الطريق نحو التغيير
26-01-2011, 06:20 AM
التغيير هي الكلمة الأكثر تداولا في أيامنا هذه، والتغيير كلمة غير محددة المفهوم إذا لم تلتحق بكلمة أخرى محددة المفهوم والمعنى، كما أنها كلمة مطاطة عامة قد تخدم عدة معاني في وقت واحد، والكلمة التي يتداولها الجزائريون وخاصة النخبة منهم قد تعني تغيير نظام الحكم أو تغيير وضعية الجزائر والشعب الجزائري واستبدالها بوضعية أكثر راحة وأكثر رفاهية وأكثر استقرار، وقد نكون كلنا نتفق على هذه المفاهيم وغيرها من تلك التي تؤدي إلى مفهوم نقل البلد نقلة نوعية تخرجها من دائرة التخلف والتبعية ومن دائرة الفساد والرشوة والمحسوبية، ولكننا سنختلف في الكيفية التي نحدث بها هذا التغيير وهذه النقلة.
فهل يمر الطريق نحو التغيير بنقل السلطة السياسية من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال أو حتى إلى جيل ما بعد الاستقلال؟ أو هل يكون التغيير بإعادة تنظيم الإدارة الجزائرية التي يرى فيها الكثير منا إرهاب أشد وطأة من إرهاب التسعينات وإرهاب القتل والذبح، وهل يمر طريق التغيير بإعادة إصلاح ما تم إصلاحه في قطاع العدالة المتهم هو كذلك من طرف الكثير منا بأنه قطاع مريض غير مستقل ما زالت أحكامه تخضع لأهواء البعض ورغبات آخرين؟ وهل سنغير عملتنا المالية ونغير معها بالمرة نشيدنا الوطني ونغير في الطريق حتى عاصمتنا؟
وهل الطريق نحو التغيير يمر عبر تغيير نظام البريد الذي أذاقنا الويل في الأشهر الماضية؟
إننا نستطيع أن نغير كل شيء في البلد، ونستطيع أن نعدل ما هو غير قابل للتعديل والتقويم، ونستطيع حتى أن نغير الحروف العربية بحروف لاتينية كما فعل كمال أتاتورك في تركيا، ونغير الشرطة ونظامها لنجعلها أكثر مودة ومسالمة معنا إذا ما قررنا يوما أن نخرج للتظاهر والاحتجاج.
إن كل هذه التغييرات بما فيها النظام السياسي ستبقى بنظري تغييرات مظللة وواهية ووهمية ولا فائدة ترجى منها، إذا لم يتم تغيير الإنسان الجزائري في حد ذاته، تغيير يتماشى مع قوانين الله ونواميس الكون والطبيعة.
والتغيير يقتضي أولا الفهم ثم التفسير، أي فهم ما يجب تغييره وتفسيره تفسيرا قائم على المنطق السليم وعلى العقل لا على العواطف ولا على الحقد والكراهية وحب الانتقام، فالعواطف قد تشعل الحماس الذي يؤدي إلى الفوضى والنتيجة ستكون كارثية على أكثر من مستوى.
والفهم يعني كذلك فهم ما نريد تغييره، وإلى ماذا نريد أن نغيره، فإذا افترضنا أنه يجب تغيير النظام السياسي فعلينا أولا أن نفهم طبيعة النظام القائم فهما يكشف عن حسناته وعن سلبياته، وهنا علينا أن نعترف أنه من الصعب الاتفاق الكامل حول أن النظام القائم والحالي هو سبب تعاسة الجزائريين ومشاكلهم وانه يتحمل كامل المسئولية عن ذلك، وعليه وجب علينا جميعا أن نبحث عن ما هي أوجه الاتفاق حول مساوئ النظام.
فالركود السياسي والاجتماعي والثقافي هو نتاج سيطرة مسلمات وأفكار مسبقة غير خاضعة للفحص والنقد أدت إلى هذا الركود، وقد يكون لتنظيم السلطة لكل هذه المجالات مسئولية في هذا الركود ولكنها ليست مسئولة وحدها، فالفرد الجزائري مسئول كذلك حتى وان كان بقدر صغير وضئيل ولكنه يبقى مسئول ومسئوليته تتحدد من خلال أفكاره وأحكامه المسبقة، فالتغيير يتطلب تحرير العقل من كل أحكام مسبقة، وتحرير الفكر من كل أحكام لا تستند لوقائع ثابتة.
ومن هذه الأفكار المسبقة ما اصطلح عليه بمساندة النظام أو معارضته وكم بينهما من تناقضات صارخة، والحقيقة أنه لو تخلص هذا التعارض والتناقض من التهم التي يوجهها كل طرف إلى آخر لتململ الركود السياسي، فالتعارض والتناقض يجب أن يأخذ مكانه ضمن النقاش العام دون ترهيب ودون تهم جاهزة فالمؤيدون أو الذين يرون حسنات في النظام ليسوا بالضرورة من المنتفعين، كما أن المعارضين ليسوا بالضرورة كذلك من الخائنين.
إن التناقض وحتى المواجهة بين مؤيد ورافض للنظام هي في حد ذاتها حياة سياسية تمنع الركود وتمنع الانغلاق، إذ أن الرأيين يصبان في مجرى البحث عن التغيير ولنكن صرحاء وواقعيين هل يوجد في كل العالم نظام مثالي؟ وإنني أقصد بالمثالية كمال النظام وحسن أدائه الذي لا يشوبه شائبة، الجواب طبعا لا فكل الأنظمة تحمل الوجه الحسن والوجه القبيح، وما على الآخرين إلا استغلال الوجه الحسن وتدعيمه وفهم الوجه القبيح وتقويمه أو تغييره دون أن نحدث إقصاء لأي طرف.
ودرس التسعينات ما زال ماثل أمامنا وعلينا أن نتعلم منه وأن نستفيد من عبرته حتى نستطيع أن نتغير ونغير، فعملية الإقصاء التي مارسنها جميعا ودون استثناء هي التي أجلت عملية التغيير وهي التي أفضت إلى ما نحن عليه اليوم، فقد فشل التغيير بإتباع سياسة الكل أمني، وعملية استئصال الآخر وهذا عبر الحوار بالعنف المتبادل بين سلطة أو أفراد داخل السلطة والجيش تبنوا سياسة استئصال كل من يعاديهم وكل من يخالفهم وقد وجدوا في التمرد المسلح للبعض حجتهم وفرصتهم لإثبات نظريتهم لممارسة المزيد من الاستئصال تحت مسميات محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
في المقابل وجد آخرون يمارسون استئصالا للآخر بدعوى الكفر والطغيان، فنشروا القتل والتقتيل والتخريب والحرق والدمار والنتيجة مزيد من الخراب ومزيد من الرعب والخوف وانتشار ثقافة اللا أمن التي نراها مجسدة حتى في كيفية تحصين بيوتنا بأكوام من الحديد على الأبواب والنوافذ.
إذن فكما كانت نظرية تصادم الحضارات نوعا من الهلوسة وضربا من ضروب الجنون وإقصاء العقل، فقد كانت نظرية الاستئصال عند السلطة ونظرية التغيير عن طريق العنف المسلح والقوة والتصادم والمواجهة عند الآخرين والمعارضين على مختلف مشاربهم نوعا من الانتحار والزج بالبلد في متاهات الفوضى التي استغلت فيما مضى من طرف بارونات جمعوا ثروة على حساب الشعب الخائف المرعوب وسيستولون بها على السلطة إذا لم يتحد الخيرين في هذا البلد، وإذا تولى السلطة من بيده الثروة فعندها لا يسعنا إلا أن ندعو الله القدير أن يلطف بنا وفقط.
إن مبدأ الحوار هو ضرورة حتمية وهو مطلب إسلامي خالص وهو مطلب تاريخي وواقعي، كما أنه ضرورة تفرض الوقائع وتفرضها المعطيات الوطنية والإقليمية والواقعية، وليس شرطا أن يكون الحوار مع السلطة والنظام بل يجب أن يبدأ مع الذات، أي بفهم الواقع ومتطلباته وفهم ما أريد فعلا ومن ثم نقل قناعاتي إلى الآخرين ومحاولة إقناعهم بها والاستماع لهم ومعرفة نواياهم وقناعاتهم، وبهذه الطريقة التي قد تبدو ساذجة نكون قد فتحنا حوار مع الذات ومع الآخرين على شرط أن لا يكون هذا الحوار مشروطا بالتوافق والانسجام فهذا سيأتي لا حقا عندما تتلاقح الأفكار، وقطعا هناك العديد من العوامل المساعدة على التغيير الحقيقي الذي يبدأ من تغيير الإنسان أولا ثم نسق علاقات جديدة مع بعضنا البعض بعيدة عن الاتهام والاتهام المضاد.
فهل يمر الطريق نحو التغيير بنقل السلطة السياسية من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال أو حتى إلى جيل ما بعد الاستقلال؟ أو هل يكون التغيير بإعادة تنظيم الإدارة الجزائرية التي يرى فيها الكثير منا إرهاب أشد وطأة من إرهاب التسعينات وإرهاب القتل والذبح، وهل يمر طريق التغيير بإعادة إصلاح ما تم إصلاحه في قطاع العدالة المتهم هو كذلك من طرف الكثير منا بأنه قطاع مريض غير مستقل ما زالت أحكامه تخضع لأهواء البعض ورغبات آخرين؟ وهل سنغير عملتنا المالية ونغير معها بالمرة نشيدنا الوطني ونغير في الطريق حتى عاصمتنا؟
وهل الطريق نحو التغيير يمر عبر تغيير نظام البريد الذي أذاقنا الويل في الأشهر الماضية؟
إننا نستطيع أن نغير كل شيء في البلد، ونستطيع أن نعدل ما هو غير قابل للتعديل والتقويم، ونستطيع حتى أن نغير الحروف العربية بحروف لاتينية كما فعل كمال أتاتورك في تركيا، ونغير الشرطة ونظامها لنجعلها أكثر مودة ومسالمة معنا إذا ما قررنا يوما أن نخرج للتظاهر والاحتجاج.
إن كل هذه التغييرات بما فيها النظام السياسي ستبقى بنظري تغييرات مظللة وواهية ووهمية ولا فائدة ترجى منها، إذا لم يتم تغيير الإنسان الجزائري في حد ذاته، تغيير يتماشى مع قوانين الله ونواميس الكون والطبيعة.
والتغيير يقتضي أولا الفهم ثم التفسير، أي فهم ما يجب تغييره وتفسيره تفسيرا قائم على المنطق السليم وعلى العقل لا على العواطف ولا على الحقد والكراهية وحب الانتقام، فالعواطف قد تشعل الحماس الذي يؤدي إلى الفوضى والنتيجة ستكون كارثية على أكثر من مستوى.
والفهم يعني كذلك فهم ما نريد تغييره، وإلى ماذا نريد أن نغيره، فإذا افترضنا أنه يجب تغيير النظام السياسي فعلينا أولا أن نفهم طبيعة النظام القائم فهما يكشف عن حسناته وعن سلبياته، وهنا علينا أن نعترف أنه من الصعب الاتفاق الكامل حول أن النظام القائم والحالي هو سبب تعاسة الجزائريين ومشاكلهم وانه يتحمل كامل المسئولية عن ذلك، وعليه وجب علينا جميعا أن نبحث عن ما هي أوجه الاتفاق حول مساوئ النظام.
فالركود السياسي والاجتماعي والثقافي هو نتاج سيطرة مسلمات وأفكار مسبقة غير خاضعة للفحص والنقد أدت إلى هذا الركود، وقد يكون لتنظيم السلطة لكل هذه المجالات مسئولية في هذا الركود ولكنها ليست مسئولة وحدها، فالفرد الجزائري مسئول كذلك حتى وان كان بقدر صغير وضئيل ولكنه يبقى مسئول ومسئوليته تتحدد من خلال أفكاره وأحكامه المسبقة، فالتغيير يتطلب تحرير العقل من كل أحكام مسبقة، وتحرير الفكر من كل أحكام لا تستند لوقائع ثابتة.
ومن هذه الأفكار المسبقة ما اصطلح عليه بمساندة النظام أو معارضته وكم بينهما من تناقضات صارخة، والحقيقة أنه لو تخلص هذا التعارض والتناقض من التهم التي يوجهها كل طرف إلى آخر لتململ الركود السياسي، فالتعارض والتناقض يجب أن يأخذ مكانه ضمن النقاش العام دون ترهيب ودون تهم جاهزة فالمؤيدون أو الذين يرون حسنات في النظام ليسوا بالضرورة من المنتفعين، كما أن المعارضين ليسوا بالضرورة كذلك من الخائنين.
إن التناقض وحتى المواجهة بين مؤيد ورافض للنظام هي في حد ذاتها حياة سياسية تمنع الركود وتمنع الانغلاق، إذ أن الرأيين يصبان في مجرى البحث عن التغيير ولنكن صرحاء وواقعيين هل يوجد في كل العالم نظام مثالي؟ وإنني أقصد بالمثالية كمال النظام وحسن أدائه الذي لا يشوبه شائبة، الجواب طبعا لا فكل الأنظمة تحمل الوجه الحسن والوجه القبيح، وما على الآخرين إلا استغلال الوجه الحسن وتدعيمه وفهم الوجه القبيح وتقويمه أو تغييره دون أن نحدث إقصاء لأي طرف.
ودرس التسعينات ما زال ماثل أمامنا وعلينا أن نتعلم منه وأن نستفيد من عبرته حتى نستطيع أن نتغير ونغير، فعملية الإقصاء التي مارسنها جميعا ودون استثناء هي التي أجلت عملية التغيير وهي التي أفضت إلى ما نحن عليه اليوم، فقد فشل التغيير بإتباع سياسة الكل أمني، وعملية استئصال الآخر وهذا عبر الحوار بالعنف المتبادل بين سلطة أو أفراد داخل السلطة والجيش تبنوا سياسة استئصال كل من يعاديهم وكل من يخالفهم وقد وجدوا في التمرد المسلح للبعض حجتهم وفرصتهم لإثبات نظريتهم لممارسة المزيد من الاستئصال تحت مسميات محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
في المقابل وجد آخرون يمارسون استئصالا للآخر بدعوى الكفر والطغيان، فنشروا القتل والتقتيل والتخريب والحرق والدمار والنتيجة مزيد من الخراب ومزيد من الرعب والخوف وانتشار ثقافة اللا أمن التي نراها مجسدة حتى في كيفية تحصين بيوتنا بأكوام من الحديد على الأبواب والنوافذ.
إذن فكما كانت نظرية تصادم الحضارات نوعا من الهلوسة وضربا من ضروب الجنون وإقصاء العقل، فقد كانت نظرية الاستئصال عند السلطة ونظرية التغيير عن طريق العنف المسلح والقوة والتصادم والمواجهة عند الآخرين والمعارضين على مختلف مشاربهم نوعا من الانتحار والزج بالبلد في متاهات الفوضى التي استغلت فيما مضى من طرف بارونات جمعوا ثروة على حساب الشعب الخائف المرعوب وسيستولون بها على السلطة إذا لم يتحد الخيرين في هذا البلد، وإذا تولى السلطة من بيده الثروة فعندها لا يسعنا إلا أن ندعو الله القدير أن يلطف بنا وفقط.
إن مبدأ الحوار هو ضرورة حتمية وهو مطلب إسلامي خالص وهو مطلب تاريخي وواقعي، كما أنه ضرورة تفرض الوقائع وتفرضها المعطيات الوطنية والإقليمية والواقعية، وليس شرطا أن يكون الحوار مع السلطة والنظام بل يجب أن يبدأ مع الذات، أي بفهم الواقع ومتطلباته وفهم ما أريد فعلا ومن ثم نقل قناعاتي إلى الآخرين ومحاولة إقناعهم بها والاستماع لهم ومعرفة نواياهم وقناعاتهم، وبهذه الطريقة التي قد تبدو ساذجة نكون قد فتحنا حوار مع الذات ومع الآخرين على شرط أن لا يكون هذا الحوار مشروطا بالتوافق والانسجام فهذا سيأتي لا حقا عندما تتلاقح الأفكار، وقطعا هناك العديد من العوامل المساعدة على التغيير الحقيقي الذي يبدأ من تغيير الإنسان أولا ثم نسق علاقات جديدة مع بعضنا البعض بعيدة عن الاتهام والاتهام المضاد.













