ترجمة العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
29-09-2007, 05:39 AM
وبعد: فإن الأحاديث النبوية والآثار المحمدية أصل العلوم بعد القرآن، وقاعدة الشريعة وأركان الإيمان، وقد ضل أقوام على مدى الأزمان، لغفلتهم عن هذا الأصل بعد القرآن فتخبطوا في بعض البدع والضلالات، وما شر منها من الإلحاد والشركيات، حتى أتى على الناس زمان ما كان يعرف فيه التعصب لفلان وفلان من أرباب التمذهب وعلماء الكلام، فقل الخير وزاد الشر والضير.
وفي أثناء ذلك كله يبعث الله على رأس كل قرن، من يجدد لهذه الأمة الدين وما اندرس من السنن، الا أن اليمن مع هذا كانت لا تزال في غياهب الجهالات، من التصوف والاعتزال المهلكات، من الأئمة المحدثين كمعمر وعبد الرزاق اللذين طلبا الحديث من الآفاق، رغم أنه كان يتخلل هذه الفترة نهضات علمية على أيدي علماء أجلاء كابن الوزير والصنعاني والشوكاني وغيرهم، إلا أن ثمرتها لم تكن كثمرة دعوة عبد الرزاق ومعمر ثم شيخنا رحمه الله.
ثم بعث الله لليمن من يجدد لها الدين ويحيي السنن، ويذود عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين.
فانبثق نور شع في اليمن كلها، وتعداها إلى ما وراء البحار من بلاد العرب والعجم وغيرها من الديار، فصار الناس بعده إلى السنن والآثار، ونبذوا التصوف والاعتزال، والتشيع وغيرها من الغلال.
ذلك النور هو شيخنا العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي، رحمة الله عليه.
الذي رحل إليه الطلاب العلم من سائر الديار، ينهلون من علم القرآن والسنة والآثار، فأظهر الله على يده خيرا عظيما، أغاظ أهل البدع والأهواء والضلالات، فأجمعوا كيدهم ومكرهم، لإطفاء هذا النور الذي كشف عوارهم وأضرهم، {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره}، و أعادوا الكرة بعد الكرة وفي كل مرة لا تنجح الفكرة.
ثم لجئوا بعد الإفلاس والإملاق، إلى البهت والكذب، تشويها لسيرة الشيخ ودعوته، واستعانوا على ذلك بفئات من أهل الدنيا والتحزبات، فقام الشيخ بالخطب والمحاضرات، تبينا لسبيل الدعوة ونقضا للافتراءات، ثم ألف كتابه هذه دعوتنا وعقيدتنا، فبين فيه سبيل الدعوة المباركة، وتضمن الكتاب ذكر ما ألفه طلبة العلم وعلى رأسهم شيخنا رحمه الله.
وقد وفق شيخنا رحمه الله توفيقا عظيما، ووضع الله فيه بركة جمة، فمع أنه نشأ يتيماً في حجر أم تنهاه عن العلم، وترغه في الدنيا - نسأل الله أن يغفر لنا وله - ، ومع ترعرعه في بيئة زيدية طغى عليها الجهل، حتى أنه ليحرم فيها القبيلي من أمثال الشيخ من إتقان القراءة والكتابة، ويعاب عليه ذلك فضلاً عن طلب العلم، ومع طلبه المتأخر للعلم الشرعي - فقد طلب العلم في أرض الحرمين وعمره خمسة وثلاثون عاما تقريباً، ومع هذا قيض الله على يديه خيراً كبيراً بالمقارنة مع بعض الأئمة المعاصرين الذين نشئوا في أول أمرهم في بيئة علمية - ، ومع تكالب الأعداء عليه من كل مكان، ومع حالته الصحية المتردية.
مع كل هذا وذاك فقد أقام الله به اليمن دعوة ملأت الأرجاء في غضون عشرين سنة، لا تكاد تسمع لهذه الدعوة نظيراً في اليمن بعد عصر الإمامين معمر وعبد الرزاق.
ومع انشغاله رحمه الله بالدعوة والتدريس ورّث الأمة أكثر من خمسين مؤلفا منه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، الذي يساوي وحده الدنيا بأسرها، إذ هو تتمة للصحيحين.
دراسته ومشايخه:
يقول الشيخ:
درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم، لأنه ما كان هناك من يرغب أو يساعد على طلب العلم، وكنت محباً لطلب العلم، وطلبت العلم في جامع الهادي فلم أساعد على طلب العلم، وبعد زمن اغتربت إلى أرض الحرمين ونجد، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها؟ فأرشد إلى "صحيح البخاري"، "وبلوغ المرام"، و"رياض الصالحين"، و"فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"، وأعطاني نسيخات من مقررات التوحيد، وكنت حارساً في عمارة الحجون بمكة، فعكفت على تلك الكتب، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا على خلاف ما فيها، خصوصا "فتح المجيد".
وبعد مدة من الزمن رجعت الى بلدي أنكر كل ما رأيته مخالفاً ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله، وبناء القباب على الأموات، ونداء الأموات، فبلغ الشيعة ذلك، فأنكروا ما أنا عليه، فقائل يقول منهم: من بدل دينه اقتلوه، وآخر يرسل إلى أقربائي يقول إن لم تمنعوه فسنسجنه، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني "جامع الهادي" من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي، ويدندن بعضهم بقول الشاعر:
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى **** فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وبعد ذلك دخلت الدراسة عندهم في جامع الهادي ومدير الدراسة القاضي (مطهر حنش)، فدرست في "العقد الثمين"، وفي "الثلاثين المسألة وشرحها" لحابس، ومن الذين درسونا فيها (محمد بن حسن المتميز) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة، وأنا أكتم عقيدتي، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة وأرسلت يدي، ودرسنا في "متن الأزهار" إلى النكاح مفهوما ومنطوقا، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه.
فلما رأيت الكتب المدرسة غير مفيدة، حاشا النحو فإني درست عندهم "الآجرومية" و"قطر الندى"، ثم طلبت من القاضي (قاسم بن يحي شويل) أن يدرسني في "بلوغ المرام"، وأنكر علينا ذلك ثم تركنا، فلما رأيت أن الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال على النحو فدرست "قطر الندى" مراراً على (إسماعيل حطبة) رحمه الله في المسجد الذي أسكن فيه ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الاهتمام، وفي ذات مرة أتى إلى المسجد (محمد بن حورية) فنصحته أن يترك التنجيم فنصحهم أن يطردوني من الدراسة، فشفعوا لي عنده وسكت، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في "القطر" ويقول: (قبيلي صبن غرارة) بمعنى أن التعليم لا يؤثر في وأنا أسكت وأستفيد في النحو.
حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا إلى نجران ولازمت (أبا الحسين مجد الدين المؤيد) واستفدت منه خصوصا في اللغة العربية ومكثت بنجران قدر سنتين، فلما تأكدت أن الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت على الرحلة إلى الحرمين ونجد، وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للشيخ (محمد بن سنان الحدائي) حفظه الله، ولقد كان مكرما لي لما رأى من استفادتي وينصحني باستمرار مدة حتى يرسلني إلى (الجامعة الإسلامية)، فتغير علي الجو بالرياض، وعزمت على السفر إلى مكة، فكنت أشتغل إن وجدت شغلا، وأطلب العلم في الليل أحضر دروس الشيخ (يحي بن عثمان الباكستاني) في "تفسير ابن كثير"، والبخاري، ومسلم.
وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين:
أحدهما: القاضي (يحي الاشول) صاحب معمرة، فكنت أدرس عنده في "سبل السلام" للصنعاني ويدرسني في أي شيء أطلب منه.
الثاني: الشيخ (عبد الرزاق الشاحذي المحويتي) وكان أيضا يدرسني فيما أطلب منه.
ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم، فنجحت والحمد لله، وكان من أبرز مشايخنا فيه الشيخ (عبد العزيز السبيل)، ودرست مع بعض طلبة المعهد عند الشيخ (عبد الله بن حميد) رحمه الله في "التحفة السنية" بعد العشاء في الحرم، فكان رحمه الله يأتي بفوائد من "شرح ابن عقيل" وغيره، وكانت فوق مستوى زملائي فتملصوا، فترك رحمه الله الدرس.
ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ (محمد السبيل) حفظه الله شيئا من الفرائض.
وبعد الخروج من المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين والدراسة في الحرم نفسه، وبركة دراسة المساجد معلومة، ولا تسأل عن أنس وراحة كنا فيها، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده".
النهار في دراسة المعهد، والدروس كلها تخدم العقيدة والدين، ومن بعد العصر إلى بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "إنه طعام طعم وشفاء سقم" ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة.
ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ (عبد العزيز بن راشد النجدي) صاحب "تيسير الوحيين في الاقتصار على القرآن والصحيحين" فازددت يقيناً ببطلان كلامه رحمه الله، وكان رجل التوحيد وله معرفة قوية بعلم الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه.
ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ (محمد بن عبد الله الصومالي) فقد حضرت عنده حوالي سبعة أشهر أو أكثر، وكان رحمه الله آية في معرفة رجال الشيخين، ومنه استفدت كثيرا في علم الحديث، على إني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة.
وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية، وكل الدروس دينية، انتقلنا إلى المدينة إلى الجامعة الإسلامية، فحول أكثرنا إلى كلية الدعوة وأصول الدين، وأبرز من درسنا فيها الشيخ (السيد محمد الحكيم) والشيخ (محمود عبد الوهاب فائد) المصريان.
وعند إن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة، لأمرين: أحدهم: التزود من العلم، الثاني: إن الدروس متقاربة وبعضها متحدة، فهي تعتبر مراجعة لما درسناه في كلية الدعوة وانتهيت بحمد الله من الكليتين، وأعطيت شهادتين وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات، المعتبر عندي هو العلم.
وفي عام انتهائنا من الكليتين فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونه بالماجستير، فتقدمت لأخبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث، وبحمد الله حصلت الفائدة التي أحبها، وكان من أبرز من درسنا الشيخ (محمد أمين المصري) رحمه الله، والشيخ (السيد محمد الحكيم المصري) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الانصاري) وكنت أحضر بعض الليالي درس الشيخ (عبد العزيز بن باز) في الحرم المدني في صحيح مسلم، وأحضر كذلك مع الشيخ (الألباني) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة.
ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا أدرس بعض طلبة العلم في "قطر الندى" وفي "التحفة السنية"، وعند أن كنت بالمدينة كنت أدرس بعض إخواني بالحرم المدني في "التحفة السنية" ثم وعدت إخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في "جامع الترمذي"، و"قطر الندى"، و"الباعث الحثيث"، واتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات، بعض أهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها، و(مقبل بن هادي) وبعض إخوانه هم الذين يقومون بتعليم إخوانهم، وأما الرحلات للدعوة إلى الله في جميع أنحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم، طالب العلم للتزود من العلم ولإفادت الآخرين، والعمي للتعلم، حتى استفاد كثير من العامة وأحبوا الدعوة.
ولما وصلت إلى اليمن عدت إلى قريتي ومكثت بها أعلم الأولاد القرآن، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم، وأنا آنذاك لا أعرف مسؤلا ولا شيخ قبيلة فأقول: حسبي الله ونعم الوكيل، وإذا ضقت أذهب إلى صنعاء أو إلى حاشد، أو إلى ذمار، وهكذا إلى تعز و إب والحديدة، دعوة وزيارة للإخوان في الله.
وبعد هذا مكثت في مكتبتي - بعد مشقة ومساعدة بعض الإخوان في استردادها - وما هي الا أيام وفتحت دروساً مع بعض الإخوة المصريين في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة، وبعد هذا مازال طلبة العلم يفدون من مصر، ومن الكويت ومن أرض الحرمين ونجد... وكثير من البلاد الإسلامية وغيره.
ويقدر طلبة الشيخ بحوالي ألف طالب، والعوائل نحو خمسمائة عائلة.
الدروس التي تلقى:
تفسير ابن كثير بعد الظهر.
صحيح البخاري بعد العصر.
صحيح مسلم، وبعده مستدرك الحاكم بين مغرب وعشاء.
الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين قبل الظهر.
الصحيح المسند من دلائل النبوة.
الجامع الصحيح في القدر.
وقال الشيخ رحمه الله : "كنت أدرس في "شرح ابن عقيل" ثم مرضت فتركت.
أما إخواني في الله فإنهم قائمون بدروس لإخوانهم في جميع المجالات العلمية على مستوى الطلاب في: التوحيد، والعقيدة، والفقه وأصوله، والحديث وأصوله، والفرائض، والنحو، والخط والإملاء وجميع ما يحتاج إليه الطالب من العلوم الدينية ووسائلها، وإذا ضاق المسجد والسكنات، ففي الوادي وتحت الشجار، وتلقى هناك الدروس، علم طيب وهواء طيب.
والفضل في هذا لله وحده".
بعض مؤلفات الشيخ مقبل:
1 - الطليعة في الرد على غلاة الشيعة.
2 - تحريم الخضاب بالسواد.
3 - شرعية الصلاة في النعال.
4 - الصحيح المسند من أسباب النزول.
5 - حول القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
6 - الشفاعة.
7 - رياض الجنة في الرد على أعداء السنة.
8 - الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.
9 - السيوف الباترة لإلحاد الشيوعية الكافرة.
10 - المخرج من الفتنة.
11 - الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.
12 - قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد.
13 - إجابة السائل عن أهم المسائل.
14 - أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
15 - تحفة الشاب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني.
16 - غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل.
17 - إيضاح المقال في أسباب الزلزال.
18 - إعلان النكير على أصحاب عيد الغدير.
19 - إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان.
20 - فضائح ونصائح.
21 - البركان لنسف جامعة الإيمان.
22 - إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي.
23 - تحفة المجيب عن أسئلة الحاضر والغريب.
24 - الزنداني ومجلس الشورى للشيخات في اليمن.
25 - صعفة الزلزال لنسف أباطيل أهل الرفض والاعتزال.
لشيخنا مقبل - رحمه الله - جهد مشكور، وسعي مبرور في الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصبر على تحمل الأذى هنا وهناك في سبيل نشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل يستوي هؤلاء بأناس وجدوها لقمة سائغة؟ هل يستوي من لطم على وجهه، وسجن وطرد في سبيل نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمن وجد الأمر قد تحول فأصبح أهل السنة وأهل الحديث لهم الكلمة والاحترام فمشى في ركبهم.
وشيخنا مقبل لم يزدد ماله شيئا من وراء عمله العلمي ولا الدعوة إلى الله، وإنما يدفع من ماله لطلبة العلم والدعوة إلى الله.
فهل يستوي مع من أصبح من أصحاب الأموال الطائلة من وراء عمله العلمي، وإخراج الكتب.
وشيخنا مقبل رحمه الله آمر بالمعروف، ناه عن المنكر قوال بالحق من غير مداراة لا يبالي بمن خالفه عندما يظهر الحق.
فهو فيما يراه حقا لا يداهن، ولا يجامل بل ولا يداري، فسبب ذلك له عداوة بعض الناس، وهو مع هذا ظاهره كباطنه لا يمكر بأحد، بل إذا وجد على أحد أظهر كل ما في نفسه، وظهر على وجهه.
وطلبته الكثير منهم بل أكثرهم كان سبباً في هدايتهم، فكثير منهم كانوا على بدعة التشيع فهداهم الله بسببه، وتوجهوا لطلب العلم النافع، وبعضهم كانوا مستقيمين ولكنهم لم يكونوا متجهين لطلب العلم النافع، ولا يعرفون الطريق إليه، فجعل الله شيخنا مقبلا سببا في هدايتهم لطريق العلم النافع، فقد انتفع به أقوام كثيرون فجزاه الله خير الجزاء
وهو رجل علم ودعوة من غير إثارة فتن ولا فوضى ولا طلب مناصب ولارياسة ولا شهرة.
وهو رجل علم وعمل، فهو يتعلم ليعمل بعلمه، فما من سنة يتعلمها إلا وهو يبادر بالعمل بها.
وهو رجل وقاف عند نصوص الكتاب والسنة لا يستنكف أن يتراجع عن رأيه إذا رده أحد بنص من كتاب الله، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان على رؤوس الأشهاد.
وهو رجل قنوع يرضى بالقليل من أمور الدنيا، أقل شيء منها يكفيه، المهم عنده أن يعيش بين الصحيحين وسائر السنن، وتفسير ابن كثير، وقبل ذلك كتاب الله، وكتب الرجال، وغيرها من كتب العلم.
وهو رجل يصدر بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرده عن قول الحق شيء مهما كلفه، ومهما خسر في ذلك.
وعلى أي حال فهو بشر يصيب ويخطئ، ولكن يكفيه أن صوابه أكثر من خطئه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة، لاتكاد تجد منها راحلة".
ونحن إذ نشرنا ترجمة الشيخ رحمه الله نريد من ذلك التعريف به، ونرجو منها أيضاً أن تكون حافزاً للشباب لكي يجدوا ويجتهدوا في طلب العلم النافع والعمل به.
أكثر من خمسين مؤلفا منه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، الذي يساوي وحده الدنيا بأسرها، إذ هو تتمة للصحيحين.
من مقبل بن هادي الوداعي؟
يقول الشيخ رحمه الله: أنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة - اسم رجل - الهمداني الوادعي الخلالي، من قبيلة آل راشد. وشيباتنا يقولون: أن وادعة من بكيل.
أنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج، ووادعة في بلاد شتى من البلاد اليمنية، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صعدة، فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة، وبصحوة في أعلى دماج تحت جبل براش، وبالدرب، وآل حجاج، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبه. وبشمال صعدة الزور، وآل نائل، وآل رطاس، والرزمات في وادي نشور. وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد.
ووادعة في نجران في أعلى وادي نجران، ووادعة في ظهران الجنوب.
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شابا ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب. وإني أحمد الله، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة، بعضهم بدافع الدين، وبعضهم بدافع التعصب القبلي، ولولا الله ثم هم لما أبقى لنا أعداء الدعوة خصوصا شيعة صعدة عينا ولا أثرا.
وقد ولد الشيخ العلامة رحمه الله سنة 1944 وقد كانت وفاته مع غروب شمس السبت 30 ربيع الآخر 1422هـ/2001م في مدينة جدة بعد رحلة علاجية دامت أكثر من سنة.
من كتاب ترجمة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - بتصرف -
أبو حاتم الطبني
وفي أثناء ذلك كله يبعث الله على رأس كل قرن، من يجدد لهذه الأمة الدين وما اندرس من السنن، الا أن اليمن مع هذا كانت لا تزال في غياهب الجهالات، من التصوف والاعتزال المهلكات، من الأئمة المحدثين كمعمر وعبد الرزاق اللذين طلبا الحديث من الآفاق، رغم أنه كان يتخلل هذه الفترة نهضات علمية على أيدي علماء أجلاء كابن الوزير والصنعاني والشوكاني وغيرهم، إلا أن ثمرتها لم تكن كثمرة دعوة عبد الرزاق ومعمر ثم شيخنا رحمه الله.
ثم بعث الله لليمن من يجدد لها الدين ويحيي السنن، ويذود عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين.
فانبثق نور شع في اليمن كلها، وتعداها إلى ما وراء البحار من بلاد العرب والعجم وغيرها من الديار، فصار الناس بعده إلى السنن والآثار، ونبذوا التصوف والاعتزال، والتشيع وغيرها من الغلال.
ذلك النور هو شيخنا العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي، رحمة الله عليه.
الذي رحل إليه الطلاب العلم من سائر الديار، ينهلون من علم القرآن والسنة والآثار، فأظهر الله على يده خيرا عظيما، أغاظ أهل البدع والأهواء والضلالات، فأجمعوا كيدهم ومكرهم، لإطفاء هذا النور الذي كشف عوارهم وأضرهم، {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره}، و أعادوا الكرة بعد الكرة وفي كل مرة لا تنجح الفكرة.
ثم لجئوا بعد الإفلاس والإملاق، إلى البهت والكذب، تشويها لسيرة الشيخ ودعوته، واستعانوا على ذلك بفئات من أهل الدنيا والتحزبات، فقام الشيخ بالخطب والمحاضرات، تبينا لسبيل الدعوة ونقضا للافتراءات، ثم ألف كتابه هذه دعوتنا وعقيدتنا، فبين فيه سبيل الدعوة المباركة، وتضمن الكتاب ذكر ما ألفه طلبة العلم وعلى رأسهم شيخنا رحمه الله.
وقد وفق شيخنا رحمه الله توفيقا عظيما، ووضع الله فيه بركة جمة، فمع أنه نشأ يتيماً في حجر أم تنهاه عن العلم، وترغه في الدنيا - نسأل الله أن يغفر لنا وله - ، ومع ترعرعه في بيئة زيدية طغى عليها الجهل، حتى أنه ليحرم فيها القبيلي من أمثال الشيخ من إتقان القراءة والكتابة، ويعاب عليه ذلك فضلاً عن طلب العلم، ومع طلبه المتأخر للعلم الشرعي - فقد طلب العلم في أرض الحرمين وعمره خمسة وثلاثون عاما تقريباً، ومع هذا قيض الله على يديه خيراً كبيراً بالمقارنة مع بعض الأئمة المعاصرين الذين نشئوا في أول أمرهم في بيئة علمية - ، ومع تكالب الأعداء عليه من كل مكان، ومع حالته الصحية المتردية.
مع كل هذا وذاك فقد أقام الله به اليمن دعوة ملأت الأرجاء في غضون عشرين سنة، لا تكاد تسمع لهذه الدعوة نظيراً في اليمن بعد عصر الإمامين معمر وعبد الرزاق.
ومع انشغاله رحمه الله بالدعوة والتدريس ورّث الأمة أكثر من خمسين مؤلفا منه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، الذي يساوي وحده الدنيا بأسرها، إذ هو تتمة للصحيحين.
دراسته ومشايخه:
يقول الشيخ:
درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم، لأنه ما كان هناك من يرغب أو يساعد على طلب العلم، وكنت محباً لطلب العلم، وطلبت العلم في جامع الهادي فلم أساعد على طلب العلم، وبعد زمن اغتربت إلى أرض الحرمين ونجد، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها؟ فأرشد إلى "صحيح البخاري"، "وبلوغ المرام"، و"رياض الصالحين"، و"فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"، وأعطاني نسيخات من مقررات التوحيد، وكنت حارساً في عمارة الحجون بمكة، فعكفت على تلك الكتب، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا على خلاف ما فيها، خصوصا "فتح المجيد".
وبعد مدة من الزمن رجعت الى بلدي أنكر كل ما رأيته مخالفاً ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله، وبناء القباب على الأموات، ونداء الأموات، فبلغ الشيعة ذلك، فأنكروا ما أنا عليه، فقائل يقول منهم: من بدل دينه اقتلوه، وآخر يرسل إلى أقربائي يقول إن لم تمنعوه فسنسجنه، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني "جامع الهادي" من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي، ويدندن بعضهم بقول الشاعر:
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى **** فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وبعد ذلك دخلت الدراسة عندهم في جامع الهادي ومدير الدراسة القاضي (مطهر حنش)، فدرست في "العقد الثمين"، وفي "الثلاثين المسألة وشرحها" لحابس، ومن الذين درسونا فيها (محمد بن حسن المتميز) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة، وأنا أكتم عقيدتي، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة وأرسلت يدي، ودرسنا في "متن الأزهار" إلى النكاح مفهوما ومنطوقا، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه.
فلما رأيت الكتب المدرسة غير مفيدة، حاشا النحو فإني درست عندهم "الآجرومية" و"قطر الندى"، ثم طلبت من القاضي (قاسم بن يحي شويل) أن يدرسني في "بلوغ المرام"، وأنكر علينا ذلك ثم تركنا، فلما رأيت أن الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال على النحو فدرست "قطر الندى" مراراً على (إسماعيل حطبة) رحمه الله في المسجد الذي أسكن فيه ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الاهتمام، وفي ذات مرة أتى إلى المسجد (محمد بن حورية) فنصحته أن يترك التنجيم فنصحهم أن يطردوني من الدراسة، فشفعوا لي عنده وسكت، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في "القطر" ويقول: (قبيلي صبن غرارة) بمعنى أن التعليم لا يؤثر في وأنا أسكت وأستفيد في النحو.
حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا إلى نجران ولازمت (أبا الحسين مجد الدين المؤيد) واستفدت منه خصوصا في اللغة العربية ومكثت بنجران قدر سنتين، فلما تأكدت أن الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت على الرحلة إلى الحرمين ونجد، وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للشيخ (محمد بن سنان الحدائي) حفظه الله، ولقد كان مكرما لي لما رأى من استفادتي وينصحني باستمرار مدة حتى يرسلني إلى (الجامعة الإسلامية)، فتغير علي الجو بالرياض، وعزمت على السفر إلى مكة، فكنت أشتغل إن وجدت شغلا، وأطلب العلم في الليل أحضر دروس الشيخ (يحي بن عثمان الباكستاني) في "تفسير ابن كثير"، والبخاري، ومسلم.
وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين:
أحدهما: القاضي (يحي الاشول) صاحب معمرة، فكنت أدرس عنده في "سبل السلام" للصنعاني ويدرسني في أي شيء أطلب منه.
الثاني: الشيخ (عبد الرزاق الشاحذي المحويتي) وكان أيضا يدرسني فيما أطلب منه.
ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم، فنجحت والحمد لله، وكان من أبرز مشايخنا فيه الشيخ (عبد العزيز السبيل)، ودرست مع بعض طلبة المعهد عند الشيخ (عبد الله بن حميد) رحمه الله في "التحفة السنية" بعد العشاء في الحرم، فكان رحمه الله يأتي بفوائد من "شرح ابن عقيل" وغيره، وكانت فوق مستوى زملائي فتملصوا، فترك رحمه الله الدرس.
ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ (محمد السبيل) حفظه الله شيئا من الفرائض.
وبعد الخروج من المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين والدراسة في الحرم نفسه، وبركة دراسة المساجد معلومة، ولا تسأل عن أنس وراحة كنا فيها، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده".
النهار في دراسة المعهد، والدروس كلها تخدم العقيدة والدين، ومن بعد العصر إلى بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "إنه طعام طعم وشفاء سقم" ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة.
ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ (عبد العزيز بن راشد النجدي) صاحب "تيسير الوحيين في الاقتصار على القرآن والصحيحين" فازددت يقيناً ببطلان كلامه رحمه الله، وكان رجل التوحيد وله معرفة قوية بعلم الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه.
ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ (محمد بن عبد الله الصومالي) فقد حضرت عنده حوالي سبعة أشهر أو أكثر، وكان رحمه الله آية في معرفة رجال الشيخين، ومنه استفدت كثيرا في علم الحديث، على إني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة.
وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية، وكل الدروس دينية، انتقلنا إلى المدينة إلى الجامعة الإسلامية، فحول أكثرنا إلى كلية الدعوة وأصول الدين، وأبرز من درسنا فيها الشيخ (السيد محمد الحكيم) والشيخ (محمود عبد الوهاب فائد) المصريان.
وعند إن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة، لأمرين: أحدهم: التزود من العلم، الثاني: إن الدروس متقاربة وبعضها متحدة، فهي تعتبر مراجعة لما درسناه في كلية الدعوة وانتهيت بحمد الله من الكليتين، وأعطيت شهادتين وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات، المعتبر عندي هو العلم.
وفي عام انتهائنا من الكليتين فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونه بالماجستير، فتقدمت لأخبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث، وبحمد الله حصلت الفائدة التي أحبها، وكان من أبرز من درسنا الشيخ (محمد أمين المصري) رحمه الله، والشيخ (السيد محمد الحكيم المصري) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الانصاري) وكنت أحضر بعض الليالي درس الشيخ (عبد العزيز بن باز) في الحرم المدني في صحيح مسلم، وأحضر كذلك مع الشيخ (الألباني) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة.
ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا أدرس بعض طلبة العلم في "قطر الندى" وفي "التحفة السنية"، وعند أن كنت بالمدينة كنت أدرس بعض إخواني بالحرم المدني في "التحفة السنية" ثم وعدت إخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في "جامع الترمذي"، و"قطر الندى"، و"الباعث الحثيث"، واتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات، بعض أهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها، و(مقبل بن هادي) وبعض إخوانه هم الذين يقومون بتعليم إخوانهم، وأما الرحلات للدعوة إلى الله في جميع أنحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم، طالب العلم للتزود من العلم ولإفادت الآخرين، والعمي للتعلم، حتى استفاد كثير من العامة وأحبوا الدعوة.
ولما وصلت إلى اليمن عدت إلى قريتي ومكثت بها أعلم الأولاد القرآن، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم، وأنا آنذاك لا أعرف مسؤلا ولا شيخ قبيلة فأقول: حسبي الله ونعم الوكيل، وإذا ضقت أذهب إلى صنعاء أو إلى حاشد، أو إلى ذمار، وهكذا إلى تعز و إب والحديدة، دعوة وزيارة للإخوان في الله.
وبعد هذا مكثت في مكتبتي - بعد مشقة ومساعدة بعض الإخوان في استردادها - وما هي الا أيام وفتحت دروساً مع بعض الإخوة المصريين في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة، وبعد هذا مازال طلبة العلم يفدون من مصر، ومن الكويت ومن أرض الحرمين ونجد... وكثير من البلاد الإسلامية وغيره.
ويقدر طلبة الشيخ بحوالي ألف طالب، والعوائل نحو خمسمائة عائلة.
الدروس التي تلقى:
تفسير ابن كثير بعد الظهر.
صحيح البخاري بعد العصر.
صحيح مسلم، وبعده مستدرك الحاكم بين مغرب وعشاء.
الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين قبل الظهر.
الصحيح المسند من دلائل النبوة.
الجامع الصحيح في القدر.
وقال الشيخ رحمه الله : "كنت أدرس في "شرح ابن عقيل" ثم مرضت فتركت.
أما إخواني في الله فإنهم قائمون بدروس لإخوانهم في جميع المجالات العلمية على مستوى الطلاب في: التوحيد، والعقيدة، والفقه وأصوله، والحديث وأصوله، والفرائض، والنحو، والخط والإملاء وجميع ما يحتاج إليه الطالب من العلوم الدينية ووسائلها، وإذا ضاق المسجد والسكنات، ففي الوادي وتحت الشجار، وتلقى هناك الدروس، علم طيب وهواء طيب.
والفضل في هذا لله وحده".
بعض مؤلفات الشيخ مقبل:
1 - الطليعة في الرد على غلاة الشيعة.
2 - تحريم الخضاب بالسواد.
3 - شرعية الصلاة في النعال.
4 - الصحيح المسند من أسباب النزول.
5 - حول القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
6 - الشفاعة.
7 - رياض الجنة في الرد على أعداء السنة.
8 - الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.
9 - السيوف الباترة لإلحاد الشيوعية الكافرة.
10 - المخرج من الفتنة.
11 - الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.
12 - قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد.
13 - إجابة السائل عن أهم المسائل.
14 - أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
15 - تحفة الشاب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني.
16 - غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل.
17 - إيضاح المقال في أسباب الزلزال.
18 - إعلان النكير على أصحاب عيد الغدير.
19 - إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان.
20 - فضائح ونصائح.
21 - البركان لنسف جامعة الإيمان.
22 - إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي.
23 - تحفة المجيب عن أسئلة الحاضر والغريب.
24 - الزنداني ومجلس الشورى للشيخات في اليمن.
25 - صعفة الزلزال لنسف أباطيل أهل الرفض والاعتزال.
لشيخنا مقبل - رحمه الله - جهد مشكور، وسعي مبرور في الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصبر على تحمل الأذى هنا وهناك في سبيل نشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل يستوي هؤلاء بأناس وجدوها لقمة سائغة؟ هل يستوي من لطم على وجهه، وسجن وطرد في سبيل نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمن وجد الأمر قد تحول فأصبح أهل السنة وأهل الحديث لهم الكلمة والاحترام فمشى في ركبهم.
وشيخنا مقبل لم يزدد ماله شيئا من وراء عمله العلمي ولا الدعوة إلى الله، وإنما يدفع من ماله لطلبة العلم والدعوة إلى الله.
فهل يستوي مع من أصبح من أصحاب الأموال الطائلة من وراء عمله العلمي، وإخراج الكتب.
وشيخنا مقبل رحمه الله آمر بالمعروف، ناه عن المنكر قوال بالحق من غير مداراة لا يبالي بمن خالفه عندما يظهر الحق.
فهو فيما يراه حقا لا يداهن، ولا يجامل بل ولا يداري، فسبب ذلك له عداوة بعض الناس، وهو مع هذا ظاهره كباطنه لا يمكر بأحد، بل إذا وجد على أحد أظهر كل ما في نفسه، وظهر على وجهه.
وطلبته الكثير منهم بل أكثرهم كان سبباً في هدايتهم، فكثير منهم كانوا على بدعة التشيع فهداهم الله بسببه، وتوجهوا لطلب العلم النافع، وبعضهم كانوا مستقيمين ولكنهم لم يكونوا متجهين لطلب العلم النافع، ولا يعرفون الطريق إليه، فجعل الله شيخنا مقبلا سببا في هدايتهم لطريق العلم النافع، فقد انتفع به أقوام كثيرون فجزاه الله خير الجزاء
وهو رجل علم ودعوة من غير إثارة فتن ولا فوضى ولا طلب مناصب ولارياسة ولا شهرة.
وهو رجل علم وعمل، فهو يتعلم ليعمل بعلمه، فما من سنة يتعلمها إلا وهو يبادر بالعمل بها.
وهو رجل وقاف عند نصوص الكتاب والسنة لا يستنكف أن يتراجع عن رأيه إذا رده أحد بنص من كتاب الله، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان على رؤوس الأشهاد.
وهو رجل قنوع يرضى بالقليل من أمور الدنيا، أقل شيء منها يكفيه، المهم عنده أن يعيش بين الصحيحين وسائر السنن، وتفسير ابن كثير، وقبل ذلك كتاب الله، وكتب الرجال، وغيرها من كتب العلم.
وهو رجل يصدر بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرده عن قول الحق شيء مهما كلفه، ومهما خسر في ذلك.
وعلى أي حال فهو بشر يصيب ويخطئ، ولكن يكفيه أن صوابه أكثر من خطئه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة، لاتكاد تجد منها راحلة".
ونحن إذ نشرنا ترجمة الشيخ رحمه الله نريد من ذلك التعريف به، ونرجو منها أيضاً أن تكون حافزاً للشباب لكي يجدوا ويجتهدوا في طلب العلم النافع والعمل به.
أكثر من خمسين مؤلفا منه "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، الذي يساوي وحده الدنيا بأسرها، إذ هو تتمة للصحيحين.
من مقبل بن هادي الوداعي؟
يقول الشيخ رحمه الله: أنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة - اسم رجل - الهمداني الوادعي الخلالي، من قبيلة آل راشد. وشيباتنا يقولون: أن وادعة من بكيل.
أنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج، ووادعة في بلاد شتى من البلاد اليمنية، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صعدة، فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة، وبصحوة في أعلى دماج تحت جبل براش، وبالدرب، وآل حجاج، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبه. وبشمال صعدة الزور، وآل نائل، وآل رطاس، والرزمات في وادي نشور. وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد.
ووادعة في نجران في أعلى وادي نجران، ووادعة في ظهران الجنوب.
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شابا ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب. وإني أحمد الله، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة، بعضهم بدافع الدين، وبعضهم بدافع التعصب القبلي، ولولا الله ثم هم لما أبقى لنا أعداء الدعوة خصوصا شيعة صعدة عينا ولا أثرا.
وقد ولد الشيخ العلامة رحمه الله سنة 1944 وقد كانت وفاته مع غروب شمس السبت 30 ربيع الآخر 1422هـ/2001م في مدينة جدة بعد رحلة علاجية دامت أكثر من سنة.
من كتاب ترجمة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - بتصرف -
أبو حاتم الطبني
من مواضيع المهمة :
حمل أروع أشرطة التي أنقذت بفضل الله الجزائر من فتنة الإرهاب / التوجيهات الألبانية في الفتنة الجزائرية
مالفرق بين الجهاد الشرعي و الجهاد البدعي ؟؟
حقيقة طعن سيد قطب في الصحابي عثمان بن عفان
وثائق مصورة تكشف حقيقة سيد قطب
السلفيون بريئون من العمليات الإرهابية
من مواضيعي
0 فرصة مهمة لخبراء تصميم ستايلات و مبرمجي السكريبتات php
0 إستضافة جزائرية 100 % قوية بأسعار خيالية و خدمات رائعة
0 @@@@ خطر الإرهــــــــاب @@@ صوتيات لكبار العلماء
0 مفاجأة : حمل صوتيات كاملة لصلاة التراويح 1428 من الحرم المكي
0 **** الصوفية في المذاهب الاربعة ****
0 سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي عن الصوفية فقال .....
0 إستضافة جزائرية 100 % قوية بأسعار خيالية و خدمات رائعة
0 @@@@ خطر الإرهــــــــاب @@@ صوتيات لكبار العلماء
0 مفاجأة : حمل صوتيات كاملة لصلاة التراويح 1428 من الحرم المكي
0 **** الصوفية في المذاهب الاربعة ****
0 سئل الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي عن الصوفية فقال .....







