الفصل الثالث: الوسائل والطرق
1- الوسائل العامة لحملات التنصير
ووسائل المنصرين في التنصير كثيرة حتى أوصلها بعضهم إلىسبعمائة طريقة أو خطة للتنصير، ويجمعها أن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، حيث تدعي القيام بأعمال إنسانية كبناء مستشفيات وعلاج المرضى فيها أو مدارس أو حفر آبار في الأرياف أو نحوها بحجة المساعدات الإنسانية، لكنها تحمل التآمر على الإسلام والمسلمين.
وسنذكر من هذه الوسائل ما يناسب هذا المختصر، فمن ذلك:
1- الطب والعلاج، فالمنظمات التنصيرية كلما سمعت بمكان فيه فقراء أو مرضى هبت إليه على جناح السرعة ليس رحمة بهم ولكن طمعاً في إدخالهم في النصرانية، وسيأتي شيء من وسائلهم في هذا الباب فقط.
2- إثارة الفتن والحروب، ليأتي هؤلاء المنصرون على صورة المنقذ ليتحول هؤلاء الناس إلى النصرانية.
يقول ديفيد أ . فريزر (ولكي يكون تحول فلا بد من وجود أزمات معينة ومشكلات وعوامل تدفع الناس أفرادا وجماعات خارج حالة التوازن التي اعتادوها، وقد تأتي هذه الأمور على شكل عوامل طبيعية كالفقر والمرض والكوارث والحروب، وقد تكون معنوية مثل التفرقة العنصرية أو الحساسية بسبب تسامح المجتمع تجاه النفاق أو الوضع الاجتماعي المتدني).
3- تدبير الانقلابات العسكرية على من ترى أن نشاطها سيقوى بسقوطه، فتلجأ "المنظمات التنصيرية" إلى تدبير الانقلابات العسكرية والتواطؤ مع منفذيها لتحقيق أغراضها في تعذر عليها فيه التنصير، أو ترى فيه نشاطاً للدعوة إلى الإسلام الصحيح، فيبدأ التخطيط لقلب نظام هذا الحكم، وإحلال نظام آخر بديل عنه يأذن لهم بممارسة التنصير.
فقد جاء في إحدى "النشرات التنصيرية" بأن "الأمير النيجيري أحمد بلو" رحمه الله يعتبر أكبر عقبة في شمال نيجيريا ضد التنصير، بل هو الذي يفتح الباب للإسلام في نيجيريا، وبعد ذلك كان انقلاب "أورنس" الذي تربى على أيدي المنصرين، وتولى خلال الانقلاب تلامذة المدارس التنصيرية المراكز القيادية هناك.
بل إن بعض من كتب عن التنصير في مصر كتب عن الإعداد العسكري للنصارى فمؤخرًا أفرجت الدولة عن بعض الأدبيات التي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكسية مسلحة بمصر منها ما سمي بـ : "جماعة الجهاد النصراني" , وغيرها
4- إنشاء المدارس الأجنبية لتعليم اللغات أو غيرها في بلاد المسلمين، فتعليم اللغة الإنجليزية يستخدم كطعم، وهذا الطعم ممزوج بالدعوة إلى الإباحية والدعوة إلى الأخلاق النصرانية، فقد جاء في بحث "الإرسال الإذاعي الحالي الموجه إلى المسلمين" المقدم من فريد د. أكورود إلى مؤتمر التنصير المنعقد في كلورادو ما يلي: (إن اللغة الإنجليزية مهمة لكل عربي يرغب في متابعة دراسته أو يود الهجرة، ولقد كتبنا إلى "هيئة الإذاعة البريطانية" التي لديها سلسلة ممتازة من برامج تعليم الإنجليزية للناطقين بالعربية ولقد منحتنا السلسلة وأذنت لنا بتقديمها عبر إذاعتنا، وقد أجرينا بالفعل تعديلات على السلسلة استخدمناها" كطعم" وفي الختام كنا نتوجه بالسؤال: عما إذا كان المستمع يرغب في نسخة مجانية من كتاب يحتوي على العربية والإنجليزية جنبا إلى جنب، وعندئذ نرسل له نسخة من الإنجيل بالعربية والإنجليزية).
أقول: نقلوا هذه البرامج إلى إذاعاتهم ليستمعها الناس فيدخلوا عليهم النصرانية من هذا الباب، نعوذ بالله من هذا المكر.
ولقد أرسل "شاتليه" يرد على رسالة "زويمر" التي تقدم ذكرها بقوله: (ولا شك أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها، ولا يتم لها ذلك إلا ببث الأفكار التي تتسرب مع اللغات الأوروبية ، فبنشرها اللغات الإنجليزية والألمانية والهولندية والفرنسية يتحكك الإسلام بصحف أوروبا وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي، وتقضي إرساليات التبشير لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها).
يقول المستشرق "جب": (إن التعليم هو أكبر العوامل الصحيحة التي تعمل على الاستغراب، وإن انتشار التعليم (أي: على الطريقة الغربية) سيبعث بازدياد - في الظروف الحاضرة - على توسيع تيار الاستغراب وتعميقه) أ.هـ
5- البعثات الدراسية، فهم يستغلون "البعثات الدراسية" للطلبة المسلمين خارج البلاد الإسلامية، فهناك مجموعات من أبناء المسلمين في أوربا وأمريكا تتلقي التعليم، قد ذهبوا مبعوثين من حكوماتهم ومؤسساتهم داخل بلادهم، وتتعرض هذه الفئات من الطلبة إلى حملات قوية من المنصرين.
6- بناء أكبر عدد من الكنائس في البلاد الإسلامية والاهتمام بمظهرها، حتى في الأماكن التي لا يعيش فيها أي نصراني، لتكون مكاناً ينطلق منه العمل التنصيري في المنطقة، ولتحقق بعض ما أنشئت من أجله ولذلك يحرص المنصرون أن تكون مباني الكنائس والإرساليات والمدارس شاهقة غريبة المظهر حتى تؤثر في عقول الزائرين وفي عواطفهم وخيالاتهم، إن ذلك في اعتقاد المنصرين يقرب غير النصارى إلى النصرانية.
7- الدعوة إلى التنصير من خلال بعض القنوات والإذاعات، وقد قال فريد أكورود: (يبدو أن الإذاعة اليوم هي إحدى الوسائل الرئيسة التي يمكن بواسطتها الوصول إلى المسلمين في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المغلقة، حيث إن الإذاعة يمكنها كما نعلم أن تخترق الحواجز الحدودية وأن تعبر البحار وتقفز الصحاري وأن تنفذ إلى مجتمعات المسلمين المغلقة) أ.هـ
وقد أنفقوا على هذه الوسائل قرابة: (11865) مليون دولار كما نشرت "مجلة الدعوة" السعودية.
8- استغلال حاجة الناس للعلاج وحاجة الناس وقت النكبات والكوارث، وفقر كثير من هذه الدول، في الوقت الذي تعجز فيه الدول عن القيام بكفاية هؤلاء الناس، فقد استغلت هذه "المنظمات الإغاثية" مصائب الشعوب وأمراضها ومآسيها، لتدعوها إلى ضلالتهم، فما تحل كارثة بأمة من حرب أو زلازل أو فيضانات إلا ورأيت "الجمعيات التنصيرية" تنتقل إلى الموقع المنكوب لتقدم للمحتاجين العقيدة النصرانية مع قرص الدواء ولقمة العيش وقطعة الكساء، ولا تظن أن هذا التدافع النصراني على مواقع الأحداث هو رحمة بالشعوب، ولكنها الفرصة المناسبة للتبشير، ويقدمونها على أنها نعمة من عيسى عليه السلام، ويشير أحد المختصين في هذا لمجال إلى أن ميزانيات المنصرين في هذا المجال تجاوزت المائة وثمانين مليار دولار.
9- فتح الفرص للتعليم المهني، وفي هذا المجال يقول "بيزوز" الذي تسلّم رئاسة "الجامعة الأمريكية" في بيروت سنة 1369 هـ - 1948 م، وكانت تسمّي حينئذ بـ"الكلية البروتستانتية الإنجيلية": (لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلّها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سورية ولبنان، ومن أجل ذلك تقرّر أن يُختار رئيس الكلية البروتستانتية الإنجيلية من مبشري الإرسالية السورية).
10- المرأة: وما يتعلق بها من مواضيع، كالكلام على تحرير المرأة، ونبذ مظاهر العنف ضدها، ونحو ذلك من المسائل التي يتسللون بها على المسلمين، ويستغلونها للطعن في الإسلام.
11- الإساءة إلى القرآن الكريم فهم يستخدمون ذلك كأسلوب يقيسون به نسبة الغيرة عند المسلمين، ومعرفة من تأخذه العاطفة ممن دخل في نصرانيتهم، ففي اليمن وفي محافظة إب/ مديرية جبلة وفي "مستشفى جبلة" بالذات حدث عام 1419هـ تمزيق للمصاحف ووضعت أوراقها في أماكن نجسة، والذي قام بهذا بعض من ارتد عن الإسلام وتنصر، على يد جماعة من المنصرين الذين ينشرون التنصير في اليمن تحت غطاء الخدمات الطبية وتقديم العون من العلاج المجاني أو الرخيص.
وقد انتهت هذه القصة بقضية قتل مشهورة حيث قام رجل بقتل الرجل والمرأة الأمريكيين.
2- وسيلة التطبيب والعلاج:
حملات التنصير لها وسائل غريبة وخبيثة، تدل على مدى حقد هؤلاء الناس وأنهم يستخدمون كل طريقة يتوصلون بها إلى غاياتهم.
وأنا أنقل لكم شيئاً من هذه المؤامرات في باب الطب والعلاج فقط ليكون المسلم على بينة، فمن هذه الوسائل:
1- إضعاف المسلمين من حيث بتر أعضائهم، وإصابتهم بالعاهات المستديمة التي يعسر عليهم الخروج منها، ليبقى المسلمون ضعفاء عاجزين عن إقامة أي نوع من أنواع الجهاد أو الدعوة إلى الله أو غير ذلك، وتبقى الأسر محتاجة لهم في كثير من الأحيان.
2- ومنها أنهم يمدون مراكز "الأمومة والطفولة" بالملايين من حبوب منع الحمل، وعشرات الآلاف من الواقيات الذكرية المجانية أو الرخيصة الثمن، والتي يسعون من خلالها إلى تقليل عدد المسلمين.
3- ومنها كثرة العمليات القيصرية في الولادة فقد كثرت بصورة مستغربة تشد الانتباه، وللشيخ محمد بن صالح العثيمين فتوى في هذه المسألة أفادنا بها الأخ الحبيب عبد الله بن سعيد حفظه الله عبر شبكة سحاب الطيبة، حيث سئل الشيخ العثيمين رحمه الله: يرى الزوج تأخير الحمل لزوجته لمصلحة، ما حكم ذلك ؟ وأيضاً ما حكم موانع الحمل من الحبوب واللولب وغيرها ؟
فأجاب قائلاً: (لا شك أن موانع الحمل من الحبوب أو العقاقير خلاف المشروع، وخلاف ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم من أمته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد من أمته تكثير النسل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)، وقد امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بالكثرة، فقال: (وجعلناكم أكثر نفيراً)، وذكّر شعيب قومه بالكثرة، فقال: (إذ كنتم قليلاً فكثركم)، وما محاولة تقليل النسل في الأمة الإسلامية إلا خدعة من أعداء المسلمين سواء كانوا من المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام، أو من الكفار الذين يصرحون بالعداوة للمسلمين.
لكن أحياناً تدعو الضرورة إلى التقليل من الولادة لكون الأم لا تتحمل ويلحقها الضرر، فحينئذٍ نقول: لا بأس بذلك، ويُسْلك أخفُّ الضررَين، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعزِلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولَمْ يُنْهَوا عن ذلك، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد سئل عن العزل؟ فقال: (هو الوأد الخفي) فهذا يدل على أنه وإن كان جائزاً فإن فيه شيئاً من الكراهة.
وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى ظاهرة ذُكِرت لنا، وهي: أن كثيراً من المولِّدين أو المولِّدات في المستشفيات يحرصون على أن تكون الولادة بطريقةِ عملية، وهي ما تسمى بالقيصرية، وأخشى أن يكون هذا كيداً للمسلمين، لأنه كلما كثرت الولادات على هذا الحال ضَعُفَ جِلْدُ البطن وصار الحمل خطراً على المرأة، وصارت لا تتحمل، وقد حدَّثني بعض أهلِ المستشفيات الخاصة بأن كثيراً من النساء عُرِضْن على مستشفيات فقرر مسئولوها أنه لا بد من قيصرية، فجاءت إلى هذا المستشفى الخاص فوُلِّدت ولادة طبيعية، وذَكَرَ أكثرَ من ثمانين حالة من هذه الحالات في نحو شهر أو أقل أو أكثر قليلاً، وهذا يعني أن المسألة خطيرة، ويجب التنبُّه لها، وأن يُعْلَم أن الوضع لا بد فيه من ألم، ولا بد فيه من تعب، (حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً)، وليس لمجرد أن تحس المرأة بالطَّلْق تذهب وتُنْزِل الولد حتى لا تحس به، فالولادة الطبيعية خير من التوليد، سواء عن طريق القيصرية أو غيرها؛ لكن إذا وُجِدَت مشقةُ غيرَ عادية فحينئذٍ تذهب، وتَحْذَر من القيصريات بقدر ما تستطيع). ("لقاء الباب المفتوح" لابن عثيمين رحمه الله).
4- قال أبو عمار: وقد حدثني أحد الإخوة السلفيين من مسجدنا أنه تابع لعلاج ولده، للقيام بعملية استئصال ورم خبيث في ظهره أو مكان آخر فوجد معاناة شديدة، ولم يجد العلاج المطلوب الذي يريده إلا عند "البعثة الألمانية" والتي وافقت على تسفيره إلى ألمانيا والقيام بمستلزمات العلاج وغير ذلك غير أن لها شرطاً واحداً وهو أنها لا تريد أي مرافق معه حيث يسافر إلى ألمانيا، فسألني ما هي نصيحتك لي ؟! فحذرته من هذا السفر، وبينت له ما فيه من الخطورة على الولد في دينه ودنياه.
5- ومن عجائب المنصرين ما ذكره بعضهم في كتاب له حول "التنصير" من أن هذه البعثات الطبية التنصيرية تستغل في إجراء التجارب حول مدى صلاحية الأدوية التي ترفض هيئات الأغذية والأدوية إجراءها على المجتمع الغربي، قبل أن تثبت فعاليتها في الأرانب أو الفئران، فيؤتى بها إلى المناطق التي تتركز فيها مستشفيات ومستوصفات ومختبرات تنصيرية، فتجرى فيها التجارب على البشر، ثم يكتب بها تقارير إلى هيئات الأغذية والأدوية الغربية لإقرار استخدامها لتركب وتصنع ثم تصرف للناس.