دعاةٌ* ‬حوّلونا إلى أضحوكة
21-02-2015, 05:42 PM


الكاتب:حسين لقرع

في* ‬ظرفٍ* ‬قصير،* ‬اكتسب الشيخ بندر الخيبري* ‬شهرة كبيرة،* ‬وتناولته مختلف المواقع ووسائل الإعلام العالمية،* ‬ليس لأنه قدّم فكرةً* ‬إبداعية جديدة تُخرج المسلمين من تخلفهم ومصائبهم،* ‬أو اجتهاداً* ‬لم* ‬يأتِ* ‬به الأوّلون،* ‬بل لأنه قال إن* "‬الأرض* ‬ثابتة لا تدور*" ‬ليضرب بذلك كل النظريات والحقائق العلمية الدامغة عرض الحائط*.‬

كنا نعتقد أن هذه المسألة قد حُسمت بشكل نهائي* ‬وقاطع منذ أمدٍ* ‬بعيد،* ‬وأصبحت بديهية لا تحتمل أي* ‬جدل في* ‬ظل الأدلة العلمية الدامغة المقدّمة من علماء الفضاء،* ‬لكننا نكتشف الآن أن هناك دعاةً* ‬لا* ‬يزالون* ‬يعتقدون أن الأرض ثابتة،* ‬ما* ‬يعني* ‬أننا قد عدنا مجدداً* ‬إلى عصر ما قبل النهضة؛ حيث كان الشيوخ والدعاة لا* ‬يترددون في* ‬تكفير كل من* ‬يقول بكُروية الأرض ودورانها*.‬

هذه* "‬الفتوى*" ‬من الشيخ الخيبري* ‬تؤكد إلى أي* ‬مدى* ‬يقصّر بعض الدعاة بحقّ* ‬أنفسهم ودينهم حينما* ‬يكتفون بالتوغل في* ‬دراسة مختلف التخصصات الشرعية وترك العلوم العصرية الدقيقة*. ‬صحيحٌ* ‬أن من أراد اللهُ* ‬به خيراً* ‬فقّهه في* ‬الدين،* ‬ولكن المطلوب في* ‬هذا العصر أن لا* ‬يكتفي* ‬الفقهاءُ* ‬والدعاة بذلك وأن* ‬يحاولوا الإطّلاع قدر المستطاع على مختلف العلوم الحديثة أيضاً* ‬خدمةً* ‬للدعوة،* ‬ولو فعل الخيبري* ‬ذلك لاتضح له أن الأرض تدور وأن الشمس تجري* ‬لمستقرّ* ‬لها،* ‬ولمَا حدث له أيّ* ‬تشويش ذهني* ‬أو تراءى له أي* ‬تعارض بين الحقائق العلمية والآيات القرآنية*.‬

قبل سنوات،* ‬بدأ الانحطاطُ* ‬بفتاوى* "‬جواز إرضاع الكبير*" ‬و"جواز شرب بول النبي*" ‬صلى الله عليه وسلم،* ‬وتواصل الانحدار بفتاوى* "‬جواز أكل لحوم الجن*" ‬وصولاً* ‬إلى فتوى تبيح لزعيم الانقلابيين في* ‬مصر* ‬*"‬فقأ أعين المصريين*" ‬والزعم بأن ذلك* ‬*"‬موافق للشرع؟*" ‬وأخرى تحرّم شعار* ‬*"‬يسقط حكمُ* ‬العسكر*" ‬وتدّعي* ‬أنه* ‬يخالف الحديث عن* "‬خير أجناد الأرض*" ‬وكأنه* ‬ينطبق على قتلة آلاف الأبرياء في* ‬*"‬رابعة*" ‬و"النهضة*"‬،* ‬وصولاً* ‬إلى من* ‬يردِّد الآن أن* "‬الأرض ثابتة*".. ‬وغيرها من الفتاوى التي* ‬جعلتنا أضحوكة أمام الصهاينة والغرب*. ‬

مصيبتُنا لا تكمن فقط في* ‬كثرة فقهاء البلاط،* ‬ولكن أيضاً* ‬في* ‬الفقهاء الذين لا* ‬يفقهون شيئاً* ‬في* ‬علوم العصر،* ‬فضلاً* ‬عن أتباعٍ* ‬لهم* ‬يصدّقون كل ما* ‬يقولونه ولو كان مخالفاً* ‬للمنطق والعلم؛ فقد دافع عددٌ* ‬من المعلقين في* ‬مختلف مواقع التواصل الاجتماعي* ‬عن الخيبري* ‬بشراسة وهاجموا منتقديه ووصفوهم بأبشع النعوت،* ‬وكأن الشيخ معصومٌ* ‬عن الخطأ،* ‬أو* ‬يردّد قرآناً* ‬منزّلاً،* ‬مع أن ما قاله خاطئ ولا تقبله الحقائق العلمية*.‬

ويُذكّرنا هذا بما حدث في* ‬بداية التسعينات،* ‬حين كانت الشعوب العربية تتمسّك بأيّ* ‬وهم* ‬يجعلها تصدّق أن صدام حسين سينتصر على أمريكا بعد* ‬غزوه الكويت،* ‬مع أنه لم* ‬يعدّ* ‬لها ما استطاع من قوة،* ‬وكانت تردّد أن صداماً* ‬سيدحر الأمريكان ويدخل الكعبة على حصان أبيض والدليل وجود شعرة وسط سورة البقرة في* ‬المصحف الشريف،* ‬في* ‬حين كانت الولايات المتحدة تواصل تحضير آخر ابتكاراتها العسكرية وهي* ‬طائرات* ‬*"‬الشبح*" ‬التي* ‬دمّرت بها فيما بعد الجيشَ* ‬العراقي* ‬في* ‬الصحراء في* ‬يومٍ* ‬أو بعض* ‬يوم*.