تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > نقاش حر

> أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية منير العاصمي
منير العاصمي
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 05-06-2007
  • الدولة : العاصمة
  • المشاركات : 1,259
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • منير العاصمي is on a distinguished road
الصورة الرمزية منير العاصمي
منير العاصمي
عضو متميز
أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
27-12-2010, 01:30 PM
كثيرا ما تمرّ بي لحظات أغوص فيها إلى بحار لا قاع لها من الأفكار، في مختلف المجالات، و نظرا لأن عقلي يقودني أحيانا إلى استنتاجات غير مسبوقة، أضطرّ إلى أن أعرض عنها صفحا، و أتجاهلها، لكنني بالمقابل أتأسّف على تضييعها لأن الكثير من تلك الأفكار لها مبرّراتها، بل تصلح لأن تكون خميرة لموضوع تجديدي قد يكون مفيدا، ففي نهاية الأمر مجرّد فكرة قد تحرّك شخصا للإبداع
و من هذا المنطلق قرّرت أن لا أدع مثل هذه الأفكار تفلت منّي بعد الآن، ففتحت هذا الموضوع لكي أكتب خواطري و ما يجول ببالي، قد تكون أحيانا مثيرة ، و قد تكون أحيانا غامضة ، و قد تكون أحيانا تافهة ، و قد تكون أحيانا بديعة
و ما يجعل من هذه الخواطر و الأفكار موضوعا يستحقّ التّدوين هو تعليقاتكم و مناقشاتكم ، فلربّما جالت بخاطري فكرة لم أعرها اهتماما كافيا ثمّ يأتي شخص آخرينظر إليها من زاوية أخرى، فيبين عن معناها بجلاء، يوضّح الصورة أو يزيل اللّبس ، أو يجعل لها منطقا تستند إليه
و هذا ما يعرف ب : ( تلاقح الأفكار )

و ما يجول بخاطري الآن هو الفكرة التّالية :
نحن على مشارف عام جديد هو عام 2011، حيث قد انتهى عام 2010 مخلّفا وراءه الكثير من الذكريات بعضها حلو و بعضها مرّ، أجملها عندي هو تأهل الخضر للمونديال، و أسوؤها هو النّكسة الإقتصاديّة التي تعصف بالعالم
و أتساءل هنا عن هذه النّكبة التي لم يشهد لها العالم مثيلا ، و يجول بخاطري السؤال عن العالم أحادي القطب ذلك العالم الرأسمالي الذي تقول فيه أمريكا ( ما علمت لكم من إله غيري )
يا ترى ما السرّ في قبول معظم الدّول العربيّة للمنهج الرأسمالي ؟ و هل هو فعلا النّظام الذي يجدر بنا تطبيقه ؟
للإجابة عن هذا السّؤال ينبغي أن ننطلق أوّلا من فكرة أنّ الدّول الغربيّة لها من الإمكانيّات المادّية و البشريّة و الخبرات العلميّة و التكنولوجيّة ما يساعدها على انتهاج النّهج الرأسمالي، فهي اختارت هذا المنهج عن وعي و دراسة تامّة لأصوله و للمعطيات التي تملكها
أمّا نحن فلنا أن نتساءل عن النّتيجة التي أوصلنا إليها النّهج الرأسمالي :
1- تبعيّة مطلقة للغرب
2- ازدياد الغنيّ غنى و الفقير فقرا
3- العجز عن خلق مشاريع حقيقية قادرة على منافسة الاقتصاد الغربي
4- تّحكّم أرباب الأموال في السياسة الدّاخليّة للبلد و معاملة باقي طبقات النّاس كالعبيد
5- استنزاف الأموال و تهريبها إلى الدّول الغربية
6- انتشار الفوضى و الإضرابات و الانتفاضات المستنزفة للبلد
و هناك نتائج خطيرة أخرى ربّما بعضكم يتفضّل ببيانها
و لكن ما الحلّ ؟ هل أنا أدعو إلى التّخلّص من المنهج الرأسمالي ؟
و إذا كنت أدعو إلى التّخلّص من المنهج الرّأسمالي هل معناه أنني أدعو إلى الأخذ بالنّظام الإشتراكي ؟
عندما درسنا في الجامعة عن هذين المنهجين، كان الأساتذة يشرحون لنا مزايا و عيوب كلّ منهما، و لكن - مع الأسف - لم يكلّف الأساتذة أنفسهم عناء البحث عن المنهج الإسلامي و كيف تعامل مع هذه القضيّة الحيويّة الخطيرة، و هل في المنظومة الإسلاميّة ما يمكن أن يقدّم لنا الحلول النّاجعة للخروج من هذه البوتقة المفروضة علينا
و ما دمنا نتحدّث هنا على المناهج الإقتصاديّة بشكل عام، دعونا نخصّص الكلام بمثال فقط ليتّضح الغرض، و يحصل النّفع
فكرة نزع الملكيّة مثلا، ففي النّظام الرأسمالي، يرى حرّية الامتلاك المطلقة، و عدم التّدخل في شؤون الأفراد ، فكلّ ينال على قدر ما يعمل ، و لا تطبّق نزع الملكيّة إلا في حدود ضيّقة جدّا و بقوانين معدودة، كما هو الشّأن في الضرائب و حالات الطّوارئ و نزع الملكيّة للمنفعة العامّة و هكذا
كما أنّ النّهج الاشتراكي يتحدّث عن الملكيّة الجماعيّة و أنّه لا حقّ لأحد على أحد في الملكيّة، بل الواجب توزيع الثروة على وجه المساواة بغضّ النّظر عن العمل،
لكن في المنهج الإسلامي الأمر مختلف تماما، فالمال مال الله تعالى، و البشر مستخلفين فيه، و لا يجوز اكتسابه أو صرفه في إلا في الوجوه التي يحدّدها الشّرع الإسلامي الحنيف، كما أن الفقراء لهم حقّ في أموال الأغنياء، و هذا الحقّ لا يتمثّل فقط بالزّكاة و إنّما يتجاوزها إلى غاية القضاء على مشكلة الفقر نهائيّا
فالطّرح الإسلاميّ في هذا الباب طرح متميّز و فريد من نوعه، فهو يعترف بالملكيّة الفرديّة و لا يضرّ حقوق الجماعة في نفس الوقت
من هنا نعلم أننا حينما نتكلّم عن تطبيق النّظام الإسلامي فإننا نتكلّم عن العدالة الإجتماعيّة و عن حرّية الأفراد، و عن عزّة الأمّة، و لكن أعداء الله يحاولون تشويه الصّورة دائما، فهم يلصقون مختلف التّهم للإسلاميّين، فحينما نتكلّم عن المنهج الإسلاميّ مباشرة يتّهمونك بالتّطرف، و أنّك تريد قمع الحرّيات، و ظلم المرأة، والسّماح لأصحاب اللّحى بالسيطرة على مختلف أجهزة الدّولة و و و ....
و قد نجحوا في تشويه الصّورة إلى حدّ كبير
هذه هي الخاطرة الأولى ، ننتظر تعليقاتكم
لنا عودة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
  • تاريخ التسجيل : 28-04-2007
  • الدولة : بسكرة -الجزائر-
  • المشاركات : 44,561
  • معدل تقييم المستوى :

    65

  • أبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the rough
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
27-12-2010, 04:55 PM
ا
لسلام عليكم
إن تطبيق المنهج الاسلامي سيدي الكريم لا يحتاج الي أكثر من صدق إيمان و إخلاص طاعة.
إذ لا نجد من الأنظمة من يمنعنا إخراج الزكاة أو التصدق على المحتاجين كما لا نجد فيهم من يجبرنا على أخذ الربا أو أكل أموال الناس بالباطل.
وعليه فإن رمي الكرة في ملعب الأنظمة حجة باطلة ومردودة .
تقبل رأي ولك كل الشكر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية alger algerien
alger algerien
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 28-04-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 578
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • alger algerien is on a distinguished road
الصورة الرمزية alger algerien
alger algerien
عضو متميز
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
27-12-2010, 10:33 PM
المشكل ليس في أحلامك وإنما في من يسمع لأحلامك؟؟؟
هناك أناس لا تسمع أذانها إلا ألاف الملايير فقط فقط فقط
إنني واثق من حكمة الشعب الجزائري، وبصيرته وهو الذي عهدناه دوما، يحسن البلاء ويرفع التحدي، شعب أصيل، لا يتأخر في الأحداث الكبرى عن الوفاء بالتزاماته وأداء واجبه الوطني بشهامة وسخاء
  • ملف العضو
  • معلومات
نجيب نون
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 29-04-2007
  • المشاركات : 1,256
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • نجيب نون is on a distinguished road
نجيب نون
عضو متميز
Re: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
27-12-2010, 11:06 PM
السيد أسامة أوافق تماما فيما ذهبت اليه
ولكن اسمح وحسب ما فهمته من السيد منير فهو يتكلم عن نظام اقتصادي اجتماعي متكامل بديل عن النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي وهذا يقره النظام القائم في البلد
ولكن هذا لا يعني انني احمل النظام بل انني احمل المسلمين وزر عدم تطبيق النظام الاسلامي كيف ذلك؟
في الأزمة المالية التي مازالت تجتاح العالم اعترف الخبراء الاقتصاديون الأوروبيين بان الأزمة لا تتعلق بنقص اموال ولا بسيولة ولا بعجز المسألة تتعلق بعجز النظام نفسه والذي يحوي خللا أخلاقيا، المسلمون لديهم الحل والبديل ولكن للأسف لم يتقدم مسلم واحد بطرح البديل وتنوير الناس وايضاح ان النظام الاسلامي فيه هذا العنصر الهام والضروري من اجل استقامة الحياة البشرية
وبهذا ضيع المسلمون فرصة من ذهب للدعوة الى دين الله ببينة وحجة من عندهم
اما الامر عندنا فلم يتعدى شعار يرفعه البعض وكان الاسلام عبارة عن تسميات ومسميات واسماء على شاكلة الاقتصاد الاسلامي وعندما تسال كيف هو مبني وعلى اي اساس فلن تجد جواب شافيا كافيا وكل ما ستجده هو عبارة عن كلام تحشر فيه الأيات والأحاديث بدون مناسبة لتخرج من النقاش كما دخلت المشكلة فينا اننا لا نتعلم يأخي لا نريد ان نطلع اننا نلوك كلاما لا يفهمه الغرب ولا يفهمه حتى ابناء جلدتنا فكيف سيطبق النظام الاسلامي ونحن نجهله
عفوا على الاطالة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
28-12-2010, 06:41 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوأسامة مشاهدة المشاركة
ا
لسلام عليكم

إذ لا نجد من الأنظمة من يمنعنا إخراج الزكاة أو التصدق على المحتاجين كما لا نجد فيهم من يجبرنا على أخذ الربا أو أكل أموال الناس بالباطل.
وعليه فإن رمي الكرة في ملعب الأنظمة حجة باطلة ومردودة .

تقبل رأي ولك كل الشكر
وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته .
أخي أسامة معك حق الأنظمة لا تمنع من إخراج الزكاة أو التصدق على المحتاجين . لكن ألا ترى معي أنها تغض الطرف عن مانعي الزكاة بل ولا تهتم لأمرهم وكأن شيء لم يكن .مع العلم أن أبا بكر رضي الله عنه حارب مانعي الزكاة ولو سلم أبو بكر بهاذا المنطق لما سل سيفا لذلك .مع العلم أنه حتى الأنظمة الكفرية كأمريكا وغيرها بل وحتى أسرائيل لا تمنع التصدق على المحتاجين كما لا تمنع مواطنيها على من أداء الزكاة إذن لا فرق بين النظامين من حيث المبدأ . المشكل لا يكمن في المنع بقدر ما هو في الحث على التقيد بالشريعة في هذا الجانب من جانب آخر وبما أننا مسلمون فالواجب على الأنظمة الإسلامية أن تحارب الربا لا أن تسهل التعامل بها .
أما أخي منير العاصمي فأقول له كلامك صواب وأفكارك تحتاج الى التجسيد على أرض الواقع وهذا هو الواجب لأنه لن تقوم لنا قائمة إلا بالنظام الإسلامي الذي شرعه الله لنا من فوق سبع سماوات وحاشاه أن يكون ناقصا أو فيه مايعيب بل العيب فيمن يدعي أنه يتعامل بالنظام الإسلامي فيحين تجد أنه في واد وا أمرنا به في واد آخر . أو أنه أخذ من الدين ما يخدمه وتخلى لغاية في نفسه عن الباقي .
أخي الكريم منير إعلم أنه تنقصنا الشجاعة لإتخاذ قرار كهذا وبما أننا لا نعيش وحدنا في هذا العالم فإنه من المحال أن تدعنا امريكا وحلفاؤها من إيجاد بديل لأنظمتهم الإقتصادية ومجرد التفكير في ذلك يجعل من مصالحهم مهددة . ولذا هو يسعون جاهدين لسلخنا عن كل مقوماتنا الشخصية ونحن في ظل هذه الغطرسة الغربية ممنوعون من التفكير في الخلاص فتبعيتنا لهم تخدمهم وتذلنا وما هذه الدعوات الى إحتقار أي حل يأتي من طرف المسلمين إلا دليل على تخوفهم من الحل الإسلامي أما إتهامهم للمسلمين بالتطرف فما هو إلا حرب نفسية الغرض منها تثبيط العزائم لدى الشباب المسلم . مسخرين في ذلك إعلامهم وكل ما يملكون وللأسف ساعدهم على ذلك ضعاف النفوس من بني جلدتنا من علمانيين وإسلامويين وغيرهم من المنافقين .
إن الحذيث عن تجسيد النظام الإسلامي قد يطول لكن إعلم أخي أن الأمر يتطلب الشجاعة السياسية والقوة العسكرية . فتخيل أننا لا نتحكم حتى في قراراتنا تنقصنا السيادة وتأتينا القرارات من الخارج معلبة مثلها من سلع المواد الإستهلاكية الإساسية فأنا تكون لنا الجرأة على إتخاذ قرار كهذا .
شكرا لك على إثارة الموضوع . أفكارك كبيرة جدا واسأل نفسك هل يمكن أن تتجسد بين عشية وضحاها أم أن الأمر يتطلب تضحيات جسام ؟
دمت بود ودامت لنا أفكارك النيرة وبارك الله فيك .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 43,266

  • زسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    62

  • دائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the rough
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
  • تاريخ التسجيل : 28-04-2007
  • الدولة : بسكرة -الجزائر-
  • المشاركات : 44,561
  • معدل تقييم المستوى :

    65

  • أبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the rough
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
29-12-2010, 05:05 PM
السلام عليكم
أخي المهلهل: إن أبا بكر - رضي الله عنه- لم يستل سيفه لإجبار مانعي الزكاة لولا خشيته الفتنة وحدوث البلبلة وسط الدولة الإسلامية الفتية ، أي أن حربه عليهم كانت -سياسية- بالمفهوم المعاصر.
بدليل مخالفة سيدنا عمر -رضي الله عنه - لمحاربتهم والقول بردّتهم.

صحيح أن الزكاة حق من حقوق الفقراء عند الأغنياء. ولكنه (حق ديانة) وليس (حق قضاء) وشتان بينهما. إذ الأول بين العبد وربه والثاني بين العبد والعبد تحت أنظار القضاء. ولقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام لرجل: أنت ومالك لأبيك. وأرشد عليه الصلاة والسلام المرأة المخزومية في حجة الوداع بأن تقضي ديون والدها. ومع ذلك فإنه لا يجوز لصاحب حق عند الأب مقاضاة الابن في المحاكم. وأقواله عليه الصلاة والسلام إنما جاءت من باب الإحسان والبر وحسن المعاملة بل قد قال سبحانه وتعالى: (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم). وأجمع المفسرون على أن المراد بذلك هو الزكاة. فهل يجوز لأي فقير من الفقراء رفع دعوى قضائية ضد أي غني من الأغنياء لاستيفاء حقه؟، لقد خالط أسلوب مصلحة الزكاة في هذا الأمر ملامسات لا يجمل بالمصلحة أن تقع فيها. فإن الأموال غير الظاهرة ومنها حسابات التجار في البنوك وكل ما ذكروه في آلياتهم لا تجري فيها الجباية للزكاة أصلا. بل متروك أمر إخراجها إلى أصحابها لأن الزكاة عبادة مالية محضة خالصة لله ولا ينبغي أن يشوبها ما يعكر صفوها من القسر والإجبار في الأداء، والنية شرط في صحة أداء هذه الأموال قولا واحدا عند كافة أهل العلم بلا خلاف. بل النية شرط في صحة العبادات كما قال عليه الصلاة والسلام (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). فأي نية للعبادة تتحقق مع هذا القسر والإجبار؟!. قال ابن قدامة في المغني 2/641: ويستحب للإنسان أن يتولى تفرقة الزكاة بنفسه ظاهرة وباطنة، ذلك لأن فية تفريج كرب مستحقيها مع إعطائها للأولى من المحاويج من أقاربه وذوي رحمه. وقال العيني في البناية 3/351: إن الزكاة عبادة مالية فلا تتأتى إلا بالاختيار ليتحقق معنى الابتلاء. وذلك لا يتحقق إلا بالأداء على سبيل الاختيار دون الجبر. وقال البهوتي في المنتهى 1/41: يسن لصاحب المال غير الظاهر أن يخرجها بنفسه ليفرقها إلى القريب أو الجار ولأنها على القريب صدقة وصلة والجار في ما معناه لحديث صدقتك على قرابة صدقة وصلة. وهذا ما قاله الرسول لزينب امرأة ابن مسعود حينما سألته هل يجوز إعطاء زوجها من زكاة أموالها. ولقد ذكر الألوسي في روح المعاني 10/144 وابن عاشور في التحرير 6/273 والقرطبي في الجامع 6/140 في تفسيرهم لقوله تعالى: (ومنهم من عاهد لله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به) نزلت في ثعلبة بن حاطب عندما امتنع عن دفع زكاة ماله من الإبل والأغنام فهل أمر الرسول بأخذ زكاة ماله قسرا ؟!، لم يفعل ذلك مع أنها أموال ظاهرة ناهيك عن الباطنة بل دعا عليه واكتفى بقوله (ويح ثعلبة!!).
وذكر القرطبي في البحر المحيط 5/467 أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله أن فلانا يمتنع عن الزكاة. فكتب إليه عمر أن دعه واجعل عقوبته ألا تقبل زكاته لو عاد وأتى بها مع المسلمين، وهذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام مع ثعلبة. ولذلك قال المردادي في الإنصاف (3/190). (أنه إذا قال صاحب المال للجابي أنه أدى زكاة ماله قبل قوله بلا يمين).
وعليه فالزكاة لا تؤخذ في الشرع قسرا.
والله أعلم
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
29-12-2010, 08:25 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوأسامة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
أخي المهلهل: إن أبا بكر - رضي الله عنه- لم يستل سيفه لإجبار مانعي الزكاة لولا خشيته الفتنة وحدوث البلبلة وسط الدولة الإسلامية الفتية ، أي أن حربه عليهم كانت -سياسية- بالمفهوم المعاصر.
بدليل مخالفة سيدنا عمر -رضي الله عنه - لمحاربتهم والقول بردّتهم.
والله أعلم


وعليكم السلام أخي أبو أسامة بارك الله فيك من قال الله أعلم علمه الله ما لم يعلم

سبحان الله .تخيل أخي أنني أول مرة في حياتيأسمع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يحارب مانعي الزكاة .ولعلك تقصد مناظرة أبي بكر لعمر فلما علم عمر أن الحق مع أبي بكرأقر وقاتل مانعي الزكاة وكذلك فعل الصحابه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه فقال عمر بن الخطاب فوالله ما هوإلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق
ثم أيها الحبيب لقد سقت قصة حاطب بن ثعلبة وإليكها حتى تعم الفائدة
جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً ، فقال : " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " ، ثم جاءه بعد مدة وكررعليه القول فقال له : " امالك فيّ أسوة حسنة ، والذي نفسي بيده لو أردت أن تسيرالجبال معي ذهباً وفضة لسارت " ، ثم جاءه بعد مدة وكرر عليه القول وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم ارزق ثعلبة مالاً " ، فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود ، فكان يصلي مع رسول الله الظهر والعصر ويصلي عند غنمه باقي الصلوات ، ثم أصبح لا يشهد مع رسول الله سوى الجمعة ، ثم كثرت غنمه وزادت فتقاعد حتى لا يشهد الجمعة ولا الجماعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : " ما فعل ثعلبة ؟ " فقيل له : اتخذ غنماً لا يسعها وادٍ ، فقال : " يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة " ،فلما وجبت الزكاة أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجلان ليجمعا الصدقة وقال لهما : " مُرا بثعلبة بن حاطب وبرجل من بني سُليم فأخذاصدقاتهما " . فمرا على حاطب وأمراه بدفع الزكاة فقال : ما هذه إلا جزية ، ما هذه إلا أخت الجزية ، وطلب منهما العودة إليه عند الفراغ من جمعها ، فذهبا إلى السُلمي فأخرج أطيب ما عنده ، فرجعا إلى حاطب فقال: ما هذه إلاجزية ، ما هذه إلا أخت الجزية ، اذهبا حتى أرى رأيي ، فأقبل الرجلين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قبل أن يسألهما : " يا ويح ثعلبة " ودعا للسُلمي بخير ،فأنزل الله قوله : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) التوبة 75-76-77 ،
فذهب رجل من أقارب ثعلبة يخبره بأن الله أنزل فيه قرآناً ، فخرج ثعلبة حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل صدقته فقال : " إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك " ، فجعل يحثي التراب على رأسه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني "
فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء أبو بكر حين استخلف ، فجاء ثعلبة بصدقته فلم يأخذها أبو بكر ،وكذلك حين استخلف عمر لم يأخذها منه ، وكذلك عثمان حين استخلف رضي الله عن الجميع .
ومع أن هذه القصة ضعيفة من ناحية إسنادها ، ومنكرة من ناحية متنها ، ومع أنه نبه على ضعفها الكثير من أهل العلم قديماً وحديثاً
ورُويت عن الحسن رحمه الله وهي مرسلة وإليك أخي بعضاً ممن ضعفها من أهل العلم الإمام ابن حزم وحافظ البهيقي والإمام القرطبي والحافظ الذهبي و والحافظ الهيثمي و الحافظ العراقي الحافظ ابن حجر و العلامة المناوي و العلامة الألباني رحمهم الله جميعا .
ومن أراد التفاصيل في الروايات ومصادر أقوال من سبق من الأئمة فليرجع إلى" الشهاب الثاقب في الذب عن الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب " للشيخ أبي أسامة سليم بن عيدالهلالي
الأول : مخالفتها للقرآن الكريم وللسنة حيثورد فيهما بقبول توبة التائب مهما كان عمله مالم تطلع الشمس من مغربها أو يغرغر ،والقصة تفيد عكس ذلك تماماً .
الثاني : مخالفتها للأحاديث الثابتة الواردة فيمانع الزكاة حيث جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مانع الزكاة منالإبل والماشية تُؤخذ منه الزكاةويُأخذ من شطر ماله .
وإليك حديث آخر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أمرت أن أقاتل الناسحتى يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلواعصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
فقد أخرج أحمد ، وأبوداود ، والحاكم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " في كل سائمة إبل ، في أربعين بنت لبون ، ولا يفرق إبل عن حسابها ، من أعطاها مؤتجراً فله أجرها ومن منعها فإنّا آخذوها،وشطرماله، عزمة من عزمات ربنا عزوجل ، ليس لآل محمد منها شيء "
قال الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي .
وحسنه الألباني ، انظر " إرواء الغليل " 3 / 263 - برقم 791 .
في الأخير هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليهوسلم بعث بالوليد بن عقبة الى بني المصطلق مصدقا فخافهم لترة كانت بينه وبينهم في الجاهلية فرجع وقال إنهم منعوا الصدقة وهموا بقتله فهم النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم فجاؤوا منكرين ما قاله عنهم وفيه نزلت الآية يا أيهاالذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا .
وبعدها أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا فلم ير فيهم إلا الخير والطاعة فأخبر النبي .وهذه المناسبة تبين لك أن رسول الله في حياته أوشك أن يغزوا بني المصطلق لأجل منعهم للزكاة .
والله تعالى أعلى وأعلم
وليعذرني صاحب الموضوع لأني والله ما أردت إلاأن أوضح أمرا عظيما لا يسكت عليه جاء به الأخ أبوا أسامة فعذرا
التعديل الأخير تم بواسطة almohalhil ; 29-12-2010 الساعة 08:35 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
30-12-2010, 08:17 PM
لقد قرأت هذا النص فأعجبني وأعتقد أن له علاقو بما يجول في أفكارك .
فاقرأ وتأمل فالحلول جاهزة .إنما هي عقولنا التي إنكمشت كما قال أحد الأعضاء وهو مشكور

إنجازات عمر بن الخطاب الحضارية / د. محمد العبدة

التاريخ: 23/1/1432 الموافق 30-12-2010

المختصر /
تقديم
هناك أسباب كثيرة ـ بخلاف الأسباب الشرعية المشهورة ـ تدعونا للاهتمام بالخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، منها: اجتهاداته الكثيرة في قضايا مهمة ما تزال حية إلى اليوم مثل قضايا المال العام وكيف يتصرف فيه، كما أن اهتماماته بأمور المسلمين الحياتية المعاشية، واهتمامه بالبنية التحتية للدولة كما يعبر عنها اليوم، تلفت النظر ونحن بحاجة إلى إعادة قراءتها.

وقد ضرب الله سبحانه لنا مثلاً في القرآن الكريم بالحاكم العادل القوي (ذي القرنين) الذي عنده علم أيضاً بعمارة الأرض ، ويدافع عن المظلومين ، ويعاقب المجرمين، آيات بينات من سورة الكهف تتلى على مر الأيام والليالي. فإعادة سيرة عمر رضي الله عنه وخاصة في إنجازاته الحضارية ليس من باب التفاخر بالماضي ولكن لملاحظة التقصير في الضروريات، والاقتداء بشخصية عظيمة كعمر، وهو من الحكام العادلين المقتدى بهم.
ومن أسباب الاهتمام بعمر رضي الله عنه ما ظهر أخيراً من الإيذاء للصحابة رضوان الله عليهم ، وخاصة لعمر، وقد جاء في الأثر (إذا لعن آخر هذه الأمة أولها ، فمن كان عنده علم فليظهره) وما سمعنا في الماضي والحاضر أن أمة تهدم تاريخها وتشوه تاريخها وتتعمد تحطيم عظمائها إلا هذه الفئة التي تتعمد نسف التاريخ الإسلامي كله. ولكن المنصفين من غير المسلمين يعظمون عمر رضي الله عنه ويعرفون قدره بين القادة والعباقرة، يقول الكاتب اللبناني ( مارون عبود ) " لا أحد يستطيع أن يتخيل النهضة العربية دون أن تمر أمامه صورة أبي بكر وعمر وعلي ومعاوية وهارون الرشيد .. ".
وإذا أبعدنا هذا الجيل الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم كيف سيكون أمر الدين؟ بل ما الحياة إن خلت من مثل أعلى والصحابة هم المثل الأعلى؛ فقد تميزوا بصفات لم تكن لغيرهم، فهم الذين نقلوا الوحي السماوي كله، فلم يسقط منه حرف، ونقلوا السنة النبوية فحفظوا بذلك الأصول النظرية للإسلام، وحققوا عالمية الرسالة عندما انساحوا في الأرض ينشرون الإسلام. إنه جيل عظيم بكل معاني العظمة، وعندما نصحب هذا الجيل فإنها نعمة كبيرة. يقول الإمام ولي الله الدهلوي: "إن كل من يقرأ القرآن من المسلمين في يومنا هذا مدين في ذلك للفاروق العظيم" لأن عمر هو الذي اقترح على أبي بكر جمع القرآن.
والذين يؤذون الصحابة إنما يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي رباهم، وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ. ونحن ندعو في كل صلاة (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم)، وأبو بكر من الذين أنعم الله عليهم كما في الآية (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..) وأبو بكر رضي الله عنه من الصديقين، وإذا كان جيل الصحابة كما يصوره الحاقدون، إذن فعلى الإسلام السلام، ولكن الإسلام باق والحمد لله وظاهر إن شاء الله، ونحن نُجلُّ الصحابة ونحبهم، بل هذا التقدير جزء من العقيدة الإسلامية.
عمر رضي الله عنه المؤسس
عندما يُذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يتحدث الناس عن إسلامه الذي كان فتحاً، وعن عدله الذي بهر العقول، وعن تقواه وخشيته وتقشفه في ملبسه ومأكله (1)، ويذكرون عمر الفاتح الذي فتحت في عهده بلاد الشام بأكملها والعراق وفارس وخراسان ومصر.. ويذكرون عمر المجتهد الفقيه، وقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبقرية فقال: "لم أرَ عبقرياً يفري فريه" ووصفه بأنه مُحَّدث (ملهم).
لن نتحدث عن شخصية عمر الذي يداوي إبل الصدقة بيده، ويمشي في السوق وحده، ومع ذلك يصل من هيبته أن القادة الكبار يفرقون منه، ولكن سنتحدث عن شخصية عمر المؤسس للدول، المخطط للعمران، وعن اهتماماته الحضارية، الاجتماعية والاقتصادية، وهو جانب قد يغيب عن بعض الناس، وهو جانب لم يُشتهر به كما اشتهر في الجوانب الأخرى، كيف كان يشغله أمور الناس المعاشية، وكيف كان يفكر فيما يُسمى اليوم (البنية التحتية). وهذا الجانب لا أقول تغفل عنه الدول فقط ـ أو لا تريد تنفيذه ـ ولكن تغفل عنه المؤسسات الإسلامية والجمعيات الإسلامية، فأين هؤلاء من اهتمامه بالنواحي الصحية للمجتمع الإسلامي وقد وسعت سياسته كل ما جَدَّ وكل ما تطلبته حياة الناس.
القضاء
لا تنتظم أمور الناس إذا لم يكن هناك قضاء مستقل، وقضاء في أعلى درجات النزاهة والتقوى والعلم والخبرة. وإن أُولى مقدمات التقدم الحضاري هو أن تقام إدارة للعدل مستقلة عن إدارة الحكم، ويُقال: "أرني قوانين أمة، أدلك على حظها في الرقي أو الانحطاط " وقد قام عمر رضي الله عنه بفصل القضاء عن إدارة الحكم، وأقام المحاكم في كل ولاية، وعين القضاة حسب شروط معينة، وكان يختار القضاة بعد أن يختبرهم في علمهم وذكائهم، ورسالته في القضاء إلى الصحابي أبو موسى الأشعري تعتبر وثيقة قضائية بالغة الأهمية ، وهذا نصها:

أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك، وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع حق لا نفاذ له. آس بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس، فراجعت فيه نفسك وهُديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير لك من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك، مما ليس في كتاب ولا في سنة، واعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أحبها لله، وأشبهها بالحق فيما ترى. المسلمون عدول في الشهادة بعضهم على بعض، إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو قرابة فإن الله قد تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات. وإياكم والقلق والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق..
ويستنبط من هذه الرسالة:
1. معاملة الناس جميعاً بالمساواة.
2. يجب أن يحدد تاريخاً معيناً لتقديم الدعوى.
3. إذا لم يحضر المدعي عليه في التاريخ المحدد يمكن أن يحكم في القضية غيابياً.
4. كل مسلم يصلح للشهادة عدا من وقع عليه عقاب أو ثبت كذبه في الشهادات.
ولم يكتفِ عمر بهذا، بل كان يكتب الفتاوى المتعلقة بالأمور المهمة والشائكة ويرسلها للقضاة بين الحين والآخر وقد وضع عمر كثيراً من القيود لمنع وسائل الدخل غير المشروع فقرر الرواتب المناسبة فقد كان راتب سلمان بن ربيعة الباهلي والقاضي شريح خمسمائة درهم شهرياً، ولم يكن يسمح لأي قاض بالبيع والشراء والتجارة وهذه هي القواعد التي تتبعها اليوم الدول المتقدمة بعد عهود من التجربة.


الدواوين والاهتمام بالنظام المالي في الإسلام:
اتسعت رقعة الدولة زمن عمر رضي الله عنه اتساعاً كبيراً، وأصبحت الحاجة ملحة لضبط الأمور، وخاصة في النواحي المالية. ولذلك أُنشئت الدواوين (الوزارات) وهو رضي الله عنه أول من دَوّنها ، فكان ديوان (الجند) وديوان (الخزانة) وديوان العطاء (التأمينات الاجتماعية).
وبعد فتح العراق واجه مشكلة تقسيم الأرض، فقد طلب الفاتحون أن تقسم الأرض بينهم، وعارضهم في هذا الرأي.
وكان رضي الله عنه يتوخى الحذر في القضايا الكبيرة الاجتهادية فكان لا يفصل في قضية دون أخذ رأي الصحابة، ويظل ثلاثة أيام يشاور الصحابة، وقد أيده في رأيه على وعثمان وزعماء الأنصار، وعارضه عبد الرحمن بن عوف وبلال، وكان أشدهم عليه بلال رضي الله عنه، حتى قال: اللهم اكفني بلالاً وأصحابه. وكان رأي عمر أن الأرض إذا وزعت على الفاتحين فمن أين ستأتي بعدئذ نفقات الدولة ونفقات الجهاد والدفاع عن البلاد، ومَنْ للذرية بعدئذ، واستشهد عمر بالآيات من سورة الحشر "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون. والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان" [الحشر 9 – 10] استنبط عمر من هذه الآية أن الأجيال المسلمة القادمة لها الحق في الأراضي المفتوحة، وهكذا استقر الرأي على بقاء الأرض بأيدي أصحابها ويدفعون الخراج عنها.

إن ترك المال بأيدي الناس ليعملوا أو يربحوا، وتزداد أموالهم هو الرأي الصحيح في قضايا المال، وهو يدل على عمق فهم عمر لمصلحة الأمة، وعمق نظرته المستقبلية، وهذا ما أدركته أوروبا في العصور الحديثة وأثبته (آدم سميث) في كتابه (ثروة الأمم) حيث إن الثروة لا تقاس بما يملكه الحكام أو الملوك، ولكن بما يملكه الناس، فالدولة لا تشتغل بالتجارة أو الصناعة.
ولم يكتفِ رضي الله عنه بهذه النظرة لمستقبل الأجيال، بل أمر بمسح أرض العراق، حتى يكون كل شيء محسوب بدقة، ولا يظلم الذين يعملون في الأرض، ولم يكن مسح الأرض من الفنون التي تعرفها العرب واختار رجلين من الصحابة لهذه المهمة: عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان، وكانت لهما خبرة في هذا المجال، بل يذكر الإمام أبو يوسف في كتابه (الخراج ) أن عثمان بن حنيف كان يقيس بدقة كما لو كان يقيس الأقمشة النفيسة.
وخوفاً من أن تُحمِّل الأرض خراجاً لا تطيقه فقد استدعى هذين الصحابيين ليسألهما، كما روى البخاري عن عمرو بن ميمون قال: "رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال: " كيف فعلتما ، أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حملناها أمراً هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل، فقال عمر: لئن سلمني الله تعالى لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحد بعدي".
ومن الأمور الغريبة أنه بالرغم من أن عمر حدد الخراج في يسر وسهولة، ولكن مقدار الخراج الذي جبي في عهده لم يجب مثله فيما بعد، وذلك للعدل الذي كان ولرفقه بالرعية، وتحت نظام الخراج قضى عمر على نظام الإقطاع الروماني المنتشر في بلاد الشام، وأقام نظاماً للإنصاف مع البلاد المفتوحة لا يوجد له مثيل في أي بقعة من الأرض.
ديوان العطاء
قرر عمر رضي الله عنه لكل مسلم مخصصات مالية مستمرة، سواء أكان رجلاً أم امرأة، كبيراً أم صغيراً (حتى للطفل الرضيع) كما شملت هذه التأمينات الفقراء من غير المسلمين، وعندما بدأ بتسجيل أسماء الناس قال: بمن نبدأ؟ قال له عبد الرحمن بن عوف: ابدأ بنفسك، قال: لا، بل نبدأ ببني هاشم وبني المطلب وفرض للعباس ثم لعلي رضي الله عنهما، ثم الأقرب فالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان لهم أعلى المخصصات، ثم أهل بدر، ثم الذين بعدهم وعندما قرر راتباً لأسامة بن زيد أكبر من راتب ابنه عبد الله قال عبد الله: أسامة ليس أفضل مني، قال عمر: ولكن أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وفرض لكل مولود مئة درهم، فإذا ترعرع مئتي درهم، فإذا بلغ رشده زاد له في العطاء. ويقول "والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال" وهذا هو الحق، وهذا هو الفقه لرسالة الإسلام، فالفرد في الدولة الإسلامية له الحق في المأوى والمأكل والملبس، ولا يجوز أن يعيش إنسان بين المسلمين ويموت جوعاً.
إن هذه الرواتب هي الحد الأدنى لكل إنسان، ولا يجهل عمر رضي الله عنه أن لا تكون هذه العطايا مدعاة للكسل وترك العمل، وعندما كتب الإمام الماوردي عن مهمة المحتسب في الإسلام قال: "وهي تنبيه القادرين على كسب عيشهم وتأديبهم إذا كانوا يأخذون الصدقات وهم قادرون على العمل واستدل بفعل عمر قال: وقد فعل عمر ذلك بقوم من أهل الصدقة".

من أين لعمر رضي الله عنه هذه الثقة في أن يأتي الراعي في صنعاء نصيبه من هذا المال؟ إنه من العدل ومن تنظيم بيت المال، وقد وضع القرآن الكريم والسنة النبوية أصول النظام المالي وأعطاه صفته التفصيلية عمر بن الخطاب، وقد استفاد أيضًا من تنظيمات البلاد المفتوحة.
عندما ورد على المدينة أموال عظيمة من الخراج لم يكن هناك مكان معين لبيت المال، كان المال يوزع على المسلمين في وقته، ولكن عندما كثر المال شاور عمر الصحابة، فكان رأي علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقسم المال في نفس السنة ولا يوضع شيء منه في الخزانة، وخالفه في ذلك عثمان رضي الله عنه، وقال الوليد بن هشام: لقد رأيت عند ملوك الشام إدارتين منفصلتين إدارة الحكومة وإدارة الخزانة، واستحسن عمر هذا الرأي وأسس بيتًا للمال، وأقام أول خزانة كبيرة في دار الخلافة، وعين عبد الله بن الأرقم (صاحب بيت المال) وأمر ببنية قوية لبيت المال في الكوفة.

الاهتمام بالزراعة وشق الأنهار وتمهيد الطرق
أولى عمر اهتمامًا كبيرًا بتطوير الزراعة واستصلاح الأراضي وأصدر بهذا الشأن حكمًا عامًا بأن من يصلح الأراضي البور أينما وجدت في جميع أنحاء الدولة فإن ملكيتها تؤول له وإذا لم يصلحها في غضون ثلاث سنوات تسترد منه.
إن الزراعة كما يقول علماء الاقتصاد في العصر الحديث هي أساس الاقتصاد وأساس الصناعة "وعلى هذا الأساس، فالأرض هي الوسيلة المأمونة كما يقول اليوم الاقتصاديون الذين يدرسون مشاكل العالم الثالث لضمان (إقلاع) مجتمع ما من مرحلة أولية إلى مرحلة ثانوية.." (2)

إن اهتمام عمر بالزراعة والأرض جعله يهتم أيضًا بإدارة الري مثل إقامة السدود وبناء القناطر لتوزيع المياه وشق فروع للأنهار، وقد استأذن جزء بن معاوية عمر ليحفر أنهارًا كثيرة في مراكز الأهواز وخوزستان لاستصلاح كثير من الأراضي غير الصالحة للزارعة. ومن اهتماماته رضي الله عنه ما يسمى اليوم بـ(المنافع العمومية) أو البنية التحتية والحالة المعيشية للناس؛ ولهذا أمر بشق الأنهار التي توصل الماء إلى المدن مثل نهر أبو موسى، وكان طوله تسعة أميال. وكان سبب ذلك أن الأحنف بن قيس اشتكى إلى عمر ملوحة أرض البصرة فيضطر الناس لإحضار الماء من مسافة ستة أميال، فأمر عمر أمير البصرة أبو موسى الأشعري بأن يحتفر نهرًا لأهل البصرة يتفرع عن نهر دجلة. وحفر في دجلة أيضًا نهر معقل الذي يضرب به المثل (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل) وكلف بمهمة إعداده الصحابي معقل بن يسار، ولكن أعظم الأنهار وأكبرها فائدة ذاك الذي أمر به عمر أيضًا والذي اشتهر باسم خليج أمير المؤمنين وهو قناة تصل ما بين نهر النيل والبحر الأحمر، وكانت بداية هذه القناة في الفسطاط، ثم إلى بلبيس، ثم إلى البحر الأحمر وقد أنجز المشروع في ثمانية أشهر(3) فكانت السفن تنقل المؤن والبضائع من مصر إلى المدينة بيسر وسهولة، وبقى هذا المشروع ثم أهمل بعد القرن الأول من الهجرة.

أما إصلاح الطرق وتمهيدها، وهو شيء أساسي في (البنية التحتية) فقد اهتم به عمر اهتمامًا بالغًا وهو الذي يقول: (لو أن شاة عثرت في شط الفرات، لخشيت أن أسأل عنها) وهذا شيء لم يسمع به في أي حضارة من الحضارات السابقة، لأن تمهيد الطرق هو الذي يؤدي إلى الاتصال السهل بين المدن والقرى والبادية ويساعد على انتعاش الزراعة والصناعة، كما هو الحال في أوروبا اليوم(4)

كما بنى عمر استراحات بين المدينة ومكة للمعتمرين والحجاج، واتخذ في كل مدينة دارًا للضيافة. إن نظرة عمر رضي الله عنه للمال واهتمامه بشؤون الناس المعاشية واهتمامه بالطرق والقنوات المائية، وكذلك اهتمامه بتنظيم (النقد) وضبط المعاملات بها، وضمان تنفيذ العقود وحرية الناس التجارية من خلال القضاء المستقل. إنما يعطي مثالاً واضحًا لدور الدولة في الإسلام التي لا تتدخل في شؤون الناس المعاشية أو تشاركهم في أموالهم ومشاريعهم وإنما هي الحماية ونشر الأمن، وضبط السوق حتى لا يقع الاحتكار أو أي نوع من الاعتداء على الممتلكات.

بناء المدن
يقال أن الحضارة الإسلامية هي حضارة مدن، فقد بنى خلال هذه الحضارة مئات المدن، ما يزال كثير منها موجود حتى الآن، وقد بدأ هذا الاتجاه الحضاري عمر بن الخطاب وذلك حين قدمت إليه الوفود بعد فتح جلولاء وحلوان فلم تعجبه هيئاتهم وأجسامهم فقال لهم: ما الذي غيركم؟ قالوا: وخومة البلاد، فكتب إلى سعد بن أبي وقاص: أن ابعث سلمان وحذيفة رائدان ليرتادا منزلاً بريًا بحريًا، فظفر بالكوفة وأقرهم عمر وأذن لهم في البنيان ولكن على ألا يتطاولون في البنيان، وقال لهم: (الزموا السنة تلزمكم الدولة) وطلب من سعد أن يدعو أبا الهياج بن مالك وأمره أن يجعلها مناهج (شوارع) عرض كل منها أربعون ذراعًا، وأخرى عرض كل منها ثلاثون ذراعًا، وأخرى عرض كل منها عشرون ذراعًا لا تضيق عن ذلك شيئًا. ثم بنيت البصرة وفي مصر بنيت الفسطاط والجيزة ولذلك يلقب رضي الله عنه بأنه (أبو المدن) وهو لا يكتفي بالإذن بالبناء، بل يخطط لهم موقع المدينة المناسب (ليس بينه وبينهم ما يمنع الوصول إليهم) ومقدار اتساع شوارعها، وينهاهم عن التطاول في البناء حتى يبقى المسلمون في حالة وسط ولا ينتقلون إلى حالة الرفه والإسراف، وإذا وقع ذلك فعندئذ تذهب عنهم الدولة ويروى أن عمرو بن العاص أمير مصر اتخذ منبرًا مرتفعًا، فكتب إليه عمر: بلغني أنك اتخذت منبرًا ترقى به على رقاب المسلمين، أو ما بحسبك أن تقوم قائمًا، فعزمت عليك لما كسرته، وبنى خارجة بن حذافة غرفة (فوق البناء الأرضي) فكتب إلى عمرو بن العاص: فقد بلغني أن خارجة بنى غرفة، وقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله..
إنها عبقرية عمر في النظرة للمستقبل وما سيؤول إليه أمر المسلمين حين يقعون في الترف المهلك، وفي تبديد الأموال على البناء والزخرفة.


حرية الفرد وكرامته وشخصيته
إن حماية حرية الإنسان وصيانة كرامته من أهم المطالب الشرعية، ولا تستقيم الحياة البشرية بدونها، فالاعتزاز بالنفس وخلق الإباء من الأسس الهامة لنضج الأخلاق؛ ولذلك اهتم عمر رضي الله عنه بهما، ويقول مخاطبًا وفود المسلمين إلى المدينة: "أيها الناس، إني والله ما أرسل عمالاً (أمراء) ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فو الذي نفس عمر بيده لأقصنه منه، قال عمرو بن العاص: لو أن رجلاً أدب بعض رعيته أتقصنه منه؟ قال: أي والذي نفسي بيده إذن لأقصنه منه، وكيف لا أقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه.." وكان يقول للعمال (أمراء المناطق) "لا تضربوا أبشار الناس فتذلوهم" فهو رضي الله عنه يهتم بكرامة المسلم لأن في ضربه إذلالاً له، وعندئذ يصبح شخصية ضعيفة مستكينة، وليس هذا من تربية الإسلام.
بل هو يهتم بكرامة الانسان، كل إنسان وهو الذي قال قولته المشهورة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا" عندما ضرب مسلم رجلاً قبطيًا في مصر.
ومن اهتمامه بشخصية المسلم التي يريدها أن تبقى في حالة وسط لا تقع في الترف ولا تصل إلى حالة الشظف، شخصية متعالية على عبادة الأثاث والرياش، يقول مخاطبًا المسلمين "اخشوشنوا وتمعددوا (5) وانزوا على الخيل" ويطلب من الآباء تعليم أولادهم السباحة والرماية وركوب الخيل. ويطلب من سعد بن أبي وقاص بناء المدن بعيدًا عن المستنقعات حماية لصحة المسلمين.


العلم ونشر العلم
من البديهي أن القرآن الكريم هو أساس العلم وأساس الحضارة الإسلامية، وقد نوه القرآن وأشاد كثيرًا بالعلم والعلماء وأثار في نفوس المسلمين حب العلم والتعلم، ومن أعظم أعمال عمر جهوده العلمية خدمة للإسلام ما أشار به على أبي بكر رضي الله عنه في جمع القرآن، وكانت طريقة جمعه على أسس علمية دقيقة فقد وضع عمر منهجًا للتوثيق، فلا يؤخذ أي مخطوط (آية أو آيات) لا يشهد شخصان على أنه مكتوب وليس من الذاكرة فقط، فجمع بين الحفظ في الذاكرة والكتابة، شاهدين عدلين على الكتابة وشاهدين عدلين على الحفظ (اسم القرآن يدل على القراءة واسم الكتاب يدل على الكتابة). وبعد أن تم هذا المشروع العظيم، كان الذي يشغل بال عمر هو تعليم المسلمين هذا الكتاب وخاصة الذين أسلموا بعد أن فتحت بلدانهم، ولذلك أرسل المعلمين من كبار الصحابة إلى المناطق المفتوحة ليعلمونهم دينهم، أرسل عبد الله بن مسعود إلى الكوفة، وعمران بن حصين ومعقل بن يسار إلى البصرة، وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل إلى الشام، فالفتوحات لا تترسخ وتستقر إلا بأن تنصهر هذه الشعوب في بوتقة الإسلام ويعيش المسلمون أمة واحدة. وحتى ينتشر العلم في كل مكان، أرسل عمر رجلاً يجول بين القبائل في البادية معلمًا للقرآن، أي أن عمر نشر التعليم الإلزامي.


الاهتمام بالوقت والتاريخ
عندما قدم إلى عمر صك مكتوب عليه كلمة (شعبان) قال عمر: كيف نعلم أن المقصود شهر شعبان الماضي أم الحالي؟ فعقد مجلسًا للشورى حضره كبار الصحابة وعرض هذه المسألة، أي تحديد التاريخ حتى لا تقع الأخطاء في العقود والمعاملات، فقال البعض: أرخوا من مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال آخرون من مبعثه، وأشار علي رضي الله عنه إلى أن يؤرخ من الهجرة، فاستحسن عمر هذا الرأي واستقر الأمر على أن تكون بداية التأريخ من بداية هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأرخوا من محرمها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقول المؤرخ الأمريكي ( ول ديورانت ) واصفاً مجيء عمر إلى بيت المقدس: "وجاء الخليفة نفسه للتصديق على شروط التسليم ، جاء من المدينة في بساطة أفخر من الفخامة " [قصة الحضارة 13 / 76]
وعن أبي الغادية الشامي قال: "قدم عمر الجابية على جمل أورق تلوح صلعته للشمس ليس عليه قلنسوة ولا عمامة".
(2) مالك بني نبي: مشكلة الأفكار /40
(3) القلقشندي: مآثر الإنافة في معالم الخلافة [1/19]
(4) قال أحد أساتذة الجامعات في أمريكا: إن أعظم إنجازات الرئيس (أيزنهاور) هي شبكة الطرق التي أنجزت في عهده وليس انتصاراته في الحرب.
(5) أي كونوا مثل جدكم معد بن عدنان في البأس والخشونة.

المصدر: المسلم
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية منير العاصمي
منير العاصمي
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 05-06-2007
  • الدولة : العاصمة
  • المشاركات : 1,259
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • منير العاصمي is on a distinguished road
الصورة الرمزية منير العاصمي
منير العاصمي
عضو متميز
رد: أفكاري الغريبة و المجنونة .... ( دعوة للنقاش )
31-12-2010, 02:11 PM
الخاطرة الثّانية : النّفير بين الواجب و الواقع
هذه هي الخاطرة الثّانية التي تجول في ذهني، بعد أن أسعدتني التعليقات الإضافيّة التي تقدّمتم بها للخاطرة الأولى، فشكرا لجميع الإخوة المشاركين بآرائهم الثريّة
ما هو المقصود بالنّفير ؟
ورد هذا المصطلح في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله )
إذا فمصطلح النفير مصطلح سياسي بالأساس، بل إن بعض الأنظمة السياسية تستعمله كمصطلح انتخابي للدّلالة على الحملة الإنتخابية، فيسمّونها نفيرا
كما أنّ النفير العام - أيضا - يطلق على معنى تعبئة الأمّة و إعدادها للدخول في الحرب على كافّة المستويات
و حتّى نفسّر الآية بآية قرآنيّة أخرى للدّلالة على هذا المعنى الأخير، يمكن مثلا أخذ الآية القرآنيّة التّالية : ( و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة و من رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله و عدوّكم )
إذن يفهم من هذا أن النفير كلمة تشمل سائر الاستعدادات التي تتّخذها الدّولة الإسلاميّة لمواجهة كافّة التّحدّيات الآتية من العدوّ سواء في حالة الحرب أو في حالة السلم
إنّ هذا المفهوم العميق لمصطلح النّفور يتطلّب العمل الدؤوب لتجسيده على أرض الواقع، و كلّ من ينتمي إلى الأمّة الإسلاميّة عليه نصيب من هذا الواجب، واجب النّفير في سبيل الله
و إذا كانت الوسائل المستخدمة في النّفير في العهود الإسلاميّة الأولى بسيطة كإعداد العدّة الحربيّة من أسلحة و خيول و غيرها ، فإنّ النّفير في عهدنا هذا قد توسّع مفهومه و تعدّدت أساليبه، بحيث أصبح يشمل مجالات كبرى لم تكن معروفة في السّابق
و على سبيل المثال لا الحصر، فالوصول إلى القمر و غزو الفضاء - كما يسمّى - يعتبر مطلبا من مطالب النّفير الذي يمكّن الأمّة من امتلاك سائر وسائل القوّة و المعارف التكنولوجيّة اللاّزمة للحفاظ على جناب الأمّة عزيزا و الحفاظ على الدّين الإسلامي حتى يكون مصونا
إنّ ما أريد أن أصل إليه هنا هو أنّ النّفير لم يعد صناعة عربيّة أو إسلاميّة، فكلّ الأمم أخذت نصيبها من النّفير إلا الأمّة العربيّة و الإسلاميّة !
إنّ ما يحرّك الغرب للإنتاج و التّعمير ليس هو تشبّثهم بالرّغبة في الحياة، و حبّهم لرغد العيش - كما يتصوّر الكثير من النّاس - و إنّما الدّافع الأساسي لذلك هو النّفير، الذي أدركوا معناه و فهموا المغزى منه
أمّا نحن فالنّفير عندنا معناه التّطبيل و التّزمير للأشخاص في الحملات الانتخابيّة، و الاقتصار على ردّات الفعل الهزيلة عندما تحلّ النّكبات ببلادنا
فلسطين و العراق و أفغانستان الشيشان و الكثير من بلاد الله الأخرى تتعرّض لأقصى الهجمات شراسة و مع ذلك فلا نسمع من النّفير إلا التنديدات الفارغة و التّعويض بالبقشيش على الأضرار المادّية !
إنّ العامل في ميدان عمله مطالب بالنّفير لنجدة أمّته، و الأستاذ و الطالب و الشرطي و الإمام ، و كل عضو في المجتمع مطالب بالنّفير و إعداد العدّة اللاّزمة لإعزاز أمّته
فمتى نصحو من هذا النّوم يا ترى ؟
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:38 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى