حكاية حافلة أخرى.
17-01-2014, 02:40 PM
موقف آخر أعيشه مع حافلة أخرى و بلون آخر أيضا، فقد كانت الحافلة برتقالية هذه المرة، وهي حافلة النقل الجامعي، كان ذلك قبل حوالي أسبوع ( الثلاثاء 7/1) في محطة 1ماي التي تقلّ الطلبة إلى عدّة جامعات من بينها جامعتي، عندما وصلت إلى هناك كانت حافلتي قد غادرت لكن ليست هذه هي الحكاية، حكاية الحافلة البرتقالية بدأت فصولها عندما ذهبت إلى محطة الأبيار (عبر حافلة جامعة أخرى) التي تمرّ عبرها كل حافلات محطة 1ماي تقريبا على إختلاف وجهاتها وبعض حافلات المحطة الأخرى ( محطة تافورة)، كنت متأخرا بعض الوقت وكان عليّ إنتظار قدوم حافلة من محطة تافورة تكون وجهتها الجامعة التي أدرس بها ،إنتظرت وانتظرت ولمّا طال انتظاري أو كما كنت أعتقد ركبت حافلة للنقل الخاص إلى محطة قريبة من الجامعة، وقد كلّفني ذلك زيادة على ثمن التذكرة أن أمشي على قدماي لحوالي 10 دقائق أو اكثر قبل أن أصل إلى ضالتي، فمشيتُ ( على سعدي كما تقول جدتي) وعندما وصلتُ إلى الموقف الذي عادة ما تتوقف عنده الحافلات المتوجهة إلى جامعتي لنزول بعض الراكبين قبل أن تصعد إلى داخل الجامعة وجدتُها متوقّفة هناك...
كانت الحافلةَ البرتقاليةَ التي انتظرتُ قدومها في الأبيار قبل أن أستعجل وأركب حافلة أخرى ( الحافلة الخاصة) بعد شعوري بأن انتظاري لها قد طال، ركبتُها وصعدت وأنا أركبُها إلى داخل الجامعة ومرة أخرى أصل إلى حيث كنت أريد الوصول في نفس الوقت التي كنت سأصل فيه لو أنني لم أفعل ما فعلت، إذن فالحكاية هذه المرة لم تكُن حكاية تأخر لكنها كانت حكاية استعجال، والخلاصة هي أن موعد وصولي كما لم يكُن ليتغيّر بتأخري في الركوب لم يكُن ليتغيّر بإستعجالي أيضا ، فقد دخلت إلى الجامعة مستقلا الحافلة التي انتظرتها ثم استعجلت بركوب غيرها عندما تأخرت قليلا أي أنني لم أحصل بإستعجالي إلا على ما كنت سأحصل عليه أصلا، وهذا ما يحصل في كثير من محطات الحياة الأخرى.
حكاية هذه الحافلة علّمتني درسان، الأول هو أن طول الإنتظار لا يعني أن ما ننتظره لن يأتي في وقته المناسب مثلما نعتقد عادة، بل العكس تماما، فكلّما طال إنتظار الشيئ كلّما اقترب موعد وصوله لأن زمن إنتظاره يُطرح من الزمن اللازم لوصوله ولا يُضاف إليه كما تخبرنا حساباتنا الخاطئة، فمن كان نصيبُها ( والنصيب في علم الله وحده سبحانه) أن تتزوج مثلا في سنة 2015 ونحن الآن في 2014 وقد انتظَرَت موعد تحقُّق هذا النصيب منذ أن تمّت خطبتها أو منذ تخرُّجها ولنقل أن ذلك كان في سنة 2012، فإن مرور العامين على إنتظارها يعني أن عامين قد نقصا من الزمن الإجمالي المقدّر من عند الله لانتظارها( والذي نفترض لمجرد التوضيح أنه ثلاث سنوات) ولذلك يفترض بنا أن نزداد ارتياحا وطمأنينة كلّما زاد زمن الصبر والإنتظار بدلا من أن نزداد قلقا وحيرة.
أما الدرس الثاني فهو أن الإستعجال لا يجلب لنا ولا يدفع عنّا شيئا ولا يغيّر بزيادة ولا بنقصان على ماهو مقدّر ومقسّم لنا، فما كنا سنحصل عليه حصلنا عليه وما لم نكن لنحصل عليه لم نحصل عليه سواء تأخرنا أو استعجلنا، فلا داعي لأن ندفع تكاليف زائدة والنتيجة واحدة، ولست أقصد بما أقول أن لا نفر من قدر الله إلى قدر الله فذلك أمر آخر، ما أقصده هو أن الإستعجال الذي يجعلنا نخسر لأجله أمورا لا ينبغي لنا أن نخسرها غيرُ مبرّر بأي حال من الأحوال، فإن كنت قد خسرت بإستعجالي في حكاية الحافلة البرتقالية 15 دينارا ومسيرة ربع ساعة على الأقدام( وهي تكاليف زائدة وإن كانت زهيدة) فإن من تستعجل الزواج بما يستعجل به القوم في زمننا قد تخسر ماهو أكبر والعياذ بالله ، ومثلها من يستعجل الرزق فيؤكل الربا أو يأكله ثم لا ينال إلا ما كُتب له من الرزق أصلا لكن مع خسارة الدّين بسبب الإستعجال، فهكذا هي سنّة الله في خلقِه، كلُّ شيئ بقدر ولكلّ مخلوق نصيب وكل نصيب في أوانه.
من مواضيعي
0 رحلة عبر الزمن!
0 كُليمات في الحرمان من راحة البال.
0 كُليمات في صفات معلّم الدين.
0 زيارة خفيفة.
0 كُليمات في الإستقامة.
0 عمل المرأة، ضرورة أم ذريعة؟(salam08 و رحيل)
0 كُليمات في الحرمان من راحة البال.
0 كُليمات في صفات معلّم الدين.
0 زيارة خفيفة.
0 كُليمات في الإستقامة.
0 عمل المرأة، ضرورة أم ذريعة؟(salam08 و رحيل)
التعديل الأخير تم بواسطة djazayri ; 17-01-2014 الساعة 02:43 PM










)
..
، حيّاك الله.
