في رمال ليبيا
24-03-2011, 11:14 AM
في رمال ليبيا
إن قطار الثورات الذي إنطلق من محطة تونس ثم مصر لتتفرق عرباته على دول عدة قد غاصت عجلاته في رمال ليبيا تحت ضربات مرتزقة القذافي الهمجية التي إستباحت دماء كل الليبيين، كان لا بد له من منقذ حتى يواصل سيره المظفر إلى باقي الدول لينشر عبق الحرية إلى أرجاء وطننا العربي الأسير الذي يرمق من بعيد أعياد الإنعتاق.
فكان لا بد من تدخل لحقن دماء أشقائنا الليبيين، كم كنا نأمل أن تضرب الدول العربية على يد السفاح القذافي ولكن متى جلاد جلادا مثله فأصبح تدخل أعدائنا الغربيين الذين تتطلع أعينهم إلى بحر نفط ليبيا، هو الحل الذي أعطته الجامعة العربية غطاء والمشاركة الرمزية لبعض دولها شرعية و التي تكون قد تعهدت بدفع التكاليف حيث أن العديد من المتحدثين الغربيين صرحوا بأنهم غير مستعدين لتحمل نفقات ضرب ليبيا.
ولكن لماذا إختار الغرب التدخل عندما صارت كتائب القذافي على مشارف عاصمة الثوار بنغازي؟ الجواب ببساطة هو أنه بعدما قرر الغرب التخلص من القذافي - الذي من الصعب أن يحكم ليبيا حتى لو إنتصر على الثوار بعد مجازره الشنيعة لأنه حتى لو خبت الثورة قليلا فإنها سرعان ما تشتعل من جديد، فلا يمكن أن تندمل جراح من فقد أهله وأقاربه، ولا من أستباح عرضه وكرامته المرتزقة، و لا من عاش رعب الضربات الجوية والقصف الصاروخي- أراد أن يوصل الثوار للحافة حتى يحصل منهم على أكبر التنازلات ويستولي على نصيب الأسد من كعكة النفط الليبي من الثوار.
الثوار الآن سيتقدمون إلى المدن الغربية بسهولة لأن الغطاء الجوي لكتائب القذافي قد زال، هذا الغطاء الذي كان يصنع الفارق فالمرتزقة لم يأتوا ليموتوا من أجل عيون القذافي و إنما لجني المال فهم لن يصمدوا في القتال المباشر مع الثوار بل سيفرون من ميادين المعارك وقد يستسلمون للثوار كما ستتعرض كتائب القذافي للإنشقاقات والإقتتال الداخلي و ستسعى إلى دخول المدن و التمترس بها للنجاة من القصف الغربي ولكن يخشى أن تقاتل قتالا مستميتا فيها إذا ضغط عليها الثوار، فهي لا يمكن أن تتراجع إلى مدن أخرى خشية القصف الجوي ما قد يتسبب في وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين بل قد تقوم بإرتكاب مجازر وحشية إنتقامية، لذا فعلى المجلس الإنتقالي للثوار أن يعلن عن العفو عن من يستسلم للثوار من المرتزقة أو الكتائب ليجد لهم مخرجا من المأزق الذي هم فيه.
سوف يصل الثوار إلى مشارف طرابلس ليضغط الغرب عليهم ليتوقفوا لغرض مفاوضة القذافي والحصول منه تنازلات كبيرة على أن يجدوا له حلا مشرفا فالولايات المتحدة صرحت بأن هدفها ليس الإطاحة بالقذافي مرسلة رسالة مفادها أنها ستتفاوض معه وفق شروطها التي ربما تكون إمارة طرابلس منزوعة السلاح و تحت حماية دولية وتكريس إنقسام ليبيا إلى دولتين يسيطر على الأخرى الغرب.
إن التدخل الغربي في الشأن الليبي بهذا الشكل يعد سابقة يخشى أن تتكرر في دول عربية أخرى يراد إستباحة سيادتها فما على الغرب إلا تحريك بعض أذنابه للصدام مع قوى الأمن و مهاجمة مخازن السلاح والثكنات ليتدخلوا تحت ذريعة حماية المواطنين العزل وهذا السيناريو جعل بعض الدول المغضوب عليها غربيا كسوريا أو التي رفضت التدخل في شؤونها كالجزائر ترفض الطلب العربي بالحظر الجوي على ليبيا وهذا يذكرنا بسيناريو ضرب الناتو لصربيا في أحداث كوسوفو من دون تفويض الأمم المتحدة الذي رفضه العراق بشدة وثارت عندها ثائرة الكثير من الدول العربية والإسلامية بحكوماتها وشعوبها وإعلامها إلا أن العراق كان يخشى ما حدث له فكل سابقة قد تتكرر وتصبح عرفا.
فيا ترى على من الدور







