عبد الرحمن الغافقي رحمه الله
14-10-2011, 05:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر الغافقي - نسبة إلى قبيلة غافق من عك اليمنية - قائد عربي مسلم وأمير الأندلس أيام عصر الولاة فيها، شارك في فتح الأندلس في عهد الخليفة الأمويالوليد بن عبد الملك وتولى إمارتها مرتين عام 721 م ثم في عام730 م [1] بعد تعيين 4 ولاة للأندلس لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم فيها وسادت الأندلس فترة من الاضطرابات ذلك الوقت، قام عبد الرحمن بإخماد الثورات والفتن القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وبين العرب أنفسهم وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني. استُشهد في معركة بلاط الشهداء سنة (732 م الموافق 114 هـ) قرب مدينتي توروبواتييهالفرنسيتين وذلك بعد أن حاول فتح أراضي الفرنجة (فرنسا اليوم).
غزواته في فرنسا

يذكر أن أولى غزواته في
فرنسا عندما شارك في قيادة الجيش الإسلامي مع أمير الأندلس السمح بن مالك الخولاني, عندما قام السمح لأول مرة بعبور جبال البرتات (البرانس) الواقعة في الحدود الأسبانية الفرنسية وغزوه لجنوب فرنسا, كانت فرنسا في ذلك الوقت لم تكن موجودة كاصطلاح جغرافي كذلك لم تكن موجودة كوحدة سياسية, كما أن اللغة الفرنسية لم تكن قد تكونت بعد[2]. حاول السمح بن مالك فتح امارة سبتمانيا الواقعة في جنوب فرنسا لتأمين الحدود الشمالية للأندلس, فحاصر عاصمتها أربونة (ناربون) واستولى عليها, ثم اتجه نحو الشمال الغربي نحو نهر الغارون واستولى على مدينة تولوز, ثم توغل في دوقية أكيتانيا, فواجهه دوق أكيتانيا يودو بجيشه بالقرب من تولوز عام 721 م 102 هـ, فدارت معركة بين الجيشين انتهت بهزيمة السمح واستشهاده, وانسحاب جيشه بقيادة عبد الرحمن الغافقي إلى مدينة ناربون التي أصبحت قاعدة عربية لغزو ما وراء جبال البرتات.
بعد توليه امارة
الأندلس للمرة الثانية عام 730 م, خرج عبد الرحمن عام 732 م الموافق لعام 114 هـ بجيش كبير لمواصلةالفتوحات الإسلامية في فرنسا, فهاجم أكيتانيا, وعبر نهر الغارون واستولى على مدينة بوردو, وكان العرب يسمونها برديل أو بردال, وقد اشتهرت بسيوفها التي عرفها الأندلسيون باسم (البردليات), وعندما عجز دوق أكيتانيا يودو من مقاومة عبد الرحمن, استنجد بالدولة الميروفنجية الفرنجية, وكانت هذه الدولة ملكية في نظامها, ويحكمها المتأخرون من ملوكها الذين كانوا في ذلك الوقت ملوكا ضعفاء, أما السلطة الحقيقية في البلاد فكانت بيد رئيس القصر المعروف باسم شارل مارتل أي شارل المطرقة. و عندما رأى شارل مارتل انتصار العرب بقيادة عبد الرحمن على أكيتانيا معناه اقتراب خطرهم من الدولة الميروفنجية, لبى دعوة دوق أكيتانيا, وخرج بجيش فرنجي كبير لصد الزحف الإسلامي, والتقى الجيشان في منطقة قرب مدينتي توروبواتييه في العاشر من أكتوبر عام 732 م الموافق لعام 114 هـ في رمضان ودارت بينهما معركة ضارية لمدة ثلاثة أيام, وهي معركة بلاط الشهداء, انتصر فيها العرب أول الأمر وجمعوا غنائم كثيرة, ثم حدث أن هاجم دوق أكيتانيا مؤخرة الجيش الإسلامي حيث توجد الغنائم, فتراجع البعض لانقاذها, فاختل توازن المسلمين وانهزموا واستشهد عبد الرحمن, وعدد كبير من رجاله, وانسحب الجيش الإسلامي أثناء الليل, وبذلك توقفت الفتوحات الإسلامية في أوروبا الغربية[3].


معركة بلاط الشهداء أو معركة سهل لابواتييه


البلاط في
اللغة العربية تعني القصر أو الرخام، ويُرى أنها سميت ببلاط الشهداء في التاريخ الإسلامي لأنها وقعت بالقرب من قصر مهجور ، ويُرى أنه بسبب الطريق المعبد من زمان الرومان الذي قاتل الجانبان عليه ، وأضيفت كلمة الشهداء لكثرة ما وقع في تلك المعركة من قتلى للمسلمين. أما الأوروبيون فينسبون المعركة لمدينة تورز التي وقعت المعركة بالقرب منها فيسمونها معركة تور ، وتسمى كذلك معركة بواتييه لوقوعها أيضا بالقرب من بلدة بواتييه في فرنسا, ويقول الدكتور شوقي خليل بأن بلاط هنا لا تعني الطريق المبلط ولكن (البلاط) في الأندلس تعني (القصر) أو(حصن حوله حدائق تابعه له).


ما قبل المعركة

بعد أن فتح المسلمون إسبانيا ووطدوا حكمهم فيها عبروا
جبال البرانس وبدؤوا بغزو الأراضي الإفرنجية (فرنسا في الوقت الحاضر) على يد قائدهم في ذلك الوقت السمح بن مالك الخولاني وفتحت على يده مدن منطقة سبتمانيا:أربونةوبيزارسوآجدهولوديفيهوماغيولونونييمس.
ورجع السمح إلى الأندلس ليجمع جيشا يحاصر به مدينة
طولوشة (أو تولوز) ويقال أنه جمع أكثر من مئة ألف شخص من الفرسان والمشاة. قام المسلمون بحصار تولوز طويلا حتى كاد أهلها أن يستسلموا إلا أن الدوق أودو دوق أقطانيا(أكوينتين)باغته بإرسال جيش ضخم ، فقامت هنالك معركة عرفت في التاريخ باسم معركة طولوشة أو (معركة تولوز)، وقاوم المسلمون فيها قليلا بالرغم من قلة عددهم وقتل قائدهم السمح بن مالك فاضطرب الجيش وانسحب المسلمون لقاعدتهم في بلاد الإفرنج مدينة أربونة وكان ذلك في 9 يونيو721 م.
كان السمح هو والي
الأمويين في بلاد الأندلس ، وبعد وفاته قام الأندلسيون بتعيين عبد الرحمن الغافقي كوال مؤقت حتى ينظر الخليفة في من سيعين عليهم.
عين
عنبسة بن سحيم الكلبي كوال للأندلس فقام بإكمال ما بدأ به السمح بن مالك وقد توغل كثيرا في الأراضي الفرنسية حتى بلغ مدينة أوتون في شرق فرنسا ، وفي طريق عودته إلى الأندلس فاجأته قوات إفرنجية فأصيب إصابة بليغة لم يلبث أن مات على إثرها في ديسمبر725 م. ثم جاء أربعة ولاة للأندلس لم يحكم أغلبهم أكثر من ثلاث سنين حتى عين عبد الرحمن الغافقيعام 730 م.
قام عبد الرحمن بإخماد الثورات القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني والثقافي. وفي تلك الأثناء قام الدوق أودو بالتحالف مع حاكم إقليم
كاتالونيا المسلم عثمان بن نيساء وعقد صلحا بينه وبين المسلمين وتوقفت التوسعات الإسلامية في بلاد الإفرنج. كان الدوق أودو يعلم أن عدوه الأبرز هو تشارلز مارتل -وخاصة بعد معركة طولوشة- وأنه إذا صالح المسلمين فإنه سيأمن هجماتهم من جهة وسيشكلون قوة ورادعا في وجه تشارلز مارتل من جهة أخرى إذ لن يفكر تشارلز في مهاجمته خوفا من المسلمين.
قام عثمان بن نيساء بما لم يكن في الحسبان ؛ إذ أعلن استقلال إقليم كاتالونيا عن الدولة الأموية، فما كان من
عبد الرحمن الغافقي إلا أن أعلن الحرب ضده بصفته خائنا، ولم يستثن عبد الرحمن الدوق أودو من هذا الأمر ؛ فجهز جيشه وأخضع كاتالونيا لدولته ثم اتجه صوب أراض أودو وحاصر مدينة البردال (بوردو) واحتلها المسلمون وقتلوا من جيش أودو الكثير حتى قال المؤرخإسيدورس باسينسيز "إن الله وحده يعرف عدد القتلى".


المعركة
وجد
تشارلز مارتيل الوضع في بلاده مناسبا لإخضاع الأقاليم الجنوبية التي طالما استعصت عليه وكان يعلم أن العقبة الوحيدة في طريقه هي جيش المسلمين. كان الجيش الإسلامي قد انتهى بعد زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتي بواتييهوتور بعد أن استولى على المدينتين، وفي ذلك الوقت كان جيش تشارلز مارتل قد انتهى إلى نهر اللوار دون أن ينتبه المسلمون بقدوم طلائعه، وحين أراد الغافقي أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه مارتل بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين في الكثرة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر تشارلز بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي [1]. لقد اختار مارتل بحنكته مكان المعركة وتوقيتها أي أنه أجبر المسلمين على التواجد في المكان الذي يريده لهم.
حصلت بعض المناوشات بين الجيشين وكأن المعركة حرب استنزاف، أي أن من يصمد أكثر من الطرفين ينتصر. ومكث الطرفان على هذه الحال من 6 إلى 9 أيام (هناك اختلاف بين المؤرخين على مدة المعركة) وفي اليوم الأخير للمعركة قامت معركة قوية بين الجيشين ولاح النصر للمسلمين. رأى مارتل شدة حرص جنود المسلمين على الغنائم التي جمعوها فأمر بعض أفراد جيشه بالتوجه إلى مخيم المسلمين والإغارة عليه لسلب الغنائم فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، فاضطربت صفوف المسلمين واستطاع الإفرنج النفاذ إلى قلب الجيش الإسلامي. ثبت عبد الرحمن مع قلة من جيشه وحاولوا رد الهجوم بلا جدوى وقتل عبد الرحمن فازداد اضطراب المسلمين وانتظروا نزول الليل حتى ينسحبوا لقاعدتهمأربونة قرب جبال البرانس.
ومع صباح اليوم التالي قام الإفرنج لمواصلة القتال إلا أنهم فوجئوا بانسحاب المسلمين ولم يجرؤ مارتل على اللحاق بهم وعاد بجيشه لبلاده.
[من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، فاضطربت صفوف المسلمين واستطاع الإفرنج النفاذ إلى قلب الجيش الإسلامي. ثبت عبد الرحمن مع قلة من جيشه وحاولوا رد الهجوم بلا جدوى وقتل عبد الرحمن فازداد اضطراب المسلمين وانتظروا نزول الليل حتى ينسحبوا لقاعدتهم أربونة قرب جبال البرانس.

ومع صباح اليوم التالي قام الإفرنج لمواصلة القتال إلا أنهم فوجئوا بانسحاب المسلمين ولم يجرؤ مارتل على اللحاق بهم وعاد بجيشه لبلاده.
تحليل المعركة

تضافرت عوامل كثيرة في هذه النتيجة، منها أن المسلمين قطعوا آلاف الأميال منذ خروجهم من الأندلس، وأنهكتهم الحروب المتصلة في فرنسا، وأرهقهم السير والحركة، وطوال هذا المسير لم يصلهم مدد يجدد حيوية الجيش ويعينه على مهمته، فالشقة بعيدة بينهم وبين مركز
الخلافة في دمشق، فكانوا في سيرهم في نواحي فرنسا أقرب إلى قصص الأساطير منها إلى حوادث التاريخ، ولم تكن قرطبة عاصمة الأندلس يمكنها معاونة الجيش؛ لأن كثيرًا من المسلمين تفرقوا في نواحيها.
وتبالغ روايات في قصة الغنائم وحرص المسلمين على حمايتها، في الوقت التي تذكر فيه روايات أخرى أن الجيش الإسلامي ترك خيامه منصوبة والغنائم مطروحة في أماكنها.

ما بعد المعركة

أدت المعركة إلى توقف الزحف الإسلامي في
أوروبا الغربية وأعطي تشارلز لقب مارتل (أي المطرقة) بعد المعركة. وقد اختلف المؤرخون، قديمُهم و حديثُهم، مسلمُهم و مسيحيُّهم في أهمية تلك المعركة؛ فالبعض وصفها بأنها حفظت المسيحية من الفناء فيقول المؤرخ إدوارد جيبون في كتابه اضمحلال الإمبراطورية الرومانية:

«خط انتصار [المسلمين] طوله ألف ميل من جبل طارق حتى نهر اللوار كان غير مستبعد أن يكرر في مناطق أخرى في قلب القارة الأوروبية حتى يصل بالساراسنز [يقصد المسلمين] إلى حدود بولندا ومرتفعات أسكتلندا، فالراين ليس بأصعب مرورا منالنيل والفرات، وإن حصل ما قد ذكرت كنا اليوم سنرى الأساطيل الإسلامية تبحر في التايمز بدون معارك بحرية ولكان القرآن يدرس اليوم في أوكسفورد ولكان علماء الجامعة اليوم يشرحون للطلاب باستفاضة عن الوحي النازل على محمد


يختلف العديد من المؤرخين مع وجهة نظر جيبون فيخبرون عن توسعات المسلمين أنها لم تكن تتوقف لهزيمة أو خسارة معركة؛ فللمسلمين العديد من المحاولات للسيطرة على
القسطنطينية قبل أن تسقط في عهد العثمانيين وقد هزم المسلمون أكثر من مرة في الهند وبلاد ما وراء النهرين إلا أن ذلك لم يكن ليمنعهم من مواصلة القتال. ويشير أولئك المؤرخون أن المسلمين لم يكونوا طامحين في مواصلة القتال في القارة الأوروبية لأن تلك الأراضي كانت تعيش في وضع اجتماعي وثقافي وحضاري منحط.[بحاجة لمصدر] مؤرخو القرن الحالي يرون بأن المعركة سواء إذا اوقفت المد الإسلامي أم لم تفعل لكنها وضعت الأسس الأولى لبناء الإمبرطورية الشارلكانية وهيمنة الفرنجة لقرن من الزمان. وإنشاء قوة الفرنجة بغرب القارة حددت مصير أوروبا والمعركة أثبتت ذلك.
كما أن الأمويين في الأندلس عانوا الأمرّين بسبب وجود جيوب المقاومة المسيحية في شمال البلاد والتي أرهقتهم وأشغلتهم عن مواصلة القتال في القلب الأوروبي، وعانوا كذلك بسبب
العباسيين الذين كانوا يتحينون الفرصة لإزالة دولتهم والحصول على أراضيها [2] الأمر الذي أدى لجعل حروب الدولة الأموية الأندلسية حروب دفاع لا حروب احتلال وتحرير.



المراجع :

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A8%D9%84%D8%A7% D8%B7_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1

اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك
وفجاءة نقمتك
وجميع سخطك