" يوميات فلحوس " ...... إنه يعرف !
01-07-2009, 09:13 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستيقظ مبكرا كعادتي . اعتدت أن أفتح عيني علي الجرائد , أتصفحها في عجالة فقط لأتأكد أن كل شىء ليس علي ما يرام , و أن أشياء جيدة لم تحدث في هذا العالم .
هذا العالم لن يتغير . أدركت هذا بعد الكثير من التجارب . لست مسنا , ولكن عقلي كذلك . متخم بالمعرفة إلي حد يثير الملل . هذا هو عيب الاطلاع . أن تعرف كثيرا معناه أن تشيب مبكرا .
وأنا عرفت , عرفت أكثر من اللازم .
عرفت ماهية الحكم وآليات سيطرته . عرفت القانون السري الذي تخضع له رقاب الناس . عرفت من يصعد ولماذا يصعد , ومن ينسحق ولماذا ينسحق .
عرفت الخوف , كيف يُصَنّع وكيف يُسَوّق , وكيف يستشري كوباء , وكيف يكون شكله عندما يستوطن عيون الناس .
عرفت العسكر , كيف يطيعون , وكيف ينفذون , وكيف يتحولون إلى آلات لا تسمع لا ترى لا تعترض .
عرفت الزيف , كيف يُصاغ , كيف تُنشأ له الهيئات و الصحف والإذاعات والبشر , كيف يُقال كيف يُكتب كيف يصبغ وجه الوطن !
عرفت وعرفت و عرفت , حتى صرت أخاف أن أعرف !
الآن لا أخاف , لأن الجائع لا يخاف . الجائع يتناول إفطاره في عجل ليذهب لكليته . هذا إن لم يكن لدى أمي مانع .
لها عاداتها هي الأخرى , و ها هي ذي تستعد لممارسة عادتها اليومية في جعل حياتي جحيما . ليس سرا أنني وأمي لا نتفق .
أنا لا أتحامل عليها ولا أجرؤ . ربما هو سوء الفهم المتبادل , أو تصادم الحريات , أو ...
- كف عن هذا الهراء .
لنفسي أقولها وأتهيأ للخروج .
علي سلم البناية تصطدم بى . هي جارتنا الهوجاء التي كانت تنطلق للأعلى كالصاروخ . لابد أنها نسيت شيئا ما .. دائما هي تنسي شيئا ما ... دقيقة هي في نسيانها .
إذن فلقد صدمتني هذه المرة أيضا ! ماذا كنت أقول عن تصادم الحريات؟!
ليس لي اعتراض علي الغباء بشكل عام , أما أن يتسبب في خلع كتفي فهذا لا يطاق !
لا أغتم كثيرا في الحقيقة , لأنني في طريقي لرؤية ما سينعشني حالا ! إن أكوام القمامة التي تمرح بطول شارعنا وعرضه قادرة على إنعاشي كما تعلمون !
صدقني ليس من المفيد للصحة أن يفوتك منظر كهذا كل صباح . لو استيقظت يوما و وجدت شارعنا نظيفا لاتجهت مباشرة إلي الطبيب , لأني سأعرف عندئذ أنني أهذي .
ليس أروع من منظر أكوام القمامة إلا منظر أكوام البشر التي تنتظر الحافلة .
لن أجعل هذا يفت في عضدي , وسأقاتل دون مقعد في أول حافلة تمر .
أحظى بمقعد بالفعل , وبمجرد أن أستقر , و أتأكد أن كل عظامي في مكانها أتطلع لساعتي . ربما سأصل مبكرا اليوم .
بمجرد أن أعبر بوابة الجامعة تبدأ أذني في التقاط الأحاديث . إن كلمة جادة واحدة لا تضل طريقها أبدا لتصل إلي أذني .
لا بأس .. أتجه مباشرة إلي مجموعة العملي - أفوت المحاضرات حتى لا أصاب بالفالج - و هناك أضطر أن أفعل الشىء الذي أمقته .. الانتظار . فلابد أن يتأخر البيه " المعيد " كالعادة و لا يعلم إلا الله متى يأتي . في هذه الأثناء تواصل أذني آداء المهمة المقدسة التي خلقت من أجلها .. التقاط الأصوات و ترجمتها .
ليتها تأخذ أجازة كي أستريح من كل هذا الرياء و الكذب و التصنع و الـ.... " المظهرة "
لا أخرج من كل هذا إلا بتأكيد على فكرتي العتيدة " ليست الحياة إلا محاولة مستمرة و دائبة لقول أنا أفضل منك " .
لا يهم ما قيل و ما شُرح ... الصراخ و الصخب و الصداع .. معارك العودة و مهالك الطريق , كل هذا لا يهم .
المهم هو البيت الذي عدت إليه سالما , و الطعام الذي تدعي أمك أنه كذلك . الطعام الذي ستأكل أصابعك ليس ورائه بل بدلا منه إذ ستكون ألذ .
ألتهمه مضطرا في النهاية إذ لا بديل , و أنا أستمع إلي مراسل قناة الـ..... و هو يقول :
" ليس هذا مشهدا من فيلم رعب ردىء الصنعة .. بل مشهدا حقيقيا من قلب العالم .... لأناس يعيشون خارج حدود ضميره .. بمنأى عن دساتيره و أعرافه و مجلس أمنه "
انتهي كلام المراسل و راحت الصور تتوالي . هي ذات المشاهد التي يغطيها الدم , و تبصرها عيون قررت ألا تري .
هذا العالم لن يتغير . فقط الإحصائيات تتغير .. زيادة في عدد القطع التي يتفتت إليها الوطن , تباين في أعداد القتلى , و نقص حاد في أعداد الورق الذي يستهلك لصوغ الاتفاقات !
لم أذرف الكثير من الدموع , ولا القليل في الواقع . الحق أنني ..... التكرار ربما ..... يقولون أن الشرايين تتصلب , فهل يفعل القلب ؟
عندما أستلقي على فراشي ليلا أشعر برغبة شديدة في أن أتحسس قلبي . ربما لم يتصلب بالكامل , و إلا بماذا تفسر هذا الوخز ؟!
يوم ممل جدا كما ترى , ومع هذا سأنام لأستعد لاستقبال يوم آخر . فهل ستكف الحياة غدا عن كونها مملة ؟ لنري !
هل تأخرت؟ أعتقد لا . قلت في السابق أنني أصحو مبكرا . لن أصحو متأخرا فقط من باب عدم كسر الروتين .
لا داع لتكرار نفس اسطوانة أمس . فقط سأخبرك إن لم تصطدم بى الفتاة علي السلم .
يا إلهي! لقد فعلتها . خالفت كل توقعاتي و فعلتها . لقد نجا كتفي هذا الصباح .
رباه! الروتين في خطر .
لم تكن هذه هي المفاجأة الأخيرة لهذا اليوم . المفاجأة الأكبر كانت القمامة . لقد اختفت تماما !
أنظر لساعتي . متأخر بالفعل لكني لن أذهب إلي أي مكان قبل أن أفهم .
استفسارات كثيرة خلصت منها إلي التالي:
لقد كانت تحنقها القمامة إلي حد مرعب . من ؟ جارتنا التي أخبرتك عنها .
الجديد هنا أنها لم تكتف بالحنق كمثلنا . بعد شكاواها المتعددة إلي كل الجهات المختصة , و بعد أن أفلست و لم تعد تستطيع إرسال الشكاوي , فكرت أن تجرب أمرا ما .
كي أشرحه علىّ أن أدخل في تفاصيل مرهقة . الخلاصة أن شارعنا يتقاطع مع شارع واسع به موقف سيارات , هذا الشارع الواسع كان كشارعنا بالضبط من ناحية القمامة .
في خطتها قررت استغلال هذا الوضع الجغرافي .
كانت تنهض مبكرا , كل يوم تحمل القمامة من أمام البناية التي تسكن فيها و تضعها في هذا الشارع الكبير ثم تعود و تحمل ما تستطيع حمله من قمامة الشارع و تكومها في ذات المكان .
لم يلتفت أحد إلى ما فعلته ولا ما كانت تنوي فعله , إلي أن زاد الأمر عن الحد و بدأ يعوق حركة السيارات , و كان لابد من خطوة حاسمة .
عادت من كليتها بالأمس , وأخبرت الناس بخطتها . شكك في عقلها من شكك , انكمش من الخوف من انكمش , لكن الكثير عاونها . لقد كوموا القمامة بحيث سدت الشارع تماما و شلت حركة السيارات , و كانت أزمة مروعة بحق . أزمة أجبرت الجميع على التحرك . كان الضغط كبيرا لدرجة جعلت ما حدث شىء كالسحر !
أزيلت القمامة بهمة من كل شوارع الحي , مع التزام وتعهد بحل مشكلة القمامة نهائيا . لن تتكوم القمامة في شوارعنا بعد الآن .
فجأة صار الحي كله نظيفا بفضلها !
حدث كل هذا و أنا نائم بالأمس .. لقد كنت نائما حقا .
عرفت الآن لماذا كانت الفتاة تصطدم بى .. كانت تتولي أمر القمامة كل صباح .. تنطلق مسرعة إلي شقتها التي تعلو شقتي .. تصطدم بى .. تأخذ كتبها و تذهب للكلية .
لا أدري لماذا تسمرت في مكاني أحدق في الشارع النظيف ..لم أعد أبالي بالذهاب إلي الكلية من عدمه . أترنح قليلا وأحاول أن أتزن . رويدا رويدا تتركز أفكاري في شىء واحد .
إذن لقد فعلتها الفتاة !
ليس لي اعتراض علي الغباء بشكل عام , لهذا قررت أن أحتكره .
لم تعد بي رغبة في الذهاب إلي الكلية , و لكن خطرت لي فكرة , فقررت الذهاب . قابلت أصدقائي بوجه غير الذي عرفوه . اتفقنا علي شئ ما . شكوى وقعت عليها المجموعة كلها , ورفعناها للعميد , نشكو فيها من تأخر البيه المعيد الذي أخبرتك عنه . كانت مجرد تجربة , و لقد نجح الأمر .
في اليوم التالي حضر البيه في الميعاد بالضبط . تجارب كثيرة تنتظرنا إذن !
لا أمكث كثيرا في الجامعة بعد انتهاء جدولي , لكن هناك شئ يستحق الذكر .
لقد ضلت طريقها .. الكلمة الجادة -إن كنت تتذكر - ضلت طريقها ووصلت إلي أذني . ليست كلمة واحدة بل كلمات .
هل خمنت لماذا؟ لأنني غيرت الطريق الذي أمضي منه عادة .
" من يعرف كثيرا , يشيب مبكرا " كان هذا أحد آرائي البالية .أيقنت الآن أنني لا أعرف شيئا على الإطلاق , و أنني مازلت صغيرا جدا !
لقد بدأ العلم يتغير . لكنني لم أعرف هذا ...
بل فعلته .
****
منقول
أرجو ان تكون قد أكملت قراءتها فهي رائعة
محبتي وتقديري
أستيقظ مبكرا كعادتي . اعتدت أن أفتح عيني علي الجرائد , أتصفحها في عجالة فقط لأتأكد أن كل شىء ليس علي ما يرام , و أن أشياء جيدة لم تحدث في هذا العالم .
هذا العالم لن يتغير . أدركت هذا بعد الكثير من التجارب . لست مسنا , ولكن عقلي كذلك . متخم بالمعرفة إلي حد يثير الملل . هذا هو عيب الاطلاع . أن تعرف كثيرا معناه أن تشيب مبكرا .
وأنا عرفت , عرفت أكثر من اللازم .
عرفت ماهية الحكم وآليات سيطرته . عرفت القانون السري الذي تخضع له رقاب الناس . عرفت من يصعد ولماذا يصعد , ومن ينسحق ولماذا ينسحق .
عرفت الخوف , كيف يُصَنّع وكيف يُسَوّق , وكيف يستشري كوباء , وكيف يكون شكله عندما يستوطن عيون الناس .
عرفت العسكر , كيف يطيعون , وكيف ينفذون , وكيف يتحولون إلى آلات لا تسمع لا ترى لا تعترض .
عرفت الزيف , كيف يُصاغ , كيف تُنشأ له الهيئات و الصحف والإذاعات والبشر , كيف يُقال كيف يُكتب كيف يصبغ وجه الوطن !
عرفت وعرفت و عرفت , حتى صرت أخاف أن أعرف !
الآن لا أخاف , لأن الجائع لا يخاف . الجائع يتناول إفطاره في عجل ليذهب لكليته . هذا إن لم يكن لدى أمي مانع .
لها عاداتها هي الأخرى , و ها هي ذي تستعد لممارسة عادتها اليومية في جعل حياتي جحيما . ليس سرا أنني وأمي لا نتفق .
أنا لا أتحامل عليها ولا أجرؤ . ربما هو سوء الفهم المتبادل , أو تصادم الحريات , أو ...
- كف عن هذا الهراء .
لنفسي أقولها وأتهيأ للخروج .
علي سلم البناية تصطدم بى . هي جارتنا الهوجاء التي كانت تنطلق للأعلى كالصاروخ . لابد أنها نسيت شيئا ما .. دائما هي تنسي شيئا ما ... دقيقة هي في نسيانها .
إذن فلقد صدمتني هذه المرة أيضا ! ماذا كنت أقول عن تصادم الحريات؟!
ليس لي اعتراض علي الغباء بشكل عام , أما أن يتسبب في خلع كتفي فهذا لا يطاق !
لا أغتم كثيرا في الحقيقة , لأنني في طريقي لرؤية ما سينعشني حالا ! إن أكوام القمامة التي تمرح بطول شارعنا وعرضه قادرة على إنعاشي كما تعلمون !
صدقني ليس من المفيد للصحة أن يفوتك منظر كهذا كل صباح . لو استيقظت يوما و وجدت شارعنا نظيفا لاتجهت مباشرة إلي الطبيب , لأني سأعرف عندئذ أنني أهذي .
ليس أروع من منظر أكوام القمامة إلا منظر أكوام البشر التي تنتظر الحافلة .
لن أجعل هذا يفت في عضدي , وسأقاتل دون مقعد في أول حافلة تمر .
أحظى بمقعد بالفعل , وبمجرد أن أستقر , و أتأكد أن كل عظامي في مكانها أتطلع لساعتي . ربما سأصل مبكرا اليوم .
بمجرد أن أعبر بوابة الجامعة تبدأ أذني في التقاط الأحاديث . إن كلمة جادة واحدة لا تضل طريقها أبدا لتصل إلي أذني .
لا بأس .. أتجه مباشرة إلي مجموعة العملي - أفوت المحاضرات حتى لا أصاب بالفالج - و هناك أضطر أن أفعل الشىء الذي أمقته .. الانتظار . فلابد أن يتأخر البيه " المعيد " كالعادة و لا يعلم إلا الله متى يأتي . في هذه الأثناء تواصل أذني آداء المهمة المقدسة التي خلقت من أجلها .. التقاط الأصوات و ترجمتها .
ليتها تأخذ أجازة كي أستريح من كل هذا الرياء و الكذب و التصنع و الـ.... " المظهرة "
لا أخرج من كل هذا إلا بتأكيد على فكرتي العتيدة " ليست الحياة إلا محاولة مستمرة و دائبة لقول أنا أفضل منك " .
لا يهم ما قيل و ما شُرح ... الصراخ و الصخب و الصداع .. معارك العودة و مهالك الطريق , كل هذا لا يهم .
المهم هو البيت الذي عدت إليه سالما , و الطعام الذي تدعي أمك أنه كذلك . الطعام الذي ستأكل أصابعك ليس ورائه بل بدلا منه إذ ستكون ألذ .
ألتهمه مضطرا في النهاية إذ لا بديل , و أنا أستمع إلي مراسل قناة الـ..... و هو يقول :
" ليس هذا مشهدا من فيلم رعب ردىء الصنعة .. بل مشهدا حقيقيا من قلب العالم .... لأناس يعيشون خارج حدود ضميره .. بمنأى عن دساتيره و أعرافه و مجلس أمنه "
انتهي كلام المراسل و راحت الصور تتوالي . هي ذات المشاهد التي يغطيها الدم , و تبصرها عيون قررت ألا تري .
هذا العالم لن يتغير . فقط الإحصائيات تتغير .. زيادة في عدد القطع التي يتفتت إليها الوطن , تباين في أعداد القتلى , و نقص حاد في أعداد الورق الذي يستهلك لصوغ الاتفاقات !
لم أذرف الكثير من الدموع , ولا القليل في الواقع . الحق أنني ..... التكرار ربما ..... يقولون أن الشرايين تتصلب , فهل يفعل القلب ؟
عندما أستلقي على فراشي ليلا أشعر برغبة شديدة في أن أتحسس قلبي . ربما لم يتصلب بالكامل , و إلا بماذا تفسر هذا الوخز ؟!
يوم ممل جدا كما ترى , ومع هذا سأنام لأستعد لاستقبال يوم آخر . فهل ستكف الحياة غدا عن كونها مملة ؟ لنري !
هل تأخرت؟ أعتقد لا . قلت في السابق أنني أصحو مبكرا . لن أصحو متأخرا فقط من باب عدم كسر الروتين .
لا داع لتكرار نفس اسطوانة أمس . فقط سأخبرك إن لم تصطدم بى الفتاة علي السلم .
يا إلهي! لقد فعلتها . خالفت كل توقعاتي و فعلتها . لقد نجا كتفي هذا الصباح .
رباه! الروتين في خطر .
لم تكن هذه هي المفاجأة الأخيرة لهذا اليوم . المفاجأة الأكبر كانت القمامة . لقد اختفت تماما !
أنظر لساعتي . متأخر بالفعل لكني لن أذهب إلي أي مكان قبل أن أفهم .
استفسارات كثيرة خلصت منها إلي التالي:
لقد كانت تحنقها القمامة إلي حد مرعب . من ؟ جارتنا التي أخبرتك عنها .
الجديد هنا أنها لم تكتف بالحنق كمثلنا . بعد شكاواها المتعددة إلي كل الجهات المختصة , و بعد أن أفلست و لم تعد تستطيع إرسال الشكاوي , فكرت أن تجرب أمرا ما .
كي أشرحه علىّ أن أدخل في تفاصيل مرهقة . الخلاصة أن شارعنا يتقاطع مع شارع واسع به موقف سيارات , هذا الشارع الواسع كان كشارعنا بالضبط من ناحية القمامة .
في خطتها قررت استغلال هذا الوضع الجغرافي .
كانت تنهض مبكرا , كل يوم تحمل القمامة من أمام البناية التي تسكن فيها و تضعها في هذا الشارع الكبير ثم تعود و تحمل ما تستطيع حمله من قمامة الشارع و تكومها في ذات المكان .
لم يلتفت أحد إلى ما فعلته ولا ما كانت تنوي فعله , إلي أن زاد الأمر عن الحد و بدأ يعوق حركة السيارات , و كان لابد من خطوة حاسمة .
عادت من كليتها بالأمس , وأخبرت الناس بخطتها . شكك في عقلها من شكك , انكمش من الخوف من انكمش , لكن الكثير عاونها . لقد كوموا القمامة بحيث سدت الشارع تماما و شلت حركة السيارات , و كانت أزمة مروعة بحق . أزمة أجبرت الجميع على التحرك . كان الضغط كبيرا لدرجة جعلت ما حدث شىء كالسحر !
أزيلت القمامة بهمة من كل شوارع الحي , مع التزام وتعهد بحل مشكلة القمامة نهائيا . لن تتكوم القمامة في شوارعنا بعد الآن .
فجأة صار الحي كله نظيفا بفضلها !
حدث كل هذا و أنا نائم بالأمس .. لقد كنت نائما حقا .
عرفت الآن لماذا كانت الفتاة تصطدم بى .. كانت تتولي أمر القمامة كل صباح .. تنطلق مسرعة إلي شقتها التي تعلو شقتي .. تصطدم بى .. تأخذ كتبها و تذهب للكلية .
لا أدري لماذا تسمرت في مكاني أحدق في الشارع النظيف ..لم أعد أبالي بالذهاب إلي الكلية من عدمه . أترنح قليلا وأحاول أن أتزن . رويدا رويدا تتركز أفكاري في شىء واحد .
إذن لقد فعلتها الفتاة !
ليس لي اعتراض علي الغباء بشكل عام , لهذا قررت أن أحتكره .
لم تعد بي رغبة في الذهاب إلي الكلية , و لكن خطرت لي فكرة , فقررت الذهاب . قابلت أصدقائي بوجه غير الذي عرفوه . اتفقنا علي شئ ما . شكوى وقعت عليها المجموعة كلها , ورفعناها للعميد , نشكو فيها من تأخر البيه المعيد الذي أخبرتك عنه . كانت مجرد تجربة , و لقد نجح الأمر .
في اليوم التالي حضر البيه في الميعاد بالضبط . تجارب كثيرة تنتظرنا إذن !
لا أمكث كثيرا في الجامعة بعد انتهاء جدولي , لكن هناك شئ يستحق الذكر .
لقد ضلت طريقها .. الكلمة الجادة -إن كنت تتذكر - ضلت طريقها ووصلت إلي أذني . ليست كلمة واحدة بل كلمات .
هل خمنت لماذا؟ لأنني غيرت الطريق الذي أمضي منه عادة .
" من يعرف كثيرا , يشيب مبكرا " كان هذا أحد آرائي البالية .أيقنت الآن أنني لا أعرف شيئا على الإطلاق , و أنني مازلت صغيرا جدا !
لقد بدأ العلم يتغير . لكنني لم أعرف هذا ...
بل فعلته .
****
منقول
أرجو ان تكون قد أكملت قراءتها فهي رائعة
محبتي وتقديري
رغبة مجنونة تراودني الان !! أن العب بالماء والصابون واصنع فقاعات صابون وأتابع تطايرها في الهواء و أن اطلق على الفقاعات أسماء أرواحخذلتني ورحلت، و أتابع انفجارها في الهواء بــ صمت ....








