تسجيل الدخول

بقلم: إبراهيم قرصاص

أصبح واضحا منذ اللحظة أن ّ التغني بالقومية العربية كان أكبر سجلّ تجاري في مخافر النظام المصري، الذي ينتصر اليوم للفرعونية الأولى وهو لا يخفي ذلك، بل عمل على تثبيتها منذ معاهدة كامب ديفيد.
ولا يتورّع بعض المصريين في الجهر بإدارة الظّهر إلى كل القضايا العربية، سواء على صعيد النخبة السياسية أو أتباعها من الذيليين الذين أنجزوا نجومية مغشوشة، في الثقافة، كما في الفن، كما في غيرهما من قطاعات الحياة في مصر.
وليس صحيحا من يقول أن هناك مؤامرات لتشتيت وحدة الصف العربي من طرف إسرائيل، لأن طبيعة الأنظمة العربية تختلف من بلد إلى بلد آخر، فمنذ الوهلة الأولى كان بعض المصريين سجناء ذلك العار الذي خلّفته قابليتهم للأقوى، فحققوا إنجاز الهزيمة أمام إسرائيل الطامعة في رقعة جغرافية وتاريخية تحفظ كيانها، بمقابل ظرفي له ديمومة في التاريخ.
بعض المصريين لا يهمهم في العرب إلا ّ ما يعمّق ثقافة التعالي الموروثة عن الوثنية الفرعونية، والعيب ليس في مصر الحديثة، لأنها جرّبت عدم قدرتها على التعاطي مع القيم الإسلامية الداعية إلى تحصين القدسيات، فهربت إلى العبودية التي ميّزت بلاد النيل ما قبل التاريخ و فضّلتها على متطلبات التصاعد الحضاري الإسلامي في المنطقة، ولاحظوا معي كيف حضرت نفسية "التفرعن" – بمناسبة مقابلة رياضية / سياسية وانتخابية، بقوة لدى الانسان المصري، حتى لدى أبرز علماء الإسلام في عصرنا وهو الشيخ يوسف القرضاوي.
ومن سوء حظ النظام المصري أنه لم ينتبه إلى توظيف كولسته المعهودة والمعروفة عليه، قبل إجراء قرعة الاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى يتجنّب مجموعة الجزائر، في المجموعة الإفريقية المؤهلة إلى كأس العالم، فهو أخطأ حساباته السياسية منذ البداية، لأنه لو لا المناسبة الانتخابية في مصر، ما كان قناع العداوة يسقط بهذه السهولة وما كنّا في الجزائر نكتشف حقيقة المصريين، من أعلى هرم في السلطة إلى أسفله في الشارع.
يبقى أن أقول أن نظام حسني مبارك نفع الجزائريين، من حيث أساء إليهم وإلى تاريخهم ورموزهم، فنحن في الجزائر، كنّا في حاجة إلى مثل هذه الصدمة الإنسانية، حتى نتأكّد أن الوطن أكبر من الروابط الوهمية مع دولة لا تعير لنا أدنى احترام ومع نظام لا ينتج النخبة العاقلة، بقدر ما هو قادر على إنتاج النخبة التي تضحي بكل شيء في سبيل سلطتها ولو كان ذلك على حساب التاريخ والدّين والشرف.
علينا في الجزائر أن نتعاون ونتكاتف، حتى ونحن مختلفين ومتناقضين، لأن لا أحد سيرحم انقسامنا، في لحظة من اللحظات، علينا أن نتصالح عاطفيا مع بعضنا ومع وطننا، الذي يتوفّر على نوعيات بشرية وطبيعية، هي أرقى بكثير من ماهو موجود في مصر، التي تراجعت بسرعة إلى أزمنة الظلام الفرعوني، حتى وهي تشعّ بعلمائها ونخبها الثقافية والفنية الزائفة.
ومن مهازل التاريخ أن تكون كرة "جلد منفوخ" هي التي تعيد للجزائريين تلاحمهم وبالمقابل هي التي تفضح أنياب الشّر والقبح المصري "العروبي" والأعرابي، وهذه الحقيقة تؤكد أن ّ الرياضة فعلا وسيلة سلام ومحبّة، لأنها تكشف خبايا الضمائر وتميط لثام الحبّ الكاذب عن الحب ّ الحقيقي، والحمد لله أن الجزائري اليوم عرف من هم "الفراعنة" بالضبط، كما اكتشف الفراعنة من هو هذا الجزائري الثوري الرجولي بالتحديد.
---------------------
طالع المقال على هذا الرابط
---------------------

http://www.mutawassetonline.com/inde...59-07&Itemid=5

والله معاه حق المديع ابراهيم قرصاص في كل ما قال وشكرا على النقل المميز