اللقيط يعرف الحكومة
02-07-2010, 04:22 PM
قصة قصيرة
جارتنا و اسمها " د " هي امرأة تتميز بالجهل المطبق مع شيء من "النية" حتى أنك تتعجب من سلوكاتها و تظنها امرأة شريرة، و لكنها فقط تعبر بحق عن ضحية لمجتمع لا يرحم، فقد تزوج أخوها الوحيد و أخواتها، و بقيت تعيش مع أمها لوحدهما، و لما كان أخوها يرفض ما يسمع عنها من كلام الناس فقد قاطعها و قاطع أمهما أيضا، و مات أبوها فأصبحت يتيمة، و أكثر من ذلك وحيدة فقيرة لا معيل لها إلا منحة ضئيلة تتقاضاها أمها لا تكفي لتسديد أبسط النفقات.
و قد تقدم بها السن دون زواج، و كانت أمها لا تمانع أن يدخل عندها الغرباء و يبيتون، فكانت تتصيد بعض الطامعين من حين لآخر، فمنهم من يقضي اليوم، و منهم من يقضي اليومين، و منهم من لا يعود و منهم من يعود مرة بعد مرة.
و كانت تحب أحدهم حبا شديدا، و لكنها عندما طرحت عليه موضوع الزواج رفض رفضا قاطعا و ذهب و تركها.
و فكرت أمها و تدبرت فاهتدت إلى ابن أخيها الوحيد، و هو رجل ضائع تائه لا عمل له و لا سكن و لا مستقبل، و هو كذلك إلى جهله الفظيع " نية خاترة " لا يعرف الخير من الشر و لا الصحيح من الخاطئ، فما هي إلا أيام حتى أصبحنا نراه يدخل و يخرج من بيتها وقتما يشاء، و قيل أنه تزوجها.
و قد تم العقد في البلدية و الفاتحة في المسجد بحضور عدد قليل من الرجال من الأصهار، حتى أخوها لم يحضر ذلك، غير أنه و قبل أيام من تمام العقد حظي بأيام من المتعة مثل سابقيه ما يرجح أنه قد تم إيقاعه في فخ تم على إثره الزواج الذي لم يتحرج منه هو لا هي و لا أمها، بل تحرج به الجيران مدة من الزمن.
كنت أراها من حين لآخر في باب منزلها و كأنها لم تتزوج، فزوجها البليد في غالب الوقت في الخارج يبحث عن أي عمل يحصل منه غذاء أو عشاء أو أقل من ذلك، أو حتى ما يشتري به علبة السجائر.
و لكن بعد مدة و جيزة أصبحت أراها تحمل طفلا، ثم رأيتها تحمل بنتا و إلى جانبها طفل، ثم بنت و إلى جانبها ولدان، و رابع و خامس.
كانت امرأة ولودا كأنها أرنب، و كان الأولاد الصغار يصبحون باكين و يمسون مكتئبين من شظف العيش و من شدة العزلة عن الخارج، و كانت العجوز تخرج إلى الدكاكين و السوق و البيوت تطلب خبزة أو كيس حليب أو حتى قليلا من اللحم.
و مرت الأيام ..
و كنت أرى هؤلاء الأطفال مجرد لقطاء رغم أنهم من زواج شرعي فوالدهم لم يكن رجلا بمعنى الكلمة، و كان من حين لآخر يقابل بالطرد حين لا يفلح في جلب شئ يسير أياما متواصلة، و أحيانا يدخل بتسلق الحائط حين لا يفتح له الباب، و لم يكن رحيما بأولاده و لا يحسن أبسط أساليب التربية حتى كأنه ليس ذلك الرجل الذي لا يكاد يسمع صوته و لا يرفع رأسه من النظر إلى الأرض إلا قليلا.
كنت نائما ذات مرة في غرفتي، و استيقظت مذعورا على صوت غاضب يزمجر:" قلت لك لا تأت إلى هنا، أين إخوتك، و الله سأقتلك هذا المساء"، و فتحت النافذة على عجل و أنا مستعد لأي طارئ فإذا به ذلك الرجل الغبي ممسكا ولده الصغير الذي أمسك رأسه بكلتا يديه وأدخله في حجره، فقلت في نفسي: يا له من لقيط مسكين.
بعد أيام من هذا الحادث كنت نائما في الغرفة ذاتها، و كان الأولاد يلعبون خلف البيت، فسمعت أحدهم، يقول لطفل مار : لقد قلت لك مرارا و تكرارا لا تمر من هنا، فرد عليه ذلك الطفل: ما دخلك أنت؟ ألا تعلم أن هذه الطريق " للحكومة ".
و تفاجأت لأن هذا الولد الصغير المار يعرف الحكومة، و فتحت النافذة فإذا به ابن جارتنا، و هو ولد لم يدخل المدرسة بعد.
قلت في نفسي:
يا لله .. إن اللقطاء يعرفون الحكومة
جارتنا و اسمها " د " هي امرأة تتميز بالجهل المطبق مع شيء من "النية" حتى أنك تتعجب من سلوكاتها و تظنها امرأة شريرة، و لكنها فقط تعبر بحق عن ضحية لمجتمع لا يرحم، فقد تزوج أخوها الوحيد و أخواتها، و بقيت تعيش مع أمها لوحدهما، و لما كان أخوها يرفض ما يسمع عنها من كلام الناس فقد قاطعها و قاطع أمهما أيضا، و مات أبوها فأصبحت يتيمة، و أكثر من ذلك وحيدة فقيرة لا معيل لها إلا منحة ضئيلة تتقاضاها أمها لا تكفي لتسديد أبسط النفقات.
و قد تقدم بها السن دون زواج، و كانت أمها لا تمانع أن يدخل عندها الغرباء و يبيتون، فكانت تتصيد بعض الطامعين من حين لآخر، فمنهم من يقضي اليوم، و منهم من يقضي اليومين، و منهم من لا يعود و منهم من يعود مرة بعد مرة.
و كانت تحب أحدهم حبا شديدا، و لكنها عندما طرحت عليه موضوع الزواج رفض رفضا قاطعا و ذهب و تركها.
و فكرت أمها و تدبرت فاهتدت إلى ابن أخيها الوحيد، و هو رجل ضائع تائه لا عمل له و لا سكن و لا مستقبل، و هو كذلك إلى جهله الفظيع " نية خاترة " لا يعرف الخير من الشر و لا الصحيح من الخاطئ، فما هي إلا أيام حتى أصبحنا نراه يدخل و يخرج من بيتها وقتما يشاء، و قيل أنه تزوجها.
و قد تم العقد في البلدية و الفاتحة في المسجد بحضور عدد قليل من الرجال من الأصهار، حتى أخوها لم يحضر ذلك، غير أنه و قبل أيام من تمام العقد حظي بأيام من المتعة مثل سابقيه ما يرجح أنه قد تم إيقاعه في فخ تم على إثره الزواج الذي لم يتحرج منه هو لا هي و لا أمها، بل تحرج به الجيران مدة من الزمن.
كنت أراها من حين لآخر في باب منزلها و كأنها لم تتزوج، فزوجها البليد في غالب الوقت في الخارج يبحث عن أي عمل يحصل منه غذاء أو عشاء أو أقل من ذلك، أو حتى ما يشتري به علبة السجائر.
و لكن بعد مدة و جيزة أصبحت أراها تحمل طفلا، ثم رأيتها تحمل بنتا و إلى جانبها طفل، ثم بنت و إلى جانبها ولدان، و رابع و خامس.
كانت امرأة ولودا كأنها أرنب، و كان الأولاد الصغار يصبحون باكين و يمسون مكتئبين من شظف العيش و من شدة العزلة عن الخارج، و كانت العجوز تخرج إلى الدكاكين و السوق و البيوت تطلب خبزة أو كيس حليب أو حتى قليلا من اللحم.
و مرت الأيام ..
و كنت أرى هؤلاء الأطفال مجرد لقطاء رغم أنهم من زواج شرعي فوالدهم لم يكن رجلا بمعنى الكلمة، و كان من حين لآخر يقابل بالطرد حين لا يفلح في جلب شئ يسير أياما متواصلة، و أحيانا يدخل بتسلق الحائط حين لا يفتح له الباب، و لم يكن رحيما بأولاده و لا يحسن أبسط أساليب التربية حتى كأنه ليس ذلك الرجل الذي لا يكاد يسمع صوته و لا يرفع رأسه من النظر إلى الأرض إلا قليلا.
كنت نائما ذات مرة في غرفتي، و استيقظت مذعورا على صوت غاضب يزمجر:" قلت لك لا تأت إلى هنا، أين إخوتك، و الله سأقتلك هذا المساء"، و فتحت النافذة على عجل و أنا مستعد لأي طارئ فإذا به ذلك الرجل الغبي ممسكا ولده الصغير الذي أمسك رأسه بكلتا يديه وأدخله في حجره، فقلت في نفسي: يا له من لقيط مسكين.
بعد أيام من هذا الحادث كنت نائما في الغرفة ذاتها، و كان الأولاد يلعبون خلف البيت، فسمعت أحدهم، يقول لطفل مار : لقد قلت لك مرارا و تكرارا لا تمر من هنا، فرد عليه ذلك الطفل: ما دخلك أنت؟ ألا تعلم أن هذه الطريق " للحكومة ".
و تفاجأت لأن هذا الولد الصغير المار يعرف الحكومة، و فتحت النافذة فإذا به ابن جارتنا، و هو ولد لم يدخل المدرسة بعد.
قلت في نفسي:
يا لله .. إن اللقطاء يعرفون الحكومة
من مواضيعي
0 الملتقى الدولي الأول الموسوم بـ : التحديات و الرهانات الأمنية في منطقة شمال إفريقيا بين فرص الاحتو
0 أهم نقائص بيان مجلس الوزراء (1)
0 رأي ابن القيم فى الأحداث الجارية ؟!
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 الجزيرة متوقفة تماما على النيل سات ... و العبرية تنقل الاكاذيب
0 أهم نقائص بيان مجلس الوزراء (1)
0 رأي ابن القيم فى الأحداث الجارية ؟!
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 الجزيرة متوقفة تماما على النيل سات ... و العبرية تنقل الاكاذيب
التعديل الأخير تم بواسطة bouseida ; 02-07-2010 الساعة 04:25 PM
