبري لحم البشر بلسانهـا ... ككل مرّة أحاول الانعطاف بهـا عن حياة المدرسة ... أجاملهـا في اختيار بردتها .. لكنها أبداً لن تضحك ... وستظلّ غارقـة في أوحال اللوحـة والطبشور ، تحيرني حين أجدها دامنـة على التلفاز معجبة بمسلسل الضحك حتى البكاء لبطله القدير دريد اللحام لكنها لا تضحك ولا يمكنها أن تضحك عندما أشير لها على الفراش تجعل منهـا قصة قصيرة ! لا أدري لماذا تضخم الأشياء ؟ ... بكل مرارة فشلت في أن أجعلهـا رخوة .. مرحـة .. مواء الهر يضحكهــا .. هكذا أودّ خشيبتي أن تكون ، ... عندما تهيج هائجتهـا تنصاع مكرهـة كهرة وابلة ... ترتمي بجنون ، جليدهــا معهـــا ... أداعبهـا لسحق الجليد الجاثم على كلّ جارحـة من جوارحهـا ... لكنهـا ستظلّ باردة جثـة نأت عن الحياة ... وبموت الدودة ترحل عصافير جنونهـا ... وبعد رحيلهـا أمنحهــا زوجتي الخشيبة ملحـة ساخرة .. فتعطيني ظهرهـا ... شخيرهـا يروع الصادي والغادي ... أتمنّ جنبهـا أن أنقلب إلى مقصّ مدرسي بل خنجر ... أبقرهـا كناقة جرباء بركت جنب الغدير ... خشيبتي حين أقصّر في حقهـا على السرير لا تنزعج ولا تغضب ، .. هكذا كانت أيامي مع الخشيبة تمرّ ثقيلة إلى أن جاء المساء الذي تذكرت بكنفه زمن الانعتاق ... يوم كنت طليقا طلاقة الشحرور بين البيادر فامتطيت هيكلي المتعب في اتجاه زوجتي الخشيبة في مقر عملهـا نيتي أخذ المفاتيح لارتداء بدلتي السوداء التي اقتنيتهـا بالدين يوم اقتراني بالخشيبة ، وبسرعـة البرق وجدت نفسي أباغت الحارس في غفلتـه مع ري الشجيرات ، ودون أن يماشيني دلفت بمفردي إلى الحجرة ، فلم أجد إلا البراعم تتراشق بما جادت بــه خشيبتي من بقايا الطبشور ! نظرت باتجاه المكتب ثم إلى الوراء فلم أرى للخشيبة مكانا ! فاتجهت بخطى وئيدة وعلى نيتـي إلى القاعـة الكبيرة ، فلاحت لي امرأة دون مئزر تقهقه بين الرجال ! تأملتهــا مليـا تأملتني فإذا هي زوجي الخشيبة ! لم أصدق في البداية لكنني أمسكت على فراشـة تعاستي ، دنوت تحذوني الأنفـة والثقة بالنفس .. غمغمت بكلمات متلعثمـة فأخرستهـا فارتعدت فرائسها بين كوكبة مفعمة بالأوردة الخالية ، ابتسمت بسخرية عربون غضب واستياء ، المرأة التي تبرز شعرهـا الفاحم وتقهقه بينهم هي زوجتي الخشيبة باليقين ! أمـا هم فإنهم يضحكون ضحكات صفراء مزورة .. عيونهم تسكب شرارتهـا على كل شق من جسد امرأة تطرق باب الخطيئة ... تمنح شمعتهــا لتزرع أشعتهـا بين غرباء جمعتها بهم مهنة التبجيل .. في حالة غضب شديد أراهـا فريسـة لزمرة من هؤلاء ! بخجل وارتياع أقلعت عن الضحك ! كلّمتها بغطرسـة : رجاء واصلي الضحك .. قلتهـا وأنـا أقتحم طغمـة السادة .. جثمت الخشيبة مهزومـة وغصة الرذيلة تصعد إلى حلقهـا وأجهشت بالبكاء ... حلّت أشباح المكائد تلوث ألوان القاعـة البكمـاء ... حصحص الحقّ وواصلتُ كلامي معهـا أذكّرهـا بجملتهـا التي كانت تحفظهـا عن ظهر قلب : " كثرة الضحك تميت القلب " .. وطلبت منها أن تواصل الضحك وتفضفض ما شاء لها ، إن النفس لأمارة بالسوء وكلمتها بعمق فأنا خشيبتي لم أكن أنوي المكيدة " لكن كيدك عظيم " ... كنت أخالك خشيبة لكنك أفيعـة عاشقـة زورا وبهتانـا تتعشقين مجالس الرجال دون مئزر ولا خمار ... ولقد وجدتكِ متلبسة بما يشبه الخطيئة " وإن ربي بكيدكن عليم " فبكل لغات العالم أقول لك أنتِ طليقـة لم يبق لك الآن إلا أن تقهقهي أو ترقصي أو ... لكنك طالق فداء شرفي بحقّ من خلق السماوات طباقـا ارتعشت .. ترجرجت ثم تسمرت في مكانهـا وكأنهـا أصيبت بجنون البقر وارتمت على البلاط تسفّ الأقذاء وتتلوى كهرة موبوءة مبللــة ! روّاد الضحك همّوا بالرحيل فأشرت لهم بالمكوث لمشاهدة نهاية القصة ، استحال أديمهـا تحدّق صوب عليائي بنظرات لا تحتاج إلى تفسير فرحتُ أسرد بلا رأفــة : خشيبتي المموهـة جرّني الربّ الذي مكنّك من المكوث بين يديّ دون درايـة لقد كنت مأسورا صابرا متجلداً إيمانا مني بأن الصابرين يتبوءون أعلى الدرجات ثم أشرت للرواد بالخروج وبقيتُ وخشيبتي المطلقـة ، أحمد الله في النجوى أنني لم أنجب معهـا وتركتهـا بخنجر الحسرة والندم إلى أن دقّ الجرس للخروج ...
القاصّ سعـدي صبّــاح ... [email protected]
كان قدري مع امرأة ساجية كالبحر ، قاضبة كـأمواجه ،تلاشت معهـا أحلامي واندثرت كقطرات ندى بزهرة ذابلة ، هي كئيبة غارقة في حزنهـا على الدوام، عازفة عن الضحك... الضحك الذي من خلاله قد يكون الحب ممكنا ، أراهـا دومـاً عبوسة أنبأ بها الزمان ، منذ ليلتها الخالية من النجوم وأنـا أرتشف نبيذ عجرفتهـا صابراً ... أبيت على الصبر والتجلد، وذلك من شمائلي ، أحاول من فينة إلى أخرى أن أسموا بهـا ولا أنزل إلى الحضيض ... أجعل منهـا فراشـة متيّمة بزهور الربيع لكن مثابرتي معهـا ككل مرة تبوء بالفشل ! ،منذ أن حلّت بهذا العرين لم تقم بإشعال شمعـة تحسب لهـا ! ، صبري على خمولهـا ليس جبنـاً وإنمـا للمرأة فيهـا من حيث الحب والحنان .. عانيت معهـا ويلات السجان .. لا حبيب يصنع النجوى ... أحيانــاً أشك في نفسي بأنني أبلـه وأجهل ما تريده زوجتي الخشيبة .. وقد عثرت ببساطة عمّا يبذله رجل .. رعاية .. حمايـة .. ونفقــة .. فلماذا لا تحمده سرّاً وعلانيـة ، فأنا ببلادة لا أكلّفهـا أكثر من ضحكـة .. اللحظـة بدأ الكلل يجعلني أعيش حياة الثكنـة ومنهـا فترة التدريب العسكري الذي يحظر فيــه الضحك ! ...
على قناعـة أنـا بأنهـا نصيبي هذه الخشيبة المبهمـة التي أنوي أن أعيش معهـا على الرحمـة والمحبة الوئام ... لكن ليالي معها كانت قاتمـة ... قطار أيامي يمشي ببطء ... جمّت هواجسي وبدأت تساورني وساوس لم أعهدها من قبل وتعزف لي لحن الندم ! الحياة معهـا أمست خريفا ... الهرّ الأبيض توارى عن دارنا وأضحت لرحيله الغرفة الزاهية وكراً للفئران ! .. بمرارة معهـا كانت الحياة فلاة جرداء هجرتهـا العصافير ، أعلنت أزهار حديقتي رحيلهــا نحو التلاشي ! ... بيتنا العتيق غصّ بالعناكب والصراصير ! بعد أن كانت تغني على شجيراته العصافير ، وهذا كله يهون في سبيل الخشيبة ... ولا أترجاها إلا عن الضحك ... ولا أطلب أكثر من ابتسامـة توحّد قلبين حد التوازي ... خشيبتي طليقة اغفر لهـا كلّ الزلات ولكن في حدود ... أنا لا أغفر لها لو تجولت مع زميلها بين أشجار المدرســة ... ولا أغفر لها لو نظرت لغيري ... كما أنني لا أخدش شعورهـا ولا أنظر لامرأة سواهـــا ... لأنهـــا تنقلب إلى ذئبـة شرسـة لو تشعـر أنني أحطّ عيناي على غيرهـا ! ... عذرها في الوريد .. لأنها لم تتعمد ملامح الشتاء ولم تشح بضحكتهـا التي أتمناهـا كما تتمنّ الأرض العطشى قطرات المطر ... أحب لنفسي ولهــا حياة زاهرة تسودها المحبة والعيش الرغيد ... ولمازوشية حوّاء في خشيبتي اغفر لهـا لأبعد الحدود ... والراجح أنها تريد أن تظهر الأبّاهـة إزاء بعلهــا ... لكن لخشيبيتها أبت على هذه الطبيعة الهمجية ، كآبتهـا السرمدية توسوس لهـا بأن ترفض المزاح بالمرّة ... عندمـا أمنّ عليهـا بطرفة أو بنكتــة تهزّ رأسهــا وتمشي وإذا أطرقت على الباب تأتيني مكشرة كنمرة مسعورة ! ثم لا تلبث أن تضمحل بين كومة الأوراق والمراجع القديمة بحجة التحضير لمذكرات الغد ، ... زوجتي الخشيبـة شغوفـة بالحديث عن الراتب والزيادة في الأجور ... عبارتهـا الشهيرة التي ترددهـا كالأسطوانـة ( كثرة الضحك تميت القلب ) ، عندما أحاول الحديث عن الثقافة والأدب تتذكر الطنجرة ! .. تغسلهـا في غير الأوان ! ... الناس تضحك وأنـا حزين ... كل النساء يتقنّ معنى السرير وأنـا مع الخشيبـة أعيش الزمهرير إلى أجل غير مسمى ! كم يؤلمني وأنـا أصغي إلى جارتي ربيحة وهي تضحك لزوجهـا مع كل إشراقة ليدخل الأمل ! ، لكنني أبرّئ خشيبتي أو أنهــا بريئـة من نفسهـا فما عساهـا أن تفعل فشيمتهـا ولدت معهـا، لذا أجدني أردد قولي هذا : ربّي احفظني من ظلمي لهـا ، ..من أجلهـا ذهبت عمري حسرة ... لا تتعطر ولا تتجمل خشيبتي وتفضل ارتداء الأسمال البالية داخل البيت ، لو بشت لي خشيبتي مرة لعادت عصافيري إلى أوكارهـا لكن لم تفعـل ولا أدري لماذا ؟ .. كان قدري من بين الأتراب مع كتلة محفوفة بالمكاره قدرها أن تبني وياي وكنة وتنجب براعم تملأ البيت مرحا ... وتصبح الخشيبة بخيرهـا وشرهـا والدة لصغاري ... خشيبتي ترفض أن تظهر ذوائبهـا ... أحيانا أخشى أن ينعدم في خشيبتي الشق الوجداني وتصبح خشيبتي حقـاً خشيبـة ... عندمـا أعود من العمل بهيكلي المتعب معجا بمتاعب الورى ، تعود خشيبتي بالخشيبات وهرج الصبيان ... نجلس سويا جنب الحديقة نرتشف قهوة المساء مرّة بالحديث عن المدفأة والممسحة الضائعـة والتي سرقت من طرف زميلتهـا التي تدعـى المنجرة لكونها تبري لحم البشر بلسانهـا ... ككل مرّة أحاول الانعطاف بهـا عن حياة المدرسة ... أجاملهـا في اختيار بردتها .. لكنها أبداً لن تضحك ... وستظلّ غارقـة في أوحال اللوحـة والطبشور ، تحيرني حين أجدها دامنـة على التلفاز معجبة بمسلسل الضحك حتى البكاء لبطله القدير دريد اللحام لكنها لا تضحك ولا يمكنها أن تضحك عندما أشير لها على الفراش تجعل منهـا قصة قصيرة ! لا أدري لماذا تضخم الأشياء ؟ ... بكل مرارة فشلت في أن أجعلهـا رخوة .. مرحـة .. مواء الهر يضحكهــا .. هكذا أودّ خشيبتي أن تكون ، ... عندما تهيج هائجتهـا تنصاع مكرهـة كهرة وابلة ... ترتمي بجنون ، جليدهــا معهـــا ... أداعبهـا لسحق الجليد الجاثم على كلّ جارحـة من جوارحهـا ... لكنهـا ستظلّ باردة جثـة نأت عن الحياة ... وبموت الدودة ترحل عصافير جنونهـا ... وبعد رحيلهـا أمنحهــا زوجتي الخشيبة ملحـة ساخرة .. فتعطيني ظهرهـا ... شخيرهـا يروع الصادي والغادي ... أتمنّ جنبهـا أن أنقلب إلى مقصّ مدرسي بل خنجر ... أبقرهـا كناقة جرباء بركت جنب الغدير ... خشيبتي حين أقصّر في حقهـا على السرير لا تنزعج ولا تغضب ، .. هكذا كانت أيامي مع الخشيبة تمرّ ثقيلة إلى أن جاء المساء الذي تذكرت بكنفه زمن الانعتاق ... يوم كنت طليقا طلاقة الشحرور بين البيادر فامتطيت هيكلي المتعب في اتجاه زوجتي الخشيبة في مقر عملهـا نيتي أخذ المفاتيح لارتداء بدلتي السوداء التي اقتنيتهـا بالدين يوم اقتراني بالخشيبة ، وبسرعـة البرق وجدت نفسي أباغت الحارس في غفلتـه مع ري الشجيرات ، ودون أن يماشيني دلفت بمفردي إلى الحجرة ، فلم أجد إلا البراعم تتراشق بما جادت بــه خشيبتي من بقايا الطبشور ! نظرت باتجاه المكتب ثم إلى الوراء فلم أرى للخشيبة مكانا ! فاتجهت بخطى وئيدة وعلى نيتـي إلى القاعـة الكبيرة ، فلاحت لي امرأة دون مئزر تقهقه بين الرجال ! تأملتهــا مليـا تأملتني فإذا هي زوجي الخشيبة ! لم أصدق في البداية لكنني أمسكت على فراشـة تعاستي ، دنوت تحذوني الأنفـة والثقة بالنفس .. غمغمت بكلمات متلعثمـة فأخرستهـا فارتعدت فرائسها بين كوكبة مفعمة بالأوردة الخالية ، ابتسمت بسخرية عربون غضب واستياء ، المرأة التي تبرز شعرهـا الفاحم وتقهقه بينهم هي زوجتي الخشيبة باليقين ! أمـا هم فإنهم يضحكون ضحكات صفراء مزورة .. عيونهم تسكب شرارتهـا على كل شق من جسد امرأة تطرق باب الخطيئة ... تمنح شمعتهــا لتزرع أشعتهـا بين غرباء جمعتها بهم مهنة التبجيل .. في حالة غضب شديد أراهـا فريسـة لزمرة من هؤلاء ! بخجل وارتياع أقلعت عن الضحك ! كلّمتها بغطرسـة : رجاء واصلي الضحك .. قلتهـا وأنـا أقتحم طغمـة السادة .. جثمت الخشيبة مهزومـة وغصة الرذيلة تصعد إلى حلقهـا وأجهشت بالبكاء ... حلّت أشباح المكائد تلوث ألوان القاعـة البكمـاء ... حصحص الحقّ وواصلتُ كلامي معهـا أذكّرهـا بجملتهـا التي كانت تحفظهـا عن ظهر قلب : " كثرة الضحك تميت القلب " .. وطلبت منها أن تواصل الضحك وتفضفض ما شاء لها ، إن النفس لأمارة بالسوء وكلمتها بعمق فأنا خشيبتي لم أكن أنوي المكيدة " لكن كيدك عظيم " ... كنت أخالك خشيبة لكنك أفيعـة عاشقـة زورا وبهتانـا تتعشقين مجالس الرجال دون مئزر ولا خمار ... ولقد وجدتكِ متلبسة بما يشبه الخطيئة " وإن ربي بكيدكن عليم " فبكل لغات العالم أقول لك أنتِ طليقـة لم يبق لك الآن إلا أن تقهقهي أو ترقصي أو ... لكنك طالق فداء شرفي بحقّ من خلق السماوات طباقـا ارتعشت .. ترجرجت ثم تسمرت في مكانهـا وكأنهـا أصيبت بجنون البقر وارتمت على البلاط تسفّ الأقذاء وتتلوى كهرة موبوءة مبللــة ! روّاد الضحك همّوا بالرحيل فأشرت لهم بالمكوث لمشاهدة نهاية القصة ، استحال أديمهـا تحدّق صوب عليائي بنظرات لا تحتاج إلى تفسير فرحتُ أسرد بلا رأفــة : خشيبتي المموهـة جرّني الربّ الذي مكنّك من المكوث بين يديّ دون درايـة لقد كنت مأسورا صابرا متجلداً إيمانا مني بأن الصابرين يتبوءون أعلى الدرجات ثم أشرت للرواد بالخروج وبقيتُ وخشيبتي المطلقـة ، أحمد الله في النجوى أنني لم أنجب معهـا وتركتهـا بخنجر الحسرة والندم إلى أن دقّ الجرس للخروج ...
القاصّ سعـدي صبّــاح ... [email protected] " رِجَالُ حَارَتِنَا يَقْتُلُونَ نَوَارِسَ عَنْتَرَةْ
تَاهِمِينَ عَبْلَة بِالغِوَايَةْ ، ثُمَّ يُطْعِمُونَ
السَّنَابِلَ لِطُيُورِ دِيك الجِن فَهُمْ ضِدّ
العُذْرِية لأَنَّهَا تَسْمُو عَنْ نَزَوَاتِهِم ْ...!"
سعدي صبّـاح
* * * * * * *
www.sebbah.jeeran.com
[email protected]
تَاهِمِينَ عَبْلَة بِالغِوَايَةْ ، ثُمَّ يُطْعِمُونَ
السَّنَابِلَ لِطُيُورِ دِيك الجِن فَهُمْ ضِدّ
العُذْرِية لأَنَّهَا تَسْمُو عَنْ نَزَوَاتِهِم ْ...!"
سعدي صبّـاح
* * * * * * *
www.sebbah.jeeran.com
[email protected]
من مواضيعي
0 قراءة في المجموعة القصصية : عرس الشيطان للقاص سعدي صباح
0 صدمة شاعر
0 السيرة الذاتية للقاص سعدي صبّاح
0 " شاعــرٌ يقطــفُ زهــرةْ ... " ... سعدي صبّاح
0 رحلة
0 " اغرائية العناوين في المجموعة القصصية "عرس الشيطان للقاص سعدي صبّاح حفيظة طعام
0 صدمة شاعر
0 السيرة الذاتية للقاص سعدي صبّاح
0 " شاعــرٌ يقطــفُ زهــرةْ ... " ... سعدي صبّاح
0 رحلة
0 " اغرائية العناوين في المجموعة القصصية "عرس الشيطان للقاص سعدي صبّاح حفيظة طعام











